نوايا الرئيس التونسي المنصف المرزوقي، للترشح لمنصب الرئاسة في الإنتخابات المقبلة، دفعت بخصومه وحلفائه على حد سواء الى وضعه أمام خيارين: إما الاستقالة فورا والتفرّغ للدعاية لحملته الانتخابية، أو البقاء في منصبه والتعهد بعدم الترشح ضمانا لحياد مؤسسات الدولة، وضمانا لتساوي فرص المشرحين كافة. مجدي الورفلّي من تونس: إندلع الجدل بخصوص الإنتخابات المقبلة في تونس قبل حتىّ الإنتهاء من وضع قانون ينظّمها أو تحديد تاريخ لها، إذ طالبت عديد القوى السياسيّة الرّئيس محمّد المنصف المرزوقي بالإستقالة من منصبه في حال كان سيترشّح للإنتخابات الرّئاسيّة المقبلة حتّى لا ينطلق من موقع متقدّم ويكون في نفس مستوى حظوظ بقيّة المترشّحين شأنه شأن رئيس المجلس الوطني التأسيسي مصطفى بن جعفر. لكن رئيس الجمهورية المنصف المرزوقي كان الشخصية التي أُلقي عليها الضوء اكثر من رئيس المجلس التأسيسي، بإعتبار حساسية موقعه والوسائل التي تتوفّر لديه، خاصة بعد إعلان حزبه ترشيحه للرّئاسة وتداول وسائل إعلام محلّيّة تفيد بأنّه بدأ يستعدّ فعلا للقيام بحملته الإنتخابيّة. مخاوف الفرقاء أبدت عديد الاطراف السياسيّة تخوّفها من إستعمال المنصف المرزوقي لمنصبه والوسائل المتاحة له من خلال القصر الرّئاسي، في الدّعاية الإنتخابيّة، ممّا سيمكّنه من حظوظ أوفر بالمقارنة مع بقيّة المترشّحين. ولذلك، طالبه كثيرون إمّا بالإستقالة من منصبه أو التعهّد بعدم الترشّح للإنتخابات المقبلة. في هذا السّياق، تقدّم عضو لجنة التشريع العام بالمجلس التأسيسي كريم كريفة خلال هذا الأسبوع بمقترح قانون يمنع رئيس الجمهورية ورئيس المجلس التأسيسى (البرلمان) من التّرشّح للانتخابات التشريعية والرّئاسيّة في حال عدم إستقالتهما لضمان تساوي الحظوظ أمام جميع المترشحين وتفادي استعمال أدوات الدولة في حملات انتخابية سابقة لآوانها. أحد الحليّن قال النائب كريم كريفة ل"إيلاف": "نحن لم نستهدف رئيس الجمهوريّة أو رئيس المجلس التأسيسي في شخصيهما، بل وضعنا أيادينا على ما نراه أحد ركائز الديمقراطيّة، وهي تساوي حظوظ المترشّحين للإنتخابات الرّئاسيّة والتشريعيّة المقبلة". وتابع: "لا نريد ان يستعمل أيا كان منصبه ومن خلاله الوسائل المتاحة له للدّعاية الإنتخابيّة ولو بصفة غير مباشرة، ولذلك نطالب بأحد الحلّين إمّا إستقالة رئيس الجمهوريّة ورئيس المجلس التأسيسي أو تعهّدهما بعدم الترشّح في الإنتخابات المقبلة". وأوضح النّائب بالمجلس التأسيسي: "مثلا حين يقوم الرّئيس المرزوقي بأي زيارة أو إجتماع سيحظى بتغطية إعلاميّة واسعة بصفته رئيس الدّولة وهذا طبيعي، ولكن إذا ما قارنّاها بإهتمام الإعلام بباقي الأحزاب والمترشّحين سنعاين الفرق بوضوح ومن هنا يبدأ عدم التّساوي في الحظوظ بالفوز في الإنتخابات بين المترشّحين". خوف من فوزه في المقابل، أكد القيادي في حزب المؤتمر من أجل الجمهورية (حزب