الرئيس الزبيدي: نلتزم بالتفاوض لحل قضية الجنوب ولا نغفل خيارات أخرى    #سقطرى ليست طبيعة خلابة وطيور نادرة.. بل 200 ألف كيلومتر حقول نفط    الحوثيون يستعدون لحرب طويلة الأمد ببنية عسكرية تحت الأرض    آرسنال يفوز على بورنموث.. ويتمسك بصدارة البريميرليج    الثلاثاء القادم في مصر مؤسسة تكوين تستضيف الروائيين (المقري ونصر الله)    من يسمع ليس كمن يرى مميز    مكتب الأوقاف بمأرب يكرم 51 حافظاً وحافظة للقران من المجازين بالسند    معاداة للإنسانية !    صندوق النقد الدولي يحذر من تفاقم الوضع الهش في اليمن بفعل التوترات الإقليمية مميز    نقابة الصحفيين والإعلاميين الجنوبيين تصدر بيانا مهما في اليوم العالمي لحرية الصحافة (3 مايو)    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 34 ألفا و654 منذ 7 أكتوبر    الحرب القادمة في اليمن    في ظل موجة جديدة تضرب المحافظة.. وفاة وإصابة أكثر من 27 شخصا بالكوليرا في إب    من هي المصرية "نعمت شفيق" التي أشعلت انتفاضة الغضب في 67 بجامعة أمريكية؟    4 مايو نقطة تحول في مسار القضية الجنوبية!    أبطال المغرب يعلنون التحدي: ألقاب بطولة المقاتلين المحترفين لنا    خبير اقتصادي بارز يطالب الحكومة الشرعية " بإعادة النظر في هذا القرار !    الرئيس العليمي يوجه بالتدخل العاجل للتخفيف من آثار المتغير المناخي في المهرة    تحديث جديد لأسعار صرف الريال اليمني مقابل العملات الأجنبية    بدء دورة للمدربين في لعبة كرة السلة بوادي وصحراء حضرموت    تعز مدينة الدهشة والبرود والفرح الحزين    منظمة: الصحافة باليمن تمر بمرحلة حرجة والصحفيون يعملون في ظروف بالغة الخطورة    وفاة فتاة وأمها وإصابة فتيات أخرى في حادث مروري بشع في صنعاء    المخا الشرعية تُكرم عمّال النظافة بشرف و وإب الحوثية تُهينهم بفعل صادم!    اسقاط اسماء الطلاب الأوائل باختبار القبول في كلية الطب بجامعة صنعاء لصالح ابناء السلالة (أسماء)    الحوثيون يعتقلون فنان شعبي وأعضاء فرقته في عمران بتهمة تجريم الغناء    مارب تغرق في ظلام دامس.. ومصدر يكشف السبب    ماذا يجرى داخل المراكز الصيفية الحوثية الطائفية - المغلقة ؟ الممولة بالمليارات (الحلقة الأولى)    ترتيبات الداخل وإشارات الخارج ترعب الحوثي.. حرب أم تكهنات؟    تن هاغ يعترف بمحاولةا التعاقد مع هاري كاين    اخر تطورات الانقلاب المزعوم الذي كاد يحدث في صنعاء (صدمة)    تعرف على تفاصيل القبض على "حليمة بولند" بعد اختفائها في منطقة العدان    معركة مع النيران: إخماد حريق ضخم في قاعة افراح بمدينة عدن    أفضل 15 صيغة للصلاة على النبي لزيادة الرزق وقضاء الحاجة.. اغتنمها الآن    الهلال السعودي يهزم التعاون ويقترب من ملامسة لقب الدوري    تتقدمهم قيادات الحزب.. حشود غفيرة تشيع جثمان أمين إصلاح وادي حضرموت باشغيوان    بالفيديو.. داعية مصري : الحجامة تخريف وليست سنة نبوية    فالكاو يقترب من مزاملة ميسي في إنتر ميامي    الوزير البكري يعزي الاعلامي الكبير رائد عابد في وفاة والده    أمين عام الإصلاح يعزي في وفاة أمين مكتب الحزب بوادي حضرموت «باشغيوان»    دوري المؤتمر الاوروبي ...اوليمبياكوس يسقط استون فيلا الانجليزي برباعية    صحيح العقيدة اهم من سن القوانين.. قيادة السيارة ومبايض المرأة    بعد إثارة الجدل.. بالفيديو: داعية يرد على عالم الآثار زاهي حواس بشأن عدم وجود دليل لوجود الأنبياء في مصر    أيهما أفضل: يوم الجمعة الصلاة على النبي أم قيام الليل؟    طقم ليفربول الجديد لموسم 2024-2025.. محمد صلاح باق مع النادي    لماذا يُدمّر الحوثيون المقابر الأثرية في إب؟    ناشط من عدن ينتقد تضليل الهيئة العليا للأدوية بشأن حاويات الأدوية    الارياني: مليشيا الحوثي استغلت أحداث غزه لصرف الأنظار عن نهبها للإيرادات والمرتبات    أثر جانبي خطير لأدوية حرقة المعدة    الصين تجدد دعمها للشرعية ومساندة الجهود الأممية والإقليمية لإنهاء الحرب في اليمن    ضلت تقاوم وتصرخ طوال أسابيع ولا مجيب .. كهرباء عدن تحتضر    الخميني والتصوف    جماعة الحوثي تعيد فتح المتحفين الوطني والموروث الشعبي بصنعاء بعد أن افرغوه من محتواه وكل ما يتعلق بثورة 26 سبتمبر    انتقالي لحج يستعيد مقر اتحاد أدباء وكتاب الجنوب بعد إن كان مقتحما منذ حرب 2015    مياه الصرف الصحي تغرق شوارع مدينة القاعدة وتحذيرات من كارثة صحية    المخا ستفوج لاول مرة بينما صنعاء تعتبر الثالثة لمطاري جدة والمدينة المنورة    النخب اليمنية و"أشرف"... (قصة حقيقية)    - نورا الفرح مذيعة قناة اليمن اليوم بصنعاء التي ابكت ضيوفها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د.محمد الظاهري ل(الجمهور): "الفيدرالية" و "النظام البرلمان" لايصلحان لليمن
نشر في الجمهور يوم 15 - 08 - 2009

لا يكترث استاذ العلوم السياسية الدكتور محمد الظاهري بالمشيخ وما إلى ذلك، ويرى ان القبيلة تشكل في الوقت الراهن عائقاً أمام الديمقراطية.. رغم انه نجل شيخ قبيلة آل الظاهري بمديرية دمت محافظة الضالع.
