حلب من اكثر مناطق العالم جوعا.. ونواب بريطانيون يطالبون باستشارتهم قبل التدخل في سوريةلندن 'القدس العربي': يفر السوريون من الحرب المشتعلة في بلادهم بأعداد غير مسبوقة في تاريخ الحروب الاهلية، مليون ونصف وربما مليونان ونصف المليون اصبحوا مشردين داخل بلادهم، والعدد في تزايد يوميا، يفرون من المدن الى الارياف ويعيشون في احياء المدن القديمة، ويقيمون مخيمات في العراء قرب الحدود مع الدول المجاورة لسورية، وهي مخيمات تفتقر لادنى الخدمات الانسانية، لا مرافق صحية، ولا خدمة طبية علاوة على غياب الطعام، ومن هربوا الى المدن التي لم تصل اليها الحرب او وصلت ولكنها لم تدمر بعد يعيشون مع اقاربهم في بيوت مزدحمة بالاقارب او في المتنزهات العامة والمدارس المهجورة. والوضع ليس احسن بالنسبة للفلسطينيين الذين يتعرض اكبر مخيماتهم، اليرموك للقصف المستمر فيما يفكر ابناء مخيمات اخرى بالرحيل، ومنذ بداية الازمة بلغ عدد اللاجئين الفلسطينيين لدول الجوار التي لا يلقون عادة معاملة حسنة، اكثر من 150 الفا. وتعتبر مدينة حلب والقرى المحيطة بها من اكثر مناطق العالم جوعا، حيث يعيش سكانها على الخضار ولم يتناول الكثيرون منهم اللحم منذ تسعة اشهر، وساعات الانتظار على طوابير الخبز تزيد عن تسع ساعات. مثل غروزني وسراييفو ومن هرب منها للنجاة ولكنهم ملاحقون بالقصف والقنابل في مخيماتهم على الحدود ومن بقوا في المناطق التي يسيطر عليها المقاتلون يعانون من الجوع وفقر التغذية البارز في عيونهم. الجوع والدمار وانتظار الموت هو ما يعلم حياة المدن في حلب وحمص واجزاء من دمشق التي اصبحت بناياتها المدمرة تذكر بسراييفو وغروزني عاصمة الشيشان التي سويت بالتراب اثناء الحرب الروسية مع المقاتلين الذين طالبوا بالاستقلال عن الفدرالية الروسية. من كل هذا يفهم حجم الكارثة الانسانية التي تتزايد ونداء الاغاثة الذي اعلنت عنه الاممالمتحدة والذي طالبت فيه بجمع مليار ونصف لاغراض الاغاثة للمشردين داخل سورية، وهناك ايضا حاجة لجمع مليار آخر لمليون لاجىء في دول الجوار خاصة تركياوالاردنولبنان والعراق ومصر. ومن الاسباب التي ادت للازمة الانسانية في داخل سورية هو امتناع منظمات الاغاثة من اقامة مراكز لها حتى في المناطق التي خرجت عن سيطرة النظام، لان المقاتلات التابعة للنظام تواصل قصفها وملاحقتها للمقاتلين واللاجئين. ومن اجل توفير العون هناك حاجة لاقامة معابر آمنة من تركياوالاردن بحيث يتم فيها نقل المواد الغذائية. ولعل تردد الدول المعنية بالازمة السورية من فتح معابر آمنة نابع من خوفها من التدخل في الشؤون السورية، خاصة ان نشر منظومة صواريخ باتريوت على الحدود التركية مع سورية نظر اليها على انها مقدمة لاقامة منطقة حظر جوي. وبالنسبة للسوريين فهم وان رحبت بهم دول الا ان الفلسطينيين يبدو ان الاردن غير راغب بهم ولبنان قدرته على استيعابهم محدودة والرحلة من دمشق والمدن التي يقيم فيها اللاجئون لتركيا محفوفة بالمخاطر. ويظل الطلب الذي تقدم به الرئيس الفلسطيني محمود عباس من الاممالمتحدة لنقل اللاجئين الفلسطينيين في سورية للضفة الغربية غير عملي لانه مرهون بموافقة اسرائيلية. استشيرونا ويظل اعتراف الاممالمتحدة بحجم الكارثة الانسانية لحظة تاريخية ولكنها تحتاج الى عمل وهي اهم من توفير الدعم العسكري للمقاتلين، حيث سيفتح الاعتراف بالائتلاف الوطني الباب امام الدول الغربية لاعادة النظر في قرار حظر تصدير السلاح لسورية مما سيسمح بدعم المعارضة عسكريا. وفي هذا السياق يطالب نواب في البرلمان البريطاني الحكومة باستشارة البرلمان قبل اتخاذ اي قرار بالتدخل العسكري في سورية. فقد كتب نواب لوزير الخارجية ويليام هيغ رسالة عبروا فيها عن قلقهم من احتمال عمل عسكري بريطاني في سورية. وكتب اعضاء لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان لهيغ قائلين ان ظروف التدخل في سورية تختلف عن الظروف التي تدخل فيها الناتو في ليبيا العام الماضي. وقال النائب ريتشارد اوتواي لهيغ قائلا ان قلقا بالغا عبر عنه بعض النواب حول 'قيمة وقانونية وشرعية التدخل الغربي في سورية'. وقال ان الحكومة نشرت في بداية الازمة الليبية بيانا توضح فيه قانونية التدخل العسكري بناء على قرار 1970 الذي يسمح بوضوح بارسال القوات البريطانية لليبيا. وتساءل اوتواي