في كل دول العالم المنفتحة والقائمة على النظام الديمقراطي – عريقة أو ناشئة- نجد أن أحزابها قد تختلف على الرؤى والتوجيهات وأساليب العمل، لكنها لا تختلف "إطلاقا" على المسلمات والقيم العليا للوطن ولنهجه السياسي الديمقراطي. أمّا عندنا فإن الأمر يختلف تماماً عن بقية خلق الله.. فالمعارضة ونعني بها تحديداً أحزاب المشترك، تمثل أكبر عائق للتجربة الديمقراطية لأنها -حتى اللحظة- لم تدرك مسؤوليتها أو دورها أو واجبها بعد، حتى تتكامل العملية السياسية وينعكس بالتالي مردودها الايجابي على الوطن والشعب. مرت البلاد وتمر اليوم بظروف غاية في الصعوبة عناوينها جملة من التحديات الكبيرة على مختلف الأصعدة السياسية والوحدوية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها من المجالات، التي تتطلب الاصطفاف الوطني الشامل والجامع من مختلف ألوان الطيف السياسي خاصة الحزب الحاكم والمعارضة، لكن الأخيرة تؤثر أن تكون على مقاعد المتفرجين ترقب من بعيد وتشاهد وتتصيد أخطاء الحكومة والحزب الحاكم، ظناً منها أن ذلك هو الطريق الصحيح لتحقيق بغيتها السياسية والحزبية، متناسية أن تلك الفكرة دون مشاركة سياسية فاعلة منها ستقصيها عن الفعل الوطني والديمقراطي الايجابي. بلادنا تنعم اليوم بالنظام الديمقراطي التعددي، الذي أتاح للجميع المشاركة الايجابية في الحكم وتداول السلطة سلمياً، وحرية الرأي والرأي الآخر.. وهو الأمر الذي ترسخ عبر سنوات ومحطات ديمقراطية صقلت الجماهير والأحزاب على حدٍ سواء، إلاّ أحزاب " المشترك" المعارضة، حيث كانت دائماً خارج هذا الفعل الايجابي، بل كانت عامل جذب إلى الوراء على قاعدة تدمير الوطن والشعب والنيل من هذه التجربة الديمقراطية الفريدة، التي عجزوا عن التكيف معها. تلك الأحزاب المعارضة المسماة ب " المشترك" لم تع بعد دورها ومهمتها كمعارضة حتى اللحظة، لذلك ظلت مسكونة في خانة " الاتجاه المعاكس" هي تعارض كل شيء، ومن أجل كل شيء، حتى وإن كان على حساب الوطن والشعب والتجربة الديمقراطية.. فلا شيء لدى قيادتها يهم على الإطلاق، فهم لا يقبلون بأسس الديمقراطية.. وهم يلغون الآخر ويرفضون الحوار، ولا يؤمنون بأي نهج إلا نهجهم حتى وإن كان ذلك على حساب الوطن والشعب والديمقراطية، لا يهم.. لأن شعارهم وتوجهاتهم المنسلخة عن الإجماع الوطني والشعبي تقوم على قاعدة " علي وعلى أعدائي" أو" أنا ومن بعدي الطوفان".. حتى وصلوا إلى حالة ميئوس منها لا يستطيع معها أي وطني مخلص غيور أن يصلح من شأنهم شيئاً أو يردهم عن غيهم إلى جادة الصواب.