اعتبر الشاعر الدكتور يوسف العارف أن قضية بيع الشعر تحولت من تكسب بالشعر في بلاط الخلفاء والحكام قديمًا إلى طباعة ونشر وتسويق الدواوين الشعرية حديثًا، رافضًا ما يشاع من تسيّد الشعر الشعبي في الساحة على حساب الفصيح، معتبرًا أن الأخير سيظل سيد الساحة ولن يزاحمه فيها الشعبي، غير منكر مزاحمة الرواية للشعر في «ديوان العرب». كذلك بشّر العارف قارئي شعره بقرب صدرو ديوانه الثامن، لافتًا إلى أن قصيدة (اليوسفية) التي ستنشر في هذا الديوان الجديد ستمثل نقلة نوعية في مسيرته الشعرية.. تجربة العارف الشعرية منذ بداياتها، ومراحل تطورها، ونظرته لانتخابات الأندية الأدبية، وقراءته لمنتدى عبقر، ونظرته للصوت النسائي الشعري، ومحاور أخرى عديدة مطروقة في جوف هذا الحوار. مع الشعر * من جوف ذاكرتك.. كيف تقرأ تجربتك الشعرية؟ كانت بداياتي الشعرية محفوفة بالتمدرس الشعري على كبار الشعراء في الجاهلية والإسلام من خلال مواد المحفوظات والنصوص الأدبية وفيما بعد على كتب الأدب الحديث في دار التوحيد الثانوية وكلية الشريعة بمكة المكرمة. وما غرسه الوالد في المجال الشعري، فقد كان شاعرًا ومحبًا للشعر، ثم الثتاقف مع الشعراء المعاصرين من خلال نادي جدة الأدبي ومعارض الكتب في القاهرة وما أحدثته حركة النشر العربي في مجال الشعر. كل هذه الآفاق رسمت الطريق الشعري الذي مشيت فيه، ولكن دور الوالد / الشاعر كان له أكبر الأثر ففيّ منه كثير من الظلال الوراثية، ولكنه كان شاعرًا تقليديًا وأنا طورت هذه التجربة إلى آفاقها النثرية والتفعيلية والحداثية نوعًا ما!! إخلاص للموهبة * هل تسعى بهذه التجربة إلى الجوائز؟ من حسن حظي أني لم أكتب الشعر وفي ذهني ما يسمى بالجوائز، أو السعي للحصول عليها، كان كل همي أن أخلص لهذه الموهبة الربانية، وأعيد صياغتها وفق التجديد ومآلات الإبهار والتثاقفية، والمعاصرة الشعرية، وهنا يمكن الاستثناء ففي مرة واحدة طلبت الجوائز عندما شاركت مع نادي الرياض الأدبي في مسابقته الشعرية عن اليوم الوطني الثاني والثمانين، وفزت بالجائزة الثانية !! أفق الانفتاح * من أي الزوايا تنظر لمنتدى عبقر؟ منتدى (عبقر) بنادي جدة لا بأس به، يقوده الزميل الشاعر عبدالعزيز الشريف ولديه رؤية في العمل نحترمها ونقدرها ونتفاعل معها، يميل إلى ورش العمل الشبابية، ويستضيف بعض القامات الشعرية، والنادي ومجلس الأعضاء والجمعية العمومية يشجعون ويدعمون وأنا أتمنى أن يعطي الأخ عبدالعزيزالشريف الفرصة لينفتح على الأفق الإقليمي والمحلي والعالمي ليقدم للشعر والشاعرية أفقا أكثر إبداعًا ومثاقفة. تجربة مهمة * أين تقف من قصيدة النثر؟ قصيدة النثر في بلادنا مولود من رحم التجربة الغربية وتثاقفنا معها ووجدنا لها في إرثنا الأدبي مرجعية تقودنا إلى قبولها وممارستها، ونشأ عليها كثير من الشعراء السعوديين وهي على أدق تعريف من قبلي شخصيًا: أنها نص أدبي منثور فيه شعرية مفرداتية، وشاعرية لغوية، تنقل القارئ من النثر إلى الشعر في تراتبية ومعقولية، ولكن المشكل الذي تصادفه قصيدة النثر في بلادنا هي مجانيتها أو لا وظيفيتها حيث ولدت لدينا بعد القصيدة الحداثية التي حوربت وجوبهت، وأخذت القصيدة النثرية تنحو باتجاه الكونية والإنسانية بعيدة عن الهم المجتمعي المحلي وهذا سبب غربتها وإقصائها، ولكنها تظل تجربة شعرية مهمة في سياق أدبنا الحديث والمعاصر. بيع الشعر * بيع الشعر حقيقة غير منكورة.. فهل تبيع قصائدك؟ ظاهرة بيع الشعر الحالية -إذا نظرنا إليها بإيجابية- يمكن ردها تراثيًا إلى تكسب الشعراء بشعرهم في بلاط الخلفاء والحكام، وهذه مقولة نقدية ارتبطت بظاهرة المدح في الشعر العربي. لكن بقية أصناف واتجاهات الشعر من غزل وفخر ورثاء والوجدانيات والتأملات كلها سمت بالشعرية العربية ولم تبتذل لدرجة بيع المشاعر والقصائد، ولا أعتقد أن الشاعر المطبوع / الشاعر المبدع / الشاعر الملهم في عصورنا الحاضرة يستجيب للإغراء المالي فيبيع شعره بمعنى التخلي عن النص والقصيدة لشاعر مدعٍ / مزيف / وغير مبدع !! وأنا لم أتعرض لمثل هذا ولن أرضاه لنفسي، فقصائدي جزء من ذاتي ومن تراه يبيع ذاته إلا... وأعوذ بالله أن أكون كذلك. لكن المسألة الآن تحولت من تكسب بالشعر في بلاط الخلفاء والحكام إلى طباعة ونشر وتسويق فيجد الشاعر شيئًا من حقوق التأليف مما تبيعه المكتبات ودوائر النشر على قلتها وعدم مصداقيتها. وقد يجد الشاعر مكافئات غير مجزية من الأندية الأدبية التي تستضيف الشاعر أو تطبع الدواوين، أو من الوزارة التي تشتري مجموعة من إنتاج الشاعر وكل هذا لا يدخل في بيع الشعر. حضور مميز * ماذا عن الأصوات الشعرية النسائية؟ لا شك أن الشاعرة السعودية قد تبوّأت مكانها بين الشعراء من النساء في بلادنا العربية ولهن حضورهن المميز في المشهد الثقافي ومن يطالع الإنتاج السنوي الذي يصدر متزامنًا مع معارض الكتب يتأكد من ذلك، ولعل من أبرز الشاعرات السعوديات المعاصرات أشجان هندي، اعتدال ذكر الله، نادية البوشي، لطيفة قاري وغيرهن كثير أشارت إليهن القاصة سارة الأزوري في كتابها الرائع «ديوان الشاعرات في المملكة العربية السعودية» الذي صدر عن دار المفردات عام 2011. صحيفة المدينة