الموازنة العامة للدولة 2013م.. كارثة حكومية بامتياز (2) - الحكومة لم توفر أبسط اشتراطات المانحين وحرمت البلاد من المنح والتمويلات الخارجية - تزايد الانفاق الجاري على حساب الانفاق الرأسمالي يعد خللاً كبيراً في هيكل الموازنة - الحكومة منحت الدفاع والداخلية 2.5% من مخصصات الأجور والمرتبات باجمالي 404 مليارات وبزيادة 321% عن عام 2012م - الداخلية والدفاع جندتا في عامين 200 الف جندي دون أي معايير أو احتياج فعلي - ما تم من تجنيد خارج الموازنة تسبب في تضخيم النفقات واجهض نظام البصمة والصورة الذي كان قد وصل الانجاز فيه إلى 94% - الحكومة حصرت 90% من الارباح المتوقعة في 3 وحدات اقتصادية وحددت حصتها في 35 وحدة ب10%!! - ايرادات الدفاع والاشغال العسكرية والتوجيه المعنوي لا وجود لها اطلاقاً في موازنة حكومة باسندوه - تقديرات الموارد الذاتية غير النفطية لا تغطي حتى مرتبات وأجور موظفي الدولة وتعهدات المانحين لا وجود لها في الموازنة - الحكومة رفعت نفقاتها العامة رغم عدم تحسن موارد الموازنة - تقرير اللجنة البرلمانية : وزير الدفاع قال بأن عمليات التجنيد تمت خارج خطط الوزارة ودون علمها.. ووزير الداخلية تهرب من الرد مقدمة: تناولت صحيفة "الجمهور" في العدد السابق أبرز الاختلالات في البيان المالي للموازنة العامة للدولة، والتي كشفها تقرير رسمي صادر عن اللجنة البرلمانية المكلفة بدراسة مشروع موازنة 2013م.. وفي هذا العدد تواصل الصحيفة طرح أهم ما كشفته اللجنة البرلمانية من اختلالات في مشروع الموازنة العامة على المستوى المركزي تركزت تقديرات الموارد العامة الذاتية في مشروع الموازنة العامة للدولة 2013م المقدم من الحكومة، على عائدات: النفط والغاز والإيرادات الضريبية والجمركية وحصة الدولة من فائض أرباح الوحدات الاقتصادية، بمبلغ اجمالي ترليون و893 مليار ريال وبما نسبته 98%. وإزاء ذلك انتقدت اللجنة البرلمانية في تقريرها اعتماد الحكومة في موازنتها العامة للدولة في جانبها الايرادي على عائدات النفط في ظل ما يشهده أداء هذا القطاع من تراجع في الإنتاج سنة إثر أخرى. واعتبرت اللجنة في تقريرها التراجع المتوقع في الموارد العامة للدولة يعكس المخاوف التي نبهت إليها اللجنة أثناء مناقشة موازنات عام 2012م والأعوام السابقة، محذرة من خطورة الاعتماد على عائدات النفط كمورد رئيسي لتمويل الموازنة وتغطية التزايد الكبير في النفقات العامة، الأمر الذي يوسع الفجوة بين الإيرادات والنفقات العامة في ظل التنامي المستمر للانفاق الجاري وسيطرته على هيكل الانفاق العام للدولة. وأشارت اللجنة البرلمانية في تقريرها إلى ان مستوى التحصيل الضريبي لا يزال دون الوصول إلى الطاقة الضريبية المتاحة في جميع الأوعية الضريبية، مشددة على ضرورة قيام الحكومة بتطبيق قانون الضريبة العامة على المبيعات والذي سيسهم في زيادة الحصيلة الضريبية إذا ما تم تطبيقه بالكامل. وأوصى تقرير اللجنة البرلمانية بالزام الحكومة برفع كفاءة تحصيل الموارد الضريبية والجمركية ووضع الآليات الكفيلة بتحصيل تلك الموارد، وذلك من خلال تطوير وتحديث الإدارة الضريبية والجمركية والتطبيق الكامل للقوانين الضريبية والجمركية وفي مقدمتها قانون ضريبة المبيعات واتخاذ الإجراءات