كارثة وشيكة ستجتاح اليمن خلال شهرين.. تحذيرات عاجلة لمنظمة أممية    تعز تشهد المباراة الحبية للاعب شعب حضرموت بامحيمود    وفاة امرأة عقب تعرضها لطعنات قاتلة على يد زوجها شمالي اليمن    عاجل..وفد الحوثيين يفشل مفاوضات اطلاق الاسرى في الأردن ويختلق ذرائع واشتراطات    مليشيا الحوثي تعمم صورة المطلوب (رقم 1) في صنعاء بعد اصطياد قيادي بارز    انتحار نجل قيادي بارز في حزب المؤتمر نتيجة الأوضاع المعيشية الصعبة (صورة)    إعلان عدن التاريخي.. بذرة العمل السياسي ونقطة التحول من إطار الثورة    دوري المؤتمر الاوروبي ...اوليمبياكوس يسقط استون فيلا الانجليزي برباعية    صحيح العقيدة اهم من سن القوانين.. قيادة السيارة ومبايض المرأة    "مشرف حوثي يطرد المرضى من مستشفى ذمار ويفرض جباية لإعادة فتحه"    طقم ليفربول الجديد لموسم 2024-2025.. محمد صلاح باق مع النادي    "القصاص" ينهي فاجعة قتل مواطن بإعدام قاتله رمياً بالرصاص    "قلوب تنبض بالأمل: جمعية "البلسم السعودية" تُنير دروب اليمن ب 113 عملية جراحية قلب مفتوح وقسطرة."    لماذا يُدمّر الحوثيون المقابر الأثرية في إب؟    غضب واسع من إعلان الحوثيين إحباط محاولة انقلاب بصنعاء واتهام شخصية وطنية بذلك!    بعد إثارة الجدل.. بالفيديو: داعية يرد على عالم الآثار زاهي حواس بشأن عدم وجود دليل لوجود الأنبياء في مصر    أيهما أفضل: يوم الجمعة الصلاة على النبي أم قيام الليل؟    ناشط من عدن ينتقد تضليل الهيئة العليا للأدوية بشأن حاويات الأدوية    دربي مدينة سيئون ينتهي بالتعادل في بطولة كأس حضرموت الثامنة    رعاية حوثية للغش في الامتحانات الثانوية لتجهيل المجتمع ومحاربة التعليم    الارياني: مليشيا الحوثي استغلت أحداث غزه لصرف الأنظار عن نهبها للإيرادات والمرتبات    "مسام" ينتزع 797 لغماً خلال الأسبوع الرابع من شهر أبريل زرعتها المليشيات الحوثية    استشهاد أسيرين من غزة بسجون الاحتلال نتيجة التعذيب أحدهما الطبيب عدنان البرش    الصين تبدأ بافتتاح كليات لتعليم اللغة الصينية في اليمن    تشيلسي يسعى لتحقيق رقم مميز امام توتنهام    إعتراف أمريكا.. انفجار حرب يمنية جديدة "واقع يتبلور وسيطرق الأبواب"    شاب سعودي يقتل أخته لعدم رضاه عن قيادتها السيارة    تعز.. حملة أمنية تزيل 43 من المباني والاستحداثات المخالفة للقانون    الهلال يلتقي النصر بنهائي كأس ملك السعودية    أثر جانبي خطير لأدوية حرقة المعدة    ضلت تقاوم وتصرخ طوال أسابيع ولا مجيب .. كهرباء عدن تحتضر    أهالي اللحوم الشرقية يناشدون مدير كهرباء المنطقة الثانية    صدام ودهس وارتطام.. مقتل وإصابة نحو 400 شخص في حوادث سير في عدد من المحافظات اليمنية خلال شهر    تقرير: تدمير كلي وجزئي ل4,798 مأوى للنازحين في 8 محافظات خلال أبريل الماضي    قيادي حوثي يخاطب الشرعية: لو كنتم ورقة رابحة لكان ذلك مجدياً في 9 سنوات    الخميني والتصوف    نجل القاضي قطران: والدي يتعرض لضغوط للاعتراف بالتخطيط لانقلاب وحالته الصحية تتدهور ونقل الى المستشفى قبل ايام    انهيار كارثي.. الريال اليمني يتراجع إلى أدنى مستوى منذ أشهر (أسعار الصرف)    إنريكي: ليس لدينا ما نخسره في باريس    جماعة الحوثي تعيد فتح المتحفين الوطني والموروث الشعبي بصنعاء بعد أن افرغوه من محتواه وكل ما