فاجأ الحزب الاشتراكي اليمني الأوساط السياسية منتصف الأسبوع الفائت عندما علق مشاركته في الحوار الوطني المرتقب ب12 بنداً، طالب رئيس الجمهورية وحكومة الوفاق الوطني بتنفيذها أولاً تمهيداً لعقد الحوار الوطني.. عبدالناصر المملوح ولعل وجه الغرابة ان الاشتراكي، بعكس ما هو عليه حال الحوثيين والحراك الجنوبي وشباب الساحات، يعتبر أحد الأطراف الموقعة على المبادرة الخليجية بآليتها التنفيذية المزمنة، ما يعني ان أية شروط من قبله خارج المبادرة لا معنى لها بل وتعتبر عراقيل أمام الحوار كاستحقاق وطني. ويأتي من بين ما طرحه الاشتراكي مؤخراً في البيان الصادر عن الأمانة العامة الأسبوع الفائت: توجيه اعتذار رسمي لأبناء الجنوب لما لحق بهم من أضرار جراء حرب 94م، ودفع مرتبات ومستحقات من فقدوا مصادر دخلهم وإعادة الممتلكات والأموال التي تم الاستيلاء عليها بعد تلك الحرب سواء كانت خاصة بالأفراد أو الأحزاب أو النقابات أو الدولة، وهو الأمر الذي جعل مراقبين يذهبون بتحليلاتهم إلى القول بأن: "بيان الاشتراكي يبدو كما لو انه موجه في الأساس لشريكه في المشترك حزب الإصلاح أكثر مما هو موجه لحزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم سابقاً". وفي حين يرى البعض ان هذه الخطوة غير موفقة من الحزب الاشتراكي وان ما قدمه هو اشتراطات تعجيزية لا تخدم مشروع الحوار الوطني وأهدافه الوطنية الكبرى، أو كما ورد في تحليل نشرته صحيفة "الصحوة" الناطقة بلسان الإصلاح في عددها الأخير: "إذا كانت مكونات الحوار وأطرافه تسعى منذ الآن لفرض رؤاها على مؤتمر الحوار بل وتعتبرها شروطاً ضرورية لمشاركتها فما الذي يمكن ان تؤمله من حوار كهذا؟!".. قال الأستاذ يحيى الشامي –عضو المكتب السياسي في الحزب الاشتراكي – إن ما قدمه الحزب ليس شروطاً بقدر ما هو مقترحات، ولن تثني الحزب عن المشاركة في الحوار الوطني المرتقب في حال لم يتم تنفيذها من قبل الجهات المعنية. وأوضح الشامي في حديث مقتضب لصحيفة "الجمهور": "ان ما تضمنه بيان الأمانة العامة من بنود ليست جديدة وليست تعجيزية، هي مطالب مشروعة وتأتي متسقة مع ما تضمنه مشروع رؤية الانقاذ الوطني المقدم من اللجنة المصغرة للحوار والذي يعتبر اللقاء المشترك أبرز مكوناتها". وفي رده على سؤال بخصوص ان هذه المطالب تفوق قدرات الرئيس التوافقي وحكومة الوفاق، بل وفي حال كان بمقدورهما تنفيذها قبيل انعقاد الحوار فلماذا الحوار أصلاً؟!.. قال الشامي: "إن هذه المطالب ليست مستحيلة وأن بالإمكان تنفيذها".. مشدداً على أهميتها وان تنفيذها يعد ضرورة لخلق نوع من الثقة المجتمعية سيما والكل يعرف حجم الضيم والغبن الذي لحق بأبناء الجنوب والحزب الاشتراكي اليمني إثر حرب 94 الظالمة. ويرى الشامي – وهو القيادي في المشترك- عكس ما يراه آخرون من ان أية مطالب ينبغي تأجيلها إلى حين انعقاد الحوار قائلاً: "ما تضمنه بيان الاشتراكي من مطالب لا تحتاج إلى حوار بشأنها.. الحوار سيكون في القضايا المفصلية أو الأساسية مثل شكل الدولة وما إلى ذلك". وعما إذا كان الاشتراكي قد طرح مطالبه على اللقاء المشترك – باعتباره أحد مكوناته- قبل ان يضطر لاصدار بيان بشأنها منفرداً باسم الحزب، أكد الشامي أن شيئاً من ذلك لم يحدث تقريباً، وان من حق الاشتراكي أصلاً كما هو حال بقية مكونات المشترك ان يصدر بياناً منفرداً.. موضحاً بأن الاشتراكي لم يعترض يوماً على أي من مكونات المشترك والتي كثيراً ما أصدرت بيانات منفردة، بل ان الاشتراكي هو الأكثر حرصاً على التوافق في اطار تكتل المشترك ولعل هذا هو البيان اليتيم للاشتراكي الذي يصدره منفرداً. وفيما إذا كان الاشتراكي سيتقدم برؤية منفردة إلى الحوار الوطني في حال لم يقتنع شركاؤه في المشترك برؤيته، أجاب عضو المكتب السياسي يحيى الشامي بالايجاب: "اعتقد ان من حق الاشتراكي ذلك كما هو حق لغيره باعتبار ان المشترك كتكتل سياسي لا يعني إلغاء مكوناته". وفي حين يرى مراقبون أن مصلحة حزب الإصلاح ان تبقى صورة المشترك كما هي أثناء مرحلة الحوار كي يستمر في اختزال شركائه والتحدث بصوت واحد – صوت الإصلاح- ذهب الأستاذ يحيى الشامي في ختام حديثه ل"الجمهور" إلى القول بأن الاشتراكي يتعامل مع الحوار الوطني المرتقب من كونه يتطلب وضوحاً أكثر للرؤى دون مهادنة أو تكتيك مرحلي "الحوار ليس خطوة تكتيكية مرحلية.. الحوار سيرسم مستقبل البلد الدستوري والقانوني والسياسي والاجتماعي، ومن هذا الأساس تأتي نظرة الاشتراكي". وكانت الأمانة العامة للحزب الاشتراكي اليمني دعت رئيس الجمهورية وحكومة الوفاق إلى اتخاذ جملة قرارات متصلة بالقضية الجنوبية قالت انه سيكون من شأنها بناء الثقة والتمهيد لحوار وطني جاد، وأورد بيان الأمانة العامة للحزب يوم الأحد 12 اقتراحاً رأى ان من شأنها التمهيد لحوار جاد يعالج القضية الجنوبية لو صدرت بصيغة قرارات.