يستعد مقاتلو المعارضة السورية لتنفيذ عملية عسكرية واسعة في جنوبسوريا للتقدم باتجاه العاصمة دمشق، في ما سماه محللون عسكريون تغيرًا جذريًا في استراتيجية المعارضة. لندن: تحدث ناشطون ومقاتلون عن تدفق مساعدات كبيرة إلى الجنوب، حيث يعمل مستشارون عرب وغربيون على تنظيم نحو 50 تشكيلًا مسلحًا في إطار موحد، يمنح سلطة القرار النهائي للقادة الميدانيين المحليين. وكان مقاتلو المعارضة في المناطق المتاخمة للحدود الاردنية وهضبة الجولان التي تحتلها اسرائيل حققوا مكاسب في محافظتي القنيطرة ودرعا والضواحي الجنوبية من ريف دمشق، حيث يسيطرون كل اسبوع تقريبًا على رقعة ارض جديدة. ستفتح قريبًا وقال ليث حوران، المتحدث باسم كتائب شهداء اليرموك في جنوبسوريا: "إن حملة ضارية قيد الإعداد الآن ضد النظام وان الطرق المؤدية إلى دمشق والمناطق المحاصرة ستُفتح قريبًا". واضاف: "ان تقدمًا كبيرًا تحقق بالفعل وستسمعون عما قريب بمزيد من المناطق المحررة". وتبحث المعارضة المسلحة منذ فشل محادثات جنيف في شباط (فبراير) عن صيغة لتحقيق مكاسب كافية على الأرض، تجبر الرئيس بشار الأسد على التفاوض بشأن رحيله وفق بيان جنيف -1 الذي يدعو إلى تشكيل هيئة حكم انتقالية تتمتع بسلطات تنفيذية كاملة. وتركز الاهتمام والموارد خلال الشطر الأكبر من العامين الماضيين على شمال سوريا ومناطق الحدود مع تركيا، حيث تمكن مقاتلو المعارضة من تحرير أراضٍ واسعة نسبيًا، لكنها شهدت اقتتالًا دمويًا بين الفصائل الوطنية والمعتدلة من جهة، وتنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام (داعش) من جهة أخرى. غرفة عمليات ورغم المجهود الذي بذلته القوى الداعة للمعارضة في جنوبسوريا قبل عام، فإن الاهتمام كان منصبًا على مناطق الحدود مع اسرائيل والاردن، وتقديم السلاح لضرب اهداف محددة. لكن صحيفة فايننشيال تايمز نقلت عن ناشطين أن اجهزة استخبارات اميركية واوروبية وخليجية اقامت هذه المرة غرفة عمليات جنوبية. وقال ناشط واسع النفوذ مهمته تنسيق الادارة المحلية في ريف دمشق إن نحو 30 ألف مقاتل يتمركزون في مواقع تمتد من ضواحي دمشقالجنوبية إلى جنوبسوريا يخضعون لقيادة نظامية واحدة. واضاف الناشط: "التركيز في البداية كان على تسليح هؤلاء المقاتلين والسيطرة عليهم، كما في كل الخطط الأخرى ولكن الفكرة تتمثل الآن ببناء الأطر التنظيمية والتخطيط العسكري في الواقع". واشار الناشط إلى أن هذه الجهود تلقى دعمًا قويًا من الولاياتالمتحدة والسعودية. الشمال معقد وقال الباحث تشارلس ليستر، من مركز بروكنغز الدوحة: "هناك فهم في الولاياتالمتحدة والغرب بأن شمال سوريا في غاية التعقيد حاليًا، حيث لن تتحقق الفكرة القائلة بقدرة الفصائل المعتدلة على بسط هيمنتها أو دفع قوات الأسد على التراجع. وهذا قاد إلى الاتفاق على أن الجنوب مفتاح أكثر واقعية لتحقيق نجاح عسكري بقيادة المعتدلين". ورد النظام السوري على خطة المعارضة لشن هجوم ينطلق من الجنوب بتكثيف القصف الجوي للمناطق التي تسيطر عليها المعارضة، مستخدمًا في احيان كثيرة سلاح البراميل المتفجرة الذي استخدمها بنتائج مدمرة في حلب. ويؤكد محللون وقادة ميدانيون في قوات المعارضة إن للجبهة الجنوبية أفضليات متعددة على الشمال. فدمشق تبعد 120 كلم عن الحدود الاردنية بالمقارنة مع 500 كلم بين العاصمة والحدود التركية. وقد يتمثل الهدف الاستراتيجي للهجوم على الجبهة الجنوبية بالسيطرة على طريقين رئيسيين يربطان العاصمة بالجنوب عبر أرض منبسطة نسبيًا. وقال الباحث ليستر لصحيفة فايننشيال تايمز إن أي تحرك سريع نحو دمشق سيتوقف على سيطرة المعارضة سيطرة تامة على خطوط النقل هذه. وفي حين أن المواجهات على الجبهة الشمالية وصلت إلى طريق مسدود، أو حالة من التعادل، فإن فصائل المعارضة في الجنوب حققت نجاحات واضحة في الفترة الأخيرة متحدية قوات النظام في مناطق محسوبة على معاقله مثل محافظة السويداء. تقدم على النظام وقالت كتائب شهداء اليرموك انها سيطرت على جنوب غرب محافظة درعا منذ عام، وتمكنت من احكام قبضتها على المنطقة رغم القصف المتواصل. وأكد المتحدث باسم الجماعة ليث حوران، قائلًا: "بدأنا نهاجم بدلًا من الدفاع، وحتى هذه اللحظة نحن نعتمد سياسة الهجوم". واتسعت الرقعة التي تسيطر عليها كتائب شهداء اليرموك إلى مناطق أخرى من محافظتي درعا والقنيطرة حيث قال حوران: "نحن نحقق تقدمًا أكثر من النظام". كما يمكن لتشديد الضغط على الجنوب أن يستدرج قوات النظام بعيدًا عن الشمال ويعزز فرص الفصائل الوطنية والمعتدلة لهزيمة داعش. وقال مستشار قيادة الائتلاف الوطني للمعارضة السورية أُبي شهبندر لصحيفة فايننشيال تايمز: "إن ما له أهمية حاسمة القيام بحملة واسعة في الجنوب لتخفيف الضغط على قوات الثورة في الشمال". وشدد شهبندر على ضرورة إبعاد قوات النظام بتحقيق اختراقات كبيرة. وليس للجماعات المتطرفة كجبهة النصرة وجود كبير في الجنوب، بحجم وجودها في الشمال، لأن الاردن يمنع دخول المتطرفين عبر اراضيه، بعكس تركيا. لكن ليستر أشار إلى وجود جماعات متطرفة أخرى في الجنوب مثل احرار الشام. وقال الناشط الذي يتولى تنسيق الادارة المحلية في ريف دمشق: "نحن قلقون من أن يكون ذلك إشكاليًا، لكن الفصائل المحلية مصممة على منع وقوع الأخطاء نفسها التي وقعت في االشمال". ايلاف