يتعلق بثورة 26 سبتمبر    جريدة أمريكية: على امريكا دعم استقلال اليمن الجنوبي    محلل سياسي: لقاء الأحزاب اليمنية في عدن خبث ودهاء أمريكي    الرئيس الزُبيدي يُعزَّي الشيخ محمد بن زايد بوفاة عمه الشيخ طحنون آل نهيان    أولاد "الزنداني وربعه" لهم الدنيا والآخرة وأولاد العامة لهم الآخرة فقط    15 دقيقة قبل النوم تنجيك من عذاب القبر.. داوم عليها ولا تتركها    يمكنك ترك هاتفك ومحفظتك على الطاولة.. شقيقة كريستيانو رونالدو تصف مدى الأمن والأمان في السعودية    انتقالي لحج يستعيد مقر اتحاد أدباء وكتاب الجنوب بعد إن كان مقتحما منذ حرب 2015    مياه الصرف الصحي تغرق شوارع مدينة القاعدة وتحذيرات من كارثة صحية    إبن وزير العدل سارق المنح الدراسية يعين في منصب رفيع بتليمن (وثائق)    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 34 ألفا و568 منذ 7 أكتوبر    كيف تسبب الحوثي بتحويل عمال اليمن إلى فقراء؟    المخا ستفوج لاول مرة بينما صنعاء تعتبر الثالثة لمطاري جدة والمدينة المنورة    النخب اليمنية و"أشرف"... (قصة حقيقية)    اعتراف رسمي وتعويضات قد تصل للملايين.. وفيات و اصابة بالجلطات و أمراض خطيرة بعد لقاح كورونا !    عودة تفشي وباء الكوليرا في إب    - نورا الفرح مذيعة قناة اليمن اليوم بصنعاء التي ابكت ضيوفها    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في ذكراها الأولى: يوم اختطته أقدام رواد الحياة لأحلام لا تعرف المسنحيل (صور)
نشر في الجنوب ميديا يوم 22 - 12 - 2012


خاص
منصور السروري
مدخل :
في البداية كانت الفكرة سؤالاً ً، ولكنها بعد أول خطوة خطت فوق دروب الثورة الوعرة صار السؤال أكثر وضوحاً .. صار فكرة تحوم في أروقة ذاكرة شباب الارادة الثورية.
ولأن الثورة ولدت ليلة 11 فبراير في مدينة قد تصمت طويلاً إلى حد الاستغراب لطول تحملها للمآسي لكنها إن خرجت عن صمتها لن تؤوب إليه سوى باقتلاع جذور زمان الخطيئة الرذيلة.
لأن الثورة ولدت في أحشاء المدينة ، وأريافها فقد تعددت لدى البرابرة الأسباب إلى وئدها بكل السبل خصوصاً حينما تصاب ساحات الثورة برخو مريب وعلى نحو أخص في ساحة التغيير بصنعاء فكانت تعز ما يوم يمر دونما تتفنن في أساليب التنوير والتثوير التصعيديين إلى الحد الذي وجدت نفسها تصرح أنها مستعدة في ظرف ساعة زمن إسقاط كل النظام في تعز فقط هي تنتظر من صنعاء إعلان ساعة الزحف .
أثناء هذا الوضع الثوري الراكد في صنعاء كانت الفكرة تتمخض في الوعي على هيئة سؤال: لماذا لا نقوم بمسيرة إلى صنعاء ؟
وطبعاً كان هذا السؤال يسبق المحرقة.. سؤال طنَّ داخل آذان موظفي الطابور الخامس المندسين داخل الساحة بعمائم الثورة بالتزامن مع معطيات سببية كثيرة أخطرها أن مؤشرات قدرة النظام على المقاومة باتت أكثر ضعفاً .. ولن يتحمل أي مغامرة ثورية قد تصعدها تعز.
نعم إلى جانب أسباب إحراق ساحة الحرية التي لا يسعنا هنا المقام لسردها.. تعاظم الخوف في أن يتحول السؤال من فكرة في الوعي إلى مشروع قائم بذاته في الواقع يكون بمثابة المسمار الأخير الذي يدق نعش النظام .
إزاء مثل هكذا خوف لم يجد نظام قصر النهدين فرصة باقية تمنحه ثلة من أيام أخر في الحكم سوى فرصة استغلال عنصر مباغتة الثورة ظناً من عند نفسه أنه بإحراق ساحة الحرية سيكون قد عقر الثورة في مرابض دارها.
