ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل، كثيراً ما نردد هذه العبارة في مواقفنا الصعبة، لتكون لنا خير عزاء في اقتحام المصاعب والتغلب عليها، إنه الأمل الذي يحدونا للاستمرار والمثابرة، ولتحقيق ما نسعى إليه، والأمل هو الاسم الذي اتخذه عدد من الطلاب في جامعة خليفة لمبادرتهم التي يسعون من خلالها لرسم البسمة على وجوه الفقراء، لكن على عكس غيرها من المبادرات، لم يكن الهدف منها تقديم الدعم المادي للمحتاجين، بل اتسمت بصفة جديدة هي تقديم الدعم الأهم، وهو التعليم . "الخليج" التقت عدداً من الطلاب المشاركين في هذه المبادرة وكانت هذه المتابعة . بداية التقينا الطالبة رشا طباشة التي تقول عن هذه المبادرة: "أمل" تهدف إلى تقديم الخدمات والمساعدات المادية وغير المادية للناس البسطاء في المجتمع، بهدف تخفيف المعاناة عنهم، وإدخال الفرحة إلى قلوبهم، ومساعدتهم في التفاعل مع من يحيط بهم، بشكل أكبر، لقد قمنا بعدد من المشروعات تحت لواء هذه المبادرة، كان آخرها تعليم اللغة الإنجليزية لعاملي النظافة في الجامعة، وقد جاءت هذه الفعالية لإزالة الحواجز والعوائق اللغوية، ما بين عمال النظافة وبقية أفراد الجامعة من مدرسين وإداريين وطلبة، وكان عندنا ثلاثة فصول في كل واحد 15 عاملاً وكان يتناوب على كل فصل 4 طلاب، وكانت مدة التدريس ساعة في كل أسبوع واستمرت لستة أسابيع حاولنا خلالها ألا تكون حصصاً روتينية، من خلال إجراء المسابقات، وتقديم الهدايا، والحمد لله كان النجاح حليفنا، وحقق الطلاب تقدماً ملحوظاً باللغة الإنجليزية، وفي النهاية أقمنا حفل تخرج صغيراً، لتسليم شهادات التقدير، وتشير رشا إلى أن هذا البرنامج لا ينتهي عند هذا الحد بل له مراحل أخرى، إذ إن هناك مرحلة ثانية من هذا البرنامج سيخضع خلالها عمال النظافة إلى دروس أخرى في اللغة الإنجليزية، وقد نضم معهم بقية الموظفين كعمال الخدمة، وسيكون مستوى الدروس في هذه المرحلة أعلى من المرحلة السابقة . وتلفت إلى أن مبادرة "أمل" انطلقت منذ شهور عدة وهي تهدف إلى مد يد العون إلى أفراد المجتمع، وتضيف لقد كان برنامج تعليم اللغة الإنجليزية هو الأخير، لكنه لم يكن الأول، فقد سبقه عدد من المشروعات التي قمنا بها مثل إقامة سوق خيري، حيث إن المشاركين بالمبادرة أحضروا أغراضهم الشخصية التي لا يستخدمونها، رغم حالتها الجيدة وقمنا بترتيبها وتوزيعها على العمال البسطاء في مدينة أبوظبي، وقد استطعنا جمع أكثر من 22 كيساً تحوي أشياء مختلفة، كالألبسة والأحذية، وأدوات كهربائية، ولوازم المنزل، ومن ثم رتبناها في صناديق صغيرة بلغ عددها ما يقارب 70 صندوقاً، ووزعناها على المحتاجين . وبدوره يرى الطالب يوسف الحوسني أن الأعمال الخيرية تعزز قيمة الإنسان ويضيف: تعتبر مبادرة "أمل" التي انطلقت في شهر مارس/آذار الماضي من الفعاليات الإنسانية بامتياز، فهي تقترب أكثر من حاجات الإنسان لكافة أشكالها، وما نقوم به من فعاليات يتم بعد مشاورات ومناقشات بين الأعضاء، لنصل إلى القرار الأفضل، إضافة إلى برنامج اللغة الإنجليزية قمنا ببرامج عدة منها فطور رمضاني للعمال، كما