اعتمد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي (رعاه الله) قانون الموازنة العامة للقطاع الحكومي في إمارة دبي للعام المالي 2014، والتي تترجم توجيهات سموه بالتركيز على تطبيق سياسة مالية حكيمة تقدّم الروافد اللازمة لمواصلة تحفيز عملية النمو الاقتصادي ورفع كفاءة عمل الأجهزة الحكومية، لتقديم أفضل الخدمات في مجالات التعليم والرعاية الصحية والاجتماعية وغيرها، للمواطنين والمقيمين. وقال عبدالرحمن صالح آل صالح، المدير العام لدائرة المالية، إن دبي نجحت في خفض الفجوة في عجز موازنة العام المالي 2014 بين الإيرادات العامة البالغة 37,000 مليون درهم والنفقات العامة البالغة 37,882 مليون درهم، بنسبة 41%، مقارنة بالعام المالي 2013، موضحاً أنه كان بإمكان الحكومة تحقيق التوازن في موازنة العام المالي 2014، إلا أنها ارتأت التوسع في النفقات الحكومية لدعم اقتصاد الإمارة والإسهام في رفع معدلات النمو الاقتصادي، وذلك من خلال زيادة الإنفاق العام للإمارة للعام المالي 2014 بنسبة 11% عن موازنة العام المالي 2013، وبشكل يضمن عدم الإخلال بالأهداف الاستراتيجية للحكومة، المتمثلة بخفض معدلات العجز، والوصول إلى توازن الموازنة العامة، والعمل بتوجيهات سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي رئيس المجلس التنفيذي، بشأن تنفيذ الخطط المالية المعتمدة لدعم جميع القطاعات الاستراتيجية لحكومة دبي. وأوضح آل صالح بأن إيرادات رسوم الخدمات الحكومية، والتي تمثل 67% من الإيرادات الإجمالية الحكومية، قد زادت بنسبة 24% مقارنة بالعام 2013، مشيراً إلى أن هذه الزيادة تعكس معدلات النمو المتوقعة للإمارة، كما تعكس التطور والتنوع في الخدمات الحكومية. ويعود هذا الارتفاع إلى نمو اقتصادي حقيقي ملحوظ خلال العمل بموازنة 2013، مع زيادات محدودة ومدروسة لرسوم بعض الخدمات الحكومية، وزيادات أخرى تهدف لتنظيم السوق العقارية. وقد زادت الإيرادات الضريبية بنسبة 1% مقارنة بالعام المالي 2013، وجاءت لتمثل 21% من إجمالي الإيرادات الحكومية، وهي تشمل الجمارك وضرائب البنوك الأجنبية، وتشير الزيادة إلى تطور حصيلة الجمارك نتيجةً للنمو الاقتصادي للإمارة، في حين يُنظر إلى زيادة حصيلة ضرائب البنوك الأجنبية كمؤشر جيد على الوضع الاقتصادي المتطور في الإمارة. وأضاف آل صالح أن صافي تقديرات إيرادات النفط يُشكّل ما نسبته 9% فقط من الإيرادات الحكومية للإمارة، مؤكداً حرص الإمارة على خفض مخصصات الموازنة من عوائد الاستثمارات الحكومية دعماً منها لزيادة المخصصات المُعاد استثمارها، للإسهام في التنمية الاقتصادية في دبي. ويمثل بند الرواتب والأجور ما نسبته 37% من إجمالي الإنفاق الحكومي، ما يؤكد حرص الحكومة على دعم التوظيف وتنمية الموارد البشرية في الإمارة، وكذلك إتاحة 1,650 فرصة عمل جديدة للمواطنين خلال العمل بموازنة العام المالي 2014، وهو ما يُعد استمراراً لنهج سياسة التوطين وخلق فرص عمل جديدة للمواطنين، بعد أن كانت حكومة دبي قد اعتمدت 1,600 وظيفة خلال العام المالي 2013. أما المصروفات العمومية والإدارية والمصروفات الرأسمالية والمنح والدعم فقد مثلت ما نسبته 32% من إجمالي الإنفاق الحكومي وهي نسبة تؤكد حرص الحكومة على الحفاظ على تطور المؤسسات الحكومية ورقيها، ودعم تلك المؤسسات لتقديم أفضل الخدمات الحكومية لمواطني الإمارة والمقيمين على أراضيها، كما تعكس دعم الحكومة للهيئات والمؤسسات الإسكانية، والجهات