بيد أن الجريمة رغم بشاعتها لم تقضي على الفكرة وإنما أجلتها إلى وقتها الذي تخمرت فيه متأججة كافة مبررات ودواعي صيرورتها المتمثلة في مسيرة الحياة .
لهذا جاءت المسيرة تتويجاً لأرقى الأساليب التصعيدية التي جعلت ثوار ساحة الحرية مائزين على غيرهم في خلق أرقى الأشكال الثورية السلمية، وتجديد صور النضال السلمي بأفعال وأدوات ثورية تجعل الثورة متوهجة على الدوام في عيون الثوار ، وإبهار العالم .
إن المشاهد والمتابع لكافة الإجراءات الثورية في ساحة الحرية بتعز كانت أشبه بانشطار نووي ثوري جعل أغلب شوارع وأحياء تعز وأرصدة الأرياف ، وازقة القرى والميازيب والسواقي والملاقي كلها تشتعل بالثورة ثورية في الوقت الذي بقيت الثورة في المحافظات الأخرى تميل إلى الدعة والسكون، والتبريد داخل ثلاجة المبادرات والمناورات ، والركون على ما ستسفر عنه الأدوات السياسية من نتائج.
في خضم هذا التيهان الذي صارت الثورة في جميع ساحات البلاد غير قادرة على الخروج من داخل حلزونية السياسة، أو حتى العودة إلى بدايته لإعادة الكرة- كان الثوار كعادتهم في تعز ينصهرون داخل مفرزة الثورة ويستخلصون من عصارة الوعي عنفوان الخلاص الثوري السلمي، والخلاصة الكفاحية السلمية ليس من أجل تعز وحدها التي عبر النظام عن حقده وخبثه وكراهيته لها بأبشع وأقذر وأخس وأدنى أساليب وأشكال الإجرام، وإنما من أجل الحياة لكل هذه البلاد حتى وإن كان الثمن لذلك هو سحق كل من سيسير ضمن المسيرة إلى صنعاء.
الدوافع والمحددات المباشرة للمسيرة
حتى لا أبدو في هذا الطرح كالمبالغين أو المثاليين جداً دعونا نتساءل : هل كانت الدوافع المحركة لمسيرة الحياة هي فقط الإنسدادات المختلفة بفعل المسارات السياسية ، ودخول الثورة في نفق مظلم هو نفق المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية؟
أم كانت الدوافع هي النتائج المترتبة على المبادرة وآليتها في تجاهلها للثورة،والتعاطي معها كأزمة يمكن حلها بأدوات سياسية ؟
أم كانت الدوافع تكمن داخل دوائر اتساع وزيادة حدة وحشية الجرائم المرتكبة ضد تعز وثوارها إناثاً وذكوراً؟
الحقيقة هي كل ذلك ، لكن علاوة عليها نضيف ثمة دوافع أخرى حرضت الوعي أكثر وأسرع على إنضاج الفكرة وإخراجها من إطارها النظري إلى وضعها في إطارها العملي الصحيح أي على أرض الواقع كخيار لا عودة عنه لتمثل في مجملها دفعاً مباشراً على بدء التنفيذ وهو مسيرة المعافر وبعدها مسيرة القاعدة إلى ساحة الحرية.
ومن هنا تبدأ الرواية
نعم من هنا ابتدأت الرواية من زمن خاص ومكان أخص من يوم 17 نوفمبر 2011م، ومن مديرية المعافر.
المعافر التي خطت سطر المسيرة الأول سيراً على الأقدام رغم وجود مئات السيارات.. لماذا؟ وفاءً للشهيدات الحرائر اللاتي قضين نحبهن يوم الجمعة 11 نوفمبر داخل مصلى ساحة الحرية.