قمنا بجمع الكتب المستخدمة ونسقناها، ووزعناها على المستشفيات والسجون، ومازال في برنامجنا الكثير من الفعاليات التي نسعى للقيام بها، فضلاً عن أن أعضاء المبادرة يزدادون باستمرار، وفي البداية كنا أربعة طلاب، اليوم أصبحنا عشرين والعدد في ازدياد، ونحاول أن نقدم يد المساعدة لإخواننا الذين يعيشون على أرض الإمارات الطيبة، ونعتمد على مواردنا الشخصية، ولم نسع للحصول على رعاية من جهة أو شركة ما، ويؤكد الحوسني أن مشروعات مبادرة أمل مستمرة، ففي المستقبل يخططون للمرحلة الثانية، من مشروع تعليم اللغة الإنجليزية، كما أن هناك فكرة لتدريس اللغة العربية لغير الناطقين بها في الجامعة من إداريين ومدرسين وعمال . الطالبة ايناس أزهري شاركت في هذه المبادرة لما يغلب عليها من طابع إنساني جيد وتقول: كثيراً ما كنت أبحث عن مبادرات إنسانية كي أشارك بها، لكن هذا الأمر كان صعباً عليّ خارج الجامعة لأني لا امتلك سيارة، فلما عرفت بمبادرة "أمل" سارعت للتطوع فيها، كثيرة هي المبادرات الإنسانية لكنها تختلف من حيث الشكل، والأجمل أنها تجعلنا نساند المحتاجين ونتعلم منهم الصبر والابتسامة رغم المعاناة . من خلال مبادرة "أمل" أتيحت لي الفرصة للإسهام في نشر بسمة على وجوه البسطاء في هذا المجتمع، الذين نراهم كل يوم ويتركون أثراً في حياتنا، لكننا لم نفكر في رد الجميل لهم الذي لايكون بالمال فحسب، بل بإضفاء روح السعادة عليهم وأن تشعرهم بأن لهم دوراً في هذا المجتمع، لقد قمت مع زملائي بتعليم عمال النظافة في الجامعة مبادئ اللغة الإنجليزية . وعن بقية الفعاليات التي شاركت فيها تقول إيناس: "شاركت في فعالية "صندوق" وهي بالتعاون مع راديو ون، وقامت هذه الفعالية على توزيع صناديق على الطلاب الذين قاموا بملئها بالحاجات اليومية . عبدالرحمن الحضرمي يرى أن مثل هذه الفعاليات ضرورية لتقوية العلاقات الإنسانية في المجتمع، ويقول الحضرمي: لم أكن من المؤسسين لمبادرة أمل، بل شاركت في الفعالية الأخيرة وهي فعالية تعليم اللغة الإنجليزية لعمال النظافة في الجامعة، ولم يكن الهدف من الفعالية تحسين أداء عمال النظافة، بل كان الهدف منها تنمية مهاراتهم للتواصل مع بقية أفراد الجامعة، فأنا اليوم وبعد نهاية البرنامج أدخل الجامعة وألقي السلام على عمال النظافة فيردون عليّ بمحبة وأسألهم عن أحوالهم فيجيبونني بتلقائية، وهذا الأمر لم يكن ممكناً قبل هذا البرنامج . ويؤكد الحضرمي أن هذه هي المرحلة الأولى من البرنامج، وهناك برامج لاحقة، ويقول: لقد شعرنا من خلال النتائج بأهمية العمل الذي قمنا به، وهذا الشعور يدفعنا قدماً للاستمرار وتطوير مستوى العمل، فهناك برامج مكملة سنقدم فيها دروساً جديدة للعمال وغيرهم من الراغبين في تحسين مستواهم في هذه اللغة . وبدوره أكد تود لارسن رئيس الجامعة أهمية هذه الفعاليات التي تكسر الحواجز ما بين الناس، وتعمق أواصر الترابط الإنساني وأضاف بالقول: يسرنا أن نرى طلبتنا يقومون بمبادرات لمجتمع الجامعة، حيث إن الطلبة وبلا شك قد استفادوا بدورهم من تلك التجربة، مما يجعلنا فخورين بهم فإبداعهم ظهر في مجالات عدة .