تقرير.. 25 عاماً على ابتكار الإنترنت... الفوائد والاضرار بدأ استخدام الإنترنت كما نعرفه اليوم وللمرة الأولى في 12 آذار (مارس) 1989. وكان يستخدم حينذاك لسبب وحيد، هو التواصل. أما اليوم، فيستخدم الإنترنت لأسباب عدة مختلفة، منها: التجسس والقرصنة ونشر الوعي ومناصرة القضايا والثورات. بيروت (الحياة) تاريخ الإنترنت وبداياته بدأت دراسات تحويل الطرود لنقل المعطيات والبيانات الرقمية عبر الشبكة العنكبوتية في أوائل ستينات القرن العشرين، ودراسات شبكة بيانات الرزم المحولة في أواخر الستينات وأوائل السبعينات، حيث استخدم الباحثون بروتوكولات (أو معايير أو لياقات تبادل معلومات) مختلفة. وأدى "مشروع شبكة وكالة مشاريع البحوث المتقدمة" (الأربانت)، الذي أطلقته وزارة الدفاع الأميركية في 1969، إلى تطوير البروتوكولات الخاصة بآلية ربط عدد من الشبكات الصغيرة بعضها ببعض لتشكل شبكة واحدة ضخمة. وفي الأول من كانون الثاني (يناير) 1983، استبدلت وزارة الدفاع الأميركية البروتوكول المعمول به في الشبكة واستعاضت عنه بحزمة بروتوكولات الإنترنت. وهذا ساهم في نمو الشبكة، فربطت "شبكة المؤسسة الوطنية للعلوم" 1986 جامعات الولاياتالمتحدة بعضها ببعض، ما سهّل عملية الاتصال بين طلبة الجامعات، وتبادل الرسائل الإلكترونية والمعلومات. ومنذ منتصف التسعينات، أصبح للإنترنت تأثير هائل على حياة البشر، خصوصاً لجهة التواصل بين مختلف المجتمعات والثقافات، وارتفعت وتيرة التواصل الفوري عبر البريد الإلكتروني، وخدمة التراسل الفوري، والصوت عبر بروتوكول الإنترنت، والتراسل الفوري عبر الصوت والصورة بين شخصين، وصولاً إلى المدونات ومواقع التواصل الإجتماعي ومواقع التسوق عبر الإنترنت. وخدم الإنترنت بذلك قطاعات حيوية عدة خصوصاً الصناعة والتكنولوجيا والصحة والتجارة. واستمر الإنترنت في التطور حتى أصبح 97% من المعلومات في 2007، محمّلة على الشبكة، ووصل عدد مستخدميه حول العالم إلى أكثر من بليوني شخص عام 2013 والعدد يستمر في الارتفاع. التجسس والقرصنة ولكن مع الزمن أصبح للإنترنت إستخدامات أخرى أبعدته عن غرضه الأول، إذ بات أداة في أيدي حكومات ومنظمات إجرامية وقراصنة ومنظمات عالمية، لجأت إليه لخدمة مصالحها من خلال التجسس والقرصنة واختراق الحسابات والمواقع الإلكترونية. وأخيراً، اتُهمت وكالة الأمن القومي الأميركية بالتجسس على بيانات هواتف الملايين من المواطنين الأميركيين. واتُهمت الحكومة الأميركية بالتجسس على مستخدمي الشبكة العنكبوتية بالشراكة مع فايسبوك وغوغل وآبل. أما برنامج "بريسم" PRISM، برنامج التجسس الرقمي المصنّف بأنه سري للغاية، فيستخدمه جهازي وكالة الأمن القومي الأميركية ومكتب التحقيقات الفدرالي منذ 2007. وهو قاد على تجميع معلومات دقيقة جداً عن كل مستخدم، مثل تواريخ البحث، ومضمون الرسائل الإلكترونية، والبيانات المنقلة والدردشات المباشرة. واتهمت صحيفة ألمانية وكالة الأمن القومي الأميركية، في شهر شباط (فبرابر) الماضي، بالتجسس على 320 شخصية ألمانية، من بينها وزير الداخلية ثوماس دي ميزيار، واتهمتها أيضاً بالتنصت على المستشارة الألمانية أنغيلا مركل، وبجمع كميات كبيرة من بيانات الإنترنت ورصد مكالمات هاتفية لمواطنين عاديين. ويذكر أن عمليات التجسس والتنصت لا تقتصر على السياسيين والمسؤولين في دول معينة، بل تتخطى ذلك إلى التنصت على المواطنين العاديين في كل دول العالم، وجمع معلومات دقيقة عنهم. أما عمليات القرصنة فكانت بداياتها في 2 تشرين الثاني (نوفمبر) 1988 مع "دودة (وورم) موريس". وكانت تُستعمل لشل الكومبيوتر الذي تضربه (أو "تنخره") بأن تبطئ عمله إلى حد كبير. وتُستعمل القرصنة عادةً لأهداف عدة، منها إقتصادية مثل تأمين حاجات مالية على مستوى فردي، وتستخدم أيضاً في المعارك التنافسية بين المؤسسات التجارية، فتستخدمها الشركات للتجسس من خلال سرقة معلومات تتعلق بأعمال شركات منافسة للإيقاع بها أو التفوق عليها. كما تستخدم القرصنة لأسباب سياسية وأمنية، فتسعى بعض الدول إلى الحصول على الأسرار العسكرية والأمنية لدول أخرى عن طريق القرصنة والتجسس الإلكتروني، فتحصل معلومات عن المخططات العسكرية والإستراتيجية للدول المنافسة وتحاول إحباطها. ومن أشهر عمليات القرصنة وآخرها، قرصنة مواقع رسمية إسرائيلية تضامناً مع القضية الفلسطينية، واختراق قراصنة الجيش السوري الإلكتروني لحسابات صحيفة "ديلي تلغراف" البريطانية على موقع تويتر، وأخيراً، شن قراصنة أوكرانيون هجمات إلكترونية على مواقع موالية للسياسة الروسية وحصل اختراق لموقع شبكة "روسيا اليوم" الإخبارية. الثورات العربية يعتبر الإنترنت والمدونات ومواقع التواصل الإجتماعي خصوصاً فايسبوك وتويتر ويوتيوب، من أبرز العوامل التي ساهمت في إطلاق الثورات العربية، فاستعمل الإنترنت كأداة لفضح فساد الحكام وأنظمتهم، ولحض الشعب على المطالبة بحقوقه والمطالبة بالديموقراطية والحرية والمساواة. وبرزت شبكات التواصل الاجتماعي كمساحة تعبير حر في ظل أنظمة استبدادية تقيّد الحريات. ولعبت شبكات التواصل الاجتماعي دوراً أساسياً في بث الأخبار والتواصل والحشد والتفاعل، ما نشر عدوى الثورات في دول عربية عدة. وأخاف ذلك بعض الحكومات التي لجأت إلى إيقاف خدمة الإنترنت، ولفترة موقتة لمحاولة قطع التواصل بين الناشطين وشل الإعتصامات والتحركات. وهذا ما يؤكد أهمية الدور الذي يلعبه الإنترنت اليوم على جميع الأصعدة، وفي كل بلدان العالم. بقلم : ماري جوزيه القزي وكالة انباء فارس