القائمة على الأنشطة الرياضية، وجمعيات النفع العام، والجمعيات الخيرية، والإعلام. وشدّد آل صالح، من جهة أخرى، على مواصلة دعم حكومة دبي مشاريع البنية التحتية من خلال تخصيص 17% من الإنفاق الحكومي لتطوير مشاريع البنية التحتية، والعمل الدؤوب والمستمر لتدعيم البنية التحتية المتميزة والمتطورة التي تسهم في الحفاظ على مستويات الحياة الراقية والجاذبية الاستثمارية للإمارة وتعزيزها، وهو ما يظهر جلياً من خلال زيادة المخصصات ضمن موازنة العام المالي 2014 إلى 6,350 مليون درهم بنسبة زيادة قدرها 13% عن العام المالي 2013. هذا وتخطط دبي للحفاظ على حجم استثماراتها في البنية التحتية خلال الخمس سنوات القادمة. وتُظهر الأرقام مدى اهتمام حكومة دبي بالتعامل الجادّ مع القروض من خلال توجيه 11% من إجمالي الإنفاق لخدمة الدين، دعماً للاستدامة المالية للحكومة. ويبدو واضحاً من استعراض توزيع النفقات الحكومية على مستوى القطاعات الرئيسية، مدى اهتمام الحكومة بالإنسان، الذي أولاه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، رعاه الله، جلّ اهتمامه، إذ يقول "إن بناء الإنسان هو الأساس، ولا يكتمل بناء الأوطان إلا ببناء المواطن". ومن هذا المنطلق، يمثل الإنفاق على قطاع التنمية الاجتماعية في مجالات الصحة والتعليم والإسكان وتنمية المجتمع 35% من الإنفاق الحكومي، وقد اهتمت حكومة دبي بدعم الخدمات الاجتماعية من خلال صندوق المنافع العامة لدعم الأسر المعيلة، ورعاية الأمومة والطفولة والمعاقين ورعاية الشباب والأندية الرياضية. وانطلاقاً من مبادرة صاحب السمو حاكم دبي، تم إنشاء صندوق لدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة للشباب لخلق جيل من رجال الأعمال الناجحين. وأولت الحكومة اهتماماً بقطاع الأمن والعدل والسلامة عند إعداد موازنة العام المالي 2014، والذي يمثل دعامة حقيقية للمجتمع، تُشعر الإنسان بالأمن والأمان، وتعزز حرية التقاضي، وتُسهم في ترسيخ دولة القانون، ما يرفع معدلات النمو الاقتصادي، ويُعظّم الشعور بالمواطنة، حيث خصصت الموازنة 21% من الإنفاق الحكومي لدعم هذا القطاع الحيوي. وما زال قطاع الاقتصاد والبنية التحتية والمواصلات يحظى باهتمام بالغ من حكومة دبي، إذ تم رصد ما نسبته 37% من الانفاق الحكومي لهذا القطاع، ما يعزز تطلعات الإمارة إلى إرساء بنية تحتية متميزة جاذبة للاستثمار. من جهته، أكّد عارف عبد الرحمن أهلي، المدير التنفيذي لقطاع الموازنة والتخطيط في دائرة المالية، أن موازنة العام المالي 2014 قد جرى إعدادها وفقاً للقواعد والأصول العلمية السليمة للسياسة المالية، من ناحية استخدام الإيرادات المتكررة في تمويل المصروفات المتكررة، وتحقيق فائض تشغيلي قُدّر بقيمة 2,000 مليون درهم، مبيّناً أن هذا الأمر سيسهم في الاستدامة المالية للإمارة. وقال أهلي إن الحكومة التزمت بعدم استخدام إيرادات النفط لتمويل المصروفات المتكررة، مشيراً إلى نجاح الحكومة في خفض عجز الموازنة إلى مستويات قياسية لم تتجاوز 0.26% من إجمالي الناتج المحلي، الأمر الذي يُبرز جدية الحكومة في التعامل مع العجز رغم عدم تجاوزه النسب المتوافق عليها عالمياً. من جانبه، أشار جمال المري، المدير التنفيذي للحسابات العامة والإيرادات في دائرة المالية، إلى أن الدائرة تعمل يداً بيد مع الجهات الحكومية لإعداد خطة تنفيذ الموازنة وتقديم الاعتمادات المالية اللازمة وفق الأولويات التي تعمل بها الحكومة.