ارتبط التراث الشعبي اليمني النضالي ارتباطاً مباشراً منذ القدم بحياة الإنسان خصوصاً والشعب عموما حتى أصبح يرافقه في حله وترحاله ليلائم الظروف التي يعيشها الوطن وتعيشها الجماهير الأبية من أبناء الشعب اليمني إبان ما قبل ثورتي سبتمبر واكتوبر المجيدتين ضد الحكم الإمامي الكهنوتي في الشمال وحكم الاستعمار الانجلو سلاطيني في ما كان يعرف آنذاك بجنوب اليمن.. ومع كل المعاناة المريرة والاضطهاد والظلم التي ذاقها الإنسان اليمني على أيدي هؤلاء الطغاة الجبابرة إلا أنه أبى الخضوع والإذلال على أن يعيش بحرية مطلقة في ظل دولة يمنية موحدة مشعلا ثورة، بل ثورات ضد الكهنوت ليحرر اليمن من الظلم الجائر في الشمال ويطرد الاستعمار الأجنبي في الجنوب المحتل، لتلعب الكلمة دوراً نضالياً أساسياً في إشعال الثورة وتحقيق الانتصارات العظيمة في سبتمبر 1962م وأكتوبر 63م. إباء وصمود وكان للشعر الشعبي دور كبير في النضال ضد الظلم والتعسف والاضطهاد والاستبداد والاستعمار عبر العصور المختلفة حيث سجل لنا الشاعر الشعبي عاطف غرامة عبيد صورة من مرحلة الكفاح المسلح ضد تلك القوى الغاشمة قائلاً: رشاش، رشاش بردفان حن فرج همومي وضيقي والألم والحزن يا أقطاع، يا أقطاع كم جرعتني من عفن وكم نهد خاطري من جور ظلمك وأن بحرث نهاري ليلي ما هجعت الوسن بتعرض السيل بالوادي بسور الوهن وانته بقصرك منظم لك كراسي وفن شربي من السيل وانته شربك إلا لبن تنام فوق القطايف والفراش الحسن وانا على الرمل مرمي دون قطعة كفن سلاحي الفأس والرشاش رأس الوثن ماليشيا الشعب سدت نافذات الخون يا زهرة الورد يا شادي ربوع الوطن فلاحك اليوم سن الفأس للظلم سن عاش المعلم وعاشت يد تعمل مهن تنتج مصانع حديثة لاقتصاد الوطن ملاحم وطنية وقد كان لهذه الكلمات معاني ودلالات ذات أبعاد عن حالة البؤس والشقاء والظلم والإذلال الذي كان يخيم على أبناء الشعب في ظل الاستعمار الانجلوسلاطيني والذي يتمتع بالرفاهية ورغد العيش. حيث كان للكلمة وقع كبير ومؤثر في نفوس الثوار اليمنيين الذين كانوا يرددون هذه الأشعار الحماسية فتجعلهم أكثر صلابة وقوة ضد المستعمر.. وهنا تغنى أحد الشعراء الشعبيين واصفاً تجبر المستعمر البريطاني قائلاً: صاب الفرنجي سافي الدنيا عمل ما عاد خلى سابي سالي سلاه شل الحمولة من على ظهر الجمل خلَّى الجمل يسرح ومأوى في خلاه انتصار ثورة وتتألق الملاحم الشعبية من كل حدب وصوب في هذا الوطن الغالي متزعمة النضال أو الكفاح ضد المستعمر البريطاني وفضح جرائمه وانتهاكاته، حاثة الأبطال على مواصلة الكفاح والنضال من أجل الحياة والانتصار وتحرير اليمن من المحتل الغاصب وطرده خائباً منها دون رجعة، حيث قال شاعرنا إدريس حنبلة في قصيدته المعنونة ب"أنشودة ردفان": أنت يا شعبي قوي لا تبالي أنت يا ردفان يارمز النضال قد رضعنا الموت في ساح الوغى وارتوينا منه كالماء الزلال ثم خضناها حروبا لم تزل وقعها كالسهم في قوس النبال همنا نحيا حياة حرة ليس فيها موطئ للاحتلال نحن ثوار أردنا حقنا سوف نفديه بأرواح غوالي سوف نجلي الأجنبي عن أرضنا ونرد الكيد في نحر الضلال ونرى الأفق كريما باسماً شغفاً يزهو بألوان الجمال لقد انتصرت ثورتا سبتمبر واكتوبر المجيدتان وحققتا أهدافهما التي انطلقتا من أجلها ليواكب اليمن عملية البناء والتنمية والتحولات الاجتماعية الجديدة.