وجدت دراسة جديدة أن ممارسة رياضة خفيفة، لفترة ساعتين ونصف الساعة فقط في الأسبوع، قد تتكفل بقمع الالتهابات في الجسم الذي يعتقد الأطباء أنها تسهم في الإصابة بالأمراض القلبية . وهذا يعني أن الوقت لم يفت ولم يتأخر مطلقاً بالنسبة إلى متوسطي العمر لممارسة الرياضة وتغيير صحتهم المستقبلية نحو الأفضل . وفي الآونة الأخيرة، ظهرت أبحاث طبية تحث على ممارسة التمرينات الرياضية حتى بعد بلوغ أو تجاوز سن ال 50 . تقول هذه الأبحاث إن الرياضة في هذه السن تقلص فرص التعرض لنوبة قلبية في السنوات اللاحقة . ويقول الباحثون إن الرياضة العنيفة ليست شرطاً لازماً لجني ثمار هذه المنافع الوقائية . والرياضة يفترض بها ببساطة، أن تعمل على زيادة سرعة نبضات القلب وأن تشمل هوايات مثل البستنة، والمشي السريع . والرابط بين الرياضة وتحسين صحة القلب، معروف سلفاً . بيد أن الدراسة الأخيرة - التي أجراها علماء مؤسسة القلب البريطانية - التي أجريت على مدى زمني طويل، هي أول بحث رئيس يؤكد أن الآلية المرجحة تتمثل في إسهام الرياضة في مقاومة الالتهاب . وفي نهاية البحث الذي استغرق 10 أعوام، اكتشف الباحثون أن المشاركين - في الدراسة - الذين تحرروا من ربقة الوسائد والأرائك، وأصبحوا نشطين، كانت "المؤشرات الالتهابية" في دمائهم، متدنية . كما وجدت الدراسة أن مستويات الالتهاب ظلت متدنية وسط المتقاعدين - ومن شارفوا على التقاعد - الذين كانوا نشطين جسمانياً، مقارنة بالخاملين ومن يتسمون بقلة الفاعلية البدنية . وقال الدكتور مارك هامر، أستاذ الصحة العامة والأوبئة في كلية لندن الجامعية الذي شارك في وضع الدراسة: "تكشف دراستنا للمرة الأولى، التأثيرات الإيجابية طويلة الأمد التي يخلفها نمط الحياة الفاعل والنشط في الالتهاب وأمراض القلب . وأضاف الدكتور هامر قائلاً: "الأبحاث السابقة التي حاولت التوصل للكيفية التي تحمي بها الرياضة القلب، كان مداها الزمني قصيراً" . ويقول الباحثون إن الدراسة الأخيرة التي شملت أكثر من 4 آلاف يعملون في الخدمة المدنية - كان متوسط أعمارهم 49 عاماًعندما بدأ البحث - قارنت وتائر أنشطتهم الرياضية ومستويات الالتهاب باعتبارها وسائل لقياس صحة القلب . ويقول الدكتور هامر: "المؤشرات الالتهابية مهمة لأنها تعد آلية مهمة تفسر العلاقة بين النشاط البدني وتدني مخاطر أمراض القلب" . الأشخاص الذين حققوا أقصى منفعة من هذه الدراسة البحثية، هم من كانوا يحرصون على النشاط البدني وفي بريطانيا، توصي إرشادات الصحة الحكومية البالغين بممارسة تمرينات الأيروبيك 5 مرات في الأسبوع لمدة 30 دقيقة أو أكثر كي يحصلوا على أقصى منفعة صحية ممكنة . وينبغي أن يكون مستوى الجهد المبذول كافياً لزيادة معدل نبض القلب ل 120 ضربة في الدقيقة أو أعلى من ذلك - وهذا يشمل المشي السريع والسباحة - بيد أن التنزه سيراً على الأقدام أو حتى البستنة - يمكن اعتبارهما من الأنشطة الصحية . وفي مستهل هذه الدراسة "في بداية التسعينات"، حلل الباحثون مؤشرين التهابيين مهمين في دم المشاركين، وهذين المؤشرين هما: البروتين المتفاعل سي "CRP" و"إنترلويكين -6 " "IL -6" . وقد خضع المشاركون لتقييم ثان بعد 6 أعوام وبعد 11 عاماً . وبالنسبة إلى المشاركين النشطين كانت مستويات بروتين سي التفاعلي وIL- 6 منخفضة عندهم في مستهل البحث وقد ظل الفارق مستقراً على مدار الوقت، بالمقارنة مع المشاركين الذين كانوا لا يطبقون إرشادات الرياضة إلا في مرات نادرة . وقد التزم نصف عدد المشاركين بإرشادات الرياضة الموصى بها، بيد أن المعدل ازداد ل 83 % في مراحل الدراسة اللاحقة . ويقول الدكتور هامر إن نسبة المشاركين الذين يمارسون الرياضة ازدادت كثيراً لأنهم كانوا يلجون مرحلة التقاعد أثناء المرحلة الأخيرة من الدراسة . ويضيف الدكتور هامر قائلاً: "يبدو أن التقاعد يتسم بتأثير نفعي في مستويات النشاط البدني . فالناس الذين يشرفون على التقاعد ويصبحون أكثر نشاطاً، يمنحون قلوبهم دعماً صحياً كبيراً ويقول الدكتور هامر إن الرياضات والأنشطة العنيفة لم تكن مهمة في حد ذاتها" . ويضيف: "الهوايات وأنشطة ملء الفراغ تعتبر بمثابة تمرينات معتدلة مهمة ومفيدة للصحة . ومن المهم أن يحرص كبار السن على النشاط البدني، لأنه يسهم في التمتع بشيخوخة جيدة" . وتقول مورين تالبوت وهي ممرضة قلب رفيعة في مؤسسة القلب البريطانية إن البستنة أو ممارسة نشاط كالطلاء، يمكن أن تكون مفيدة لصحة القلب، والرياضة يمكن أن يكون لها تأثير كبير في الكيفية التي يشيخ بها قلبك . ويسلط هذا البحث الضوء على التأثير الإيجابي الذي يمكن لتغيير عادات المران أن تحدثه في مستقبل صحتك القلبية، ولا تقل أبداً إن الوقت قد فات على إعادة بعث الحيوية والنشاط على حياتك . ولكن من المهم أن لا تنتظر حتى تتقاعد كي تنهض من الأريكة وتهجر الوسائد، لأن تمتعك بالنشاط طوال حياتك، يعد طريقة رائعة وناجعة للحفاظ على صحة قلبك في أفضل وضع" .