استبعد محللون وخبراء اقتصاديون، أن يكون فوز دبي باستضافة معرض «إكسبو الدولي 2020»، سبباً في ارتفاع الأسعار، أو تحميل سكان الدولة أعباء مالية إضافية، مؤكدين أن زيادة التضخم أو غلاء الأسعار مرتبط بدورات اقتصادية وعوامل عالمية ومحلية مختلفة ليس منها الفوز بمعرض. ورأوا أن القلق من ارتفاع الأسعار بمعدلات مبالغ فيها خلال الفترة المقبلة، ليس صحيحاً، إذ تخضع السوق بشكل رئيس إلى نظرية العرض والطلب، مشددين على أن تدخل الجهات الحكومية عبر آليات معينة، سيسهم في ضبط الأسعار. وفي وقت أكدت فيه دائرة التنمية الاقتصادية في دبي، أنها تتعامل مع مسألة الأسعار وفقاً لقانون حماية المستهلك، لفتت جمعية الإمارات لحماية المستهلك، إلى إن الأسواق المحلية تتميز بوجود ضمانات تدعم معايير حماية حقوق المستهلك، ما يمنع لجوء بعض التجار لمحاولة استغلال فوز دبي باستضافة ملف «إكسبو 2020» لرفع أسعار السلع أو الخدمات. إجراءات قانونية وتفصيلاً، قال المدير التنفيذي لقطاع الرقابة التجارية وحماية المستهلك في دائرة التنمية الاقتصادية في دبي، عمر بوشهاب، إن «الدائرة تتعامل مع مسألة الأسعار وفقاً لقانون حماية المستهلك، والقوانين الأخرى التي تنظم العمل التجاري في دبيوالإمارات». وأضاف أن «زيادة أسعار السلع تخضع لإجراءات قانونية من قبل الجهات الحكومية، إذ يجب أن توافق اللجنة العليا لحماية المستهلك على أي زيادة يرغب الموردون في إضافتها إلى بعض السلع». وأكد أن «الدائرة ملتزمة بقرارات اللجنة التي تدرس الأسعار بصورة دقيقة قبل السماح برفعها»، مشدداً على أن أي زيادة في الأسعار غير قانونية، إذا لم تتم الموافقة عليها من قبل اللجنة. وأوضح أن «اللجنة لا توافق على ارتفاع الأسعار من دون أن يقدم المورد مبررات مؤكدة تفيد زيادة كلفة الإنتاج». وأشار إلى أن «هناك خطة محددة لقطاع الرقابة التجارية وحماية المستهلك لمراقبة الأسواق وإيجاد مناخ تجاري يحمي الملكية الفكرية والمستهلك»، لافتاً إلى أن الدائرة ستعمل وفقاً لخطة من ضمنها رصد أسعار السلع في الأسواق، وحماية المستهلك من الزيادات غير المبررة. وأشار إلى أن «لدى المستهلك حالياً قدراً كبيراً من الوعي والذكاء بشأن التعامل مع الأسواق»، مبيناً أن هذه الدرجة من الوعي تساعد الدائرة الاقتصادية على إبقاء البيئة التجارية في دبي صديقة للمستهلك وداعمة له». وأكد بوشهاب التزام الدائرة بتطبيق قانون حماية المستهلك، وتوفير مناخ داعم لحماية الملكية الفكرية. ضوابط السوق بدوره، قال رئيس مجلس إدارة جمعية الإمارات لحماية المستهلك، الدكتور جمعة بلال فيروز، إن «الأسواق المحلية تتميز بوجود ضمانات تدعم معايير حماية حقوق المستهلك عبر أنشطة تنفذها وزارة الاقتصاد، والدوائر الاقتصادية، والبلديات، ما يمنع لجوء بعض التجار لمحاولة استغلال فوز دبي باستضافة ملف (إكسبو 2020) لرفع أسعار السلع الاستهلاكية والغذائية». وأوضح أن «استمرار الجهات الرقابية في ممارسة أنشطتها بشكل مكثف خلال الفترة المقبلة، يوفر دعماً لضوابط منع الأسعار للسلع، التي لا تتغير إلا مع وجود مؤثرات قوية في السوق المحلية أو في دول المنشأ، ويتم التأكد من مبرراتها وحقيقتها في ظل وجود معايير رقابية منفذة حالياً، كان لها آثار إيجابية خلال الفترات السابقة في منع بعض الارتفاعات السعرية». وكشف أن «لدى إدارة الجمعية خططاً مكثفة في قطاع التوعية لحماية المستهلك، ونشر مفاهيم ترشيد الاستهلاك، ما يسهم، مع معايير الرقابة المطبقة من الدوائر المختلفة على