مسيرة أقسم شباب المعافر أن يقطعوا 40 كيلو متراً على أقدامهم وهم يحملون علماً أطول من الزمن مهابة وجلالاً وإباء. كانت خطواتهم ترسم إيقاعات الوفاء للثورة على سماء المدينة وفوق أرصفة الشوارع ينشدون مع المطرية المصرية ( فادية كامل) "ثورة بالنار والحديد عالطغاة اللي شربوا سنين طويلة من دماء ثورة اليمن السعيد.. ثورة الشعب المجيد.. بالإرادة والعزيمة والجهاااد"
لا ريب أن تلك المرأة العجوز المشاركة في المسيرة وهي تقسم بذلك القسم "والله، والله أننا سنصمد، وما با نرجع، والله ما نرجع أو نركع حتى لو لم تبقى في اليمن امرأة واحدة.. إلا بإسقاط عفاش وكل الذين كانوا معه".. لا ريب أن هذه المرأة ومسيرة المعافر ألهبتا جذوة الثورة أعظم من ذي مضى داخل الساحة وهو ما حدث حقاً حد وصف الأستاذ/ مصطفى شرعوب مقرر مسيرة الحياة .
حيث بدأت الفكرة تتدارس داخل بعض الخيمة ثم تتناقل ، وتطرح على بعض الثوار المحترقين شوقاً لا بداع أسلوب ثوري تصعيدي راق نتج عن تلك اللقاءات تشكيل لجنة إشرافية للإعداد للمسيرة الراجلة إلى صنعاء.
ليس ثمة أجمل تعبير يلخص الظرف الذي أخذ يتشكل منذ لحظة وصول مسيرة المعافر من تعبير فيلسوف الثورة عبد المعين الغوري حيث قال : مسيرة الحياة تكشفت معالم فكرتها بدءً من مسيرة المعافر الراجلة إلى ساحة الحرية ، وهتافات الساحة المتوعدة صنعاء ، ونظامها بالصعود إليها .. تقاربت هذه المعالم ولامست مشاعر محمد الجابري ، ومن كانوا معه في ساحة الحرية بتعز لتخرج بعدها من بذرة إلى نبتة أخذت تنمو وتقوى حتى غدت شجرة عملاقة .
اللجنة الإشرافية
إن قائمة الأسماء التي أشرفت على كافة أمور المسيرة تمثل في جوهرها طليعة نوعية توافرت فيها من السمات الذاتية والمواصفات الموضوعية مكونات الشروط والخصائص والمهارات القيادية ، والجمع بين خبرة النخبة المجربة ، وطموح الشباب الصاعد حيث اختير كل من:- المحامي مصطفى الحمادي المشهور بالحضرمي رئيساً للجنة الإشرافية المنظمة للمسيرة ، والشيخ محمد أحمد صبر نائباً له ولرئاسة اللجان التابعة للجنة الإشرافية اختير كل من:-
عبد الحليم الصبري "المالية"، عبد الحليم الأصبحي ل"الطبية" مساعد طبيب ، المحامي محمد قاسم الجابري " القانونية " الذي ليس غريباً أن يكون أول من انفرد بفكرة الدعوة لمسيرة الحياة فهو حاصل على مؤهل أكاديمي بالقانون الدولي من جمهورية كوبا ، ومنذر الأصبحي "الناطق الرسمي" وهو صيدلي ، و عبد الله السامعي "رئيس اللجنة الإعلامية" طالب في كلية الإعلام ، والشاعر مصطفى الشرعوب "مقرراً للمسيرة" أستاذ لغة عربية ، ومحمد حسن العامري ل(التنظيمية) ، وعبد العالم القنبلة للجنة الخدمات .
وخلف كل من هذه الأسماء قائمة مطرزة بالشباب الرائع كمساعدين في إنجاز أعمال اللجنة التحضيرية في الإعداد والتهيئة للمسيرة فلم يتوقفوا عن مواصلة العمل إلا في الحالات التي تكون ظروفها لا إرادية.
الإعلان عن المسيرة واستكمال متطلبات التحضير لها
على إثر انتشار الخبر في الساحة ثم في وسائل الإعلام عن مسيرة راجلة ستتجه من تعز ناحية العاصمة بالنسبة لي لم أك مندهشاً عندما قرأت يوم 13 ديسمبر الخبر لأن من يعرف تعز وقدرات أبناءها الفكرية والثورية فليس عليه إلا أن ينتظر ما هو مائزاً ومغايراً ، وخلاقاً ، ووحدهم الذين لا يقدِرون ما تستحقه تعز من تقدير خاص بها هم فقط من يندهشون لقدراتها على صناعة عناصر المفاجآت.
كان هناك من يرى أن الفكرة عمل جنوني ، وأنها ناتجة عن تأثير تخديرة خزانة بقات ماوية مسمم في إشارة إلى صاحب الفكرة (الجابري) .