يحسبه المراقبون على حزب الإصلاح فيما هو ينفي انتماءه الحزبي مبرراً ذلك إلى افتقار مختلف الأحزاب اليمنية بما فيها الإصلاح لما وصفه بالهواء النقي "الشفافية" التي يحتاجها..
فند الدكتور محمد الظاهري – من مواليد 62م- ما اسماها بمثالب حزب الإصلاح، وهو اقرب الأحزاب إلى نفسه وفقاً للمراقبين..
كما فند نقاط ضعف المشترك، واسباب تعثر حوارات المشترك والحزب الحاكم مشدداً على غياب الرؤية لدى الجميع تجاه ما يواجه اليمن من أزمات..
حاوره/ عبدالناصر المملوح
تصوير/ أحمد أحسن عامر
** لنبدأ معك من الجامعة.. انت ومن خلال عملك في قسم العلوم السياسية بجامعة صنعاء تحرض الطلاب على الانضمام للاحزاب؟
- صحيح.. أنا احرض طلابي أولا على التحرر من ثقافة الخوف واذكرهم دائما عندما أبدأ محاضراتي ان المادة (52) تقول ان لدور العلم ودور العبادة حرمة، ولذلك لا يجوز مراقبتها أو تفتيشها في حدود القانون.. واشدد دائما على ان المبدعين في مجال البحث العلمي ليسوا عندنا أو في الوطن العربي بشكل عام، وانما هناك في دول العالم المتقدم حيث لا خطوط حمراء ولا صفراء.
** افهم من كلامك انك مع ممارسة العمل الحزبي داخل الجامعات والمدارس؟
- أنا أفرق بين العمل السياسي والعمل الحزبي.. وانا اكلم طلابي دائما واقول لهم فليكن لكل منكم انتماؤه الحزبي، فلتكن مؤتمرياً، اشتراكياً، اصلاحياً، ناصرياً.... الخ، لكن بشرط ألا يحدث نوعاً من التعصب الحزبي وان تؤجل انتماءك الحزبي إلى خارج الكلية.
** سؤالي واضح ومحدد: هل أنت مع ممارسة العمل الحزبي داخل الجامعات أم لا؟
- أنا ضد التعصب الحزبي، لكن المشكلة ان لدينا ثقافة مغلوطة عن الحزبية، حيث يفهمها الكثير بانها التعصب ونفي الآخر، وهذا خطأ، الحزبية هي مؤسسة حديثة تؤدي وظائف عديدة ترسخ مفهوم التكامل الوطني والتكامل القومي وتعبر عن مصالح اعضائها، وتراقب الحزب الحاكم، وبالتالي استطيع اقول إن الحزبية فهمت غلطاً عندنا في اليمن وكأنه يفترض ألا نمارسها في الجامعات.
** لكن اغلب جامعات العالم والمعتبرة منها لا تسمح بممارسة العمل السياسي الحزبي، ولا تتيح في اروقتها الانشطة الحزبية الموجهة والمؤدلجة وهذه الجامعات واقعة في دول ذات ديمقراطية عريقة، إيماناً منها باستقلال الرسالة العلمية الاكاديمية وتنزيه العلم من أفون السياسة؟
- نحن نميز منهجياً بين مفهوم الحزب والحزبية وبين مفهوم العملية السياسية أو الانتماء السياسي أو الرؤية السياسية، على سبيل المثال نحن كأكاديميين لدينا رؤى سياسية وناقدون للأوضاع، لكن -وبالنسبة لي شخصيا - لا اتيح الفرصة لأبنائي الطلاب والطالبات التي من شأنها إحداث صراعاً حزبياً داخل قاعة المحاضرات.
** معنى ذلك انك ترى ان استفحال العمل الحزبي في المؤسسات التعليمية يشكل ضرراً بالعملية التعليمية وعلى الجانب الاكاديمي بشكل عام؟
- بالضبط.
افتقار الأحزاب
** اسمح لي.. تحرض الطلاب في الجامعة للانضمام في الأحزاب فيما انت لا تزال حتى اللحظة مستقلاً، حسب قولك؟
- صحيح.
** لماذا؟
- لأسباب عديدة: أولا قصور مفهوم الحزبية في اليمن، ثانيا ان مقرات الأحزاب، الحاكم والمعارضة للاسف عجزت ان تفتح نوافذ مقراتها كي يدخل الاكسجين النقي الذي احتاجه.. أنا احتاج هواءً نقياً ومن جملة الأسباب الأساسية التي جعلتني مستقلاً حتى اللحظة انني كباحث أو كأكاديمي أشعر ان الانتماء الحزبي يشكل عليَّ قيداً سيجعلني لا اهتم بالبحث عن الحقيقة، وسبب ذلك الفهم القاصر عندنا -كما قلت - لمفهوم الحزبية والتحزب.