القانونية للحد من ظاهرة التهرب الضريبي والتهريب الجمركي، وتعزيز إجراءات الرقابة على المنافذ الجمركية ومحاسبة كل المتهربين من المكلفين والمقصرين من المسؤولين في تحصيل تلك الموارد. وإذ أظهر مشروع الموازنة زيادة قدرها (18.3%) في حصة الحكومة من فائض أرباح الوحدات الاقتصادية للسنة المالية 2013م بمبلغ 228 مليار و300 مليون ريال، فقد كشف تقرير اللجنة البرلمانية عن تركز هذه الزيادة بنسبة 90% في 3 وحدات فقط هي: البنك المركزي اليمني بنسبة 69%، والمؤسسة العامة للنفط والغاز بنسبة 11%، والمؤسسة العامة للاتصالات السلكية واللاسلكية بنسبة 10%، بينما قدرت الحكومة حصتها في بقية الوحدات البالغة 35 وحدة بمبلغ 23 مليار و400 مليون ريال وبنسبة 10% فقط!!. كما كشف تقرير اللجنة البرلمانية عن عدم ظهور أي موارد في مشروع موازنة وزارة الدفاع للعام 2013م لعدد من الدوائر التابعة للوزارة، والتي تمارس في جانب كبير من اختصاصاتها أعمالاً وأنشطة ذات عوائد وإيرادات ورسوم كبيرة، ومن تلك الوحدات والدوائر على سبيل المثال: "دائرة الأشغال العسكرية ودائرة التوجيه المعنوي". ومن خلال دراستها لتقديرات الموارد العامة الذاتية المقدرة في مشروع الموازنة والبالغ اجماليها ترليون و942 مليار ريال، فقد لاحظت اللجنة البرلمانية ان تلك الموارد بالكاد تغطي تقديرات نفقات "المرتبات والأجور، الاعانات المالية، دعم المشتقات النفطية، فوائد الدين الداخلي" والبالغ اجماليها ترليون و852 مليار و200 مليون ريال. كما لاحظت اللجنة في تقريرها بأن اجمالي تقديرات الموارد الذاتية غير النفطية البالغة 897 مليار ريال والمتمثلة في ايرادات "الضرائب والجمارك والزكاة، حصة الدولة من فائض أرباح الوحدات الاقتصادية، الرسوم والعوائد الأخرى"، لا تغطي تقديرات الباب الأول "المرتبات والأجور" البالغة 905 مليارات و600 مليون ريال. وبين تقرير اللجنة البرلمانية موارد كبيرة في مشروع الموازنة تحت مسمى "أخرى" بمبلغ 134 مليار و300 مليون ريال وبنسبة 6% من اجمالي تقديرات الموارد العامة، واعتبر تقرير اللجنة هذا الإجراء يتعارض مع مبدأ الشفافية والافصاح عن البيانات المالية. ولفت التقرير إلى واحدة من أبرز الاختلالات في الموازنة العامة للدولة والمتمثلة في عدم حدوث تحسن في موارد الموازنة العامة، يواكب النمو الكبير الذي تشهده النفقات العامة. وشدد التقرير على ضرورة التزام الحكومة بمعالجة الاختلالات القائمة في هيكل الموازنة العامة وذلك من خلال ترشيد وخفض النفقات الجارية وتنمية الموارد النفطية وغير النفطية، كما شدد التقرير على ضرورة التزام الحكومة بتخفيض عجز الموازنة بما يكفل عدم تجاوزه للحدود الآمنة وعدم القيام بتمويل عجز الموازنة من مصادر تضخمية وغير آمنة والعمل على ترشيد الانفاق وتنمية الموارد. وأشارت اللجنة البرلمانية في تقريرها إلى عدم تضمن مشروع الموازنة العامة للدولة لتعهدات المانحين التي حصلت عليها بلادنا في مؤتمر لندن ومؤتمري الرياض ونيويورك 2012م، حيث تراجعت الاجتماعات المرصودة من موارد القروض والمنح الخارجية المقدرة للعام 2013م بنسبة 41% عن ربط موازنة 2012م، لافتة إلى التدني الملحوظ لنسبة السحب من المنح والقروض الخارجية حتى نهاية عام 2011م، حيث لم تتجاوز