بيد أن الفكرة كانت قد تطورت إلى مشروع شُرع ويجري تنفيذه على قدم وساق ، فقد تقاطر عشاق الثورة من ساحة الحرية ، ومن مديريات المحافظة ليتجاوز عدد المسجلين أسمائهم في القوائم الرسمية عند المكلفين بذلك قرابة 2000شخص ، وقام الشباب الليلة السابقة للانطلاق بفرزها بحيث يحتفظ كل شخص بأصحابه ، وسجلت الثائرات التعزيات حضوراً لافتاً جسدن مستوى الوعي الذي وصلت إليه هذه المحافظة ، وعلى رأس تلك الحرائر ( وداد صالح الضلعي _سهى عثمان الأديمي _رحمة الأغبري -الهام القدسي - بدرية صادق سعيد الجراش - (باعت خاتمها ا لتوفر نفقات السفر ) فاتن محمد أحمد سعيد - حاكمة عبد اللطيف هزاع _ عتاب أحمد إبراهيم _ دلال البعداني - سمية محمد عبد الله عقلان __ هدى أحمد سيف الشرعبي ، وبشر المقطري وغيرهن )
والطفلة عهود ، أما الدكتورة أروى عون فقد كانت أبرز الشخصيات النسائية التي سافرت من صنعاء للمشاركة في المسيرة في طريقها من تعز إلى صنعاء .
وكم كان رائعاً منظر ذلك الرجل المسن ( إسماعيل السامعي) الذي حمل المصحف بيده من تعز حتى صنعاء ، وآلا على نفسه إلا أن يسير راجلاً إلى صنعاء حتى عندما أفاق من غشوته على إثر سقوطه حينما كانت المسيرة على مشارف العاصمة أصر على الوصول سيراً لولا إصرار الثوار عليه بالركوب ....... السامعي من صنف المناضلين المنسيين فهو من أولئك الذين ضمخوا بعرقهم تراب فلسطين المطموسة معالمها من إضبارة النظم العربية المتعهرنة بأدران الزمان الخنيع .
أهداف المسيرة
بعد وصول المسيرة قال عبد الحليم الأصبحي أن أهداف المسيرة:
1- إيصال رسالة قوية إلى العالم للتعبير عن غضب الشعب الثائر ، ورفضه لكل التجاوزات وإصراره على انجاز الهدف الأول للثورة "الشعب يريد إسقاط النظام " ورفع الزخم الثوري السلمي.
2- الإبقاء على الثورة وعنفوانها وفاءً من شباب الثورة للشهداء والجرحى وجميع المتضررين.
3 إذكاء نار الثورة ، وتجديداً للنشاط والعزيمة على امتداد الساحة اليمنية .
4 التأكيد على وحدة الشعب اليمني ، وإجماعه على ضرورة محاكمة القتلة وكل الملطخة أياديهم بدماء الشعب وأمواله ورفض الوصايا على الثورة .
5- التعرف على ساحات الحرية والتغيير وتجديد النشاط والعزيمة الثورية عند مختلف المحافظات على خط سير المسيرة.
6- الخروج بفكرة ثورية موحدة تصل العالم يحملها شباب الثورة السلمية ويدافع عنها.
7- تجديد العهد لشعبنا اليمني الثائر ووفاء لشهدائنا وجرحانا والمعاقين وكل المتضررين.
اختيار اسم المسيرة
لم تكن المسيرة قد استقرت عند تسمية معينة فتعددت الأسماء والمقترحات فمن قائل مسيرة اختراق الموت إلى قائل مسيرة اليمن بلادنا فمسيرة كذا وكذا ........ الخ .
وأخيراً قفزت فكرة عند هاني الجنيد ب (الحياة ) نالت الاستحسان من قبل الشيخ محمد أحمد صبر نائب رئيس اللجنة الإشرافية الذي تواً قام بإطلاق اسم مسيرة الحياة من على المنصة كما نالت استحسان منظمي المسيرة من منطلق الدلالات الرمزية المتعددة والعميقة للكلمة بكافة استخداماتها التي أقل ما تختزله مضامينها في أن الثورة الشبابية الشعبية السلمية ليست إلا هدفاً كبيراً لعيش الحياة في أدنى شروط الكرامة الإنسانية .
زخات متناثرة من محطات المسيرة
كانت ليلة مطلقة التفرد على جميع ليال تاريخ المدينة .. ليلة باتت داخل صدور ثوار ساحة الحرية تضطرم كالحمم الملتهبة من لهفة انتظار تنفس صباح 20ديسمبر ، وظهور خيطه الأبيض .