** من أية ناحية بالضبط؟
- الفهم القاصر للحزبية عندنا انك كأكاديمي أو كباحث منتمٍ للحزب الفلاني لا بد ان تكون ناطقاً رسمياً باسم الحزب.. وهذا لا شك يضر بالاكاديمي والبحث العلمي.
مثالب الاصلاح
** الانتماء الحزبي هو طاقة وليس بطاقة.. وعملاً بهذه القاعدة أو المقولة سيكون الدكتور محمد الظاهري أحد كوادر حزب الاصلاح؟
- ما يقال عن انتمائي لحزب الاصلاح هو شرف لا أدعيه.
** لماذا لا تلتحق بالاصلاح؟
- أنا -وكما قلت لك - لدي بعض الملاحظات والمحاذير على مختلف الأحزاب، حزب حاكم واحزاب معارضة، والاصلاح ليس استثناء هو الآخر لدي عليه ملاحظات ومثالب أو محاذير، وبالتالي أنا لست منتمياً لحزب الاصلاح وما يقال عن انتمائي هو شرف لا ادعيه.
** افهم من كلامك ان حزب الاصلاح وهو أكبر أحزاب المعارضة، تفتقر مقراته للهواء النقي "الشفافية" التي تحتاجها أنت.. أو كما قلت في اجابتك السابقة مبررا سبب بقائك مستقلاً؟
- شوف.. ابرز ملاحظاتي على حزب الاصلاح أنني كباحث وكأكاديمي اجده تارة يكون اقرب إلى الحركة السياسية منه إلى الحزب السياسي، وتارة أخرى يكون أقرب إلى الحزب منه إلى الحركة.
** تريد تقول ان الاصلاح لا يزال واقعاً بين منزلتين لا هو بالحزب ولا هو بالحركة؟
- ليس بهذا المفهوم.. ما اريد قوله ان الحركة الإسلامية في اليمن إذا ما أردنا الحديث عن التجمع اليمني للاصلاح يشوبها شيء من السلبيات، شأنها شأن غيرها من القوى والتنظيمات السياسية.. ومن ابرز ملاحظاتي عليها أو على تجمع الاصلاح بمعنى أصح من حيث مكوناته أننا نرى البعض يتشدد في بعض الأمور والمسائل الدينية، والبعض يخلط بين الفتوى الدينية والفتوى السياسية أو الرأي السياسي.
** معنى ذلك ان الإصلاح لا يزال واقعاً بين منزلتين الحركة والحزب؟
- لا.. لا، هو تارة كما قلت لك يظهر كحركة وتارة يظهر كحزب.
** وهذا معيب في حقه؟
- ليس بالضرورة انه معيب.. ولكن تستطيع القول ان هذا الخلط لا هو في صالح الحركة كحركة ولا هو في صالح الحزب كحزب.
** لماذا؟
- لأن الحركة اصلا اطارها النظري والمرجعي اوسع من الحزب.. الحزب يسعى للوصول إلى السلطة فيما الحركة لا تسعى إلى ذلك.
موقف الاصلاح من المرأة
** وماذا عن حضور الشفافية من غيابها بالنسبة لحزب الاصلاح؟
- حقيقة موقف الاصلاح من المرأة قد لا يكون واضحاً أحياناً، وان كانت المرأة قد وصلت إلى مجلس شورى الاصلاح.
** بمعنى ان المرأة في الاصلاح ما تزال غير منتجة للفعل السياسي والاجتماعي والثقافي، وحتى التنظيمي والدعوي الذي يمارسه ويتبناه الاصلاح؟
- هذه المقولة لها استثناءات، على سبيل المثال الاخت توكل كرمان عندما نتحدث عنها نجدها فاعلة في مجلس شورى الاصلاح.. لكن أنا اقول بشكل أعم حتى لا نلهث وراء الجزئيات.. المرأة بشكل عام توظف سياسياً ولا تشارك سياسيا سواء على مستوى الاصلاح أو الحزب الاشتراكي أو الحزب الحاكم.
** هل يرجع ذلك إلى نوعية الخطاب الاسلامي السائد في اليمن حول ماهية أدوار المرأة السياسية والاجتماعية والثقافية؟
- لدينا حقيقة اشكالية في فهم بعض الحركات الإسلامية للاسلام وموقفه من المرأة، الاسلام كرم المرأة، هكذا تقول مختلف الحركات الإسلامية، لكن لو نظرنا الواقع نجد على سبيل المثال حزب الاصلاح لا يزال يتخذ موقفا غير مواتياً بالنسبة لموقف المرأة من الولاية العامة وترشحها لعضوية مجلس النواب، ويبدو لي ان هذا ما يؤخذ على تجمع الاصلاح بالنسبة لموقفه من المرأة، وأنا اقول ذلك باعتبار ان الحركات الإسلامية في مصر أو في الأردن...الخ قد عالجوا وأوجدا حلول لهذه المشكلة.
ظاهرة الطيور المهاجرة
** برأيك كأستاذ العلوم السياسية ومحلل سياسي.. ما أسباب نزوح المثقفين من أحزاب المعارضة وعلى رأسها حزب الاصلاح، بل لعله الابرز؟
- ظاهرة الطيور المهاجرة.. ولكي نكون منصفين لا تقتصر على حزب الاصلاح هي موجودة أيضا في حزب المؤتمر.. في الوحدوي الناصري.. في الاشتراكي، وأنا هنا استحضر مقولة الأخ نبيل الصوفي رئيس تحرير صحيفة "الصحوة" سابقاً وهو الآن مستقل بعد خروجه من الاصلاح، يقول "انه وجد نفسه بين المخزن" في إشارة منه إلى ان الكوادر في بعض الأحزاب مكدسة في المخازن، ويقول أيضا "انه هرب من المخزن ولا يريد لنفسه ان يكون في الثلاجة" ويقصد بذلك الحزب الحاكم.
