أفق آخر سُفُن الديمقراطية المُحتَرِقة ابحث في اسم الكاتب تاريخ النشر: 14/02/2014 حين كتب برنارد شو عبارته الشهيرة "المسيح لَيْسَ مَسيحيّاً" وجد من أساء فهمه وتكرر الأمر مع عبارة أخرى للفيلسوف ألتوسير الذي كتب نقداً شهيراً لكتاب "رأس المال"، وهي ماركس ليس ماركسيّاً! وبإمكان القارئ أن يُكرر هذه العبارات في كل مجال يشاء مادام هناك مَلكيّون أكثر من الملك، وكاثوليكيون أكثر من البابا . ومن يزعمون احتكار أي دين أو عقيدة أو إيديولوجيا هم بالضرورة غُلاة بحيث يصبح الآخرون بالنسبة إليهم ليسوا مختلفين فقط، بل تُدرج أسماؤهم على قائمة سوداء، سواء حملت اسم الكُفْر أو الخيانة أو أي اسم آخر . ومثلما عانت أوروبا في مراحل التنوير والصراع بين ثقافتين إحداهما منغلقة داخل شرنقة، ومحرومة من الأوكسجين والأخرى متسامحة، فإن الشرق أيضاً عانى ذلك، فالمسلم الذي يطرح نفسه على أنه الإسلام بمجمله وجوهره كله، إنما يقع في تناقض يدحض أطروحته ويُفندها من الألف إلى الياء، فالطريق ليس هو الهدف، كما أن العربي الذي يتصور بأن العروبة تتجسد فيه قلباً وقالباً يقع في التناقض ذاته، لأنه يحرم آخرين من المنتسبين للهوية ذاتها والقومية ذاتها من حق هذا النسب بحيث يبدون غرباء بالنسبة لمن يحتكر الفكرة والهوية معاً . وقد عرف التاريخ نماذج من المبشرين بالديمقراطية والحرية والحقوق قلبت ظهر المجنّ لكل شعاراتها التي كانت مجرد وسائل تكتيكية للوصول إلى سدة الحكم، فالنازية والفاشية وما يماثلهما من النظم الشمولية كانت صناديق الانتخاب هي وسيلتهم لذلك، لكن صندوق الخشب سرعان ما تحول على أيديهم إلى صندوق "باندورا" اليوناني الذي ما إن يرفع عنه الغطاء حتى تفيض الشّرور منه . ومن يرون أن مفردات كالديمقراطية هي حجارة كريمة أو أيقونات يُخطئون مرتين، مرة في خلط الوسائل بالغايات، ومرة أخرى في الحكم على النتائج وما تفرزه الصناديق، لأن الاختبار الأهم والأعسر هو ما يلي ذلك، والسؤال يتحول من الطريق نحو الديمقراطية إلى ما الذي سوف نفعله بها؟ وهناك أطراف سياسية في هذا العالم لا ترى في الديمقراطية نمط تفكير أو ثقافة سياسية واجتماعية مبثوثة في تفاصيل الحياة، بل ترى فيها شيئاً لا يقبل الاستخدام أكثر من مرة واحدة على طريق ما يسمى بالإنجليزية "ديسبوزابل" . لأنها أشبه بسفينة أو مركبة يصلون بها إلى الهدف ثم يُسارعون إلى إحراقها . الخليج الامارتية