كانوا قد أعدوا من المؤنة ما قدروا عليه .. صاغوا الأهداف ، وقسم المسيرة وجهزوا اللافتات الماشية والشعارات المكتوبة المطلوبة بلمسات الفنان الرسام والخطاط إحسان الصلوي الذي صمم شعار المسيرة وخط اللافتات الخاصة باللجنة الإشرافية المناسبة لكل محطة ستمر عليها قافلة الحياة نحو ( من تعز العز جينا يا ذمار / خففي بردك علينا يا ذمار ) وكاللوحة المكتوبة باللغتين العربية والإنجليزية (لا ضمانة للقتلة / لا حصانة للمحتالين ) ، ولوحة (فديتك صنعاء يا موطني بروحي بأنقى دم مؤمن ) .
وفي الساعة الثالثة من صباح يوم الانطلاقة كان الأستاذ / مصطفى الحضرمي رئيس اللجنة الإشرافية يدون في جدار التاريخ الهدف الأسمى للمسيرة المتمثل في التعبير عن الثورة في المحافل الدولية بحنكة القائد الذي يعي جيداً ماذا يريد أن يقول .
ولم يتوانوا في سباق عناق الصباح فقد كانوا هم أنفسهم وجه صباح الحياة الجديد .
وعند الساعة السابعة صباحاً فوق المنصة العتيقة راح مصطفى برقوق يقدم فقرات برنامج المسيرة بالنشيد الوطني والقرآن الكريم وصدح منذر الأصبحي ، ورددت إثر صدى صوته الحناجر تثني تؤكد نشيد القسم .
القسَم الثوري
بسم الله الرحمن الرحيم
اقسم بالله العظيم أن أكون مخلصاً لأهداف الثورة الشبابية الشعبية ، وأن أعمل جاهداً بالوسائل السلمية لتحقيق أهدافها ، وأن أحافظ على مكاسبها ، ومنجزاتها ، أن أبذل جهدي في إنجاح مسيرة الحياة من تعز إلى صنعاء ، وأن أتمسك بالأخلاق الثورية الأخوية ، وأن أكون مخلصاً للعمل الثوري الجماعي ، وأن لا أحدث أي خلاف أو شقاق في صفوف المسيرة .
والله على ما نقول شهيد .
أن هذا القسم وحده يعتبر رداً كافياً على كل التخرصات التي عمدت الإساءة للمسيرة باختزاله أسمى وأرقى القيم والسجايا الثورية النبيلة .
ألقى بعده عبد الحليم الأصبحي كلمة توعوية للمشاركين في المسيرة كيما تظهر على نحو ثوري وأخلاقي حضاري .
وداع معطر بحزن يفتت أقسى صخور الجبال
انطلقت المسيرة خارجة من ساحة الحرية مشياً على الأقدام وليس معها من بهرج الدنيا سوى ( سيارة دينا صغيرة ) خصصت لحمل بعض متعلقات الثوار من بطانيات وملابس أغراض خاصة ، وثلاث سيارات أخرى صالون لأحمد عبد العزيز ، ومرسيدس تابعة لمحمد العريفي ، وهونداي تابعة للشيخ محمد حزام العزعزي خاصة باللجنة الطبية ، وثلاث درجات نارية خاصة بكل من صدام غالب ، وعدنان الصبري .
لم يك مع المسيرة سيارات خاصة للإسعاف ولا للماء .
مرقت المسيرة كالسهم من قوس الثورة الأول ساحة الحرية على مرأى الجنود برداء ارجواني فلسفي ومجنون بأن واحد يعلم الدنيا دروس فن التشبث بالأهداف العظيمة ، وكيف تصنع كل خطوة سيخطها الثوار وطناً يرفض كل القابليات التفاوضية العبثية بمصيره ؟.
انطلقت المسيرة في ر كاب التاريخ خارجة من ساحة الحرية في مشهد مهيب الجلال ، وأبواق مكبرات الصوت تسوق نشيد ثوري لا يملك من يسمعه إلا أن يلتحم على غير إرادة منه بركب المسيرة " جايين جايين ياصنعاء جايين " ..... " من شبوة وذمار جئنا كالإعصار "
تذكرت أمام مشهد انهمار الدموع الغزيرة من عيون تلك الثائرة التعزية وهي تودع المسيرة تذكرت الحديث الذي َرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ أَنَسٍ – رَضِيَ الله عَنْهُ – قَالَ : رَجَعْنَا مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ مَعَ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – فَقَالَ : " إنَّ أَقْوَاماً خَلْفَنَا بِالمَدِينَةِ مَا سَلَكْنَا شِعْباً ، وَلاَ وَادِياً إِلاَّ وَهُمْ مَعَنَا ، حَبَسَهُمُ الْعُذْرُ " .