ان كانت الحكومة فكرت باي اساس قانوني لتدخل بريطاني جديد في سورية. فوضى على الحدود هذا الطلب يتعلق بالدول لكن الحرب في سورية جذبت اليها مقاتلين من كل الجنسيات من الباكستان والجزائر وليبيا وتونس ومن بريطانيا، ومن الدول المجاورة خاصة لبنان التي ينقسم فيها المجتمع بين مؤيد ومعارض، فالحرب في سورية وان انعكست على مدينة طرابلس شمال لبنان التي واجه فيها سكان حي التبانة السنة سكان جبل محسن العلويين الا ان القرى اللبنانية في الجنوب سنية او شيعية فضلت نقل المعركة الى داخل سورية والقتال الى جانب طرفي النزاع، المعارضة والنظام. والملاحظ ان المقاتلين الذين يجتازون الحدود من السنة والشيعة يلتزمون بنوع من الهدنة او السلام بعد عودتهم الى قراهم، وبحسب فلاح سني في البقاع يعمل بالتهريب ومساعدة المعارضة فالطرفيان يذبحان بعضهما البعض في الداخل اي في سورية وعندما يعودون الى لبنان فكأن شيئا لم يحدث بينهم. وقال الفلاح انه دعم اي طرف في سورية امر طبيعي، فهم، الشيعة يقاتلون الى جانب النظام و'نحن ضد النظام'. ولكن الوضع الهادىء بين الطرفين لا ينفي احتمالات نشوب نزاع على الحدود التي تتسم بالفوضى فلا السوريون قادرون على التحكم بها ولا اللبنانيون. وتنقل صحيفة 'نيويورك تايمز' عن طلال عتريسي الاكاديمي المتخصص في الشؤون الايرانية ان الفوضى على الحدود تثير مخاوف من انتقالها الى لبنان. وكان الجيش السوري قد كمن لجهاديين حاولوا التسلل الى سورية حيث لا توجد تفاصيل عن عدد القتلى او الجرحى او من اعتقلوا، لكن وصول المعركة لدمشق واستدعاء الجيش الجنود المرابطين على الحدود فتح ثغرة للراغبين من اللبنانيين في المشاركة في الحرب السورية. ويقول التقرير انه في الوقت الذي اتهم فيه حزب الله منذ بداية الازمة بارسال مقاتليه لدعم النظام الا ان مقابلات مع اعضاء الحزب وممثليه في البرلمان تظهر ان المشاركة محدودة. وتركز دعم حزب الله على ارسال مستشارين لتقديم النصح للجيش السوري حول حرب العصابات وكذلك التدريب، اضافة الى ذلك تم ارسال مقاتلين لحراسة المشاهد الشيعية مثل مسجد السيدة زينب في دمشق والقرى الشيعية قرب حلب. حماية الحدود وبعيدا عن هذه المشاركة المحدودة، فتركيز الحزب ظل على السيطرة على الحدود اللبنانية مع سورية لتأمين خط وصول الاسلحة الايرانية لحزب الله، وللحد من وصول الاسلحة الى الجيش الحر، اضافة لرغبة حزب الله بحماية الشيعة والعلويين في سورية. ويضيف التقرير ان نفس الاسباب هي التي تدفع السنة لدعم المقاتلين وهي توفير السلاح وحماية اخوانهم السنة في داخل سورية، ولكن الفرق بين الطرفين هو ان حزب الله ينشر على الحدود قوات منظمة فيما يعتمد الجهاديون على متطوعين ومهربين. ولا يعرف عدد المقاتلين الذين ارسلهم الحزب لسورية، حيث اتهم الجيش الحر حزب الله بارسال 1500 مقاتل، لكن الاحصائيات تظل محدودة وتقوم على عدد الجنازات التي جرت لمقاتلين من الحزب الذي ينفي اي مشاركة عسكرية الى جانب النظام. وعادة ما يتجنب حسن نصر الله، الامين العام لحزب الله الموضوع السوري، لكنه اعترف بعد مقتل احد مؤسسي الحزب على ناصيف بان حزبه يقدم دعما غير عسكري لسورية وانه يوفر الحماية ل 30 الف شيعي يعيشون على طول الحدود اللبنانية مع سورية. يضاف الى ذلك فوسائل اعلام الحزب عادة ما تتحدث عن مقتل شبان وهم يقومون 'باداء واجبهم الجهادي'. ويضيف تقرير 'نيويورك تايمز' ان عدد مقاتلي حزب الله المتواجدين على الحدود كان قليلا عندما كان الجيش السوري قويا ويمنع التسلل لكنه عندما ضعف بدأ مقاتلون يظهرون باعداد كبيرة، وعادة ما يداهمون البيوت بحثا عن الاسلحة التي تهرب عادة للجيش الحر. وتنقل الصحيفة عن مسؤول في الجماعة الاسلامية في طرابلس قوله ان اللبنانيين لم يدخلوا المعركة في سورية لكن يدعمون ما يرونه استراتيجيا، مشيرا الى ان حزب الله يقدم للنظام بعض النصائح التكتيكية والتدريب. ومن هنا فالمشاركة اللبنانية نابعة من ان الجنوب تقليديا تنتشر فيه ثقافة التهريب وفي الوقت الحالي فتهريب السلاح والمقاتلين مجد ماليا. وفي النهاية لا يعني غياب النزعة الطائفية فالمقاتلون الشباب والذين قاتلوا الى جانب المعارضة يقولون انهم يواجهون التهديد الفارسي ويتهمون حزب الله بانه وراء الطائفية عندما صور قتال المعارضة السنية في سورية بالجهاد.