في قفص الاتهام سبعة من الأشرار، جمعتهم ظروف اجتماعية وأحوال متناقضة، الاختلافات بينهم واضحة في كل شيء ولا يتفقون إلا على أنهم جميعا من الجهلاء الذين فشلوا في التعليم وبعضهم لم يعرف أصلا الطريق إلى المدرسة، وقفوا بملابس السجن يتضاحكون ويتبادلون الحديث ببلاده شديدة وعدم إحساس كأنهم في نزهة داخل القفص وان الذي يحدث لا يعنيهم فقد ماتت قلوبهم ولم تعد لديهم أحاسيس ولا مشاعر، أيديهم ملطخة بالدماء وسجلاتهم مكتظة بالجرائم، هم انفسهم لا يعرفون عدد ضحاياهم ولا الذين تضرروا من جراء أفعالهم. منصة العدالة طلبوا من أقاربهم الحاضرين جلسة المحاكمة أن يحضروا لهم أطعمة ومشروبات والأهم منها السجائر، يأكلون ويدخنون وأيضا يتضاحكون، بينما هناك بجوارهم متهمون آخرون مستغرقون في التفكير يكادوا يموتون من الخوف جراء ما ينتظرهم، وفي القاعة تداخلت الأصوات، وبكل تركيز لا يمكن تمييز الصامتين من المتكلمين، فالجميع يتحدثون في موضوعات بالطبع تهمهم وعلى وجه الخصوص ما هم بصدده هنا وهي المحاكمات، فمنهم من جاء مع المتهمين ومنهم أقارب المجني عليهم والضحايا، ومحامون مع كلا الطرفين. وسط هذه الجلبة يأتي صوت الحاجب مجلجلا ينادي «محكمة» إيذانا بخروج القضاة إلى منصة العدالة، فيقف الجميع كالمعتاد إكبارا للعدالة المعصوبة العينين، ويخرج القضاة وممثل النيابة بأوشحتهم المعروفة ويتخذون أماكنهم ويجلس الجميع في مقاعدهم، ويسود صمت رهيب كأنه سكون الليل البهيم بعد تلك الضوضاء التي تصيب بالصداع، وبإجراءات سريعة تنهي المحكمة القضية الأولى وتؤجلها، ثم تبدأ نظر هذه القضية لتبدأ النيابة مرافعتها وتشرح ظروفها وأبعادها والاتهامات والعقوبات التي تطالب بها طبقا للقانون. وقف وكيل النيابة في مكانه على المنصة وبيده ملفات وأوراق كثيرة، أحيانا يقرأ منها واحيانا يسترسل في الحديث من خلال ما يعرف ويحفظ عن القضية، وبمدخله التقليدي قال حضرات القضاة، حضرات المستشارين، إن الجميع ينتظرون حكما عادلا شافيا للمجتمع وذوي الضحايا، حكما عادلا يشفي الصدور، ويحقق العدالة من ناحية ومن ناحية أخرى يعيد الأمن والاستقرار للمنطقة التي روعها هؤلاء بعدما استباحوا كل شيء ولم يكن للحياة ولا للدماء عندهم حرمة، فقد عاثوا في الأرض فسادا، وجزاؤهم أن يقتلوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف. فضيحة ب«جلاجل» ... المزيد