لا مرتبات.. لا خدمات.. الأسعار مرتفعة والمجاعة منتشرة.. حدث ولا حرج    العراق ينجو من فخ إندونيسيا    هولندا تقسو على فنلندا برباعية نظيفة في تصفيات المونديال    ما حقيقة وفاة أسطورة الملاكمة نسيم حميد؟    عبدالرحمن جرجرة.. الصحفي الذي لايبيع قلمه للشيطان    لماذا لا يوجد "بحر اليمن"؟    حلف القبائل بين وهم التخرج ومسرحيات الهزيمة في حضرموت..    ورثة المرحوم " الشيباني " يجددون بيانهم ضد عبد الكريم الشيباني ويتهمونه بالاستيلاء والتضليل ويطالبون بإنصافهم من الجهات الرسمية    خلال ورشة عمل لرفع كفاءة التنسيق بين الجهات الحكومية لتنفيذ مشاريع استثمارية.. المشاركون: ضرورة وجود اجراءات موحدة لتسجيل المشاريع الاستثمارية وتوفير آليات متابعة أكثر مرونة وشفافية    إيران تغيب عن قمة شرم الشيخ رغم تلقيها دعوة أمريكية    فريق التوجيه والرقابة الرئاسي يلتقي طلاب جامعة أبين    تزامنًا مع ذكراها ال (62).. جنوبيون يحتفون بذكرى أكتوبر المجيدة بوسم #اكتوبر_الجنوب_عهد_جديد    اللواء الوهبي يدعو أبناء المحافظات الجنوبية لطرد "المحتلين الجدد"    وثائق سرية كشفت المستور: اليمن في قائمة تعاون عسكري اسرائيلي مع 6 دول عربية!    شرطة ريمة تلقي القبض على متهم بقتل 3 من أولاده (أسماء + صور)    العلامة مفتاح يناقش سبل تطوير أداء القطاع الصحي    هلال الإمارات يوزع 36 طناً من المساعدات على بدو شبوة    أمين عام المجلس الانتقالي يبحث مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر جهودها الإغاثية والانسانية في محافظات الجنوب    هيئة المواصفات تنفذ نزول ميداني إلى محلات الذهب في ذمار والبيضاء    محافظ البيضاء يتفقد مشروع طريق شارع الثلاثين – عزة – خط مكيراس    مسير راجل ووقفة مسلحة في صنعاء الجديدة تضامنًا مع الشعب الفلسطيني    طريقة مبتكرة تعتمد على جزيئات الذهب لعلاج أمراض خطيرة!    نجل البيض وعضو هيئة رئاسة الانتقالي ينزع عن حضرموت يمنيّتها ويربطها بالسعودية    اعتقال صحفي رياضي في تعز    خبير في الطقس: تدفق هائل للرطوبة باتجاه اليمن وبقايا الاعصار المداري ما تزال تتحرك فوق البحر    تهديد السيسي: مصر تخلع القفازات في معركة سد النهضة    الرئيس الزُبيدي يتفقد سير العمل في أمانة "الانتقالي"    وفاة 3 في حادث خطير للوفد المرافق لرئيس الوزراء القطري بشرم الشيخ    انتقالي القطن يناقش مع أعضاء الجمعية الوطنية ومجلس المستشارين الترتيبات لفعالية 14 أكتوبر    قبح الخيانة: رؤساء اليمن الصعاليك.. أحمد الغشمي وعلي عفاش    غزة.. استعدادات لتبادل الأسرى ودخول المساعدات وترقب لقمة دولية بمصر    وثقت 550 حكما منذ 2014.. سام: مليشيا الحوثي تحوّل الإعدام إلى أداة لتصفية الخصوم    الشيخ عبدالعزيز الجفري يؤكد أهمية إنشاء جامعة الضالع(صور)    فاجعة تهز ريمة.. أب يقتل ثلاثة من أبنائه ويصيب الرابعة في جريمة مروعة    العراق تكسب إندونيسيا.. وموقعة الثلاثاء تحسم التأهل    إيطاليا تتمسك بحظوظها.. وريتيجي يسجل    رونالدو.. الإهدار العاشر مع البرتغال    وسط فوضى أمنية.. استهداف مزارع تربية النحل في إب يكبد النحالين خسائر كبيرة    الصين تتصدى للضغوط الأمريكية برد حازم على فرض رسوم جمركية جديدة    قراءة تحليلية لنص (عالم يتنفس ألماً) ل"أحمد سيف حاشد"    وفاة الفنان علي عنبة    من يقرر مستقبل حضرموت؟    