أعلنت السلطات الأمنية اليمنية عن استراتيجية جديدة لمواجهة إرهاب تنظيم القاعدة في البلاد، والذي تحول في السنتين الأخيرتين إلى مهاجمة معسكرات ووحدات عسكرية ومقرات أمنية ذات أهمية استراتيجية وحساسة، ومهاجمة حواجز ونقاط أمنية وعسكرية أودت بحياة المئات بل الآلاف من جنود قوات الجيش والأمن يصعب حصرها مع تصاعد الهجمات خاصة في المحافظاتالجنوبية والشرقية لليمن. وترى حكومة الوفاق اليمني التي تشكلت في 28 ديسمبر 2011م، عقب توقيع الرئيس اليمني السابق صالح، على خطة(مبادرة) تقدمت بها الأمانة العامة لدول مجلس التعاون الخليجي، لتسليم السلطة إلى نائبه-حينها- هادي الرئيس الحالي، وذلك تلبية للاحتجاجات الشعبية التي شهدتها اليمن ضمن بلدان الربيع العربي- أن تنظيم القاعدة في جزيرة العرب غير استراتيجية، الأمر الذي دفع الحكومة إلى تغيير استراتيجيتها في إطار محاربة الإرهاب خلال المرحلة المقبلة. وأكد رئيس هيئة أركان الجيش اليمني اللواء الركن أحمد علي الأشول، أن لدى القوات المسلحة اليمنية رؤية واستراتيجية جديدة، تمكن القوات المسلحة من استباق الأعمال الإرهابية في مختلف المناطق، وقال رئيس هيئة الأركان ل»المدينة»: نحن بصدد توسيع وتكثيف البرامج التدريبية لوحدات القوات المسلحة لتكون مواكبة للأساليب التي يتبعها الإرهابيون انطلاقًا من الخبرات السابقة.. مؤكدًا أن الجماعات التي تحترف الإرهاب والقتل أنها لن تكون بمنأى عن اليد القوية والطولى للقوات المسلحة، مذكرا تنظيم القاعدة بعملية السيوف الذهبية صارمة وجازمة، فليثقوا أن عمليات سيوف ذهبية في انتظارهم وستصل إلى كل أوكارهم، ولسوف يتم استئصال شأفة كل إرهابي إجرامي قاتل. وحول تزايد العمليات الإرهابية التي تستهدف الجيش اليمني في مواقع عسكرية مهمة، قال: «إن مثل هذه الأعمال الإرهابية هي دليل أن القوات المسلحة تمثل تحديًا جديًا للإرهاب وللعناصر الإرهابية، ولذلك هي تكثف من عملياتها.. ولكن غاب عنها ذلك الإصرار القوي لمنتسبي القوات المسلحة وقادتها على مواصلة التصدي لكل الإرهابيين وأنهم يستهينون بكل التضحيات الجسيمة في سبيل وطنهم وشعبهم». تعاون مع الشركاء وأشار رئيس أركان الجيش اليمني إلى أن هناك تعاونا مع شركائهم الدوليين للتصدي بفاعلية للإرهاب والعناصر الإرهابية أيًا كانت وأي الأساليب التي تتبعها. مضيفا» نود أن نوضح شيئًا مهمًا لعله يخفى على كثيرين.. نحن في القوات المسلحة، وهي مؤسسة دفاعية فرضت عليها مهام جديدة المحددة في المهمة الأمنية.. سواء المهام الموجبة للتصدي للإرهابيين الإجراميين أو المهام المجسدة للاستقرار ومواجهة أعمال التخريب والتهريب.. ونحن نؤدي هذه المهام بروح معنوية عالية جدًا»، وفي حين جددت الولاياتالمتحدةالأمريكية في بيان صادر عن وزارة الدفاع الأمريكية دعمها لليمن في مكافحة الإرهاب وتحقيق الأمن والاستقرار/ معلنة التزام أمريكا بتعزيز وتطوير الشراكة القائمة بين البلدين في المجالات الأمنية والعسكرية مشيدًا بجهود اليمن في مكافحة الإرهاب وتنظيم القاعدة. وقال رئيس الأركان العامة للجيش اليمني الأشول: «هناك أمور يجب التنبه لها وهي أننا في هذه المنطقة الحيوية نتولى مسؤولية إرساء دعائم السلام الدولي، لأن تنظيم القاعدة.. هو تنظيم دولي عابر للقارات وعابر للحدود ويدرك ذلك كل شركائنا وأصدقائنا وأشقائنا بمعنى أن قيادات وعناصر هذا التنظيم الإرهابي تتسم بخبرات دولية، وبمقدرات لا يستهان بها، بل أنه تنظيم قادر على تمويل أعماله الإرهابية وعلى توفير عوامل نجاح إرهابه». وأكد أنهم في الجيش اليمني أصبحوا ملمين ومستوعبين لخطوات وخطط هذا التنظيم الإرهابي، وقال: «عملنا على حرمانه من حواضنه الاجتماعية، وهذه خطوة مهمة.. أما الشيء الأهم أن كل عمليات الإرهابيين لم تعد تخيف أبطال قواتنا المسلحة، ولم تعد تهز حتى شعرة لدى هؤلاء الرجال الأشداء