حتى وقت قريب لم تستخدم الدراجات النارية كوسيلة للمواصلات في مديرية الحزم محافظة الجوف، أما اليوم فالوضع مختلف.. حيث انتشرت الدراجات النارية بشكل كبير وأقبل عليها الشباب العاطلون عن العمل مما أدى إلى ازدياد الحوادث المرورية. "الجمهور" استطلعت آراء مجموعة من سائقي الدراجات النارية وضحايا حوادثها حول أسباب انتشارها وكثرة حوادثها.. يرى البعض أن أسباب الحوادث المرورية للدراجات النارية تعود إلى اعتمادها في توازنها على السائق، وبالتالي لا بد أن تكون درجة التركيز عالية عند السائق غير أن أغلب من يمارسون هذه المهنة مراهقون يهوون السرعة.. والمؤسف أن هؤلاء طلاب تركوا مقاعد الدراسة ليغطوا نفقات أسرهم من هذا العمل. فيما يعتبر البعض انتشار هذا النوع من وسائل المواصلات دلالة على استيطان الفقر والحاجة وقلة الوسائل البديلة الآمنة كالسيارات مثلاً، وهذا الوضع المعيشي الصعب هو الذي جعل أحد الشباب يأتي على متن دراجة نارية من مديرية برط التي تبعد عن مركز المحافظة بحوالي 120 كيلو عبر جبال وعرة وطرق غير معبدة إلى مركز المحافظة "الحزم"، ولكم أن تتصوروا حجم الإرهاق الذي سيلاقيه هذا الشاب. تركت المدرسة يقول الأخ يحيى محمد مسعد: "تركت المدرسة وتوجهت إلى السوق للعمل بالدراجة النارية من أجل أن أتمكن من كفالة أسرتي بعد وفاة والدي رحمه الله، وفي ظل ارتفاع الأسعار هذه الأيام نضطر أن نعمل أي شيء يوفر لنا ما نحتاجه من ضروريات الحياة". عملية ب900 ألف أما الأخ محسن علي السيد فقد قال: "تعرضت أثناء قيادتي لدراجة نارية لحادث مع سيارة بجوار قسم الشرطة، وأسعفوني إلى صنعاء لأن قدمي انكسرت فأجريت عملية ب 900 ألف ريال، ولدي عودة لإخراج المسامير بمبلغ 120 ألف ريال، وهذا مبلغ مكلف في ظل الظروف الصعبة، لذا أوجه رسالة إلى أهل الخير بأن يتعاونوا ويتكافلوا مع محدودي الدخل، وقد نصحت زملائي بأن ينظروا إلى حالتي ليتركوا هذا العمل ولكنهم رفضوا نصيحتي". السرعة شيء طبيعي أما صادق غيثان فيقول: "استخدم السرعة عندما يكون العمل متأخراً خصوصاً آخر الشهر، والسرعة أصبحت شيئاً طبيعياً ولكنني أشعر بالخوف عندما أشاهد حادثاً لأحد زملائي". الصغار هم السبب حميد محمد العماري قال بأنه يعمل على دراجة نارية منذ 12 عاما وأنها حرفته الوحيدة.. محملاً المرور والأمن مسؤولية تنظيم السوق.. مضيفاً بالقول: "أغلب من يعمل معنا هم من الصغار والمراهقين، وهم من يتسبب في الحوادث لفقد سيطرتهم على الدراجة وقلة الخبرة، ونادراً ما ينجو صاحبها من الأذى كالكسور والتشوهات وقد تكون مميتة بعض الأحيان". وعورة الطريق الأخ عبدالله جعوان - سائق دراجة نارية من برط - قال بأن هذه الدراجات منتشرة في مناطق برط بسبب سهولة حركتها وقلة قيمتها، ولا سيما أن هناك صعوبة في طرق السيارات بسبب المرتفعات الجبلية، وأن أكثر من يستخدمها العاطلون عن العمل.. لكنه اكد أن حوادثها قليلة في برط مقارنة بالمناطق الأخرى. تسرب الطلاب أما المواطن محمود جراد من رجوزة فقد أرجع أسباب لجوء الصغار للعمل على هذه الدراجات إلى الفقر.. مبيناً أن ذلك أدى إلى تسرب الطلاب من المدارس واتجاههم للأعمال الأخرى. غياب المرور من جهته يقول الأخ عرفج عبدالله الذي يعمل معلما إن سبب حوادث الدراجات النارية يأتي من غياب المرور أو عدم قيامه بدوره في تنظيم حركة السير، ووجودها في وسط السوق، وسرعة أصحاب الدراجات النارية. الأسهل والأخطر ويرى الأخ محمد عيظه – طالب جامعي - أن: "الدراجات النارية من أسهل الأعمال وأخطرها في نفس الوقت، وسائقوا الدراجات يسرعون من أجل اختصار الوقت ولكن على حساب أرواحهم وأرواح الركاب". ويقول نبيل محمد – سائق دراجة نارية :" تركت الدراسة وعملت في قيادة الدراجات النارية فوقع لي حادث توفي فيه صاحب الدراجة الأخرى وتعرض راكب آخر لكسور.. ومن أسباب الحادث أن الخط كان ضيقاً بالإضافة إلى وجود طالبات ذاهبات إلى المدرسة في نفس الخط، لكن قدر الله وما شاء فعل وأنا تركت العمل نهائيا.. وأوجه رسالة لزملائي الطلاب بالابتعاد عن هذا العمل والعودة إلى المدرسة". لا توجد أعمال عبدالله رازح - سائق دراجة نارية - قال: "أعمل هنا في الجوف لأعيل أسرتي في ظل تدهور المعيشة وصعوبة الحصول على عمل آخر". تحديد سن السائقين أما الأخ احمد يحيى جمعان - سائق دراجة نارية - فيقول: "أنا أعمل على دراجة بالإيجار وعندي أسرة كبيرة ومدخول العمل لا يكفي لسد احتياجات الأسرة، وأنا مع تحديد سن لهذا العمل ما بين 30 و 40 سنة بحيث تكون الخبرة أو اكتمال العقل موجود لدى السائق لتفادي الحوادث التي نشاهدها يوميا". قلة الراتب المواطن عبدالله ثابت - أحد ضحايا الدراجات النارية - قال: "تعرضت لحادث مروري وأنا على دراجة نارية والناس حملوني المسئولية مع أن المشكلة قد يتسبب فيها سائق السيارة في بعض الأحيان، وسبب بعض الحوادث عدم القدرة على التحكم بالفرامل أثناء السرعة.. ويضيف ثابت :"بعد الحادث ذهبت إلى صنعاء وقد كسرت قدمي وأصيب وجهي ورأسي بكدمات وأنا طريح الفراش منذ أكثر من شهر، وخسرت حوالي 170 ألف".. لافتاً إلى أن الظروف المعيشية الصعبة وقلة المرتبات دفعت ببعض الموظفين للعمل في هذه المهنة لتوفير ما يستطيعون إرساله إلى أسرهم بحسب قوله