منال عاصي، ضحية اخرى تنضم الى قافلة المعنّفات من ازواجهن في لبنان، وتُقتل من دون ان يتحرك القانون، فهل ينتظر لبنان سقوط المزيد من الضحايا قبل ان يتحرك فعليًا بهذا الخصوص؟. بيروت: انها الشابة منال عاصي التي قتلت بطريقة مأساوية تاركة وراءها الكثير من علامات الإستفهام لتنضم الى قافلة النساء المعنفات حتى الموت في لبنان. وقعت الجريمة مساء يوم الثلاثاء في 4 شباط /فبراير وسط منطقة طريق الجديدة، وعرف في ما بعد ان زوجها تشاجر معها، وما لبث أن تطوّر الخلاف بينهما، فما كان منه سوى تناول طنجرة ضغط من المطبخ وضربها مرات عدة على رأسها، فسقطت مضرجة بدمائها أمام عيون ابنتيها، بعدها قام شقيق منال محمد ووالدها بنقلها إلى مستشفى المقاصد، حيث مكثت 12 ساعة داخل غرفة العناية الفائقة قبل أن تفارق الحياة فجر يوم الأربعاء". هي جريمة عائلية جديدة تنضم إلى قائمة الجرائم المشابهة التي أصبحت شبه ظاهرة في لبنان، وجريمة تعنيف أخرى تنضم إلى قافلة ضحايا العنف الأسري، آخرها قضية المغدورة رولا يعقوب والتي لا تزال تأخذ جدلاً واسعاً في القضاء والإعلام. تقول الدكتورة فهمية شرف الدين (باحثة في الفكر السياسي والاجتماعي) ل"إيلاف" انها قامت بدراسة على 300 امرأة في لبنان من خلال عينة مختارة وتبين ان 27,3 من النساء المتعلمات الجامعيات في لبنان هن معنّفات، و4,7 من الاميات معنّفات ايضًا. وتضيف شرف الدين انها ادخلت في عناصر العينة ما يسمى بالمتغيرات، اي التعليم والعمل والعمر ايضًا، وتقول ان المتعلمات يشتكين اكثر من غيرهن لذلك اعدادهن اكثر، وتشير الى انواع عدة من العنف كالعنف الرمزي الذي تحدث عنه الباحث بيار بورديو هو العنف الذي يصبح جزءًا من الحياة العامة، والحياة اليومية، وكل الممنوعات تقع ضمن هذا العنف الرمزي، وهو يصيب المتعلمات أكثر من غيرهن، والاميات هن عادة لا يتكلمن عما يجري معهن من تعنيف، ولا حول لهن ولا طاقة، أكثرهن ريفيات، ولا يقصدن الجمعيات للشكوى، والتركيز على الفئة المتعلمة والمعنفة لسبب بسيط ان هناك كلامًا منذ فترة طويلة من ايام قاسم امين ان المرأة يجب ان تتعلم وتعمل وتستقل ماديًا، لكنه اتضح ان الثقافة الذكورية هي المهيمنة في لبنان وسائر الدول العربية حيث لا يؤثر كثيرًا عنصر التعليم. وتشير شرف الدين ان في لبنان هناك ما يسمى بالحداثة الشكلية، اي ان الشكل متحرر والجوهر متزمت وذكوري. وتقول شرف الدين :"هناك اوهام بالنسبة لوضع المرأة اللبنانية مقارنة بالعربية بانها احسن، وبحكم تنقلي الكبير في البلاد العربية وبحكم معرفتي بقضايا النساء في البلدان العربية اعرف تمامًا ان لبنان في اسفل السلم خصوصًا لجهة التعنيف، وليس شكل المرأة الذي يحدد مكانتها في المجتمع، المرأة كما كل اللبنانيين حصلت على بعض الحريات الشخصية نتيجة للنظام الاقتصادي الحر، ولكن وضعها في المجتمع ليس افضل من مكانة العربية، وبالرغم من كل امكانتياتها وبانها الاكثر نسبة في انخراطها في العمل لكنها ليست الاكثر مشاركة في صناعة القرار في بلادها. مشروع قانون لبناني لحماية المرأة لا يزال لبنان يعيش جدلية موت رولا يعقوب الذي قتلها زوجها في ما يسمى بالعنف المنزلي، وبُرِّىء من فعلته، ومن المعلوم انه تم التصديق اوليًا على قانون لحماية النساء من العنف المنزلي، وقد دفع تنامي ظاهرة العنف الاسري في لبنان الى تقدم المنظمات غير الحكومية بمشروع قانون لحماية النساء قبل ما يزيد على الاربع سنوات، وقد واجه المشروع اعتراضًا من المؤسسات الدينية بشأن عدد من البنود التي تعارض الاحوال الشخصية للطوائف، جرى حذف البنود المثيرة للجدل، وتحول الى مشروع قانون لحماية النساء وافراد الاسرة. يؤَّمن مشروع القانون الذي يحتاج الى تصديق الامانة العامة للبرلمان حماية كامل اعضاء الاسرة، وينص على انشاء وحدة من الشرطة تضم نساء لمتابعة هذه القضايا. ويقول النائب غسان مخيبر( رئيس لجنة حقوق الانسان النيابية) ان هذا القانون هو جزء من خطة لرفع مستوى احترام لبنان لحقوق وحريات النساء فيه، هي خطوة متقدمة لكنها ليست الوحيدة، انما تشكل مسارًا، متلازمًا مع الديموقراطية. ... وبانتظار ان يكمل هذا المسار طريقه الى الاقرارالكامل، كم من رولا وكم من منال معنّفات سيسقطن ضحايا الفكر الذكوري في لبنان؟. ايلاف