وداع الستين: وقفة للتصفية والتجديد والاستعداد    احباط محاولة تهريب قطع اثرية عبر منفذ جوي    تكتيك جديد لفليك مدرب برشلونة.. راشفورد مهاجم صريح    المهرة.. ضبط أكثر من 3000 قطعة إلكترونية تستخدم في الطائرات المسيّرة وصناعة المتفجرات    خبير طقس يتوقع أمطاراً غزيرة على عدد من المحافظات    غزة.. مدينة الرماد والرجاء    وفاة فنان شعبي يمني شهير    تحذير من توقف كلي لكهرباء عدن    قطاع الحج والعمرة يعلن بدء تطبيق اشتراطات اللياقة الطبية وفق التعليمات الصحية السعودية لموسم حج 1447ه    "دبور الجولان" يقتل جندي إسرائيلي    الرمان... الفاكهة الأغنى بالفوائد الصحية عصيره يخفض ضغط الدم... وبذوره لها خصائص مضادة للالتهابات    ما فوائد تناول المغنيسيوم وفيتامين «بي-6» معاً؟    إِنَّا عَلَى العَهْدِ    اليهود في القرآن...!!    مرض الفشل الكلوي (22)    كاد تهرب المسؤول أن يكون كفرا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تعثر ثورات الربيع العربي - البيان الإماراتية - حسين العودات
نشر في الجنوب ميديا يوم 15 - 12 - 2012


حسين العودات
افترض جميع المراقبين أن الأنظمة السياسية العربية في البلدان التي تحقق فيها ما سمي بالربيع العربي، سوف تشهد الاستقرار والأمن والأمان، ورسوخ معايير الدولة الحديثة وأسسها، وبالتالي من المفترض أن تشهد تطوراً طبيعياً وعادياً عرفته الشعوب والمجتمعات الديمقراطية قبل ذلك.
ومارسته الأنظمة السياسية الديمقراطية في العالم دون أية إشكالات أو مفاجآت، لأن طريق هذا التطور أصبحت سالكة وواضحة ومعروفة للجميع، واغتنت تجارب الشعوب والمجتمعات بثقافة السير فيها من خلال تاريخها الطويل، وما على المجتمعات التي تبنتها حديثاً سوى الاستفادة من تجارب هذه الشعوب وتطبيقاتها، ما دامت الأسس النظرية والفلسفية والسياسية لمثل هذه الأنظمة معروفة للجميع، وعلى رأسها تطبيق معايير الحرية والديمقراطية والمساواة وتكافؤ الفرص وفصل السلطات، فلا مجال إذن للاختلاف أو الانحراف أو البعد عن الطريق السوي.
ونلاحظ أن الأنظمة العربية التي شهدت هذا الربيع ما زالت تسير متعثرة، خطوة للأمام وأخرى للوراء إن لم تكن خطوتان للوراء. ولم تحدد نهائياً طريق سيرها، سواء كانت تلك التي تتناسب مع خصائصها ومميزاتها وقيمها وثقافتها، أم الأخرى التي تُفضل نقل تجارب الشعوب الأخرى دون تغيير جدي لها أو مواءمتها مع الثقافة الوطنية. وفي الخلاصة بقي التطور في بلدان الربيع العربي متردداً ومتعثراً وبطيئاً، وغالباً ما ينوء تحت عبء تقاليد الأنظمة الشمولية المنهارة، أو رغبات الفئات السياسية والاجتماعية والاقتصادية الجديدة التي تولت السلطة، ولم تستقر هذه الأنظمة على سياسة واضحة حاسمة كما هو حال تونس وليبيا ومصر واليمن وغيرها.
إن التشوهات الاجتماعية والقيمية، وحتى الأخلاقية التي خلقتها الأنظمة الشمولية خلال عدة عقود، ما زالت تشكل الأرضية الحقيقية لكل تطور، وتؤثر بشكل كبير في الخطوات المقبلة خلال بناء الأنظمة السياسية الجديدة في هذه البلدان. فما زالت بناء على ذلك أخلاقيات الأنظمة الشمولية تسيطر على الناس ومفاهيمها وسلوكها وتزيد قلقها واضطرابها، ولذلك نجد التكتم والمخاتلة والرياء والمراوغة والألاعيب، هي المفاهيم التي تتعامل التيارات السياسية الجديدة بها بعضها مع البعض الآخر.
