الخميس 17 يناير 2013 12:58 صباحاً عدن ( عدن الغد ) خاص الكل حولي يقول أني ميت, جثتي قد تعفنت وهاهي رائحة الموت تنبعث من بقايا ملابسي.(كرامة الميت دفنه) لكن أنا لم يدفني أحد!! هل المقابر تكدست عليها أجساد الموتى أمثالي أم الناس حولي خافوا من الاقتراب من جثتي لئلا تنزل عليهم لعنة الموت أم هل يوجد هناك سبب آخر غاب عن ذاكرتي الآن وأنا أسرد لكم قصتي..لا أدري؟؟ ففي ذلك النهار الذي مت في منتصفه تشاجرت وزوجتي على إهمالها المتواصل للبيت والأولاد, أعوام طويلة من الزواج غصباً وبركاني أبى في الأخير إلا أن يثور فرميت عليها الطلاق ولتذهب هي وأبوها وأهلها وأولادي إلى الجحيم. خرجت من البيت منتشياً وأخيراً ( أنا حر) ولست مضطراً لاحتمال عاماً آخر مع زوجة مهملة ونكدية وأولاد نسخة طبق الأصل عن أخوالهم. في طريقي الطويل للمدرسة رأيت المدير يمشي معي جنباً إلى جنب..مبتسماً لي, مربتاً على كتفي ناعتني بالأستاذ النجيب والمربي الفاضل,متفاخراً بصولاتي وجولاتي في مجال التربية والتعليم..ذاكراً أمامي أسماء أوائل طلابي الذين هم اليوم(أطباء ومهندسين ووزراء) تفاجئت من مدح المدير أعتقدتها أول مرة فقلت لنفسي: عشرون عاماً تحت ظل زوجة كزوجتي جعلني ذلك أرى العالم حولي بمنظار قاتم فلربما كان مديري يربت على كتفي كل صباح وينعتني بكل الصفات الحميدة حتى نصل سوية إلى المدرسة لكني لم أرى ذلك طيلة هذه الأعوام.. الحمد لله أني تخلصت من تلك المرأة. انتهى الدوام المدرسي كالعادة وفي طريق العودة اعترضني جمع غفير من الناس دققت في الوجوه فإذا هم (بيت عمي) كلهم من صغيرهم إلى كبيرهم ممسكين بعصيهم وجنابيهم وسكاكينهم. عمي صرخ في وجهي: كيف تطلق ابنتي بعد كل هذه السنين يا...., لم أسمع آخر كلمة إلا وعصا غليظة هوت على رأسي فهويت على الأرض غارقاً في بحر دمائي( ضربة عصا من يد عمي المفتري) كفيلة بأن تدخلني عشرون عاماً أخراً في ( كوما) فما بالكم بالطعنات والركل والضرب من الجميع حولي. تفرق الناس بعد أن تأكدوا أني قد أصبحت جثة هامدة, انتصف النهار الآن وأنا ميت مرمي على قارعة الطريق في وسط الحارة, أقدام تمر حولي وأصوات تتعالى: لا اله إلا الله قتلوه بيت عمه لأنه طلق ابنتهم. - لماذا لا تدفنوه ؟؟ حرام ياناس كرامه الميت دفنه.. - عمه أمر بقتل أي شخص سيقوم بدفنه. - دعوه لا يقترب من جثته أحد فهو يستحق كل ما جرى له.. عرفت هذا الأخير فهو صوت(عمي المفتري) قتلني ولم يسمع مني أسبابي لتطليق ابنته. ( كرامة الميت دفنه) وأنا قد عشت عشرون عاماً دون كرامة فالحمد لله أني مت في الأخير بكرامتي.. أنا الميت الوحيد على ظهر الأرض الذي يتكلم ويروي قصته وأنتم تعرفون أن ( الموتى لا يرون القصص) لكن حالتي هنا استثنائية لأني ميتٌ حي أروي قصتي بنفسي ولم يدفني أحد حتى الساعة.!! * من: شيماء باسيد