المرزوقي) سمير بن عمر، أن رئيس الجمهورية المؤقت المنصف المرزوقي لن يسلم الرئاسة إلا لرئيس منتخب، ونفى إمكانيّة إستقالة المرزوقي للتحضير للإنتخابات المقبلة. وقال بن عمر ل"إيلاف": "مقترح القانون الذي يمنع المرزوقي من الترشّح للإنتخابات الرّئاسيّة المقبلة أمر لا يقبله العقل ومصدره الخوف من حظوظه الوافرة بالفوز في الانتخابات، ونفس الشّيئ بالنّسبة للمطالبين بإستقالته أو عدم الترشّح". وتسائل القيادي بحزب الرّئيس المرزوقي: "هل سمعنا مرّة بإستقالة رئيس إحدى البلدان الديمقراطيّة حين أراد الترشّح لمدّة رئاسيّة ثانية بدعوى التخوّف من إستعماله لأدوات الدّولة"؟ غير أخلاقيّ مصطفى بن جعفر، رئيس المجلس التأسيسي قال في حوار إذاعي مؤخرا انه ليس من الأخلاقي أن يكون المترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة في غير خط الانطلاق للجميع، واكّد انه ان فكر في الترشح لرئاسة الجمهورية فأول شيء سيقدم عليه هو الاستقالة من رئاسة البرلمان. وأضاف بن جعفر ان "الاخلاق ومنطق الاشياء يفرض أن ينطلق جميع المترشحين للانتخابات الرئاسية من خط انطلاق واحد وهو ما يفترض أن ينطبق على المرزوقي". مهلة للإستقالة رئيس حزب حركة "نداء تونس"، الباجي قائد السّبسي، مرشّح حزبه للرّئاسة، يرى انه على رئيس الجمهورية أن يقدم استقالته من الرئاسة اذا اراد الترشح للرئاسة مجدّدا. وحدد السبسي آخر اجل لهذه الاستقالة بختم القانون الانتخابي على أقصى تقدير، معتبرا ان المرزوقي يجب ان يكون مثل غيره اذا اراد الترشح، اما ان اراد البقاء في الرئاسة، فعليه العدول عن الترشح والتعهّد بذلك. تجدر الإشارة إلى أن أعضاء حكومة المهدي جمعة التي ستقود البلاد إلى نهاية المرحلة الإنتقاليّة، التزموا جميعا بعدم الترشح للاستحقاقات الانتخابيّة المقبلة. إحترام المنافسة القيادي في الحزب الجمهوري، نجيب الشّابّي، والذي من المتوقع أن يترشح في الإنتخابات الرّئاسيّة المقبلة، ذهب من خلال تصريحاته لوسائل إعلام محلّيّة إلى انه من الضّروري أن يحترم المرزوقي مبدأ المنافسة الإنتخابية ومغادرة رئاسة الجمهورية حتى يتفرغ لحملته الإنتخابية في حال قرر خوض الإنتخابات القادمة. ضمانا لحياد مؤسّسات الدولة ودعا رئيس حركة النّهضة راشد الغنوشي وقت سابق، الرئيس منصف المرزوقي، إلى الاستقالة من رئاسة الجمهورية إذا كان ينوي الترشح للانتخابات الرئاسية لضمان حيادية كل مؤسسات الدولة من أجل توفير ما يمكّن من شروط النزاهة للانتخابات المنتظرة. وتواصل لجنة التشريع العام بالمجلس التأسيسي (البرلمان) مناقشة القانون الإنتخابي في إنتظار عرضه على التّصويت في جلسة عامّة قبل موفّى الشّهر الجاري. وإستنادا إلى رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات شفيق صرصار، فإن الهيئة أنهت إعداد الخطوط العريضة للعملية الانتخابية ومن المنتظر أن يتم إجراء الإنتخابات قبل موفى 2014. ايلاف