وعليه فإن الديمقراطية واحترام الرأي الآخر وقيم الدولة الحديثة ومعاييرها والشفافية والصراحة، ما زالت قضايا لم تدخل ثقافة التيارات السياسية الجديدة، كما كانت قيم المجتمعات أيام الدولة الشمولية، وخاصة القيم السياسية، وما زال كل منها يتجاهل أو يتناسى الأولويات والأساسيات التي يجب أن تكون مشتركة بين الجميع، وينكفئ على آرائه الخاصة ومصالحه (ويشد الغطاء إليه) حتى لو خالف الجميع، مما يؤدي إلى خلافات ظاهرها شيء وباطنها شيء آخر، ولكنها جميعاً تضعف قبول الشركاء الجدد للمشتركات والأساسيات والقيم السياسية والاجتماعية العليا، وتتجه الأنظار إلى المصالح الحزبية أو الفئوية أو ما يشبهها.
ولعل العيش عدة عقود في ظلال الشمولية وقيمها وأخلاقها، قد كوّن فكراً وتقاليد ومفاهيم لدى أفراد المجتمع، أبقت ثقافتهم كما كان الأمر عليه أيام الحكم الشمولي، فلم تستوعب بعد المعطيات الجديدة والنتائج الجديدة لهذه الثورات، حتى أن البعض (وخاصة أعداء الربيع العربي) أخذوا يرفعون أصواتهم زاعمين فشل ثورات الربيع نفسها.
ويحاولون تزيين الأنظمة الشمولية إلى حد ما، وتضخيم الأخطاء، والزعم بأنها نوع من أنواع الفوضى، ويتجاهلون أن الثقافة الجديدة تحتاج إلى ممارسات جديدة وتراكم تجارب، وزمن وخطأ وصواب، حتى تتخلص التيارات السياسية والاجتماعية من قيم الأنظمة الشمولية وتقاليدها، ثم تستقيم الأنظمة الديمقراطية وتحترم معايير الدولة الحديثة.
إن تضخيم الأخطاء وتعثر بعض الخطوات التي نشهدها أحياناً، والتي يحاول البعض اعتبارها ممارسات كارثية، هي في الواقع تعبير عن نظرة سطحية للأمور واستعجال لا مبرر له، ونكوص عن العودة إلى الدراسة العميقة للمرحلة التاريخية التي نمر بها، وللظروف التي مررنا بها قبل ثورات الربيع. ومهما كانت نوايا المنتقدين حسنة، فإنها لا تعفيهم من دراسة الأسباب المتمثلة بالتشويهات التي أوجدتها الأنظمة الشمولية، والتي ما زالت قائمة في مجتمعاتنا، ولا يمكن لها أن تنتهي من نفوسنا وثقافتنا وتقاليدنا ووعينا وقيمنا خلال عدة أشهر، وهذا من طبيعة الأمور.
ليس من العدل إلقاء اللوم كله، نتيجة تعثر ثورات الربيع، على الأنظمة الشمولية وما تركته في وعي الناس وسلوكهم ومجتمعاتهم من تشوهات. لكن من المؤكد أن منعها طوال عشرات السنين، العمل السياسي وتشكيل الأحزاب وتأسيس منظمات المجتمع المدني وممارسة حرية التعبير والحوار.
والسماح للشعوب باختيار ممثليها، وعدم فصل السلطات وغيرها، كل هذا الذي مارسته الأنظمة الشمولية أبقى التيارات السياسية للمعارضة سابقاً والتي استلمت السلطة حالياً، ضعيفة قليلة الخبرة، وأبقت المجتمعات مشوهة تصعب عليها العودة إلى طريق التطور الطبيعي وتغيير الثقافة والقيم بسرعة، مما يؤدي في النهاية إلى تعثر شامل في مسيرة تقدم الشعوب، رغم ثورات الربيع. وهذا ما نشهده حالياً، وما نحتاج إلى وقت لاستدراكه.
يقول البعض إن نجاح هذه الثورات بجميع الجوانب، وخاصة في بناء أنظمة سياسية جديدة، يحتاج إلى سنوات طوال، ويستشهدون بالثورة الفرنسية التي احتاجت لخمسين سنة، والثورة البلشفية التي احتاجت عشرين عاماً حتى استقرتا. لكن معايير عصرنا، والمنجزات العلمية، وتطور وسائل الاتصال بل وتفجره.
وسهولة اطلاع الشعوب على تجارب بعضها البعض، والتأثر الفوري بنجاحات الآخرين، كل هذا يؤكد أن هذه الثورات لن تحتاج لسنوات طوال حتى تستقر أنظمتها السياسية والاجتماعية، وربما يكفيها عدد قليل منها لا يتجاوز السنوات الخمس، وتكون بعدها لفظت نهائياً قيم الأنظمة الشمولية وتشويهاتها وممارساتها وأخطاءها وآثامها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.