أيها العزيز المفقود، السلام عليك ورحمة الله وبركاته... وبعد. أكتب إليك هذه الرسالة والخوف يحيط بي من كل الجهات، فمنذ أن رحلتَ عنّا وهو يتجول في شوارع المدينة وطرقاتها آمناً لا يخاف أحداً، أشك أنكما قد عقدتما صلحاً فيما بينكما لكي تنالا منّا نحن الضعفاء، هو ليروي عطشه الدموي، وأنت لتنتقم منّا لأننا فرّطنا فيك واعتمدنا على بنادقنا. لقد أرسل لي رسالة (أي الخوف) ليخيفني، مفادها أن أكون حذراً في كل حركاتي وسكناتي وكلماتي، حتى عندما أشيّع أطفالي صباحاً إلى المدرسة، فمن يدري!؟ قد تنفجر سيارة مفخخة بالقرب منّا فتجمعنا لحماً وعظماً، كما اجتمعنا حباً وحناناً. أو قد أتكلّم بكلمة من سخط أحد الوحوش لا ألقي لها بالاً تكون سبباً في دخول رصاصة في صدغي الأيمن وخروجها من الأيسر، وأخرى تخترق صدري لتخرج من قفاي، وثالثة الله يعلم أين ستكون، لأني حينها أكون قد متُ فلن أدري أين سيستقر بها الحال. كما أرسل لي في أخرى صوراً مرعبةً ومفزعة جداً فنال بها منّي، وعندما رآني قد خفتُ، رقص في قلبي طرباً وأخذ يتغنّج ويتدلل ومع كل هزةٍ من هزاته، ترتجف أطرافي ووجهي أيضاً، حتى كدتُ أسقط مغمياً عليّ!! :( عزيزي الأمن، هل تعلم أن رجالك قد أصبحوا مصدر قلقٍ وإزعاج، نفرّ منهم فرارنا من الموت، لأنهم بعد أن رحلتَ عنّا يا عزيزي صاروا جنوداً للخوف يأتمرون بأمره ويرفعون لواءه، وقد ثبت هذا في أوّل يومٍ من أيام هذا العام، وأنت تعلم ما أقصد، وثبت قبلها بمئات الأدلة والشهود وأقوال المنصفين.. وهل تعلم أننا كل ليلةٍ ننام على أصوات الرصاص ونصحو عليها!؟ صارت عصافيرنا وبلابلنا (وغرباننا أيضاً)... وأنا لا أعلم (والله) إلى أين سينتهي الأمر، فمن فرطِ خوفي لم أعد قادراً على التفكير، أخاف أن أستغرق في التفكير فأموت (قتلاً) لأني استغرقت في التفكير، فأسباب القتل صارت خفية وغير معلومة وغير منطقية حتى لمن يَقتُل كما أظن!! عزيز الأمن، أين أنت أيها الوغد!؟ عد إلينا فنحن في أمس الحاجة إليك وإلى لياليك الصافية الجميلة، وأيامك الهادئة الودودة.. فهل ستعود؟