تتجه تونس سريعا نحو إستكمال المرحلة الانتقالية التي أعقبت ثورةً سلمية أطاحت بنظام الديكتاتور زين العابدين بن علي، ورغم تعثر المرحلة الماضية، مع تعنت الاسلاميين الذين وصولوا إلى الحكم في أول انتخابات غير مزورة، فإن تسليمهم الحكم بلا عنف فتح باب الأمل من جديد نحو تونس حرة وديمقراطية وتعددية. مجدي الورفلّي من تونس: بعد الاضطرابات والعثراتً التي شهدتها المرحلة الانتقالية في تونس، بلغت حدود الإعتقاد بأن الدّيمقراطيّة المنشودة حُلم قد نُسف كما الحال في مصر وليبيا، يبدو أن الرّياح تجري "كما تشتهي السّفن"، في مهد الثّورات العربيّة، حيث إنفرج الوضع بعد إنكماش بتنازل حركة النّهضة عن لحكم لفائدة حكومة توافقيّة تبعها تسويات أخرى. فبعد انتخابات 23 أكتوبر 2011، ووصول الإسلاميين إلى الحكم، عاشت البلاد تحت وقع الإنفلات الأمني، التهديد الإرهابي، الاحتقان الاجتماعي، وتدهور الوضع الاقتصادي الذي زاد حدّته رفض المؤسّسات الماليّة منح تونس القروض التي تمّت الموافقة عليها في السّابق. شبح إنهيار الدّولة تعمّقت الأزمة اكثر باغتيال سياسيّين اثنين، هما شكري بلعيد ومحمد البراهمي، على أيدي متشدّدين وما تبعها من أزمات سياسية خانقة وإنسحاب نوّاب المعارضة من البرلمان وتوقّف كتابة الدّستور وتفشّي العنف ممّا وضع شبح انهيار الدولة بشكل كامل نصب أعين التوّنسيّين ونُخبهم. لكن إثر خروج الحركة الإسلاميّة طواعيّة من السّلطة بإستقالة علي العريّض في 10 جانفي/كانون الثّاني 2014، وتسليم مفاتيح قصر القصبة (مقر رئاسة الحكومة في تونس) لحكومة مستقلّة توافقيّة برئاسة مهدي جمعة ستشرف على ما تبقّى من المرحلة الإنتقاليّة وتقود البلاد خاصّة إلى إنتخابات رئاسيّة وتشريعيّة، إنفرج الوضع السياسي وعاد الامل بإنهاء المرحلة الإنتقاليّة بسلاسة. التّهديدات من الماضي تتالت بعدها المؤّشّرات التي تؤكّد أن التهديدات التي أحاطت بالإنتقال الدّيمقراطي الذي طال أمده، أصبحت من الماضي، إذ تمّت المصادقة على دّستور توافقي وإستكمال إنشاء الهيئة العليا المستقلّة للإنتخابات التي حدّدت المعالم الكبرى للعمليّة الإنتخابيّة التي لم يقع تحديد موعدها بعد ولكنّها لن تتجاوز بأي حال من الأحوال موفى 2014. طالت أكثر من اللّازم المحلّل السياسي الجّمعي القاسمي يرى ان المرحلة الإنتقاليّة طالت أكثر من اللّزوم حيث كانت يجب أن تنتهي بعد عام من إنتخابات 23 أكتوبر 2013 بإعتبار أن تلك الإنتخابات أفرزت مؤسّسات تأسيسيّة وكان عليها الإسراع بإنجاز مهامّها بإتّجاه الوصول إلى وضع قارّ وثابت، ولكن التجاذبات السياسيّة التي طبعت المرحلة جعلت فترة الإنتقال الديمقراطي تطول. في إنتظار الإنتخابات ويتابع القاسمي ل"إيلاف": "الآن يمكن القول إن تونس على مشارف إنهاء المرحلة الإنتقاليّة بمعنى أن البلاد ستتجاوز هذه المرحلة بتنظيم الإنتخابات المرتقبة قبل موفى العام الحالي ولكن مازلنا ننتظر تحديد الموعد النهائي لها، بعد إستكمال قانون الإنتخابات". ويوضح المحلّل السياسي: "الدّستور أصبح جاهزا والهيئة العليا للإنتخابات شُكّلت ومازلنا في إنتظار القانون الإنتخابي الذي على أساسه ستتم العمليّة الإنتخابيّة التي ستُفرز مؤسّسات قارّة من قبيل مجلس نيابي له مدّة محدّدة ورئيس بولاية واضحة المعالم من حيث الصلاحيّات والمدّة الزّمنيّة ونكون حينها قد خرجنا من دائرة المرحلة الإنتقاليّة وتجاوزنا تهديداتها". ويختم القاسمي: "إلا أنّه للمراحل الإنتقاليّة بعض القضايا الجانبيّة الأخرى قد تطول لسنوات عديدة كالعدالة الإنتقاليّة وإفرازاتها من مسائل تقنيّة". وكان المجلس الوطني التأسيسي انتخب في الثامن من يناير 2014 الهيئة العليا المستقلّة للانتخابات التي ستشرف على تنظيم الانتخابات التشريعية والرئاسية المقبلة معتمدة على القانون الانتخابي الجديد. وإستناداً إلى رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات شفيق صرصار، فإن الهيئة أنهت إعداد الخطوط العريضة للعملية الانتخابية ومن المنتظر أن يتم إجراء الإنتخابات قبل موفى 2014، فيما تواصل لجنة التشريع العام بالمجلس التأسيسي (البرلمان) مناقشة القانون الإنتخابي في إنتظار عرضه على التّصويت في جلسة عامّة والمصادقة عليه قبل موفّى شهر مارس/ آذار المقبل. ووفقا للفصل 148 من باب الأحكام الإنتقاليّة في الدّستور التونسي "تجرى الإنتخابات التشريعيّة والرّئاسيّة في مدّة بدايتها أربعة أشهر من إستكمال إرساء الهيئة العليا المستقلّة للإنتخابات دون أن تتجاوز في كل الحالات موفى سنة 2014". ووقّع رؤساء الجمهورية والحكومة والبرلمان في 27 جانفي/ يناير على الدستور الجديد للبلاد، الذي صادق عليه البرلمان بغالبية ساحقة، وذلك بعد مضي ثلاث سنوات على الإطاحة بنظام بن علي. وتم التوقيع على الدستور، الذي يشتمل على "توطئة" (ديباجة) و149 فصلًا، خلال جلسة عامة استثنائية انعقدت في مقر المجلس الوطني التأسيسي، وحضرها ممثلو دول وبرلمانات أجنبية. ايلاف