** ما الذي تستنبطه من ذلك؟
- تقدر تقول ان لدينا اشكالية وهي ان حرية الرأي والتعبير احيانا قد لا تتوافر لدى كثير من الأحزاب اليمنية.
** لماذا؟
- لانها مرتبطة بثقافة سائدة لدى حزب الاصلاح وأحزاب أخرى، اضف إلى ذلك ان لدى حزب المؤتمر الشعبي العام "الحاكم" عوامل جذب ولهذا نحن نسميه أو نطلق عليه التنظيم المضياف، يستضيف بمغرياته كثيراً من كوادر الأحزاب الاخرى بما فيها الإصلاح.. والرئيس علي عبدالله صالح حقيقة يمتلك امكانيات الضيافة.
** معنى ذلك ان العيب ليس في حزب الاصلاح على سبيل المثال وانما هو في الطيور المهاجرة منه، باعتبار ان هؤلاء وجدوا حسب تحليلك مصالحهم الشخصية في حزب المؤتمر، ولو وجدوها في الاصلاح لما خرجوا؟
- السؤال المطروح هل هجرة الطيور المهاجرة من الاصلاح وغيره نابع عن وعي سياسي أم مصلحة شخصية ضيقة؟.. الانتماء الحزبي لا يجب ان يكون أو يفهم على انه انتماء ابدي أو سرمدي.. من حق أي عضو ينتمي لأي حزب من الأحزاب ان ينتقل إلى حزب آخر بشرط ان يكون ذلك ناتجاً عن وعي ونمو واتساع مدارك، وبالتالي يجب ألا تختزل العضوية الحزبية في الاطار المادي واسمح لي اشدد على ذلك، إذ في هذا البلد -للأسف الشديد - تحولت الوظائف إلى رشوة سياسية أكثر من أي شيء آخر.
الأحزاب تفتقر للديمقراطية
** سبق لك ان طالبت في أكثر من مناسبة بتعميق أسس الديمقراطية وردم الفجوة بين ما تقوله أحزاب المعارضة وما تفعله؟
- أنا اقول ان هناك فجوة ين النص المعلن، البرنامج السياسي، البرنامج الانتخابي، وبين الممارسة وهذا ينطبق على كل الأحزاب بما فيها الحزب الحاكم.
** اين تكمن الاشكالية؟
- الاشكالية هي ان العقل السياسي اليمني يبدع في نحت النصوص والمفاهيم، ولكنه يعجز عن تحويلها إلى حركة وسلوك.
** أنا اسأل عن الاشكالية فيما يتعلق بتراجع توظيف الديمقراطية والمشاركة السياسية داخل أحزاب المعارضة بالمقارنة مع خطابها الاعلامي؟.
- هناك افتقار للديمقراطية في مختلف الأحزاب بما فيها حزب المؤتمر.. الأحزاب بشكل عام عندنا لا تؤدي وظائفها بل تختزل وظائفها السياسية والاقتصادية والاجتماعية في المتغير السياسي، زد على ذلك انها تختزل المتغير السياسي في عمل موسمي قبيل الانتخابات فقط.
** معنى ذلك انها أي الأحزاب اليمنية تفتقر....؟
- "مقاطعاً" مختلف الأحزاب تعاني من افتقار للثقافة الديمقراطية داخل بناها التنظيمية.
** معنى ذلك ان مختلف الأحزاب تفتقر إلى البناء المؤسسي الذي يعكس التوجهات الديمقراطية المنشودة؟
- للأسف نعم.. واستطيع اقول وبصراحة ان لدى الممارسين السياسيين والحزبيين حاكماً ومعارضة، ما اسميه كراهية المؤسسية لأن هذه المؤسسية هي نقيض للشخصانية والفردية.
** لماذا؟
- لأن المؤسسية هي نقيض للشخصانية والفردية وانت تعرف ان الحياة السياسية اليمنية بالنظر إلى واقع الحزب الحاكم واحزاب المعارضة على السواء الفرد هو محور الحزب أو المؤسسة ويختزل كل شيء في شخصه ومن هنا تنبع الكراهية للمؤسسية، وهناك للاسف الشديد اشكالية اعمق وهي اننا في اليمن استوردنا الشكل والمبنى الديمقراطي والمؤسسي: لدينا انتخابات.. لدينا مؤسسات....الخ من ادوات الديمقراطية الليبرالية ولكننا للاسف صبغناها بثقافتنا السائدة وهي ثقافة غير ديمقراطية.
** إذا نستطيع القول ان أحزاب المعارضة وهي المعول عليها باحداث التغيير تنادي بتفعيل دور المؤسسات في الوقت الذي تعاني من غيابها في بناها التنظيمية؟
- نعم وتحضرني هنا مقولة للاديب الراحل عبدالله البردوني "الأحزاب هي وكيلة التخلف لانها في واقع متخلف، هي ليست من امطار السماء وانما هي من نبت هذه الارض".. ولهذا أنا اتمنى ان يتسع حوارنا كأحزب وألا نظل نلهث وراء الاحداث والوقائع، وأتمنى أيضا ألا تظل الأحزاب اسيرة الثقافة النافية للرأي الآخر وان يترك الخطاب الرسمي مقولته المعتادة "لا يجتمع سيفان في غمد واحد" هذه مقولة تحمل دلالات غير ديمقراطية.. وباختصار ثقافتنا للأسف الشديد هي ثقافة ثأرية مبالغة في الثأر من الخصم السياسي، ولا تكتفي بتصفيته معنوياً وسياسياً وانما تلجأ إلى تصفيته جسديا وما مقتل ثلاثة أو اربعة رؤساء في حوالي ثمانية شهور الا دليل على هذه الثقافة.
