تتباين آراء الأحزاب الكردية في سوريا حول الانتخابات الرئاسية، ما بين مؤيد لإقامتها ورافض لها، حيث ينقسم الأكراد، ويعتبر بعضهم موقف المبادرة الوطنية لأكراد سوريا من الانتخابات الرئاسية و دعمهم للرئيس بشار الأسد، خطوة للخروج بهم من زمن تحكم "الآغاوات"، بمصير الشعب الكردي والمتاجرة بهم في مناسبات عدة. دمشق (فارس) انتشار الأكراد الجغرافي في مناطق غرب إيران، شمال العراق و جنوبتركيا و شمال سوريا، دفع القيادات الكردية التي تعمل بنظام "الآغاوية" الذي يفرض الطاعة الكلية للآغا باعتبار انقسام الأكراد إلى قبائل وعشائر يتحكم بمصير كل منها آغا، تحول مع الوقت إلى زعيم سياسي يقود حزب والحديث هنا عن مسعود بارزاني ابن الملا مصطفى الذي له ما له من حظوة في الذاكرة الكردية. لكن المتغيرات السياسية في الدول التي يتواجدون فيها، خرجت بأحزاب كردية جديدة تقودها شخصيات قادرة على اختيار الطريق الأنسب للأكراد. وفي انقسام الموقف نقرأ مايلي: اتجاه المبادرة الوطنية لأكراد سوريا بزعامة عمر أوسي نحو دعم خيار إقامة الانتخابات الرئاسية في سوريا، ويأتي من منطلق التفكير العقلاني خاصة بعد تعرض المناطق الكردية من الجزيرة السورية لهجمات من قبل تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام "داعش" و"النصرة". ومع إدراك قيادة المبادرة لضرورة أن يكون الحل سورياً، تشارك فيه كل أطياف النسيج الاجتماعي السوري، فإن محاولات الاحزاب الكردية مقاطعة الانتخابات تخرج بالكرد من أهم حدث في تاريخ سوريا الحديث، الأمر الذي قد يفضي بخروجهم من حسابات السياسة القادمة، أي كان الرئيس السوري القادم. ويقرأ في موقف المبادرة الوطنية الكردية أيضاً، أن ثمة من يحترم أرواح الشهداء في سوريا عموماً، ومن الكرد خصوصاً، في الحرب التي تخوضها سوريا ضد الإرهاب، والخروج بالكرد من العملية السياسية، يودي إلى قبول الأحزاب المقاطعة للانتخابات بالعزلة السياسية.والحديث هنا ينطبق على كل الكيانات المعارضة والمقاطعة للانتخابات في سوريا، فالبلاد في مرحلة تغير جذري في العمل السياسي والحالة السلبية، هنا ستنعكس على أصحابها في الدرجة الأولى، لكن لماذا تقاطع بعض الأحزاب الكردية الانتخابات الرئاسية، الجواب هنا يأتي من بوابة الارتباطات المباشرة لبعض هذه الاحزاب بأخرى موجودة في كردستان، أو أن قياداتها أصلاً في خارج سوريا، وهي شريكة في العملية السياسية التي تصدر مقرراتها من فنادق الخمس "نجوم". فالأحزاب من قبيل "يكيتي" و الاتحاد الديمقراطي، ترى في الانتخابات الرئاسية السورية بأنها "تمثيلية" ومهزلة العصر، و على اعتبار أن قيادة هذا الحزب في ألمانيا، وله ارتباط مباشر بالموقف الألماني من الانتخابات، فلايخفى هنا على أحد طبيعة الدور الذي تلعبه ألمانيا في القضايا التركية على اعتبار أنها تستضيف على أراضيها رقم لا يستهان به من المواطنيين الأكراد. في المقابل، إن طموح البارزاني الإنفصالي في العراق، يدفعه إلى التحكم بشخصيات كردية ذات طابع انفصالي ودعم تحركاتهم الداعمة لإقامة ما يسميه البارزاني "كردستان الكبرى"، فالحصول على المكتسبات السياسية في حلم "الدولة الكردية المستقلة" طموح مشبوه للحركات الكردية ذات الطابع الانفصالي في المناطق السورية من قبيل حزب "يكيتي". ومن المفارقة، أن تطلب قيادات هذا الحزب من "وحدات حماية الشعب" أن تتخلى عن حمل السلاح، وتكف عن مقاتلة "داعش والنصرة" بحجة تجنيب أكراد سوريا ويلات الحرب، مع الإشارة هنا إلى أن هذه الوحدات تنتشر داخل الأحياء و القرى الكردية فقط، و لا تقوم بأي عملية خارج نطاق هذه الجغرافيا الضيقة لعملياتها. فالأكراد وعلى امتداد الأزمة السورية، كانوا "مناطقيين" في تدخلهم في العمل العسكري، وفي الحديث عن الانتخابات، فحديث المبادرة الوطنية لأكراد سوريا يؤكد أن المزاج العام لأكراد سوريا يميل باتجاه دعم الانتخابات، ويستثني هذا المزاج من حساباته الأحزاب المعارضة التي لا تملك الثقل الحقيقي الذي يمكن أن يؤثر في رأي المواطن الكردي، وعلى ذلك فمشاركة الأكراد في الانتخابات الرئاسية السورية برأي غالبيتهم تمثل تقرير المصير، فإما البقاء داخل النسيج السوري، و إما اقصاء أنفسهم عن الحياة السياسية السورية. / 2811/ وكالة الانباء الايرانية