الميامين.. وهم يلقنونهم دروسًا قاسية»، ويدرس الكونجرس مقترحًا للإدارة الأمريكية بتخصيص أكثر من 84 مليون دولار لتطوير القوات المسلحة، خاصة القوات الجوية والعمليات الخاصة خلال العام الجاري. وزير الدفاع في واشنطن إلى ذلك يقوم به وزير الدفاع اليمني اللواء الركن محمد ناصر أحمد بزيارة إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية لطلب مساعدات عسكرية للجيش اليمني الذي يعاني من تصدعات كبيرة بسبب الهجمات التي تنفذ بشكل مستمر ضد الجنود والمناطق العسكرية. وحسب إحصائيات شبه رسمية فإن العمليات الإرهابية لتنظيم القاعدة فقد كبدت الخزينة العامة للدولة بأكثر من(15 مليار دولار) خلال الثلاث السنوات الاخيرة. فضلًا عن الخسائر الفادحة التي تكبدها اليمن منذ عقد التسعينات من القرن المنصرم ظلت اليمن تشهد العديد من جرائم القتل والتفجير والخطف والاعتداء على اليمنيين والأجانب الأبرياء، التي تنفذها الجماعات الإرهابية التي تدعي - كذبًا وجهلًا- الدفاع عن الإسلام، وتمثلت أفدح أضرار اليمن من العمليات الإرهابية، في سقوط وإصابة المئات من الضحايا الأبرياء، اليمنيين والأجانب، الذين لا تقدر أرواحهم ودماؤهم بثمن مهما زاد وعلا، وشكل ما أصابهم كارثة إنسانية بكل ما تحمله كلمة الكارثة من معاني المصيبة والخسارة والفجيعة والفقد الذي لا يعوض. ووفق المسؤولين العسكريين في الإدارة الأمريكية أن استراتيجية ضربات الطائرات الأمريكية الموجهة لتنظيم القاعدة، قد قضت على معظم كوادر تنظيم القاعدة، بدءًا بمقتل بن لادن في الثاني من ايار (مايو) 2011م، إلا أن فرع تنظيم القاعدة في اليمن لا يزال الخطر الأكبر على المصالح الأمريكية.. حيث قال وزير الدفاع ليون بانيتا: إنه «من بين فروع القاعدة، يشكل فرع اليمن الخطر الأكبر على الولاياتالمتحدة وعزز قوته وهو ينشر دعاية على نطاق واسع وفعالة». في الوقت الذي قال نائب مدير مكتب رئيس الاستخبارات الوطنية، روبرت كارديو: إن «لا مركزية القاعدة» تعني أن المجموعات المحلية التابعة للتنظيم هي التي «ستنفذ القسم الأكبر من الهجمات الإرهابية في المستقبل». حرب الطائرات الأمريكية صنفت الإدارة الأمريكيةاليمن منذ الهجوم على المدمرة الأمريكية "كول" على شواطئ عدن في أكتوبر/تشرين الأول 2000، ثم هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001، إلى جانب أفغانستان وباكستان، ساحة للحرب التي دشنتها الولاياتالمتحدة مطلع القرن ضد "الإرهاب»، وذلك بموجب اتفاق تعاون بين اليمنوالولاياتالمتحدة ضمن هذه الحرب، قامت الأخيرة بإعادة تأهيل لبعض أجهزة الأمن اليمني ودعم تأسيس قوة خاصة لمكافحة الإرهاب، وإحلال مجموعات من مشاة البحرية "المارينز" والاستخبارات الأمريكية المركزية "سي آي إيه" في اليمن. لكن ذلك لم يكن كافيًا من وجهة النظر الأمريكية، وسرعان ما أضيف إلى هذا التعاون السماح للولايات المتحدة بالقيام بغارات في اليمن، أغلبها بطائرات من دون طيار، لكن بعضها يحصل بصواريخ تنطلق من بوارج، وبعضها بطائرات يقودها طيار. إلا أن هذا التعاون لم يردع العمليات الإرهابية التي تستهدف الجيش اليمني وتزايدت بشكل غير مسبوق، خلال العامين الفائتين، حتى وصلت إلى أعمق ثكنات الجيش، ممثلة بمقر وزارة الدفاع في صنعاء، واقتحام المنطقة الشرقية في حضرموت، والهجوم على المنطقة الرابعة في عدن قبل أيام. مساندة القوى الأمنية واجتمع صحفيون وناشطون بمقر نقابة الصحفيين بصنعاء مؤخرا، وأعلنوا عن تدشين حملة تدعم قوات الجيش والأمن في مواجهة الهجمات الإرهابية. وطالب نقيب الصحفيين الأسبق الأستاذ عبدالباري طاهر، باستكمال هيكلة الجيش، وفقًا للمبادرة الخليجية وتصحيح الأخطاء التي رافقت عملية الهيكلة خلال الفترة الفائتة، واستعرض طاهر ما تعرض له الجيش اليمني في الشمال والجنوب من انقسامات منذ قيام ثورتي سبتمبر