عدن فري|وكالات: كثير من اليمنيين يؤملون في استقرار الأوضاع الأمنية في بلادهم بعد الإعلان الذى جاء على لسان رئيس البلاد عبد ربه منصور هادى الثلاثاء 11 فبراير/شباط الجاري، بتحول اليمن إلى دولة اتحادية، مكونة من 6 أقاليم. في حين يرى آخرون أن الواقع على الأرض، لا يشير إلى ذلك، مع استمرار موجة العنف والتفجيرات، التى كان آخرها سلسلة انفجارات قوية هزت العاصمة اليمنيةصنعاء، مساء الخميس 13 فبراير/شباط الجاري، كما سُمع دوي إطلاق نار كثيف في المنطقة القريبة من السجن المركزي، في منطقة "الجراف"، شمالي صنعاء. ثمة مخاوف بالدرجة الأولى، من إمكانية أن تقود هذه الفيدرالية الجديدة، إلى مزيد من تفتيت البلاد، وإجهاض الكيان الاتحادى، الذى خرج بالفعل من عباءة دولة الوحدة، بين الشطرين الشمالى، والجنوبى، في 22 مايو/آيار 1990، وتم تثبيت أركانها، عبر الخيار العسكري بعد ذلك، بأربع سنوات فى حرب طاحنة. مراقبون يرون أن الساحة اليمنية، مرشحة لولادة المزيد من جماعات العنف، خلال العام 2014، وارتفاع وتيرة الفوضى، كنتيجة منطقية، ل"هشاشة الدولة، وضعف النظام السياسي". فمنذ مطلع العام الجاري، شهد اليمن، ولادة جماعات عنف جديدة، في كثير من محافظات الدولة شمالا وجنوبا، ورغم الحذر الذي اتخذته السلطات، إزاء توسع تلك الجماعات، وعدم الزج بالجيش اليمني في مواجهتها، إلا أنه وبحسب – سياسيين- تتجه الدولة اليمنية، نحو مزيد من الفشل والهشاشة. ويوما بعد آخر، تشهد المحافظاتالجنوبية ولادة جماعات عنف، باتت تنفذ عمليات هجومية ضد مقرات عسكرية وتتبنى تفجير أنابيب النفط كما يحدث في محافظاتحضرموت والضالع وعدن "جنوب"، بحسب مراقبيين. الباحث والمحلل السياسي اليمني، عبد الناصر المودع قال للأناضول: "كافة الأفكار التي تم طرحها، كمخرجات لمؤتمر الحوار الوطني (شاركت فيه مختلف القوى السياسية، فى البلاد، واختتم فى 25 يناير/كانون الثاني الماضى)، والمرحلة التالية له، لا تعمل على تعزيز قوة الحكومة المركزية، وإنما إضعافها، وهناك معادلة ثابته في علم السياسة، تقول إن ضعف السلطة المركزية، يعني تقوية جماعات العنف، والفوضى على حساب سلطة الدولة". وأضاف المودع أنه "خلال الفترة الماضية، تعاملت الدولة مع جماعات العنف ك"مصلح اجتماعي" فقط، وبدلا من استخدام الجيش، وأجهزة الدولة، استخدمت لجان سياسية، تقوم بالوساطة بين الأطراف المتحاربة، تتألف في الغالب من زعامات قبائل، وشخصيات عسكرية، يشكلها رئيس الجمهورية، وترعى اتفاقات التهدئة". هذه اللجان الرئاسية نجحت في إخماد القتال، الذي دار بين جماعة الحوثي الشيعية، والسلفيين في محافظة صعده (شمال)، بعد 3 أشهر من القتال، لكنها فشلت في إخماد المعارك في محافظات أخرى ك"الجوف، عمران، وبلدة أرحب (في محافظة صنعاء)" بحسب قول المودع. ووفقا للباحث اليمني ف"إن وجود جماعات العنف، وتناسلها غير المحدود يعد من أهم الأخطار التي تواجه اليمن، واستمرار الوضع على ما هو عليه، يجعل اليمن يقترب شيئا فشيئا من حالة انهيار الدولة على الطريقة الصومالية". وتسببت أعمال العنف في إزهاق أرواح المئات في الحروب التي دارت في محافظات الشمال"صعدة، وعمران، وحجة، والجوف"، وتشريد مئات الأسر فى مخيمات شيدتها المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، والحكومة اليمنية، في بلدة "حرض" التي تتوسط مناطق الصراع جميعا. وبحسب المودع، فإن مخرجات مؤتمر الحوار الوطني، وإعلانه دولة اتحادية تتكون من 6 فيدراليات، يدخل الدولة في مشاكل جديدة، ويزيد من منسوب العنف، والفوضى في اليمن، وقد لا يكون العنف في هذه المرحلة، صادرا عن السلطة السياسية، التي تعاني الضعف والتفتت، لكنه ناتج عن تكاثر الجماعات التي تستخدم العنف لتحقيق أهدافها، وأجندتها، على حد قوله. ما يعضد توقعات المودع، رفض الحوثيين تقسيم اليمن، معتبرين أن الصيغة التى اعتمدت، والتى ستجعل البلاد 6 أقاليم، 4 شمالا، و2 جنوبا، تحرمهم من منفذ على البحر، وتقسم اليمن إلى "أغنياء وفقراء"، بحسب القيادي الحوثي محمد البخيتى. على الجانب الآخر، يرى أنصار النظام الاتحادى، فى الشكل الجديد للدولة حلاً للأزمات التى يعانيها اليمن، حيث يتمتع المواطنون اليمنيون، بكافة الحقوق والواجبات، إضافة إلى التجانس لضمان الاستقرار الاجتماعى والاقتصادى. هذه القناعة تتوافر لدى نخب سياسية فاعلة فى اليمن، معتبرة أن الانتقال إلى النظام الجديد، يعد فرصة لإعادة الحياة من جديد إلى بلد أنهكته الصراعات خلال 50 عاما، وحان الوقت ليختبر اليمنيون أنفسهم فى هذا التحدى، الذى سيجعلهم قادرين على حكم أنفسهم بأنفسهم، من خلال التنافس، فى إدارة الأقاليم، التى سيتم تشكيلها، وفق معايير جغرافية تنهى حالة الصراع القائم حالياً، على أساس "شمال" و"جنوب". ويتفق الباحث في القانون الدولي، والمتخصص في النزاعات محمد المقرعي مع المودع، بقوله إن "اليمن بتركيبته الاجتماعية الفريدة، يوفر بيئة مواتية لنشوء جماعات العنف، وازدهارها، بسبب القبيلة التى تعد المكون الاجتماعي الأساسي في اليمن، وفي الغالب حاضن لأنماط العنف الزائد. وأضاف المقرعي لوكالة الأناضول: "أيضا هناك نوع من البنية الطائفية المحدودة، التي استخدمت في مرحلة مبكرة، من تأسيس الدولة اليمنية، لتزكية طابع عنفي معين بين مركز السلطة، في الشمال، ذو الغالبية الزيدية (طائفة شيعية، نسبتها ترجع إلى مؤسسها زيد بن علي زين العابدين), ومناطق الوسط، والجنوب السنية (المذهب السني) بالكامل". ويتخوف المقرعي من "تحول الجماعات السلفية، المطرودة من صعدة، بعد حربها مع جماعة الحوثي، إلى خيارات أكثر عنفا، وهو ما قد يدفعها لخوض حرب مفتوحة، ومتقطعة في مناطق تواجد الحوثيين، في محاولة لإعادة تنظيم صفوفها". عدن فري