محمد أبو عرب لا يمثل اليوم الوطني في دولة الإمارات العربية المتحدة، مناسبة وطنية ترفع فيها الأعلام ويعلو فيها صوت الأغاني والقصائد، وحسب، إنما يمثل تاريخاً مفصلياً ينظر فيه الإماراتيون إلى السنوات التي مضت منذ ذاك التاريخ حتى اليوم، ويقيسون حجم المنجز الذي تحقق ومستقبله . لذلك يتساءل كلٌ من مكانه، سياسياً كان، أم اقتصادياً، أم تربوياً، أم علمياً، أم غيره، "كيف كنا قبل اليوم، وما الذي نحن عليه، وهل نسير على الخطى الصحيحة، وهل سيوصلنا الطريق الذي نمضي فيه إلى ما نريد بلوغه؟"، أسئلة من هذا القبيل يطرحها المنهمكون في بناء الدولة ورفع قامة الإماراتي عالياً . من هنا كان لا بد من التساؤل عما وصلت إليه الثقافة الإماراتية اليوم، وكان لا بد من التوقف ملياً وطرح معطيات الفعل الثقافي في الدولة، بوصفها دولة تشهد نمواً متسارعاً على الأصعدة كافة، فهل المشهد الثقافي الإماراتي اليوم يمضي في طريقه الصحيح، ويطرح للساحة العربية والعالمية أسماء ستغدو قامات في الثقافة العربية والعالمية . إن المتتبع لحالة الفعل الثقافي الإماراتي يجد أنه بصحة وعافية، فلا يخلو شهر في العام من حدث ثقافي كبير يجتمع فيه المثقف الإماراتي مع المثقفين العرب، ولا يمضي عام من دون أن نرى كاتباً أو كاتبة إماراتية تفرض مساحتها في الوسط الثقافي، وتعلن عن نفسها بمنجز أدبي أو شعري أو فكري جديد . ربما لا يتسع المقام لعرض تفصيلي لأبرز فعاليات النشاط الثقافي في الإمارات، إذا يطول الحديث إذا ما توقفنا عند المسرح في الدولة، ويطول أكثر إذا ما استعرضنا حركة النشر والمطبوعات، وكذلك إذا ما تحدثنا عن الترجمة، أو السينما أو غيرها من أشكال الفعل الإبداعي . رغم ذلك لا يمكن تجاوز علامات واضحة في المشهد الثقافي الإماراتي، وأولها معارض الكتب، والمتمثلة في معرض الشارقة الدولي للكتاب، ومعرض أبوظبي الدولي للكتاب، إذ يعدان من أبرز المعارض في العالم، فكل منهما يستضيف قرابة الألف دار نشر من مختلف بلدان العالم . أما على صعيد الحراك الفني التشكيلي، فربما لا يمكن تجاوز الملتقيات والمهرجانات الأبرز في الوطن العربي، وهي بينالي الشارقة للفنون، ومهرجان الشارقة للفنون الإسلامية، وبينالي أبوظبي، وآرت دبي، وسمبوزيوم نحت دبي، وغيرها من الفعاليات والمهرجانات الفنية . وفي ما يخص المسرح يكفي أن نتوقف عند جهود صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، في عنايته بالمسرح وتأسيسه الهيئة العربية للمسرح، وجعل الشارقة حاضنة المسرحيين العرب . كل ذلك يعد لمحة سريعة من حالة الحركة الثقافية الإماراتية اليوم، فذلك الحديث ينطبق على حراك الشعر، والقصة، والرواية، والنقد، والفكر، واللغة، إضافة إلى السينما، وكل ذلك يجعل النظر إلى السنوات المقبلة بعين متلهفة، إذ الحالة الثقافية في نماء متواصل . [email protected]