ادى الصراع في مصر بين الاخوان ومعارضيهم إلى معاناة الكثير من الأسر التي فقدت ابناءَها في المواجهات الدامية التي وقعت على مدار الشهور الماضية، وتعتبر عائلة اماني سنبل احدى النماذج الحية على هذه المعاناة. القاهرة: معاناة اماني سنبل لها وجهان، ففي نهاية 2012 اوقف زوجها في دبي بتهمة تكوين فرع للاخوان المسلمين هناك، واليوم تبكي ابنها احمد الذي قتل في 14 آب/اغسطس في القاهرة خلال فض اعتصام الاسلاميين. في كانون الاول/ديسمبر الفائت، بدأ سيل الازمات يجتاح هذه الاسرة عندما اقتحم رجال امن بلباس مدني منزلها في دبي متهمين زوج اماني بتكوين فرع غير قانوني للاخوان المسلمين في دولة الامارات العربية. ومحاطة بذكريات ابنها الراحل وزوجها المعتقل في شقتها في القاهرة، قالت اماني بأسى "فقدت ابني في مجزرة وحشية ارتكبتها الحكومة المصرية. ابني رحل ولن يعود وليس عندي فكرة متى يعود زوجي". وعزل الجيش المصري الرئيس الاسلامي محمد مرسي في الثالث من تموز/يوليو الفائت اثر احتجاجات شعبية حاشدة عبر البلاد طالبت برحيله، واتهم المعارضين مرسي بخيانة ثورة 2011 وباحتكار السلطة في ايدي جماعة الاخوان المسلمين التي ينتمي اليها والفشل في احياء الاقتصاد المصري المتعثر في السنة التي قضاها في الحكم. اما الاسلاميون فاحتشدوا في منطقة رابعة العدوية في اعتصام كبير انتهى في الرابع عشر من اب/اغسطس حين قامت السلطات المصرية بفضه بالقوة مخلفة مئات القتلى والاخطر بلدا منقسما سياسيا بشكل مفجع. ومنذ ذلك الحين، قتل نحو الف شخص معظمهم من الاسلاميين واعتقل نحو 2000 على راسهم قيادات الصف الاول في جماعة الاخوان المسلمين. وتقول هدى شقيقة احمد الذي كان يحلم بأن يصبح عالما في الأحياء البحرية ويعد نفسه للسفر إلى تركيا بعد أسابيع لبدء مرحلة متقدمة من دراسته، "انهم حفنة من القتلة. هناك فرق بين تفريق المتظاهرين وقتلهم". وتابعت بحرقة "لهذا لا يمكن أن نغفر لهم، الامر ليس له علاقة باخي او ابي فقط، الامر يتعلق بالالاف الذين قتلوا. ولهذا سوف نتظاهر حتى ترحل تلك الحكومة". وحتى 14 اب/اغسطس الفائت، شارك الشاب اليافع احمد سنبل (24 عاما) مع آلاف من المتظاهرين الاسلاميين في اعتصامهم الرئيسي في رابعة العدوية مطالبين بإعادة الرئيس الاسلامي محمد مرسي الذي أطاح به الجيش مطلع تموز/يوليو الماضي. وكل جمعة تمر تظاهرة للاسلاميين بمنزل عائلة سنبل القريب من رابعة العدوية، تاركين شعارات تذكر بمقتله مثل "في الجنة يا شهيد" و"القصاص لقاتل سنبل" على منزله ذي البوابة الحديدية السوداء. وبالنسبة لاحمد، جسد مرسي التغيير الذي يتوق له المصريين بعد ثلاثة عقود من الحكم المستبد للرئيس الاسبق حسني مبارك. ويقول ادوين كروز ريفيرا أستاذ البيولوجيا البحرية في الجامعة الأمريكيةبالقاهرة والذي عمل احمد مساعدا له "احمد كان شخصا ملتزما دينيا، ولكنه لم يكن متشددا، فلقد كان منفتحا لقبول أيديولوجيات مختلفة". ويضيف ادوين لفرانس برس "كانت لدينا اختلافاتنا حول مواضيع مثل الدين والأخلاق، لكنه لم يتبع اي شيء بشكل أعمى". وبالنسبة للاسرة المكونة من خمس شقيقات كان احمد كل شيء خاصة حين انتقلت شقيقاته من دبي للدراسة في القاهرة. وتقول اماني وقد اغرورقت عيناها بالدموع "احمد كان يفعل كل شيء. من الاعتناء بشؤون شقيقاته الى شراء الخضار". اما الاب، فقد اقتاده الامن من منزله في دبي ومضى شهران قبل ان تعرف اسرته عنه اي شيء. وتقول الابنة سارة "هاتفنا يوما ما في شباط/فبراير الماضي، بدا مرتبكا ومشتتا ولا يعرف اين هو". ولاحقا، علمت بان والدها علي سنبل الذي عمل ثلاثة عقود كطبيب مع وزارة الصحة في دبي، اتهم مع مصريين اخرين ومواطنين من الامارات بتكوين فرع غير قانوني لجماعة الاخوان المسلمين. وتعتبر سلطات الخليج منذ فترة طويلة الاخوان، الحركة الاسلامية التي تأسست في مصر منذ اكثر من ثمانين عاما، تهديدا لها بسبب نشاطها السياسي ودعوتها للحكم الإسلامي. وتنكر اسرة سنبل ان يكون الاب عضوا في الاخوان المسلمين، لكنها تؤكد انه صوت لمرشح الاخوان مرسي في انتخابات الرئاسة في مصر في حزيران/يونيو 2012. وتقول سارة "والدي كان محبوبا بين مرضاه. ربما خشيت السلطات في دبي ان يكون له تأثير عليهم (...) وهذا بالطبع سخيف". واضافت الفتاة التي ترتدي الحجاب "ما يؤلم والدي انه لم يكن قادرا على رؤية احمد او حضور جنازته. لكنه يقول انه فخور به. يقول انه شهيد". من جهتها، تقول الام التي كانت جالسة بجوار متعلقات ابنها وصور له، "لم اطالب الحكومة في مصر بحق ابني. هل يعقل ان اطالب بحقه من قاتليه؟". واوضحت اسرة سنبل ان هامش تحركهم في قضية والدهم، الذي يحاكم من قبل محكمة أمن الدولة، قليل. فكل ما يمكن القيام به هو انتظار مكالمة هاتفية دورية من سجنه في دبي. من جهته، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية بدر عبد العاطي ان "القاهرة كانت على اتصال مع المسؤولين في الامارات العربية المتحدة بشأن حالة جميع المعتقلين". واضاف "علينا أن نحترم القوانين في الإمارات والحقيقة ان هذه العائلات قد توقفت عن الاتصال بوزارة الخارجية".