رغم انني عشت اكثر من نصف قرن واصبحت في خريف العمر وبدات اعراض الشيخوخة تدب في جسدي، وكنت اظن اذا ما جاء اجلي فاني سأقف بين يدي رب رحيم يشملني برحمته ويعفو عن ذنوبي، لانني كنت اعتقد ان صلاتي التي دأبت عليها حال بلوغي الحلم وكذلك صيامي وقراتي للقران. وما سمعت من جدتي وهي تحكي لنا في ليالي الشتاء عن قصص الانبياء ومعاجزهم لتزرع فينا الايمان والخشية من الله سبحانه وتعالى، وحجي لبيت الله الحرام وحبي للخير ولاولياء الله الصالحين، كل ذلك سيشفع لي حين تقوم الساعة، الا انني وبعد هذه الرحلة الطويلة في الحياة، قيل لي انك لم تكن مسلما، بل تبين ايضا، كما قيل لي، انني كافر ومشرك ايضا... هكذا وبكل بساطة. الشيء الذي اذهلني هو ان الذين اخبروني بهذا الامر لم يسمحوا لي بمراجعة عقيدتي لاقف على مكامن الشرك والكفر فيها، هم يعتبرون ذبحي وفصل راسي عن جسدي افضل وسيلة لتغييرالمنكر الذي امامهم وهو انا، فدواء الكافر الذبح قربة لله ، لذلك هربت، لا اقول هربت بديني بعد ان تبين انه ليس لي دين، وكل الذي كنت اقوم به قرابة ستين عاما كان الكفر بعينه. وانا متخف عن انظار المجاميع المسلحة، وهي تدعو الناس الى التوحيد الخالص، قرأت خبرا خفف من وطأة الشعور بالذنب لدي بسبب شركي وكفري طوال هذه السنوات دون ان ادري، حيث تبين انني لست الكافر والمشرك الوحيد المطارد، لتطهير الارض من رجسه ، فقد تاكد وبشكل لا لبس فيه وبالدليل القاطع ان السوريين ودون استثناء كفرة ومشركون ولابد من اعمال السيف فيهم، لانهم يعبدون الاشجار دون الله. قد يكون شعوري بالارتياح لسماعي هذا الخبر فيه بعض الخبث، الا انه على الاقل خفف من وطأة حالة الشرك والكفر التي اعيشها والتي تعذبني حتى الجنون . ولكن قد يرى الكثيرون انني اتهم السوريين بالشرك والكفر وعبادة الاشجار دون دليل او اني اتجنى عليهم. الحقيقة ليس بمقدور اي كان ان يتهم شعبا ما بالكفر اوالشرك اوعبادة الاشجار هكذا دون دليل، وانا قد تسلحت بالدليل قبل ان ابدا كلامي، كي لا يقول البعض انك تتهم السوريين جزافا وتجنيا. ففي يوم الخميس الحادي والعشرين من شهر تشرين الثاني/ نوفمبر تمكن صقور واسود وليوث التوحيد بضبط سوريين وهم متلبسون بعبادة شجرة، فقاموا بقطع دابر هذا الاله السوري واقتلاعه من جذوره. وللذين مازال في قلوبهم شيء من شك، ننقل الخبر من مصدره الجهادي، وبالامكان البحث عن الفيلم او الصورة على المواقع الالكترونية لمن اراد، حيث يقول المصدر الجهادي!! بالنص: " الحمد لله، تمت ازالة الشجرة التي يزيد عمرها عن 150 سنة والتي كان الناس يعبدونها من دون الله" . ويظهر الى جانب الخبر صورا لشخص يرتدي قناعا اسود وهو يستخدم منشارا آليا لقطع الشجرة. وأكد رامي عبدالرحمن، مدير المرصد السوري لحقوق الانسان المعارض ومقره بريطانيا، نبأ قطع شجرة البلوط القديمة، مضيفا انها كانت تنتصب بجوار ضريح قديم في بلدة أطمة في محافظة ادلب الشمالية. ومنع عناصر من الدولة الاسلامية في العراق والشام سكان البلدة من زيارة الضريح مما اجبرهم على أداء الصلاة قرب الشجرة. وامام هذا الكفر الصريح استحق الشعب السوري الكافر والمشرك كل ما نزل عليه من كوارث فاصبحت قلوبهم واكبادهم واحشائهم حلالا وتؤكل كما تؤكل قلوب واكباد واحشاء الخراف، فاما جثثهم فتلقى الى الكلاب والكواسر، رغم اني ارى تناقضا في موقف المجموعات التوحيدية المسلحة في التعامل مع اللحم السوري وهو: اذا كانت احشاء السوريين حلالا ترى لم ترم اذن اجسادهم الى الكواسر رغم انها حلال وليست نجسا كما اتضح من اكل اكبادهم واحشائهم ؟ ولما كان الكافرون والمشركون لا يلدون الا كفارا ومشركين مثلهم فالذبح هو مصير السوريين دون استثناء ولا فرق بين الاطفال والنساء والشباب والشيوخ فهذه سنة التوحيد في الكافرين. اعتقد ان من الناحية النفسية قد صغرت مصيبتي ولم اشعر بانني الكافر والمشرك الوحيد الذي كان يعتقد انه مسلم، بعد ان رايت عبادة السوريين للشجر دون الله، ولكن بقيت هناك قضية مازالت تؤرقني وهي كيف اهتدت هذه المجموعات المسلحة الى التوحيد الخالص، رغم نسبة الامية الكبيرة المتفشية بينها، وسطح التعليم الضحل فيها، والبؤر الاجتماعية المتخلفة والموبوءة التي قدمت منها، ورموزهم الدينية الممسوخة، وفتاويهم المضحكة والمبكية، وعقولهم التي تفوح منها رائحة العطب، بينهما اشركنا نحن والشعب السوري، رغم اننا تربينا في اعرق العوائل حسبا ونسبا، ونشأنا في اكثر البيئات الاجتماعية طهرا، وتلقينا تعاليمنا من اكثر علماء الدين تنورا وباعا، ودرسنا في افضل الجامعات عراقة، هذه اسئلة اطرحها على اصحاب العقول الراجحة، علّها تنقذنا من حالة الضياع التي نحن فيها: فهل نحن مسلمون ام نعتقد نحن كذلك؟ وهل من يقتلنا مسلمون ام يعتقدون انهم كذلك؟ اخيرا الى اين ياخذونا هؤلاء؟ سامح مظهر