الديمقراطية والقبيلة
** يعني أحزاب المعارضة لم تقدم خلال تجربة الممارسة السياسية في الفترة الماضية النموذج الصالح للمجتمع؟
- "شوف" المقصود بالمعارضة انها تتبع ثغرات الحزب الحاكم وتسعى لأن تشكل بديلا محتملا.
** هل نستطيع القول انها شكلت أو قدمت نفسها كالنموذج الصالح أو البديل المنشود؟
- للأسف حتى الآن لا يراد لأحزاب المعارضة ان تكون بديلا محتملاً.
** أنا اسألك عن المعارضة ذاتها.. هل قدمت نفسها ومن خلال ممارساتها في الواقع بحيث نستطيع نقول انها البديل الامثل للحزب الحاكم؟
- استطيع اقول انها الآن في تجربة اللقاء المشترك تكاد تشكل تجربة وليدة وهي تجربة لا شك تحتاج إلى دراسة، باعتبار ان هذا التكتل وبالنظر إلى مكوناته ينم عن ان هذه الأحزاب قد تجاوزت - إن جاز لنا التعبير ذلك - التمترس الايديولوجي ولهذا التقت الحركة الإسلامية مع الفكر الاشتراكي والقومي.
** لكن يعاب على هذا التكتل انه تشكل بقرار مركزي حيث لم ترجع قيادات هذه الأحزاب المكونة له إلى قواعدها؟
- يبدو لي انها لضرورة سياسية وحزبية، ونحن نقول في العلوم السياسية في مثل هذا الأمر انه يحدث نوع من التحالف السياسي، لكن دعني أكون معك صريحاً وأوضح ان ما دفع هذه الاتجاهات "الإسلامية مع القومية مع الاشتراكية" هو الفساد.. الفساد هو الموحد الاكبر لهذه الأحزاب.
** لكن هذا لا يكفي لنجاح التكتل، والدليل على ذلك ان هذا التكتل يفشل في التنسيق بين مرشحيه في الانتخابات؟
- أنا معك انه في بعض المراحل في الانتخابات المحلية لم يكن بين أحزاب المشترك تنسيقاً واضحاً، ولهذا خسرت في بعض الدوائر الذي كان بالامكان فوزها لو انها نجحت في التنسيق.. والمشكلة ان الأحزاب لم تنجح في تنشئة كوادرها واعضائها على فكرة التحالفات السياسية.
** يا دكتور محمد، أنا عندما اقول أنها أي أحزاب المعارضة لم تقدم النموذج المنشود للمجتمع كي تكون البديل للحاكم.. انه رغم نقدها للسلطة الا انها لم تستطع حتى الآن الظهور على صعيد الثقافة والممارسة بشكل يميز حركتها السياسية عن السلطة؟
- يا عبدالناصر علينا ان ننظر بعمق للحياة السياسية في اليمن.. عندنا ظواهر غير سوية سياسيا حيث يراد للقبيلة ان تشكل دوراً سياسياً لأن شيخ القبيلة ليس لديه طموح احلالي محل النخبة الحاكمة، بينما الحزب بحكم التعريف هو يسعى للوصول إلى السلطة، وبالتالي لأن يحل محل النظام الحاكم إذا ما حصل على الاغلبية البرلمانية، وقد لا يجافينا الصواب إذا ما قلنا انه في بلادنا يراد ان يظل الحزب الحاكم حاكماً وان تظل المعارضة معارضة.
** هل القبيلة تشكل عائقا أمام الديمقراطية؟
- القبيلة كأية ظاهرة اجتماعية لها ايجابياتها ولها سلبياتها.. من ايجابياتها انها قد تحقق توازنا مجتمعيا ومن سلبياتها انها احدى بنى ما قبل الدولة.
** سؤالي واضح.. هل القبيلة تشكل عائقا أمام الديمقراطية؟
- في هذه المرحلة نستطيع القول انها تشكل عائقا لسبب واضح انه تمت محاولة افراغ قيمها الايجابية ليظهر بالتالي اسوأ ما فيها، ظهر فيها على سبيل المثال تسييس الثأر.. سوء استخدام السلاح... الخ والمؤسف له اننا نعيش مرحلة ظهر فيها اسوأ ما في البنى التقليدية واسوأ ما في البنى التحتية.
** لكن اللافت ان الأحزاب السياسية تهتم باستقطاب زعامات قبلية؟
- الحركة الإسلامية أو بمعنى اصح التجمع اليمني للاصلاح كان ناجحاً وكذلك الحزب الاشتراكي في مرحلة من المراحل وكذلك المؤتمر الشعبي العام في استقطاب بعض الزعامات القبلية.. لكن أخي العزيز اريد أن اقول اعطني مؤسسات حديثة وقضاءً مستقلاً عادلاً ستتراجع القبيلة سياسياً.
ما قاله حميد
** الشيخ حميد الأحمر في قناة "الجزيرة" قال ردا على سؤال القناة عما إذا كان سيعود إلى اليمن بعد كل ما قاله في حق النظام وشخص الرئيس "ان من له قبيلة مثل حاشد وشيخ مثل الشيخ صادق لا يخشى أي شيء" ألا ترى انه كان الأولى والاجدر ان يظهر اعتماده ورهانه على تكتل المشترك لا القبيلة؟
- بالنسبة لما ينبغي ان يكون نعم، كان يفترض ان يقول سأعود وانا في اللقاء المشترك وفي إطار الحركة الإسلامية والتجمع اليمني للاصلاح، لكن كواقع نحن نفرق في التحليل السياسي بين ما ينبغي ان يكون وبينما هو كائن، اعتقد ان هذه العبارة من الشيخ حميد بالنسبة لنا هي عبارة صادقة وصريحة لانها تعبر عن واقع الحال.. وان قبيلته حاشد هي قادرة على حماية أعضائها وأفرادها.
