نيويورك - قنا: حثت دولة قطر مجلس الأمن الدولي على إيلاء المزيد من الاهتمام واتخاذ إجراءات أكثر فعالية لحماية الأطفال وعدم تعرّضهم إلى أي شكل من أشكال الانتهاكات خلال النزاعات المسلحة، لافتة في هذا الصدد إلى التحديات العديدة التي لا تزال تواجه المجتمع الدولي على هذا الصعيد، والمتمثلة في الانتهاكات الجسيمة المرتكبة ضد الأطفال الذين يشكّلون الشريحة الأضعف في المجتمع، واستمرار معاناتهم جراء تعقيد النزاعات المسلحة وتعدّد أشكالها وعدم التزام الأطراف المتنازعة بالقانون الدولي الإنساني. كما أكدت دولة قطر التزامها بالأطر التي اعتمدتها الأممالمتحدة في هذا الخصوص، منوهة بأهمية ألا ينحصر ذلك الاهتمام على المستوى المواضيعي، وأن يتم تطبيق توصيات الأمين العام للأمم المتحدة والفريق العامل المعني بالأطفال والنزاع المسلح في الحالات الفردية التي ينظر فيها مجلس الأمن. جاء ذلك في الكلمة التي ألقتها سعادة الشيخة علياء أحمد بن سيف آل ثاني، المندوب الدائم لدولة قطر لدى الأممالمتحدة أمام الاجتماع الرسمي الذي عقده مجلس الأمن حول "الأطفال في حالات النزاع المسلح"، وأشارت فيها إلى اهتمام المجتمع الدولي بحماية الأطفال في ظروف الحرب والسلم، والمتمثل في وجود أكثر من 25 مادة في اتفاقيات جنيف وبروتوكوليها الإضافيين التي تشير إلى الأطفال على وجه الخصوص، فضلاً عن الحقوق المكفولة في اتفاقية حقوق الطفل المصدّق عليها عالميًا. ولدى تناولها، ضمن هذا السياق، الوضعية الخاصة بالأطفال الفلسطينيين، أوضحت سعادتها أن هؤلاء الأطفال ليسوا بمنأى عن الظلم جراء الانتهاكات الإسرائيلية، حيث قتل منهم في غضون عام واحد 50 طفلًا وجرح أكثر من 665 آخرين على يد القوات الإسرائيلية، فضلاً عن تعرّض القصّر منهم للاعتقال التعسفي من قبل السلطات الإسرائيلية بحجة تهديدهم للأمن. وتابعت: "ومن المثير للقلق كذلك وقوع عدد كبير من الاعتداءات على المدارس والمرافق التعليمية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، حيث أبلغ عن الاعتداء على 321 مدرسة وهي نسبة كبيرة من المدارس في الأرض الفلسطينية المحتلة". وحول المعاناة والأوضاع المأساوية التي يعيشها الأطفال في سوريا، أوضحت سعادة الشيخة علياء في كلمتها أن استخدام القوة العسكرية المفرطة والعشوائية من قبل قوات النظام السوري والميليشيات المرتبطة به أسفر عن مقتل عدد لا يُحصى من الأطفال وتشويههم وسبّب آثارًا مباشرة وغير مباشرة وطويلة الأمد كالآثار النفسية، لافتة في هذا الصدد إلى أن أجهزة النظام الأمنية والعسكرية لا تستثني الأطفال من الاعتقال والاحتجاز التعسفي وسوء المعاملة والتعذيب في الاعتقال الذي يصل إلى حد القتل، إلى جانب استخدامهم كدروع بشرية وارتكاب العنف الجسدي والجنسي، والإشراف على مجازر للمدنيين بمن فيهم الأطفال الرضع. واستطردت سعادتها قائلة: "ولا يخفى أن سياسات التجويع التي ينتهجها النظام بحق المدن والقرى السورية يكون في مقدمة ضحاياها الأطفال الذين هم أشد عرضة للجوع والمرض، والأكثر تأثرًا بالدمار الشامل الذي حدث للقطاع الصحي في سوريا، ومن المقلق أنه نتيجة للأزمة، عاد مرض شلل الأطفال للظهور مجددًا في سوريا". وفي الإطار نفسه، أشارت إلى تأكيد تقرير لليونيسيف، نشر مؤخرًا، عن أن جيلًا كاملاً من الأطفال السوريين مهدّد بالضياع والحرمان من التعليم، فيما تم تدمير أكثر من ثلاثة آلاف مدرسة واستخدام أكثر من ألف مدرسة أخرى كملاجئ. وأعربت سعادة الشيخة علياء أحمد بن سيف آل ثاني المندوب الدائم لدولة قطر لدى الأممالمتحدة في كلمتها أمام الاجتماع الرسمي لمجلس الأمن حول "الأطفال في حالات النزاع المسلح" عن بالغ القلق إزاء مسألة الهجمات المتكرّرة على المدارس واستخدامها كثكنات عسكرية وقواعد عمليات، ومراكز احتجاز ما يشكل ليس فقط انتهاكًا للطابع المدني لمثل تلك المؤسسات، بل يُعرّض الأطفال لخطر الاعتداء عليهم، ويحرمهم من حقهم الأساسي في الحصول على التعليم . وأشادت بالجهود التي يبذلها "التحالف العالمي لحماية التعليم من الهجمات" لوضع مبادئ إرشادية من أجل حماية المدارس والجامعات من الاستعمال العسكري. وأكدت سعادتها في ختام كلمتها أهمية الجهود لمنع عمليات تجنيد الأطفال وإعادة تأهيلهم، وأهمية تكليف ومشاركة بعثات الأممالمتحدة لحفظ السلام في حماية الأطفال في النزاعات المسلحة وتضمينها مستشارين لحماية الطفل. كما دعت مجددًا إلى إيلاء الاهتمام اللازم لتعزيز المساءلة على الانتهاكات المرتكبة ضد الأطفال، ومكافحة إفلات الجناة من العقاب وضمان المُحاسبة السريعة والفعّالة واتخاذ تدابير محدّدة الهدف ضد المتمادين في ارتكاب تلك الانتهاكات . جريدة الراية القطرية