دعت المعارضة في دولة البحرين إلى تنظيم مظاهرة احتجاج ضخمة يوم الأحد القادم تحت شعار "الديموقراطية حقنا الحصار لن يرهبنا" من أجل إجبار السلطات على إنهاء حصار قرية "العكر". و"العكر" هي قرية بحرينية صغيرة جدا لا تتجاوز مساحتها كليومترا مربعا واحدا كما لا يتجاوز عدد سكانها عشرة آلاف نسمة. تحولت فجأة هذه القرية إلى رمز للمعارضة البحرينية التي تقول إن الحكومة تفرض حصارا شاملا على مداخلها وتمنع حتى سيارات الإسعاف من الدخول إليها لمساعدة المرضى. فقد قال المحامي المعارض جاسم سرحان في اتصال مع موقع "راديو سوا" إن آلام الوضع فاجأت سيدة حامل في القرية قبل يومين وعندما استنجدت بسيارة إسعاف من أجل نقلها إلى المستشفى، فوجئت بقوات الأمن تمنع السيارة من دخول القرية ما اضطر السيدة الحامل لوضع طفلها في البيت. وأضاف المحامي سرحان "قوات الأمن ترهب السكان عبر قطع إمدادات الغذاء والدواء ومنع سيارات الإسعاف من الوصول إلى المرضى. هناك شيوخ يحتاجون للعناية الصحية وهناك فتاة تحتاج للسفر إلى السعودية من أجل العلاج الكيميائي لكن السلطات تمنعها من مغادرة القرية". كيف تصف ما يحدث في قرية "العكر" بالبحرين؟ ويشن نشطاء المعارضة البحرينية حملة ضخمة على مواقع التواصل الاجتماعية وعلى رأسها موقعي "تويتر" و"فيسبوك" لكشف ما يسمونه بحملة "الترهيب" التي تشنها السلطات ضد سكان "العكر". فقد قالت ناشطة معارضة تدعى أمينة إنها تمكنت من دخول القرية المحاصرة بعد عدة محاولات فاشلة برفقة عدد من الفتيات، وأفادت أن سيارات الشرطة كانت تسد مداخل أهم الشوارع مع وجود كثيف لرجال الأمن الذين قالت إنهم كانوا يطلقون قنابل مسيلة للدموع بشكل عشوائي. لكن وزارة الداخلية البحرينية نفت بشكل قاطع قيامها بمحاصرة "العكر"، وأوردت على حسابها الرسمي بموقع "تويتر" أن قوات الأمن تباشر عملية تمشيط لتعقب المشتبه في تورطهم في التفجير "الإرهابي" الذي استهدف رجل شرطة صباح يوم الجمعة الماضي وأسفر عن مقتله وإصابة رجل أمن آخر بجراح. كما أوضحت الوزارة في بيان صحفي أن الإنفجار نجم عن قنبلة محلية الصنع انفجرت في منطقة "العكر" الشرقي أثناء مرور رجلي الشرطة فجر الجمعة. الاتحاد الأروبي يدعو إلى مصالحة وطنية ونفى عدد من سكان "العكر" في تصريحات لموقع "راديو سوا" وقوع انفجار سابق في القرية، وقال أحد سكانها الذي رفض الكشف عن اسمه خوفا من انتقام السلطات، إن قوات الأمن قامت بردم الحفرة التي قالت إنها نتجت عن تفجير القنبلة التي قتلت رجل الأمن، وأضاف قائلا "لماذا تردم السلطات الحفرة التي قتل فيها رجل أمن؟ أليس هذا تدمير لأدلة جنائية لقضية مازال التحقيق مستمرا بشأنها؟" كما قال المحامي جاسم سرحان الذي يقطن ب"العكر" أيضا، إن السلطات "تقوم بعقاب جماعي لسكان القرية الذين لا ذنب لهم في ما حصل"، وطالب سرحان بفك الحصار فورا وتمكين المرضى من التوجه إلى المستشفيات وفتح تحقيق مستقل في عمليات الدهم التي استهدفت 53 منزلا و"تسببت في تدمير أملاك خاصة وترويع السكان المدنيين الذين تعرضوا لإطلاق القنابل المسيلة الدموع"، بالإضافة إلى توفير إمدادات الغذاء للسكان الذين منعوا من مغادرة بيوتهم منذ يوم الخميس الماضي والسماح للطلاب من التوجه إلى مدارسهم. وشبّه نشطاء بحرينيون ما يقع في "العكر" بما يحدث في قطاع غزة بالأراضي الفلسطينية، وطالبوا بفك الحصار عن القرية التي أصبح لها حساب خاص على موقع "تويتر" الاجتماعي يقدر عدد متابعيه بالآلاف. وحذرت الناشطة لميس ضيف من مغبة اندلاع ثورة شعبية غاضبة في البحرين بسبب "اعتداء الحكومة على حرمة البيوت وتضييقها على حرية المواطنين"، وقالت "أخاف أن يأتي يوم لا يسمع فيه الغاضبون صوت العقل وكلمات أصحاب العمائم وينفلت الغضب من عقاله ويستحيل معه السيطرة على الوضع". وقد أعربت المفوضة السامية للشؤون الخارجية والأمن لدى دول الاتحاد الأوروبي كاترين آشتون عن قلقها البالغ إزاء تصاعد حدة العنف في البحرين، وناشدت جميع شرائح المجتمع البحريني إرساء أسس المصالحة الوطنية بطريقة سلمية وبناءة ودون تأخير. وأدانت المسؤولة الأروروبية في بيان صدر اليوم عن مكتبها بشدة "أعمال العنف الأخيرة" وقالت إن "من شأن هذه الأعمال تعريض عملية المصالحة الوطنية للخطر". طلب تدخل عاجل للأمم المتحدة كما تقدمت عشر جمعيات حقوقية وسياسية وطبية بحرينية بطلب عاجل إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون من أجل التدخل العاجل لدى الحكومة البحرينية وحملها على "فك الحصار عن منطقة العكر وإرهابها من قبل النظام والانتهاكات المروعة التي تمارس بحق المواطنين فيها"، وقد تم تسليم الطلب رسميا مساء أمس لبيت الأممالمتحدة في العاصمة المنامة. لكن الحكومة البحرينية نفت بشكل قاطع هذه الاتهامات، وقال وزير الداخلية الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة في تصريح أمام مجلسي الشورى والنواب بداية الأسبوع، إن المعارضة تروج ل"إشاعات مغرضة تصدر من بعض الجهات المشبوهة التي تتعمد إثارة الفوضى وتضليل الرأي العام كالتي يروج إليها الآن بأن منطقة العكر الشرقي تخضع لحصار من قبل الشرطة مع العلم بأن الحقيقة مخالفة لذلك تماما حيث توجد نقاط تفتيش بقصد تتبع وضبط باقي المتهمين في واقعة العكر الشرقي". ولم ترد وزارة الداخلية البحرينية على اتصالات متعددة قام بها موقع "راديو سوا" لنقل وجهة نظرها حول ما يحدث في "العكر".