يبدو أن الاتحاد الأوروبي يتعرض لعاصفة قوية وشديدة من قوى اليمين المتطرف والأحزاب ذات التوجهات المتشددة والمحافظة والقومية المتعصبة. وتشير نتائج انتخابات البرلمان الأوروبي بقوة إلى فوز الأحزاب اليمينية المتعصبة في دول الاتحاد الأوروبي، وإلى تعزيز التوجهات والأفكار الانفصالية التي تشجع على الانسحاب من الاتحاد. ويعزز فوز الجبهة الوطنية الفرنسية موقف المناوئين للاتحاد الأوروبي وسياساته، خصوصاً حزب «بريطانيا المستقلة» في بريطانيا الذي فاز بدوره على الحزبين العتيدين «المحافظين» و«العمال». وفي فرنسا تشير عمليات فرز الأصوات إلى تقدم الجبهة الوطنية بقيادة مارين لوبان على الحزبين التقليديين والكبيرين «الاتحاد من أجل الحركة الشعبية»، و«الحزب الاشتراكي» الحاكم، لأول مرة في انتخابات، ما يعد سابقة في فرنسا. تقدم «الجبهة الوطنية» في فرنسا تشير عمليات فرز الأصوات إلى تقدم الجبهة الوطنية بقيادة مارين لوبان على الحزبين التقليديين والكبيرين «الاتحاد من أجل الحركة الشعبية»، و«الحزب الاشتراكي» الحاكم، لأول مرة في انتخابات، ما يعد سابقة في فرنسا. كما أن هناك إمكانية لكي يحصل حزب يتبنى فكر النازيين الجدد في ألمانيا على مقعد واحد في البرلمان، إلى جانب صعود أحزاب يمينية متطرفة أخرى في اليونان والدنمارك وإيطاليا. ويمكن للأحزاب اليمينية والشعبوية تشكيل مجموعة ضغط في البرلمان الأوروبي تملك الأموال والمنابر لتقويض الاتحاد وسياساته وتوجهاته ومؤسساته. واستناداً إلى محللين في بروكسل، فإن نتائج هذه الانتخابات ستنعكس مباشرة على توزيع الوظائف في اللجنة التنفيذية للاتحاد ومفوضيته وغيرهما من مؤسساته، وكذلك على الخطط الإصلاحية للاتحاد وهياكله خلال الأعوام الخمسة المقبلة. غير أن هؤلاء المحللين يضيفون أن مجلس البرلمان الأوروبي مهمل منذ سنوات طويلة، ويحتاج إلى هيكلة وإصلاح وتطوير لمؤسساته. ومن الطبيعي أن تثير انتخابات مجلس البرلمان الأوروبي الحديث بقوة عن انتخاب رئيس جديد للجنة التنفيذية للاتحاد الأوروبي، إذ تأخذ الدول الأعضاء في اعتبارها نتائج الانتخابات البرلمانية وهي تتقدم بمرشحيها لهذا المنصب. كما يلعب البرلمان الأوروبي دوره الحيوي في تنفيذ وتفعيل المعاهدة الاقتصادية التي تجمع الدول الأعضاء في الاتحاد، وتنظم نشاط التبادل التجاري بينها. ويتوقع خبراء اقتصاديون أن تشهد الأعوام المقبلة، في ظل سيطرة أحزاب اليمين المتطرف، نفوذاً متزايداً للشركات المتعددة الجنسية في أسواق الاتحاد الأوروبي على حساب المعايير المعتمدة لسلامة البيئة وسلامة الأغدية. وفي ظل التشكيلة الجديدة لمجلس البرلمان الأوروبي سيكون بإمكان الشركات مقاضاة حكومات الدول الأعضاء في العديد من القضايا الخلافية كسلامة البيئة والأغدية وغيرها. كما أن اللجنة الاقتصادية لمجلس البرلمان ستقر خطوات وإجراءات تعزز أداء البنوك الأوروبية الكبيرة واستقرارها، وتجعلها أكثر قدرة على العمل والصمود في ظروف الأزمات. كما سيكافح الأعضاء الجدد في البرلمان الأوروبي للدفاع عن مشروعهم لحماية الخصوصية الإلكترونية، ولوضع المزيد من الأحكام والضوابط لتعزيز هذه الخصوصية لكل مواطن أوروبي في مواجهة الشركات الكبيرة لخدمات الإنترنت والمعلومات مثل «غوغل» و«فيس بوك» وغيرهما. وتتضمن هذه الإجراءات الحد من تدخلات الشركات الأجنبية للمعلومات والخدمات الإلكترونية في شؤون المواطن الأوروبي، واختياراته ورغباته، وفرض عقوبات مالية على كل من تخترق القوانين والإجراءات الأوروبية من تلك الشركات. كما يواجه البرلمان الجديد تحدياً يتمثل في التعامل مع تيار تقوده بريطانيا يطالب بإعادة كثير من السلطات والصلاحيات التي يتمتع بها البرلمان منذ معاهدة لشبونة 2009 إلى حكومات الدول الأعضاء في الاتحاد. الامارات اليوم