الأسواق، في استمرار دعم استقرار الأسواق». ودعا فيروز التجار إلى ضرورة الالتزام بمبادئ التجارة والمنافسة وفق السياسات الحرة، والابتعاد عن مظاهر الاحتكار وممارساته. ارتفاع تدريجي من جانبه، رأى أستاذ الاقتصاد الكلي في جامعة الإمارات العربية المتحدة، أسامة سويدان، أن «من شأن الفوز باستضافة (إكسبو 2020) أن يرفع أسعار السلع والخدمات والعقارات خلال الفترة المقبلة، إلا أن هذه الارتفاعات لن تكون عشوائية أو انطباعية، إذ تعتمد على معادلة العرض والطلب». وأضاف أن «تأثيرات استضافة (إكسبو 2020) لن تكون فورية، وارتفاع الأسعار سيكون متدرجاً، إذ سيكون هناك سبع سنوات حتى تصل الأعداد إلى 25 مليون زائر، وهو الرقم المتوقع أن تصل إليه أعداد الزوار»، مرجحاً أن يرفع الإنفاق الحكومي المتوقع، الأسعار بمستويات معقولة. ولفت سويدان إلى أن «الأعداد المتوقع استضافتها خلال الحدث، ستشكل ضغطاً على الموارد، وسيعتمد بشكل رئيس على الطلب الكلي الذي ستوفره هذه الجموع»، موضحاً أنه «في حال نجاح الدولة في الحفاظ على تلبية الطلب، وعدم وجود خلل في العرض والطلب، فإنه لن يكون هناك قفزات سعرية كبيرة، وستكون الزيادة في المستويات مقبولة». اقتصاد قادر وفي السياق نفسه، قال أستاذ الاقتصاد في جامعة الإمارات ورئيس مجلس إدارة بيت التمويل الخليجي، أحمد المطوع، إنه «وفي سبيل قياس التأثيرات التي ستظهر جراء استضافة دبي ل(إكسبو 2020)، فإنه يجب العودة إلى مفهوم مدى قدرة اقتصاد الدولة، على التعامل بمرونة مع آليتي العرض والطلب في السوق». وأوضح أن «علم الاقتصاد يصنف المعارض والأحداث العالمية المهمة والكبيرة التي تستضيفها الدول على أنها (حدث مفاجئ)، يسهم في ارتفاع معدل الطلب بشكل كبير، جراء التوسع في عمليات البناء والتشييد للبنى التحتية والخدمات المساندة لها لاستضافة الحدث واستيعابه». وأضاف أن «الاقتصاد الإماراتي هو الأقدر على التعامل مع الموجات التي يرتفع فيها الطلب، لأنه يتمتع بقدرة كبيرة في مجال الخدمات اللوجستية في ظل الطاقة الاستيعابية الكبيرة التي توفرها موانئ الدولة، ومطاراتها وشركات الطيران الوطنية، ما يسهل من عمليات الاستيراد والتصدير». وذكر المطوع أن «الارتفاع المفاجئ في الطلب سيسهم في ارتفاع معدل الأسعار، ما لم يقابله العرض الكافي، وسيستغل أصحاب أعمال هذا الظرف بطريقة غير مقبولة»، مشدداً على أن «تدخل الجهات الحكومية عبر آليات معينة، سيسهم في ضبط موجات ارتفاع الأسعار وعدم السماح بالمضاربات في السوق». وأشار إلى أن «التأثيرات التي ستظهر على اقتصاد الدولة ستنقسم إلى جزءين: مؤقت ودائم»، موضحاً أنه «بعد انتهاء فترة استضافة المعرض ستعود الأمور إلى طبيعتها مرة أخرى». دورات اقتصادية من جهته، استبعد مقرر اللجنة المالية وعضو المجلس الوطني الاتحادي، علي عيسى النعيمي، أن يكون فوز دبي باستضافة إكسبو 2020 سبباً في ارتفاع الأسعار، أو تحميل سكان الدولة أعباء مالية إضافية، مؤكداً أن زيادة التضخم أو غلاء الأسعار مرتبط بدورات اقتصادية وعوامل عالمية ومحلية مختلفة ليس منها الفوز ب«إكسبو». وتوقع النعيمي أن يكون تأثير الفوز بالمعرض إيجابياً في الاقتصاد الوطني ومن ثم على سكان الدولة، عازياً ذلك إلى أن «إكسبو 2020» سيوفر 280 ألف فرصة عمل جديدة، وسيحافظ على استدامه 1.4 مليون وظيفة إقليمياً، ما يعني مزيداً من الاستقرار الوظيفي والأسري، لافتاً إلى أن «المعرض سيؤسس لتنمية وحركة اقتصادية في قطاعات عدة، ما سينتج نوعاً من الرواج التجاري والمالي».