في توقيت جاء مواكبا لتسريب اخبار حول تدهور الاوضاع الصحية لبوتين واختطاف موسكو لاحد عناصر المعارضة ونقله سرا من اوكرانيا. تلك كلها كانت مفردات لواقع لم يكن بعيدا عن مخيلة الرئيس بوتين لدي استقبال ضيوفه الذين بلغ عددهم هذا العام قرابة الخمسين من خيرة خبراء معاهد ومراكز الدراسات الاستراتيجية العالمية. ورغم ان منظمي اللقاء حرصوا علي تحذير ضيوف بوتين من عدم الخروج باسئلتهم بعيدا عن القضايا الاقتصادية,فقد وجد هؤلاء الضيوف ما يسمح لهم بالخروج عن الاطار الذي كان مرسوما, ومنه ما تداولته الاجهزة الاعلامية من تقارير حول الاوضاع السياسية في روسيا. ومن هذه التقارير ما نشره' مركز الدراسات الاستراتيجية' حول سيناريوهات تغيير السلطة في روسيا الذي حاول معدوه إقناع القراء بأن الشعب لم يعد قادرا علي تحمل اعباء الحياة في عهد بوتين, وأن الوضع ينذر باقتراب الثورة.ورغم ما قيل حول استثناء احتمالات' الثورة المسلحة', واقتراب الاوضاع من احتمالات اللجوء الي سيناريو' الاضطرابات الشعبية' و'العصيان المدني' علي ضوء ما يتردد من تقديرات حول انحسار مواقع الرئيس وتزايد السخط الشعبي حسبما جاء في التقرير الصادر عن هذا المركز الذي كان أول من تنبأ بقرب اندلاع موجة المظاهرات والاحتجاجات في شتاء العام الماضي في اعقاب الانتخابات البرلمانية. وكان دميتري بيسكوف السكرتير الصحفي للرئيس الروسي سارع بدحض هذه التوقعات مشيرا الي ان مثل هذه النظرة المفعمة بالتشاؤم مرفوضة ولا مبرر لها لاسيما ان الوقائع تكذبها جملة وتفصيلا علي حد تعبيره.علي ان عددا من ضيوف بوتين كشف عن رؤية أخري تقول إن روسيا مقبلة علي مرحلة مغايرة تعلن عن الحاجة الي المزيد من الاستثمارات في الوقت الذي قالت فيه صحيفة' الفاينانشال تايمز' بعدم وجود المناخ الملائم لتدفق مثل هذه الاستثمارات, علي ضوء تقديرات الخبراء حول خطة العمل في المرحلة المقبلة التي اوجزوها في اطار ما يجب بذله من جهود لاعلاء قوة القانون والدفاع عن حقوق الملكية الخاصة ومكافحة الفساد وتطوير المؤسسات الديموقراطية واقتصاد السوق والتوسع في اتاحة فرص المنافسة في المجالات السياسية والاقتصادية. وتوقفت الصحيفة ايضا عند ما وصفته بالنتائج المعاكسة التي تتمثل في الضغط علي المعارضة وقد كان ذلك كله في صدارة الاسباب التي دفعت الكثيرين من ضيوف بوتين الي محاولة سبر اغواره لمعرفة ملامح ما قد يطرحه من استراتيجية للعمل في الفترة القريبة المقبلة وهو ما اصطدم بحرص بوتين علي عدم الخروج بالنقاش عن المسار الذي يريده,وليس الذي يبتغيه محاوروه. وقد اوجز نيكولاي زلوبين المعلق الروسي الاصل, الامريكي الجنسية مدير البرامج الروسية والاسيوية بمعهد الامن العالمي الامريكي ما جري في ذلك اللقاء بقوله' كانت المائدة حافلة بكل ما لذ وطاب, لكن الحديث افتقد الحيوية واثار الكثير من الملل'. وقد اتفق مراقبون آخرون كثيرون مع تقديرات زلوبين لمجريات اللقاء الذي قالوا انه افتقد هذا العام طابع الاثارة التي كثيرا ما اتسمت بها لقاءات بوتين مع محاوريه من اساطين الكلمة والموقف في دوائر الابحاث الغربية ممن يحرص علي دعوتهم كل عام منذ الاعلان عن قراره حول تاسيس هذا المنتدي في عام2004 ليكون نافذته علي الغرب ووسيلة اتصاله مع خيرة عقوله وصفوة خبرائه, ورغبة من جانبه في الاستفادة من مختلف وجهات النظر لدي التفكير في استراتيجية عمل الكرملين في الفترة المقبلة. ورغم ان بوتين استطاع تطويع اللقاء بما يخدم هذه الاستراتيجية فقد ظهر ما اعتبره البعض محاولة لافساد اجواء اللقاء وما حققه بوتين من مكاسب. وكانت وكالة انباء' رويتر' نشرت خبرا يقول ان بوتين يعاني' الام الظهر'مع الاشارة الي احتمالات اجرائه لعملية جراحية في القريب العاجل.وقد سارع بيسكوف سكرتيره الصحفي الي دحض هذه الاخبار بقوله:' أن بوتين كان يعاني بالفعل من بعض الآلام في أثناء السير بسبب الشد العضلي في أثناء التدريب عشية قمة التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ في فلاديفوستوك, هذا أمر طبيعي بالنسبة لشخص يتدرب بنشاط'.ومن اللافت ان اجتماعات المنتدي هذا العام جاءت في توقيت مواكب لاختطاف احد عناصر المعارضة الروسية ونقله سرا من اوكرانيا الي موسكو واستدعاء سيرجي اودالتسوف احد ابرز زعماء المعارضة للتحقيق في اتهام حول العمالة لجورجيا وتقاضيه الاموال من الخارج لتمويل المظاهرات ما يضفي علي' الواقع الراهن' في روسيا اليوم المزيد من مشاهد الاثارة.