أحسست كم هو فادح أن يحرم المرء من المشاركة في مثل هكذا جهاد بفعل كوابح العادات والتقاليد التي ما أنزل الله بها من سلطان ، وأمام حرقة قلب تلك الثائرة من عجزها عن المشاركة في مسيرة الحياة لا أخفي على القارئ أنني بكيت معها وهي تقول للثوار الخارجين في المسيرة :
كنت أتمنى أكون معكم ... بس صعب "
ولم تكمل ... احمرت عينيها واغرورقت بالدموع ثم اجترت نهدة من أعمق أعمق درجة في سويداء قلبها المغبون وبالكاد أردفت داعية بكلمات أصفى من الزلال :
قلوبنا معكم ......وأرواحنا ..... وكل كياننا معكم .... الله يحميكم وينصركم إن شا الله "
والرابط التالي يعبر أكثر من الكلمات عن الموقف : http://www.youtube.com/watch?v=QN6q2LUSZEo
وإلى جوارها رفعت أخرى لوحة تتكون من كلمتين بخط بسيط وبلون أحمر ليس ليكون بارزاً فحسب وإنما للتعبير عن دماء الشهداء التي سقطت في دروب ثورة الكرامة والحرية " الله يحميكم "
ثائرة ثالثة رفعت لوحة " لابد من صنعاء وإن طال السفر ........ وأسفل هذا الجزء من بيت الشعر جملة تفيض طلباً وسخطاً .. طلباً من الرب " ربنا يحميكم " ، وسخطاً على الحاكم ودهانقته " ربنا يحميكم من أكلة لحوم البشر "
وبالقرب منها فتاة دون الخمسة عشر ربيعاً تلهج بالدعاء " يا ثوار ربي يحميكم .. يا ثوار ربي ينصركم "
خرجت المسيرة متجاوزة الحوبان في موكب من الجلال والعظمة تتقدمها عدد من الدرجات النارية
وبينما كانت المسيرة تمر قبالة مدينة قيد الإنشاء خاصة ب(صالح) انبرى (الجابري) يهتف في ثوار المسيرة موصياً إياهم : أن تسلم شقق ومساكن هذه المدينة إلى شهداء ثورة 11 فبراير السلمية ، ومسيرة الحياة .
وحين كانت المسيرة تعبر مفرق ماوية كانت هناك مفاجأة التحام عدد كبير من البشر إلى المسيرة ويعزى السر في ذلك أن (الجابري) كان احتاط لاحتمالات إجهاض المسيرة قبل خروجها من الحوبان فأخبر العناصر التابعة له بماوية أن تنتظر فيها ، وحال حدث شئ لا سمح الله من ذلك فسوف ينطلق بأصحابه من ماوية إلى صنعاء .
كانت الساعة قرابة الواحدة والنصف عندما وصلت إلى القاعدة التي اخترقتها بحفاوة بالغة كانت أول وقود شحنت عزيمة من لا تزال نفسه فيها شئ من ماذا لو أو ؟ .
بعد تناول الغداء في القاعدة التي كانت أول مديرية تنضم للمسيرة شدوا عزائم شوقهم وهم يهتفون :
- من تعز الحالمة.. إلى صنعاء العاصمة.. مسيرتنا حاسمة.. ضد العصابة الحاكمة.
ارتقت المسيرة طريق جبل النجد الأحمر الذي شرع يُحي جبال صبر والحجرية كلها شاكراً إياها على إنجابها مثل هذا الرعيل من الرجال .
