صحيفة المرصد : بدأت إيران التي تتخذ من المذهب الشيعي الاثني عشر مذهبا رسميا لها وتنصب نفسها المدافع الأول عن حقوق الشيعة في العالم، تكشف عن مخاوفها من زيادة عدد الإيرانيين السنة الذي بدأ يحدث تغييرا فعليا في تركيبتها السكانية من حيث الانتماء المذهبي. وفيما توقع بعض الباحثين والخبراء أن تتحول إيران إلى المذهب السني خلال ربع قرن بناء على إحصاءات سكانية موثوقة أظهرت أن الكفة أخذت تميل باتجاه السنة الذين يتراوح عددهم بين 20 مليونا و25 مليون نسمة بينهم مليون في طهران، برزت صرخات مدوية من شرائح اجتماعية مختلفة ورموز نخبوية مقربة من القيادة الإيرانية باستدراك الأمر قبل استفحاله وتحول إيران من المذهب الشيعي إلى المذهب السني أو «الوهابي» كما يحلو لإيران تسميته. ووفقا لصحيفة مكة لم يتوان بعض المسؤولين الإيرانيين عن اتهام السعودية وأمريكا بالوقوف وراء زيادة النمو السكاني لدى السنة، خصوصا في سيستان وبلوشستان على الرغم من الحرمان والفقر. ولفتوا إلى أن الإيرانيين الشيعة التزموا بسياسة تحديد النسل التي فرضتها الحكومة منذ سنوات، بينما لم يلتزم بها السنة بناء لفتاوى حرمتها أطلقها مشايخهم. انتشرت في الأوساط الإيرانية خصوصا النخبوية منها خلال الفترة الماضية، أنباء وتقارير أثارت هواجس أمنية ومذهبية وسياسية لدى الدوائر الحاكمة في طهران. وهذه المخاوف ليست بسبب تهديدات عسكرية غربية أو شرقية أو عمليات مخابراتية أو استهداف أمني لنخبة البرنامج النووي وعلمائه، بل تبدو للوهلة الأولى أقل من ذلك بكثير، ولكن عند التعمق في تفاصيلها تجد أنها تهديدات حقيقية تكاد تهز عرش نظام ولاية الفقيه، والأصعب من ذلك تعذر الحلول الحقيقية للوقوف في وجه هذا الخطر، ذلك أن أي تعامل مباشر مع هذا التهديد قد يجر مشاكل إضافية للنظام دون محاصرة التهديد الرئيس أو تحجيمه. فالخطر الذي تشعر به إيران يتمثل في تغيير في تركيبتها السكانية من حيث الإنتماء المذهبي، علما أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية تتخذ من المذهب الشيعي الاثني عشري مذهبا رسميا لها وتنصب نفسها المدافع الأول عن حقوق الشيعة في العالم، وبالتالي لا يمكن لهذا النظام أن يتصور حدوث تغير جذري في التكوين المذهبي، وبدأت الكفة تميل باتجاه أتباع المذهب السني في مجتمع كان إلى فترة طويلة يشكل الإنتماء للمذهب الشيعي فيه الغالبية العظمى في البلاد. إلا أن الأمر ليس محكوما بالأماني والرغبات الشخصية، فالواقع على الأرض يقود إلى الحقيقة المحضة سواء أكان المرء يتفق معها أو يختلف. ومن هنا جاءت الصرخات المدوية من شرائح اجتماعية مختلفة ورموز نخبوية مقربة من القيادة الإيرانية باستدراك الأمر قبل استفحاله وتحول إيران من المذهب الشيعي إلى المذهب السني أو «الوهابي» كما يحلو لإيران تسميته وتزعم تقارير فارسية أن سياسة تنظيم النسل كانت مقبولة من غالبية الشعب (أي الشيعة) إلا أن أتباع المذهب السني يتجاهلونها. ويقول تقرير نشر مؤخرا: «إذا ألقينا نظرة على مؤشر النمو السكاني فنجد أن الكثافة السكانية في محافظات؛طهران وقم وسيستان وبلوشستان ارتفعت بواقع 3%». ويضيف: لا نحتاج إلى توضيح أسباب النمو السكاني في العاصمة طهران، كما أن النمو السكاني في قم يعود إلى الهجرة المتنامية إلى هذا الإقليم، إضافة إلى قربه من إقليم طهران. ويتساءل عن ارتفع معدل النمو السكاني في سيستان وبلوشستان على الرغم من الحرمان والفقر؟ ثم يجيب: أحد أهم الأسباب الرئيسة الذي يمكن طرحه في هذا الخصوص هو سياسة زيادة تعداد أتباع المذهب السني في إيران وضرب التركيبة السكانية في البلاد، وهي سياسة تنتهجها الولاياتالمتحدةالأمريكية وتدعمها السعودية. عندما تم طرح هذه المسألة على أحد المهتمين، أكد أن الوضع أكثر سوءا من ذلك، فسيستان وبلوشستان اللتان تشكلان مركزا جغرافيا حساسا للنظام، وقاد استقبالهما لأفواج المهاجرين الشيعة إلى تركهما لدواع أمنية ومشاكل أخرى عديدة وتشير التقارير الصادرة من الداخل الإيراني، إلى أن معدل النمو السكاني في الأقاليم ذات الغالبية السنية أعلى من متوسط النمو السكاني في البلاد بشكل عام، وهذا مؤشر لمفاهيم معينة. فوفقا لبعض الإحصاءات، يتجاوز مؤشر النمو السكاني في المناطق السنية بثلاثة أضعاف متوسط النمو السكاني في البلاد. وتشير إلى أن تعداد أتباع المذهب السني في إيران يتراوح بين 20 مليونا و25 مليون نسمة. وبحسب موقع «نفس نيوز» الإيراني، فإن عدد التلاميذ السنة والشيعة في المرحلة الابتدائية في إيران قد تساوى، لافتا إلى أن معدل النمو السكاني للسنة بلغ 4 % بينما معدل الشيعة 1.7 % فقط. وهذه النسب والمعدلات تتفاوت نسبيا بين تقرير وآخر، وإن كانت جميعها صادرة عن جهات أو أفراد مرتبطين بالنظام الإيراني. ونقل موقع «شيعه أونلاين» المقرب من النظام الإيراني، عن الأستاذ الأكاديمي بجامعة مشهد الدكتور سيد حسين علوي قوله إن «معدل النمو السكاني في المناطق السنية يصل إلى 7 %، أما في المناطق الشيعية فيتراوح بين 1 % و1.3 %. وأضاف: في أحد أحياء مشهد توجد مدرستان للبنات واحدة ابتدائية ومتوسطة، والثانية ثانوية. يشكل الشيعة في المدرسة الثانوية 80 % من مجموع الطالبات، بينما يشكل السنة 20% فقط. أما في المدرسة الابتدائية فتشكل الطالبات السنة 80 % والشيعة 20 % فقط. وفي إجابة على تساؤل طرحه شخصيا حول سر هذا الاختلاف في النسب؟ يجيب الأكاديمي الإيراني قائلا: منذ أن اعتمدت سياسة تحديد النسل في البلاد، أصبح عدد أبناء الشيعة في تراجع مستمر مقابل ارتفاع في أعداد المواليد السنة، وتتراوح أعمارهم الآن بين 13 و14 عاما، لذا فجميعهن الآن يدرسن في المدراس الابتدائية والمتوسطة، ولكن بعد ثلاث سنوات سينتقلن إلى المرحلة الثانوية وستصبح نسبة طالبات السنة في المرحلة الثانوية 80 % ويصبح الشيعة أقلية لا تتجاوز نسبتهم 20 %. وتحدث علوي عن النمو السكاني في بعض المناطق السنية، قائلا إن الوضع في بعض القرى والمدن المختلطة (شيعة وسنة) بلغ حالة «مفزعة للغاية». وأشار إلى قرية يعرفها جيدا كان الشيعة فيها يشكلون 65 % والسنة 35 %، أما في الوقت الراهن فأصبح 86 % من أهالي تلك القرية من أتباع المذهب السني. وفي السياق نفسه، يشير تقرير نشره موقع «شيعة أونلاين» في 2011، إلى أن عدد أتباع المذهب السني قد تجاوز المليون شخص في إقليم طهران الذي يعد عاصمة التشيع في العالم، أي أصبحت نسبة السنة في طهران نحو 10 %. وأضاف هذا المصدر الذي فضل عدم الكشف عن هويته، أن