وهب الأعضاء يمنح الحياة مواضيع ذات صلة على الرغم من صدورة فتوى واضحة في مصر تجيز التبرع بالأعضاء لأي محتاج سواء من إنسان حي أو ميت إلا أن المواقف تجاه العمل الانساني هذا ما زالت متضاربة بين مؤيد يرى فيه خير لكل مريض يحتاج الى الحياة ومعارض يرى في الأمر ضرورة الحفاظ على حرمة جسد الميت. نتوقف في التقرير التالي عند تجربة مصر مع عملية وهب الأعضاء سواء للناحية القانونية أو الاجتماعية، وذلك بعد ان استعرضنا الواقع اللبناني من القضية في حلقة أمس. القاهرة: في مصر أكثر من نصف مليون مريض يحتاج لزراعة القرنية، كما هناك 10 آلاف مريض يحتاج لزراعة الكلى ومثلهم بالنسبة للكبد، لهذا كان القانون الذي صدر منذ سنين في مصر يمثل طوق النجاة لهؤلاء المرضى، لولا أن ثقافة التبرع بالأعضاء في البلاد غير منتشرة بشكل كبير وكثيرون يحجمون عنها لأسباب مختلفة. وصفت منظمة الصحة العالمية مصر في عام 2010 بأنها "مركز" للاتجار بالأعضاء البشرية،" قائلة إن هذا البلد كان واحداً من خمس بؤر للاتجار بالأعضاء البشرية، وحاولت مصر تعديل هذا التصنيف بأن أقرت قانون في نفس العام كان قد عطل سابقا لمدة 14 سنة بسبب الخلافات القانونية والفقهية حوله. لكن القانون الجديد لم يحل المشكلة بشكل كامل، على الرغم من وجود 22 مؤسسة طبية في مصر مرخص لها أن تمارس عمليات نقل الأعضاء. القانون المصري تقف أمامه بعض المعوقات أهمها أنه لائحته حصرت نقل الأعضاء في حالات التبرع، وهي ثقافة ليست منتشرة بالقدر الكافي، حسب الدكتور محمد حافظ رئيس وحدة زراعة الكلى بمستشفى القصر العيني بالعاصمة المصرية القاهرة، الذي قال أن الخلافات الفقهية السابقة لاقرار القانون مازالت ترمي بظلالها على المواطنين إلى الآن، بجانب أن تبرع الإنسان بعضو من جسده سواء في حياته أو بعد وفاته تمثل ثقافة جديدة على المجتمع، الذي كانت حرمة جسم الإنسان متجذرة فيه، بعمق في الثقافة المصرية، حيث كان المصريون القدماء يحنطون الموتى ويضعونهم في توابيت، وطالب بنشر ثقافة الإيثار والتبرع بأجزاء الجسد خاصة بعد الوفاة، حيث يكون هناك من على قيد الحياة ويفقد التواصل بشكل طبيعي لإصابته بأحد الأمراض التى تقعد الإنسان عن مسايرة الحياة بشكل سوي، مشيرا إلى أن المتوفى الواحد إذا تبرع بأعضائه ينقذ 8 أشخاص من خلال الاستفادة من كليتيه، فصى الكبد، الرئتين، القلب والبنكرياس بالإضافة إلى القرنية. مواقف متباينة سيد عثمان، موظف، 35 سنة، قال ل«إيلاف»، "أنا ممكن أتبرع بأعضاء من جسدي في حالة وحيدة، إذا كانت لأحد أفراد عائلتي فقط"، مشيرا لاحتمال وقوع ضرر عليه من أجراء هذه العملية، كما يمكن أن يتعرض لمرض في المستقبل يحتاج معه للجزء الذي تبرع به، وبالنسبة لبعد الوفاة، قال إن لجسد الميت حرمة لا يجب اختراقها . مني حسنين، 40 سنة، ربة منزل، أكدت ل "إيلاف" أنها شخصيا لاتمانع في هذا طالما الشرع يسمح به، وقالت: " الدين حثنا على التراحم والتآخي، خاصة لذوي القربى، ويمكن لأي شخص أن يكون مكان المريض ويطلب المساعدة" وهو ما اتفق معه رياض عبدالسلام 40 سنة، مهندس، وقال: "لا أمانع في التبرع بأعضاء جسدي بعد موتي، لأني سمعت شيخ الأزهر السابق الدكتور سيد طنطاوي يوصي بالتبرع بقرنيته"، وأضاف أن التبرع بالأعضاء فكرة جيدة، لكن يجب تنظيمها، ووضع إطار قانوني محكم لها حتى لا تنقلب إلى تجارة خاصة أن نسبة كبيرة من المصريين تحت خط الفقر. الخلاف الفقهي لعل الخلاف بين علماء الدين كان السبب الرئيسي لتعطل صدور قانون نقل الأعضاء هو الخلاف بين علماء الدين، حول تعريف الموت، ولكن بالنسبة للتبرع بالأعضاء فقد أجازه مجمع البحوث الاسلامية حسب الدكتور محمد رأفت عثمان أستاذ الشريعة الإسلامية وعضو المجمع، مشيرا إلى أن الفتوى الصادرة من مجمع البحوث منذ سنوات بخصوص التبرع بنقل الأعضاء البشرية، التي أكدت ان التبرع بعضو أو أعضاء من جسد الميت الى الانسان الحي مبني على القاعدة الفقهية المشهورة وهي ان الضرر الأشد يزال بالضرر الأخف، حيث أن الضرر الأشد هنا يتمثل في بقاء الانسان الحي عرضة للمرض الشديد أو الهلاك المتوقع والضرر الأخف يتمثل في أخذ الشيء من إنسان ميت لعلاج إنسان حي في حاجة شديدة إلى هذا العضو.