** لكنه بذلك قلل من أهمية المشترك أو لنقل انه لا يراهن على ثقل المشترك؟
- كممارس سياسي استطيع اقول انه كان واضحا ان البنى التقليدية وعلى رأسها القبيلة هي أكثر فاعلية من مختلف مؤسسات المجتمع المدني.
رؤية المشترك غير واضحة
** يرى مراقبون ان أحزاب المشترك تعيش حالة توهان عجيب تجعلها غير قادرة على تحديد خياراتها ذات الصلة بوحدة الوطن، فلا هي قادرة على ادانة الدعوات الانفصالية والتحريض المناطقي صراحة ولا هي قادرة أيضا على اعلان وقوفها مع هذه الدعوات؟
- أخي عبدالناصر.. هذا طرح كيدي في سؤالك، أنا اقتربت من اللقاء المشترك ودُعيت في اللقاء التشاوري ولاحظت ان اللقاء المشترك قطع خطوات واضحة نحو المعارضة المجتمعية.
** لكن انظر على الأقل إلى بيانات المشترك حول ما يسمى بالحراك في المحافظات الجنوبية والشرقية وجماعة التمرد الحوثية في صعدة، ستجد حالة غموض، فلا هناك ادانات واضحة ولا اعلان موقف مؤيد لها؟
- "شوف" في مرحلة من المراحل لم يكن المشترك واضحاً تجاه ما يحدث في المحافظات الجنوبية أو في صعدة، لكن في الفترة الأخيرة اقدر اقول ان المشترك كان واضحاً وقد اشترك في ندوات اوضح فيها ان القضية الجنوبية مدخل لحل القضية الوطنية وربما انه قد أحس بعمق الأزمة في الواقع.
** لا تزال الوقائع والدلائل تؤكد انه يؤخذ على المشترك في الوقت الحاضر عدم وجود رؤية وموقف موضوعيين من نشاطات الخارجين عن القانون في البلاد؟
- هو دائما يرمي بالكرة في ملعب الحزب الحاكم والسبب غياب الرؤية.. ليس لدى المشترك وحسب بل والحزب الحاكم نفسه تجاه ما يحدث في اليمن من أزمات.. الثقافة السائدة وهذه مشكلتنا تزيح المسؤولية عن الذات، وانا اذكر أنني طالبت قبل أكثر من أربع سنوات وقلت ان علينا ان نوصف أو نشخص ما يحدث في المشهد السياسي، فحتى الآن هناك غموض في مسؤولية الحزب الحاكم، أيضا أحزاب المعارضة تحيرك تظهر احيانا وكأنها قد انتقلت من الصراع السياسية إلى ما هو اهم لكن ما تلبث ان تتراجع مرة أخرى.
** أين تكمن الإشكالية هل هي في الأحزاب؟
- لا.. الإشكالية ليست في النظام الحزبي بقدر ما هي في الاطار المجتمعي، دولة ضعيفة...الخ.
مكونات المشترك والحوثي
** اسمح لي.. لو نظرنا إلى مشكلة صعدة، من بين مكونات المشترك يأتي حزب الحق واتحاد القوى الشعبية.. مصلحتهما فيما يتعلق بهذه المشكلة تتقاطع مع مصلحة اكبر أحزاب المشترك "الاصلاح" باعتبار ان صراع الإصلاح مع الحوثيين مذهبي أو شيء من هذا القبيل، وبالتالي يجد المشترك نفسه عاجزاً عن اتخاذ موقف واضح وصريح؟
- وجهة نظرك هذه تحليلية احترمها ولكنني اختلف معها.. نحن نقول في التحليل العلمي والسياسي وأنت خريج العلوم السياسية: لازم نفرق بين المعلومة الأمنية والمعلومة الأكاديمية.. أنت وصلت إلى ربط علاقات بين الحوثيين وبين حزب الحق واتحاد القوى الشعبية، لكن أنا كأكاديمي احتاج إلى معلومات مكتملة وصحيحة كي توضح لي العلاقة بين هذين الحزبين وجماعة الحوثي لأن أدبيات الحزبين إذا ما نظرنا إليها لا نجد أية رابط يربطهما بالحوثيين.
** وماذا عن الطرف الآخر داخل المشترك وهو الأقوى.. أعني حزب الاصلاح، الأسبوعين الماضية شهدت عناصره حربا ومواجهات مسلحة في مديرية الزاهر بمحافظة الجوف.. وحرب الاستيلاء على المساجد ألا يوحي لك بالصراع المذهبي بين الإصلاح وجماعة الحوثي؟
- للأسف التسييس المذهبي في اليمن إشكالية حقيقية، وما يحدث في صعدة يختلط فيها التسييس المذهبي مع المتغير الخارجي تحكيم الخارج، فضلا عما اسميه غياب الدولة وعدم تغلغلها في مناطق الأطراف.
** المهم انت توافقنا الرأي بأن الخلاف بين الاصلاح والحوثيين مذهبي.. وفي ظل وجود حزبي الحق واتحاد القوى الشعبية في المشترك يأتي موقف المشترك غير واضح؟
- لكن لا استطيع ان اجعل من هذا الخلاف وكأنه السبب في كل ما يجري في صعدة.. أنا اقول وبوضوح إن ما يحدث في صعدة سببه تسييس التنوع المجتمعي وتسييس التنوع المذهبي.