نسبة المستخدم إلى اجمالي قيمة المنح والمساعدات (33.5%)، وهو ما اعتبرته اللجنة مؤشراً على استمرار العديد من المعوقات والاختلالات الفنية والهيكلية التي تعاني منها العديد من الجهات المستفيدة من تلك التمويلات مما يحول دون زيادة القدرة الاستيعابية لتعهدات المانحين من المنح والقروض الخارجية. وارجعت اللجنة البرلمانية ما وصفته "اخفاق الحكومة في استيعاب التمويلات الخارجية" إلى عدم قيام الحكومة بتوفير أبسط اشتراطات المانحين، المتمثلة بدراسات الجدوى الاقتصادية ومعالجة مشاكل الاراضي المخصصة لاقامة المشاريع الممولة من المنح والقروض الخارجية. وأوصت اللجنة البرلمانية في تقريرها الحكومة ممثلة بوزارة التخطيط والتعاون الدولي والجهات المستفيدة من القروض، بوضع الآليات التنفيذية وتبسيط الاجراءات للاستفادة المثلى من المنح والقروض الخارجية المخصصة للمشاريع التنموية المختلفة، وبما يكفل كسب ثقة المانحين وسرعة السحب من تلك الموارد ومحاسبة الجهات المتسببة في عدم الاستفادة من تلك المنح والقروض. وفيما يتعلق بجانب الاستخدامات العامة في مشروع الموازنة العامة للدولة 2013م كشف تقرير اللجنة البرلمانية عن اختلال كبير في هيكل الموازنة العامة للدولة من خلال هيمنة تقديرات الانفاق الجاري على اجمالي تقديرات نفقات الموازنة، حيث بلغت تقديرات الانفاق الجاري حوالي 2 ترليون و190 مليار و100 مليون ريال ويشكل ما نسبته (82%) من اجمالي الاستخدامات، في حين لم يتجاوز الانفاق الرأسمالي والاستثماري 477 مليار و200 مليون ريال وبما نسبته 18% من اجمالي تقديرات الاستخدامات العامة. واعتبرت اللجنة البرلمانية أن تزايد الانفاق الجاري على حساب الانفاق الرأسمالي والاستثماري "يشكل خللاً كبيراً في هيكل الموازنة، ولا يتفق مع ما وعدت به حكومة الوفاق الوطني في برنامجها المقدم إلى البرلمان والمتمثل في ترشيد الانفاق الجاري وزيادة حجم الانفاق الاستثماري الحكومي المتعلق بمشاريع الخدمات الأساسية والبنى التحتية في ظل الاحتياجات المجتمعية وبالأخص مجالات التنمية البشرية، الأمر الذي يوجب على الحكومة الوقوف الجاد لمعالجة هذا الخلل". وكشف تقرير اللجنة البرلمانية عن تركز النفقات الجارية وبنسبة (83.5%) على أربعة مجالات هي: الأجور والمرتبات (905 مليارات و600 مليون ريال) ودعم المشتقات النفطية (348 مليار ريال) وفوائد الدين المحلي (347 مليار ريال) والاعانات المالية (227 مليار و700 مليون ريال). وفي سياق تناوله لتقديرات الباب الأول (الأجور والمرتبات) التي تمثل ما نسبته 41% من اجمالي تقديرات الانفاق الجاري، لفت تقرير اللجنة البرلمانية إلى استحواذ وزارتي الدفاع والداخلية على النسبة الاكبر من اجمالي نفقات هذا الباب والتي تصل إلى النصف تقريباً (45%) وباجمالي 404 مليارات و600 مليون ريال، وذلك بزيادة قدرها 61 مليار ريال، بما نسبته 321% من صافي الزيادة في تقديرات نفقات موازنة الباب الأول مقارنة بعام 2012م. وإذ بين تقرير اللجنة البرلمانية في هذا الصدد بأن ما تم تجنيده عامي 2011م و2012م في وزارتي الداخلية والدفاع قد بلغ 200 الف جندي تقريباً، فقد كشف التقرير عن فضيحة مدوية لوزير الدفاع، حيث أورد التقرير نص إفادة وزير الدفاع ب"ان ذلك التجنيد لم