وأكتوبر، والحروب العبثية التي خاضها خلال الفترة الفائتة، والتي أضعفت قدراته، وصولًا إلى الاغتيالات التي طالت المئات من خيرة الضباط الأمنيين والعسكريين، الذين كانوا يمارسون عملهم بمهنية واحترافية، وأشار أمين عام نقابة الصحفيين مروان دماج إلى أن الجيش اليمني خاض معارك وطنية، بغض النظر عن حسابات قياداته، لافتًا إلى أن حروب صعدة كان لها بعد وطني يتمثل في فرض نفوذ الدولة على جميع أراضيها. وأوضح دماج أن قوات الجيش والأمن ظلمت كثيرًا خلال الفترة الفائتة بتصنيفها كتابعة للقيادات العسكرية، وأنه ينبغي التعامل معها باعتبارها مؤسسات وطنية، وحذر دماج من مخطط يستهدف الجيش اليمني، منتقدًا إيقاف التجنيد في إطار القوات المسلحة والأمن، لافتًا لخطورة بعض المقترحات التي طرحت بقصر تسليح الجيش اليمني على السلاح الخفيف والمتوسط. وانتقد المتحدثون موقف السلطات العسكرية والأمنية وتراخيها عن أداء دورها في حماية الجنود، مشيرين إلى أن الهجمات باتت تتكرر بذات السيناريو دون الحاجة لابتكار خطط جديدة، دون وجود إجراءات احترازية فعالة تحد من الهجمات وتحفظ أرواح الجنود وتمكنهم من أداء دورهم في حماية المجتمع، داعين الدولة لتحمل مسؤوليتها كاملة، واتخاذ كل الإجراءات اللازمة لحماية العسكريين والأمنيين في مواقع الخدمة. وحذر المشاركون في الحملة من انهيار المؤسسة العسكرية والأمنية في حال استمرار تلك الهجمات، مشددين على ضرورة استقلالية المؤسسة الأمنية والعسكرية وإبعادها عن التجاذبات السياسية والمناطقية والطائفية. وحظيت وسائل الإعلام الرسمية والمستقلة بحظها من الانتقاد، لعدم اهتمامها الكافي والعميق بما يتعرض له الجنود، وبصورة لا تساعد علي خلق وعي وطني مناهض للإرهاب، منتقدين في الوقت ذاته نشرها صورًا مروعة لضحايا الهجمات دون مراعاة لأخلاقيات النشر، وعدم تكثيف تغطيتها على الجانب الإنساني الناجم عن تلك الهجمات والمتمثل في معاناة أسر الضحايا. وأقر الاجتماع الأول لمسؤولي الحملة، مخاطبة السلطات العسكرية والأمنية بمختلف مستوياتها لتحمل مسؤوليتها في هذا الإطار، وتنفيذ حملة إعلامية واسعة للتنبيه بمخاطر الإرهاب، وحث وسائل الاعلام علي خلق رأي عام مناهض له، واتفق المشاركون عقد اجتماعات أسبوعية لمتابعة تنفيذ برنامجها وحشد التأييد الشعبي والإعلامي المساندة لهذه الحملة. هجوم على السجون ب»مفخخات» وسبق للتنظيم أن نفذ عملية نوعية في شباط/ فبراير الماضي، استطاع خلالها تحرير نحو 29 معتقلا من أعضائه، من داخل السجن المركزي في صنعاء، بعد تفجير سيارة مفخخة فتحت ثغرة كبيرة في سور السجن، تلاه قصف شديد على الحراسة والأمن. وتكررت هجمات العناصر المسلحة على نقاط التفتيش في اليمن مؤخرًا، حيث شهد الشهر الفائت هجومًا على إحدى النقاط الأمنية بنفس المحافظة، أسفر عن مقتل 20 جنديًا، فيما قُتل 18 آخرون في «حضرموت» أيضًا، في هجوم سابق، في فبراير/ شباط الفائت. وشهد العام الفائت2013م، (175) اعتداء إرهابيا على قوات الجيش والأمن ذهب ضحيتها أكثر من (600) ما بين قتيل وجريح من خيرة ضباط وكوادر الجيش والأمن، شهدت الأشهر الثلاثة من العام الجاري (14) اغتيال لكبار ضباط المخابرات اليمنية، ونحو(20) اعتداء وهجوما إرهابيا للقاعدة سقط على إثرها نحو 210 جنود وضباط من قوات الجيش- حيث تعرضت مواقع للجيش لعدة هجمات متتابعة، ففي هجومين منفصلين تعرضت لها مواقع الجيش الشهر الماضي في حضرموت، جنوب شرق اليمن، سقط في الأول 18 جنديا، وسقط في الثاني 20 جنديًا وكانت آخر الهجمات الإرهابية لتنظيم القاعدة ما تعرض له مقر المنطقة العسكرية الرابعة بمدينة عدن، جنوب البلاد، الأربعاء الفائت، سقط فيه أكثر من 23 جنديًا ما بين قتيل وجريح بالإضافة إلى المهاجمين ال(10) وتبعه هجوم آخر على نقطة عسكرية بمديرية القطن الجمعة أدى إلى مقتل ستة جنود. صحيفة المدينة