** معنى ذلك ان هناك استغلالاً سياسياً.. الدين لخدمة السياسة؟
- أنا لست مع هذه المقولة، فهمي للدين الاسلامي انه دين جاء ضد الظلم والتخلف وضد القهر، هو دين جاءت معه الحضارة، أنا وكما قلت لست مع فصل الدين عن الدولة، لكن الاشكالية هي في التأويل الخاطئ لنصوص الدين الاسلامي، وكذلك مبالغتنا بتحليل وتفسير العهد النبوي وعصر الخلفاء الراشدين ثم نقفز إلى الآخرة وحياة البرزخ وبالتالي نغفل الحياة الدنيا.. الدين الاسلامي هو دين الواقع.. وانا عندما اقول أنني ضد فصل الدين عن الدولة أقصد الدين الاسلامي الذي يدفع إلى التغيير وليس الدين الذي يكبل القدرات.
الخارجين عن القانون
** دعنا نعود إلى حزب الاصلاح.. برأيك كمحلل سياسي وباحث أكاديمي هل تستطيع القول بأن داخل الاصلاح نواة ليبرالية يمكن ان تشكل خلال السنوات القادمة جناحاً ليبرالياً؟
- أنا لست مع هذا التصنيف، لأن الليبرالية لها أسس فلسفية لا تتفق مع أدبيات التجمع اليمني للاصلاح.
** من أية ناحية؟
- "الليبرالية" معناها أنك لا تتحدث عن شورى وما إلى ذلك وانما كل الحديث يتركز في ان الشعب مصدر كل السلطات وصانعها، وفصل الدين عن الدولة...الخ ولهذا أنا اتحفظ عن استخدام مفهوم أو مصطلح "الليبرالية" عند وصف التجمع اليمني للاصلاح.. ولكن بامكانك القول بأن هناك في الاصلاح جناحاً أكثر تنويرياً.
** يوصف الشيخ حميد الأحمر بانه من هذا الجناح الذي تتحدث عنه.. لكن في حواره الأخير مع قناة "الجزيرة" ظهر ميالاً لحسم مشكلة صعدة عسكرياً، ولهذا علق عليه الدكتور محمد عبدالملك المتوكل الامين العام المساعد لاتحاد القوى الشعبية قائلاً: حميد كال بمكيالين.. انحاز ضد الظلم جنوباً وانحاز مذهبياً وقبلياً فيما يتعلق بمشكلة صعدة.. ما الذي تستنبطه أنت من هذا التضارب وأثره على المشترك؟
- أريد القول بأن اللقاء المشترك يعاني نقاط ضعف، من أهمها غياب الرؤية الواضحة وسبق ان طالبت في إحدى الندوات ان تقيم أحزاب المشترك ندوات تبين فيها نقاط قوته ونقاط ضعفه.. فالاشكالية التي تحيرك كباحث ان أحزاب المعارضة ممثلة باللقاء المشترك أحياناً تظهر وكأنها كتلة سياسية، وانها قد تخلصت من مرحلة الصراع السياسي إلى الاقتدار السياسي ثم يفاجئونك انهم قد تحولوا إلى ما يمكننا أن نسميها "معارضة المنتدى".
** معنى ذلك......؟
- "مقاطعاً" معنى ذلك انهم غير قادرين على ان يشكلوا معارضة حزبية قوية، وانهم غير مهيئين بمن فيهم قياداتهم لدفع ضريبة التغيير، المعارضة في الوطن العربي واليمن جزء منه تحتاج إلى معارض أقرب إلى المضحي بحياته وبرزقه، لأنك تعارض في بيئة مستبدة.
** فضلا عما ذكرت يا دكتور.. يؤخذ على المعارضة اليمنية وعلى رأسها اللقاء المشترك انها تتعامل مع نشاطات الخارجين عن الدستور والقانون كأوراق ابتزاز سياسي؟
- يا مملوح.. لدينا في اليمن دستور من اهم الدساتير في الوطن العربي لكن الاشكالية ان نصوص هذا الدستور لا ترى النور.. غير مفعلة.. اشكاليتنا يا عزيزي ان النخبة والسلطة الحاكمة تستحضر من نصوص الدستور ما يركز فقط على واجبات المواطنين، وتهمش أو تعطل النصوص التي من شأنها حماية الحقوق والحريات لهذا المواطن.
** اتفق معك ان لدينا في اليمن دستوراً.. لكن أيضا لدينا معارضة تتعامل مع نشاطات الخارجين عن الدستور والقانون كأوراق ابتزاز سياسي؟
- لكن أنا ألاحظ أنك في تساؤلاتك تزيح المسؤولية عن الجهة التي يفترض ان تطبق الدستور والقانون، وهي الحكومة اليمنية ممثلة بالحزب الحاكم.. فلنفترض ان ما قلته صحيحاً وبالتالي يتعين على النخبة الحاكمة وعلى الدولة بكامل مؤسساتها ان تفعل الدستور والقانون وتسيجه من أية اختراقات سواءً من أحزاب المعارضة أو أي انسان كان وهنا الاشكالية.. الدستور والقانون لا بد ان يحمى ويطبق من قبل السلطة الحاكمة ومن قبل مؤسسات الدولة الحديثة على الجميع دونما تمييز.
** افهم من كلامك ان تعامل المعارضة مع نشاطات الخارجين عن الدستور والقانون كأوراق ابتزاز سياسي من شأنه ضياع ما هو وطني في خضم السياسي؟
- ماذا تقصد بالوطن في سؤالك.. نحن نحتاج أولا إلى تعريف مفهوم الوطنية.. لأن فكرة الوطنية للأسف كما قلت غائبة في حياتنا السياسية اليمنية.. الكل أو غالبية الممارسين السياسيين اليمنيين يرفعون شعارات الثوابت، الثورة، الجمهورية، الوحدة، الديمقراطية ....الخ، هذه الثوابت تحولت إلى رموز استنزفت بسبب عدم تحقيق اهدافها.. دعني أسألك أخي عبدالناصر: هل حُققت أهداف سبتمبر وأكتوبر؟ وهل تم تطبيق الديمقراطية؟ وهل.....
