الوطن اليمني كان دوما لكل أبنائه وكانت دوماً المسؤولية تجاه قضاياه وما يواجهه من تحديات ومخاطر تقع على عاتق الجميع.. هذه القاعدة، ولم يكن لها استثناءات سوى أولئك الذين ارتبطت مصالحهم بإبقاء شعبنا متخلفاً يرزح تحت الطغيان والقهر والفرقة والتمزق التي حاول تأبيدها العهد الإمامي، الاستعماري، التشطيري فتجاوزه اليمانيون بالثورة والوحدة اليمنية، ولكن مخلفات تلك العهود البائدة بقيت تخفي مراميها وأهدافها متحينة الفرص للتعبير عن حقدها حسب المعطيات والظروف والأوضاع التي مر ويمر بها الوطن اليمني، وهي بكل تأكيد تغير في الشكل وتحتفظ بمضمون غاياتها لتعيش حالة تناقض بين ما تظهره وما تبطنه.. مغيرة تحالفاتها حسب متطلبات المناخ السياسي الداخلي والخارجي. واللافت في الآونة الأخيرة أن هذه القوى التي لا يجمعها جامع- بفعل التناقضات التاريخية في منحاها المصلحي والأيديولوجي والتبعية قد تلاقت على غاية واحدة، وهي الإضرار بالوطن ووحدة أبنائه ونهجه الديمقراطي ليجتمع رافعو الشعارات الدينية المذهبية مع التيارات العلمانية والقومية وهدفهم إلحاق الضرر والأذى باليمن ومصالحه ووحدة أبنائه الوطنية، وهذا يفسر لنا سر التحالف غير المقدس بين دعاة الفتنة والدعوات الفوضوية والتخريب والإرهاب، وهي خلطة عجيبة تتقاطع فيها المتوازيات والمتضادات لتأخذ مساراً واحداً لنخلص إلى استنتاج أن هؤلاء يجمعهم الشر ويفرقهم الخير، مع إدراكنا أنهم يغردون خارج مسار هذا الشعب العظيم، وواهمون إن كانوا يتصورون أن بإمكانهم النيل منه ومن وحدته ونهجه الديمقراطي وأمنه واستقراره وغايته ورقيه وازدهاره. وحتى تكون الصورة والحقيقة ساطعة والحق بيناً، علينا أن نبسط الأمور كما هي، ونسمي الأشياء بمسمياتها، ونترك للقارئ الحكم بعيداً عن تأويلات ردة الفعل اللحظية العابرة فمن عصابات التخريب والإرهاب في صعدة، إلى متطرفي وإرهابي القاعدة مروراً بحراك الفوضى لدعاة الانفصال وثقافة الكراهية، وصولا إلى من لفظهم شعبنا منذ أمد بعيد إلى مزبلة التاريخ من معارضة فنادق الخمسة نجوم في العواصم الأقليمية والأوربية.. ليتجلى المشهد في المشاريع الهزيلة التي يروج لها هؤلاء جميعاً في مخرجات خطابهم السياسي الإعلامي المفضوح بدعواتهم المشبوهة إلى "الفيدرالية" بأبعادها التقسيمية الانعزالية التي أسقطها شعبنا بالأمس وسيسقطها اليوم، ولا مستقبل لمروجي مؤتمرات وأجندة لا ترى في الوطن إلا مشروعاً استثمارياً وصفقة تجارية مربحة، وبعقلية التاجر يتعاطون مع قضاياه ويحاولون استغلال ما يواجهه من صعوبات موضوعية وذاتية تجاوزها وتتطلب اصطفافاً لكل القوى الشريفة التي فعلا يهمها اليمن ووحدته ونهجه الديمقراطي واستقراره ونماؤه ورقيه، وهذا كله يحققه حواراً وطنياً تحت سقف الوحدة وتحت مظلة الدستور وعلى قاعدة النهج الديمقراطي التعددي.