بعيداً عن ضجيج المؤتمر العام الثالث وما سبقه من مؤتمرات وفعاليات وورش عمل، تتصاعد أنات المغتربين اليمنيين، لتؤكد أن قضية أخرى تحتاج لما هو أكبر وأكثر وأهم من الوثائق والأدبيات والخطب وحفلات الاستقبال والبيانات الختامية.. معاناة المغتربين اليمنيين لا تتوقف عند معوقات الاستثمار بل تتجاوز ذلك إلى ماهو أخطر.. استثمارات المغتربين وأراضيهم وممتلكاتهم في اليمن تتعرض للنهب والسطو والقرصنة والاحتيال والسمسرة والبيع والشراء، من قبل السماسرة والنهابة والمتنفذين والقراصنة. والتسابق على سلب وابتزاز ومضايقة المغتربين لم تعد ميادينه مقصورة على مكاتب استخراج التراخيص الاستثمارية التي يتوالد فيها السماسرة والمبتزون، بل تمتد إلى المحاكم والهيئات القضائية ومكاتب السلطات المحلية والمركزية بفعل متنفذين كبار، يقودون عصابات النهب والسمسرة والسطو في مناطق عدة، ويحظون بحماية تمنع عنهم يد القانون وأحكام القضاء أحياناً.. مشاكل الأراضي ونهبها والبسط عليها والنزاعات حولها تتصدر كل قضايا المغتربين والمستثمرين اليمنيين والعرب والأجانب، مثلما هي تتصدر قضايا المواطنين الذين يترددون على المحاكم، ويتنازعون ويتقاتلون أحيانا في كثير من المناطق، لكنها فيما يتعلق بالمغتربين تزداد حدة وسوءاً، إذ تتعدد فيها أساليب النهب والاحتيال والنزاع والابتزاز، بدءاً ببيع أراضٍ وهمية ومروراً ببصائر مزورة وانتهاءً بتشكيل عصابات سطو محمية بمتنفذين لنهب الأراضي التي تسيل لعاب النهابة، وما أكثر النماذج والعينات التي يقف عليها المتابعون، وحرصنا هنا على عرض تفاصيل إحداها للاستشهاد فقط: مأساة محمد علي حسين.. نموذج محمد علي حسين عبدالله مغترب في المملكة العربية السعودية منذ 1970 انضم له أولاد أخيه وعددهم ثلاثة ليصبحوا أربعة مغتربين، أفنوا جل أعمارهم في الغربة، لكن الوطن لم يغب عن أذهانهم كما لم يتجاهلوا أهلهم داخل الوطن. جمعوا ما كسبوه خلال سنوات الغربة، ليقيموا لهم ولأهلهم في الوطن مشروعاً استثمارياً يكون مصدر عيشهم الكريم هم ومن يعملون معهم. ولأنهم من أسرة فلاحية اختاروا الزراعة لتكون مجال استثمارهم وكسبهم. وفي عام 1407ه/ 1987م اشتروا أرضاً باسم أحد إخوانهم في اليمن احمد علي محسن عبدالله الحرازي، في قاع تهامة مديرية باجل في منطقة تسمى "شرج الحمرة" وقاموا باستصلاحها وغرسها بأشجار المانجو والجوافة وبعض الفواكه والخضروات. وبعد مرور عشرين سنة وهم يزرعون ويقلعون ويستثمرون على مرأى ومسمع من أهل المنطقة الذين يقرون لهم بالحق في كامل أرضهم التي اشتروها وثبتوا عليها، بدأت العيون الزائغة تصوب سهامها نحو أرضهم المستصلحة والمزروعة. طامع خلفه طامعون بعد كل هذه الفترة ظهر لهم غريم منازع يدعى احمد الحيمي ينازعهم في جزء من الأراضي على أساس انه اشتراها، وانضم إلى هذا المنازع جماعة من السماسرة الذين يزرعون الشقاق والخلافات ويتسلقون على أكتاف الآخرين. هؤلاء السماسرة تقاسموا مهام الأذية بين بائع وشاهد وكاتب و...و.. الخ، وليسوا وحدهم بكل تأكيد، فوراءهم نافذون كبار يساندونهم وليسوا سوى أدوات للسطو والنهب و"السلبطة". مؤشرات النفوذ على مسمع أمن وسلطة مديرية الحجيلة اعتدوا على صاحب الأرض أحمد علي محسن، الذي يقوم برعاية الأرض وزراعتها ومعه إخوانه وأولاده وذهبوا إلى محكمة باجل ليدعوا على أصحاب الأرض بالاعتداء على حقهم، وتمكنوا بأساليبهم وبنفوذ من يدعمونهم أن يختلقوا المشاكل والمعوقات لأصحاب الحق، والتفوا على كل مفاصل أجهزة السلطة وحشدوا ما لديهم من مال ونفوذ ونافذين لشراء ذمم السماسرة، التي على إثرها جاء تجاهل كل وثائق وأدلة وشهود أصحاب الحق، وأصدر ضدهم حكم في غيابهم يقضي بانتزاع جزء من أرضهم مستندة إلى بصيرة بيد غرمائهم تحكي أنهم اشتروا أرضا على بعد 25 معاداً من أرض الحرازي "بحسب الشكوى".. صاحب الحق محبوس وعلى الرغم من تغيير قاضي محكمة باجل الذي أصدر الحكم "العجيب" إلا أن حاكم باجل الجديد بحسب الشكاوى والمناشدات يتجاهل التماسات أصحاب الحق، ويمارس عليهم الضغوط للقبول برأيه الذي لا يستند لأية حيثيات أو براهين، ويتجاهل حقهم في مواصلة الدفاع عن أنفسهم وحقوقهم أمام سلطات القضاء في جميع درجاته. ضغوط غير مشروعة وتقول الوثائق والمناشدات التي وصلتنا ان حاكم باجل يستغل سلطته القضائية ويناصر طرفاً على آخر ربما بدعم ومساندة نافذين كبار، ويلقي بالقائم على الأرض ومالكها الشرعي أحمد علي حسين في السجن لستة أشهر، حتى هذه اللحظة. ويطالبه بالامتثال لرغبة غرمائه والتنازل عن حقه ولو بصلح أو أي مبرر، ولا يكتفي بذلك بل يتوعده أنه سيبقى في السجن "حتى يهدم" على حد تعبيره. مناشدات ووثائق هذه الحكاية ليست من الخيال بل من مآسي باجلالحديدة، حملتها إلينا رزمة من الوثائق التي يفوق حجمها ووزنها حجم ووزن وثائق وأدبيات مؤتمر المغتربين المنعقد في صنعاء منذ أيام. وبين هذه الوثائق بصيرة الملكية وتقرير العدول وحكم ثبوت الملكية والمخطط الكاروكي للأراضي المملوكة لأحمد الحرازي المحبوس وأخوانه المغتربين في المملكة السعودية، والذين لم يتردد أحدهم "محمد علي محسن" عن تحرير المناشدات العاجلة التي يستغيث فيها بوزير العدل ورئيس الوزراء ورئيس مجلس النواب والتفتيش القضائي ورئيس مجلس القضاء الأعلى وفخامة رئيس الجمهورية. فضلاً عن مناشداته السابقة لوزير الخارجية ووزير المغتربين ووزير حقوق الإنسان فهل ثمة من يستجيب..؟!!.