التفت كثير من ثوار وثائرات المسيرة فوق كتف جبل النجد الأحمر ( نقيل السياني ) يودعون مدينة تعز المتكئة على أقدام جبل صبر ، وجبال الحجرية الشامخة على أمل العودة إليها بأحوال أخرى ، ولسان حالهم ينشد مع الموسيقار عبد الوهاب يا سماء الشرق : أيها السائل عن راياتنا لم تزل خفاقة في الشهب ، تشعل الماضي ، وتسقى ناره عزة الشرق وبأس العرب ، سيرانا الدهر نمضي خلفها وحدة مشبوبة باللهب ، أمما شتى ولكن العلا جمعتنا أمة يوم الندا ، نحن جيل عربي واحد ضمه في حومة البعث طريق .. الهدى والحق من أعلامه وإباء الروح والعهدُ الوثيق ، أذن الفجر على أيامنا وسرى فوق روابيها الشروق .. كل قيد حوله من دمنا جذوة تدعو قلوب الشهداء . نعم الشهداء الذين كانوا ما صعدت المسيرة قمم الجبال ولا هبطت وهاد الأودية إلا وهم محمولين فوق أعناق الثائرين والثائرات .
النجد الأحمر يشهد أن أنس أول شهداء المسيرة
رأس نقيل النجد الأحمر وأمام معسكر الحمزة أشار الجابري إلى إثنين كانوا إلى جواره (ابراهيم الشجري ، وعبده عبدالله الشجري) قائلاً : يحكى أن أخي عبدالله أعدم داخل هذا المعسكر قبل 30عاماً .... لكنني سأدخل صنعاء وسأفتشها سجناً سجناً .
ويعزي هذه الرغبة إلى أنه رغم أنه خريج قانوني ومع ذلك استعصت أمامه هذه السجون ، لكنه عقب نجاح المسيرة والثورة حتماً سيحقق ذلك .
وأثناء ما كان يتحدث بذلك يقول أنه أمسك على قلبه حينما علم بسقوط طفل تحت سيارة ظن أنه نفس الفتى الذي كان سأله قبل دقائق : من جاء به ؟ وكيف دخل المسيرة ؟ فأجابه :
من منطقة حيس .. هرببت على أبي ، والتحقت بالمسيرة .. أشتي اطلع معكم صنعاء .
لكن أتضح أنه طفل أخر عمره دون (15) سنة حد ما قاله لي الرائع مصطفى شرعوب قبل عام وأكد حينها على ضرورة إبراء الذمة من أن ذلك الطفل يعتبر أول شهداء مسيرة الحياة وهو (أنيس العاطفي) الذي سقط بينما كانت المسيرة تتلوى داخل منعرجات الجبل كالافعى حين كان يحاول التعلق بالسيارة محرمة إياه ليس من مواصلة المسيرة وإنما من الحياة برمتها .
وبينا كانوا يعبرون سوق النجد الأحمر ذهبوا يرددون :
- في مسيرة الحياة.. منتصرون ضد الطغاة.. هذا هو حبل نجاة.. صادقين فيما قلناه.
- من تعز الحالمة.. إلى صنعاء العاصمة.. مسيرتنا حاسمة.. ضد العصابة الحاكمة.
- يا شباب اليمن ثوروا.. ياعمال يافلاحين.. لا للسلطة الأسرية.. لا للقتلة السفاحين.
- هذه ثورتنا شعبية.. تقلع حكم الفاسدين.. من أجل الدولة المدنية.. فيها كل اليمنيين.
- عهدا شهداء الحرية.. لن نقبل يابو وجهين.. وهذه ثورتنا سلمية.. فيها كل الكادحين.
- يا تعز يا أم الثورة.. يا عدن يا رمز الوحدة.. من صعدة إلى سقطرة.. صنعاء اليمن حرة.
- يا ثوار أهلاً بكم.. صنعاء رحبت بكم.. الحياة من أجلكم.. تشرفنا بقدومكم.
ومن الزوامل التي راحوا يشحذون بها عزائمهم :
«ياعلي عفاش قم شد وإرحل... في غيابك باتخف المشاكل... قالها الأحرار والشعب كامل... قالها دم الشهيد المناضل».
«قسماً بالله ما اترك خيامي... أو نخونك ياشهيد الكرامة... مستمر في ثورتي واعتصامي... نقتلع عفاش وباقي نظامه».
وحين كان المغرب يرخي أسابيله البالية على نهار يوم العشرين من ديسمبر كانت عيون المسيرة تتطلع صوب مسيرة خارجة من مدينة إب على أضواء الشموع .. راحت تزف مسيرة الحياة إلى حيث أعدت لها أمكنة الاستضافة والمبيت .
المراجع :......................................................................................................
عشرات من التسجيلات الموثقة على مواقع التواصل الإحتماعي واليوتوب .
خلاصة بعض المعلومات المستقاة من عدد من قيادة اللجنة الإشرافية المنظمة للمسيرة وبعض المشاركين فيها .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.