دقيقة من وقتك لو سمحت.. مارأيك أيها المثقف في رحلة اصطحبك فيها نتأمل للحظات حال الثقافة في عالمنا العربي؟ لن يضير ضياع تلك الدقائق فكم أضعنا أياما وشهورا بدون الإمساك بكتاب، وليس معنى ذلك أن نكون قضاة نحن نتأمل فقط. السيد المثقف.. هل تأملت قبل أن تمسك القلم هدف كتابتك؟ وكم مرة سخرت قلمك لحماية المستضعفين؟ كم مرة أشهرت قلمك لترسيخ مبدأ؟ كم مرة استعملته لغرض ما في نفسك؟ كم مرة أيدت معارضيك بفكرة تخدم أمتك؟ كم مرة سرقت موضوع مبتدئ بالكتابة ونسبته لنفسك؟ كم مرة طعنت عالم جليل بعقيدته وفكره؟ لا تجاوبني.. اسأل نفسك؟! كسرنا أقلامنا من أجل أهوانا ونسينا معنى الثقافة والرقي، أصبحنا نستسهل كتابة الكلمة فاستسهل أعداؤنا الدخول بيننا فهانت قيمة الكاتب والكتابة.. بكلمة نكتبها نهدم لا نبني ونجلب فكر مهتري، ازدحمت مكتبتنا العربية بالمؤلفات المحشوة الفارغة التي لا يجني منها القارئ المعرفة، فصرنا وبالا على مجتمعنا، كل ذلك من أجل تصفيق وسماع آهات الاعجاب، اصفق لك وأنت تصفق لي هكذا نتعادل.. لم نعرف الفرق بين الاعتراض والمعارضة، ولم نهتم بآداب الثقافة وقدسنا التناحر وهدم طاقات الإبداع حتى مل المبدعون مكانهم لسرقة غيرهم مقاعدهم. لنتأمل.. عندما نحاسب أنفسنا ونقرر البدء من جديد لابد أن يكون العقل ناضجا واعيا للخوض في بحر الكتابة والمعرفة والعلم باحثا عن الحقيقة مرسخ قيم ومبادئ، متصف بالهمة العالية، معتز بقلم والحرف الذي أخرج العقول من ظلم الاستعباد إلى نور الحرية والعلم.. قبل أن نكتب نقرأ وقبل ذلك نثقف أنفسنا بما يسمو بأمتنا. الآن جاء دورك في آخر رحلتنا لتسألني من أنت؟ هذا من حقك؟ لن أتحسس من سؤالك أنا جمهورك العربي الذي سئم قراءة ما تكتب من مهازل، أيقظ سوء كلماتك قلمي ليوقظ ما تبقى من حرية قلمك. مها الحمد – جدة صحيفة المدينة