هذه الإحصاءات التي أجريت خلال تلك الفترة (2011)، أثارت دهشة وقلق بعض المسؤولين في إيران. ربما يعد أول من تحدث بصراحة عن هذه المخاوف بشكل علني، شخص يدعى حجة الإسلام مهدي دانشمند، وكان ذلك عبر مقاطع فيديو انتشرت على الانترنت قبل عدة سنوات، إذ وجه هذا الشخص اتهامات وعبارات سيئة تجاه أتباع المذهب السني، ومعدل النمو السكاني في المناطق السنية في إيران، وعدها مؤشرات مخيفة وتشكل خطرا على تميز المذهب الشيعي في البلاد، مطالبا بمواجهة جدية لهذا الخطر. من جهة أخرى، تلقي المواقع الإيرانية باللوم على بعض المدارس (غير معترف بها من قبل الحكومة) في المناطق السنية ووصفها بأنها مدارس وهابية باسم أهل السنة. وتزعم هذه المواقع أنها وصلت إلى بعض الوثائق والمستندات التي تؤكد تأسيس مدارس دينية باسم أهل السنة في بعض المحافظات الحدودية، إلا أن مناهج هذه المدارس لا علاقة لها بالمذاهب السنية الأربعة المعروفة، وهي مبنية على «الوهابية» بنسبة 100 %. ويضيف: تركز هذه المدارس على تعليم المعتقدات المعادية للشيعة وتدار بإمكانات عالية جدا. أما عن برامج هذه المدارس والنظام التعليمي فيها، فيقول التقرير: يمكث التلاميذ في هذه المدارس لمدة أربع سنوات من الصباح حتى العصر، ولكي يحصلوا على شهادة رسمية فإنهم يلتحقون بالثانوية الحكومية مساء ويستمرون في الدراسة حتى الحصول على الدبلوم. خلال 4 سنوات يقضيها الطلاب في هذه المدارس، يتم تدريس كتب التوحيد وشروح «العقيدة الوهابية» باعتبارها العقيدة الصحيحة، وبعد التخرج يلتحق بعض طلاب هذه المدارس وبسبب تمكنهم من اللغة العربية، بكليات المعلمين والأقسام الإدارية، إلا أن عددا من هؤلاء الطلاب يتجهون إلى مدارس الوهابية الأعلى، وبعضهم يتم إرساله إلى الخارج لمواصلة دراستهم في هذا المجال، وفقا للتقرير. وعن الجهات التي تؤمن مصاريف هذه المدارس، يزعم التقرير أن هناك علاقة وثيقة بين «وهابية» (أي السنة) الداخل والدول العربية المجاورة خاصة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية التي تعد الداعم الأول لهذا الفكر وتعمل على تمويله. بل إن التهم الموجهة لدول الجوار العربي تجاوزت ذلك بكثير، حيث يزعم تقرير نشرته وكالة أنباء «جنوب نيوز» الإيرانية أن السعودية تقدم لكل مولود من أتباع المذهب السني في سيستان وبلوشستان مساعدات مالية كبيرة، وأن علماء «الوهابية» أصدروا مجموعة من الفتاوى التي تشجع الرجل السني الإيراني على الزواج من 4 نساء وإنجاب 10 أطفال، بينما نجد المتدينين الشيعة ملتزمين. وتوضح هذه التقارير بجلاء مدى الهوس الذي يعيشه الإعلام الإيراني بسبب تصاعد أعداد أتباع المذهب النسي هناك، مما قادهم إلى تجاهل الأسباب الحقيقية والنظر إليها بواقعية والعمل على معالجتها إلى الهروب نحو إلقاء اللوم على جهات أجنبية وترسيخ فكرة المؤامرة واستهداف البلاد لدى المتلقي الإيراني. يذكر أن المرشد الأعلى في إيران آية الله خامنئي قد حث الحكومة على معالجة مشكلة «شيخوخة المجتمع» والعمل على مضاعفة أعداد السكان. كما أن البرلمان الإيراني يسعى لحظر عمليات التعقيم للرجال والنساء، فضلا عن تشديد قوانين الإجهاض في البلاد الرابط المختصر : +3 -1 صحيفة المرصد الاماراتية