يكن ضمن خطط وزارة الدفاع وتم دون علمها"!!. ونوه التقرير بتهرب وزير الداخلية عن حضور اللقاء المحدد له من قبل اللجنة البرلمانية لمناقشة ما تم تجنيده خارج إطار الموازنة في وزارة الداخلية. وأكدت اللجنة البرلمانية في تقريرها بأن ما تم من تجنيد في الجيش والأمن خارج إطار الموازنة وبعيداً عن أي معايير أو خطط أو احتياج فعلي، قد أدى إلى تضخيم نفقات الباب الأول "المرتبات والأجور"، وتسبب في عدم استكمال نظام البصمة والصورة بحسب البرنامج الزمني والذي كان من المقرر الانتهاء من تنفيذه منتصف عام 2011م، وبعد ان كانت نسبة الانجاز في عملية التجميع قد بلغت 94% نهاية عام 2010م. وبحسب تقرير اللجنة البرلمانية فإن حكومة الوفاق لم تتخذ أي إجراءات للحد من التصاعد المستمر في تقديرات الباب الأول "المرتبات والأجور"، وتنظيف كشف الراتب من الوهميين والمزدوجين رغم ما تم صرفه على هذا المشروع من مبالغ كبيرة سواء بتمويل محلي أو أجنبي. وأوصى تقرير اللجنة مجلس النواب بالزام الحكومة باستكمال تطبيق نظام البصمة والصورة، بما يكفل إزالة الأسماء الوهمية والمزدوجة في وزارتي الدفاع والداخلية وجهازي الأمن القومي والأمن السياسي خلال موعد أقصاه سبتمبر 2013م، مع الزام وزارة الخدمة المدنية بموافاة مجلس النواب بتقارير ربعية تفصيلية عن مستوى تنفيذ نظام البصمة والصورة في وزارتي الدفاع والداخلية وبقية الأجهزة الأمنية. وشدد التقرير على ضرورة الزام الحكومة ممثلة بكل من وزارات الدفاع والداخلية والمالية بإيقاف أي تجنيد جديد من بداية عام 2013م وعدم التجنيد بدل الفرار أو المتقاعدين، وإلزام وزارتي الدفاع والداخلية وكافة الأجهزة العسكرية والأمنية بإبلاغ وزارتي الخدمة المدنية والمالية أولاً بأول بتخفيض الأثر المالي المترتب على حالات الفرار والتقاعد، وكذا الزام وزاتي الدفاع والداخلية وجهازي الأمن القومي والأمن السياسي باستكمال بناء قواعد بيانات موظفيهم في إطار قاعدة البيانات المركزية بوزارة الخدمة المدنية، بحيث تشمل كافة البيانات عن كل موظف خلال موعد أقصاه نهاية شهر يونيو 2013م، على ان تقوم وزارة الخدمة المدنية بموافاة المجلس بتقارير تفصيلية عن مستوى الانجاز في هذا الشأن. وشدد التقرير على ضرورة قيام وحدات الخدمة العامة وبصورة عاجلة بتحديث واستكمال قواعد بيانات موظفيها في إطار القاعدة المركزية لوزارة الخدمة المدنية، واستكمال تطبيق نظام البصمة والصورة خلال موعد أقصاه مارس 2013م، وان تلتزم وزارة المالية ابتداءً من يونيو 2013م التزاماً صارماً بالابلاغ بمصرحات الأجور والمرتبات لوحدات الخدمة العامة من خلال البيانات الآلية التي تستخرجها من قاعدة البيانات المركزية بوزارة الخدمة المدنية، والتي يجب ان تتم من خلال ربط شبكي بين الوزارتين. كما أوصى تقرير اللجنة البرلمانية بتشكيل لجنة مشتركة مكونة من وزارات الدفاع والداخلية والخدمة المدنية والمالية والجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، وتحت اشراف لجنتي الدفاع والمالية بمجلس النواب، وذلك للتأكد من سلامة الاجراءات التي تم اتباعها في عملية التجنيد خلال عامي 2011م و2012م في وزارتي الدفاع والداخلية وتقديم تقرير بذلك إلى مجلس النواب خلال فترة أقصاها يونيو 2013م.