بدات الرموز الاسلامية تلقى رواجا في تركيا شيئا فشيئا تحت حكم رجب طيّب أردوغان، الأمر الذي يثير مخاوف العلمانيين خاصة مع السماح بارتداء الحجاب في المؤسسات التعليمية وتشييد المساجد. اسطنبول: ضاعفت الحكومة الاسلامية المحافظة في تركيا جهودها خلال الاسابيع الماضية لزيادة المظاهر الاسلامية بدءا من الاعلانات البارزة لبناء المساجد الى الاصلاحات المتكتمة في نظام التعليم. وتدخل رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان المحب للجدل الثلاثاء ليؤكد تشييد مسجد في ساحة تقسيم، احدى كبرى ساحات اسطنبول والذي يشكل موضوع صراعات قديمة بين الاسلاميين وانصار العلمانية. وقال للصحافيين في الطائرة التي كانت تقله اثناء زيارة الى اسبانيا بحسب صحف عدة "نعم هذا المسجد سيشيد". تحدٍ للعلمانيين هي بادرة تنم عن الاستهزاء بانصار العلمانية بدءا بالجيش الذي ارغم اول حكومة اسلامية في تركيا برئاسة نجم الدين اربكان الذي كان مرشدا لاردوغان، على الاستقالة في 1997 بعد ان اعلن الاخير مشروعه لبناء مسجد في ساحة تقسيم. لكن الجيش الذي كان يعتبر فيما سبق حامي النظام العلماني والمسؤول عن اربعة انقلابات عسكرية في خلال نصف قرن من الزمن، فقد جبروته مع قضم صلاحياته عبر اصلاحات مختلفة وسجن اشد عناصره عدائية لحكومة حزب العدالة والتنمية بتهمة الضلوع في مخططات تآمرية. وعبر اردوغان ايضا عن ابتهاجه لبناء مسجد ضخم قريبا يسع ل30 الف شخص وسيكون تصميمه مستوحى على الارجح من الفن المعماري العثماني لاسيما المسجد الازرق للمهندس العثماني سنان باشا على هضبة جامليجا اعلى تلال اسطنبول ليطل على مضيق البوسفور. وقال "نفكر في اطلاق استدراج العروض بحلول نهاية السنة". الحجاب في المدارس وتقدمت الحكومة ايضا في قطاع اخر يشكل تقليديا خط مواجهة بين الاسلاميين والعلمانيين وهو التعليم مع بدء السماح بارتداء الحجاب في المدارس. ونشرت الجريدة الرسمية الثلاثاء قانونا جديدا تقرر في مجلس الوزراء وضع حد لفرض ارتداء الزي المدرسي الموحد في المرحلتين الابتدائية والثانوية. وينص التعديل على ان بامكان الفتيات ارتداء الحجاب اثناء حصص الدين ان رغبن في ذلك، وهي سابقة تأتي على اثر الاعلان الاسبوع الفائت عن ادخال الدروس الدينية على اساس اختياري في المدارس العسكرية. والقانون الجديد يثير بالتأكيد الغضب في اوساط العلمانيين. الفرض في الطريق وقال اوغوز ساليتشي مسؤول حزب الشعب الجمهوري، ابرز احزاب المعارضة، لمنطقة اسطنبول لوكالة فرانس برس "عندما يقوم حزب العدالة والتنمية بامر ما هناك دوما خلفية سياسية (...) والسماح لتلميذة بارتداء الحجاب سيقود بعد وقت قصير الى فرض ارتداء الحجاب عليها من خلال ضغوط اجتماعية". مع ذلك يرفض هذا المسؤول السياسي التلويح بشبح تيار اسلامي ظافر ويندد بالاحرى باستعمال الدين من قبل حزب العدالة والتنمية لغايات انتخابية، في الوقت الذي تستعد فيه تركيا لاجراء انتخابات بلدية ورئاسية في العام 2014، ثم التشريعية في 2015. واعتبر انه "ليس لديهم من هدف اخر سوى المزيد من الاستقطاب الشعبي (بين المدافعين عن حرية المعتقد والعلمانيين) لترسيخ قاعدتهم الانتخابية". براغماتية لا عقيدة دينية وفي الواقع يتفق المراقبون على القول بان مواقف الجيش ضد حزب العدالة والتنمية بخصوص مسالة العلمانية اسهم في النجاح الكبير الذي سجله هذا الحزب في الانتخابات التشريعية في العام 2007. ويعتبر جان فرنسوا بيروز مدير المعهد الفرنسي للدراسات الاناضولية في اسطنبول ايضا ان الاعلانات الاخيرة لحزب العدالة والتنمية يضاف اليها اندلاع جدل مؤخرا حول رفع الحظر عن الجمعيات الدينية، انما تدل على نهج برغماتي اكثر منه على عقيدة دينية. وفضلا عن الرهانات الانتخابية يرى الباحث "في تسريع المرجعيات المتصلة بالهوية والدين ضرورة لاخفاء التهميش الاقتصادي عبر مضامين رمزية وعبر تفعيل الرابط الديني". ولفت الى "ان حزب العدالة والتنمية بات اكثر فاكثر حزب ارباب عمل، لا يخفي اجلاله للمؤسسة والربح"، مضيفا "ان هذا الموقف يفترض ان يؤدي الى نفور قسم كبير من الشعب منه، لكن ليست هي الحال بفضل المضمون الديني".