لدينا أكثر من مبادرة لتشجيع القراءة بدءاً من توفير الكتب من كل المجالات وبكل اللغات والمكتبات العامة المنتشرة بين الأحياء السكنية في كل إمارة، والمكتبات الخاصة على اختلافها، وغيرها من المكتبات المتوافرة للعاملين والمراجعين في المؤسسات والدوائر والوزارات والهيئات، والدعم المادي للمكتبات الجامعية الكبرى وتسهيل التحول الى مكتبات إلكترونية، إضافة إلى إقامة معارض الكتب، ومنها معرضان دوليان للكتب في كل من أبوظبي والشارقة بتوزيع زمني جيد يسمح للجميع بحضورهما والاستفادة أيضاً مما بينهما من معارض تتوزع بين كافة الإمارات الأخرى خلال العام بأكمله، وغير هذا من المسابقات المدرسية التي تدعو إلى القراءة وتحفّز عليها ومبادرات توزيع الكتب وإهدائها ودعم المكتبات المنزلية وغير ذلك كثير . ومع هذا، تسود بين الجميع مقولة إننا شعب لا يقرأ، ما سهّل إلصاق هذه التهمة بنا وتنفير الناس من القراءة برضاهم مادام ضعف القراءة حالة أمة تتقدم مادياً بلا مطالعة، ما يعني ذبح الكتاب من الوريد الى الوريد أمام أعين الشباب الذين تستقطبهم الإعلانات المغرية بأشكال وتصاميم الأجهزة المبتكرة، وهو ما يضع حالة شراء الكتب والتي لا تجد لنفسها عموداً إعلانياً في أي مكان في مقارنة محزنة مقابل الأرقام الخيالية لمشتريات الأجهزة الإلكترونية والأسطوانات الموسيقية . وتعتمد معظم المقالات وحتى التحقيقات المنشورة من قبل بعض وسائل الإعلام على مفهوم "نحن أمة لا تقرأ"، لتقنع المشاهد بأن نفوره من المطالعة حالة وراثية، فهو جزء من أمة لا تقرأ، ومادام الكل مريضاً بهذه الآفة، فلا سبيل لتعديل جيناتهم، وهو ما يدق أجراس الإنذار، فالإيحاء النفسي "لص" يغرس حقنة السم بلا ألم ولا دليل . لقد صدقنا مثل غيرنا، أننا أمة لا تقرأ، بينما نشهد جميعاً وعلى أرض الواقع اهتماماً واسعاً بدعم مشاريع القراءة ومبادرات هائلة تصرف عليها الملايين لنشر الكتب بين الناس بلا توقف، بل ونشهد إقبالاً ملموساً من الناس كباراً وصغاراً ومن كل الجنسيات في أروقة معارض الكتب شبه المستدامة في كل إمارات الدولة، ولدينا أعضاء مسجلون في مكتبات خاصة وعامة، وموظفون يستعيرون كتباً من المكتبات في مؤسساتهم، وزبائن يحملون بطاقات الولاء في الشراء من محال بيع الكتب التي لم تغلق أبوابها، ولم تتوقف عن عرض آخر وأحدث الإصدارات على واجهات نوافذها بغض النظر عن وضع بيع الكتب اقتصادياً . إن عدم الدقة في التحري وعدم الاجتهاد في الدراسة ونشر الإحصاءات غير الصحيحة نقلاً عن مصادر غير معروفة، أو عن مصدر واحد يجتهد، تشبه في مفعولها، دواء ناجعاً، تسببت زيادة جرعاته في قتل المريض بدلاً من شفائه أو إصابته بأعراض جانبية أشد إيذاء من المرض الذي يفترض بها معالجته . باسمة يونس الخليج الامارتية