** "مقاطعاً" اسمح لي.. لا بد لكل شعب أو أمة من ثوابت وطنية تتفق عليها وتلتف حولها وترجع إليها.. بحيث تكون هذه الثوابت بمثابة الدستور العام والمرجعية؟
- اتفق معك بوجود ثوابت ولكن الاشكالية في اليمن أننا حولنا الثوابت إلى مقدسات وبدل ان نسعى إلى تفعيل أهداف سبتمبر واكتوبر وتفعيل النظام الجمهوري والديمقراطية والتعددية السياسية والحزبية، حولناها إلى معبودات سياسية نستدعيها عندما نتخاطب مع فصيل سياسي معين.
** دكتور.. هل يستطيع الناس التعايش دون وجود اتفاق على الثوابت واحترامها وحمايتها؟
- لا.. لا بد من وجود ثوابت وطنية وعلى الجميع ان يحترمها سواءً كانوا حزب حاكم أو أحزاب معارضة أو مواطنين، لكن بشرط ألا تتحول هذه الثوابت إلى رموز تستنزف وتفرغ من محتواها، الثوابت يا أخي لها أهداف ولها وظائف في حياة الشعوب لا بد أن تؤديها.
الارتباط بدوائر خارجية
** من يتابع الواقع عندنا سيجد ان بعض القوى السياسية والاجتماعية وحتى القبلية قد وقعت في براثن مخططات الآخرين بدون علم أو نتيجة ارتباط بعضها بدوائر خارجية تدير معاركها دون ان تكشف أوراقها على صانع الحدث في الواقع اليمني؟
- استطيع القول وللاسف الشديد ان هناك بعداً ثقافياً سلبياً يسيطر على الممارسين السياسيين عندنا في اليمن ثقافتها تحاكي الخارجي.. منفعلة بالخارج.. منكشفة تجاه الخارج.. ليست محصنة.. وهنا الاشكالية.
** لكنك لم تجبني على سؤالي: هل توافقني الرأي على ان بعض القوى السياسية والاجتماعية وحتى القبلية واقعة في براثن مخططات الآخرين بدون علم أو نتيجة ارتباط بعضها بدوائر خارجية؟
- أحياناً قد تكون منكشفة تجاه الخارج، لكن لا اتفق معك في أنها قد اصبحت بمثابة براثن للقوى الخارجية.. هي في مرحلة ضعف تتأثر بالخارج بسبب ضعف المجتمع والدولة وضعف القوى السياسية والاجتماعية.
** وفي حال كهذا تكون الانتماءات القبلية والمناطقية هي البديل للاحزاب، ومعها تنمو المشاريع الصغيرة وتكبر تطلعات الزعامة.. هل أنت مع هذا الطرح؟
- لا.. ولكن أنا معك بشكل عام....
** "مقاطعاً".. هل انت مع هذا الرأي أم لا.. اريد اجابة محددة؟
- في التحليل السياسي ليس فيه "نعم" أو "لا".. قد يكون هناك احتمال ثالث، أنا اتفق معك في جوهر السؤال انه عندما تغيب فكرة الهوية العامة.. الهوية الوطنية.. الهوية القومية.. الولاء للدولة.. الولاء للوطن.. الولاء للعقيدة.. عندما تغيب كل هذه تظهر ولاءات ما قبل الدولة، الولاء للعشيرة، الولاء للقبيلة وهنا الاشكالية، وهناك متطلبات سابقة لاستمرار الهوية الوطنية، وبالنسبة للقبيلة في اليمن أنا اسميها بالمتغير الوسيط، كما توصف مثلها مثل السكين يمكنك ان تقطع به فاكهة ويمكن ان تقطع به عنق رجل.
نحن والفيدرالية
** في تصريح لرئيس مجلس أحزاب المشترك الأسبوع قبل الماضي اشار إلى ان أحزاب المشترك كانت قد حسمت واتفقت على الموافقة على الفيدرالية وتبنيها قبل نحو 6 اشهر.. هناك أيضا قوى واشخاص باتوا يطرحون ويتبنون الفيدرالية.. هل نحن بحاجة إلى الفيدرالية أم انها معادلة للانفصال؟
- أولاً أنا مع تعريف المفاهيم تعريفاً اجرائياً، "الفيدرالية" كمفهوم، يرتبط بما يعرف بالدولة المركبة.. هذه الدولة المركبة تحوي في داخلها أكثر من دولة بسيطة، بالنسبة لنا في اليمن نحن دولة بسيطة يوجد ثقل سياسي في المركز، دستور واحد، لا وجود لحدود داخلية وانما حدود خارجية، مجتمع متجانس...الخ من سمات الدولة البسيطة، بالنسبة للدولة المركبة هناك نوعان: إما دولة تعاهدية "كونفيدرالية" وهذه عبارة عن دول مستقلة بذاتها بينها تنسيق أو معاهدات على المستوى الخارجي سواءً كانت سياسية اقتصادية عسكرية...الخ بينما الفيدرالية هي مرتبطة أو من سماتها انها توزع السلطة بين السلطة المركزية وبين الوحدات المحلية.. سمها ولايات، سمها كانتونات.. سمها ما شئت.
** انت الآن تتحدث باعتبارك أستاذاً في العلوم السياسية.. الدكتور محمد عبدالملك المتوكل زميلك في قسم العلوم السياسية يرى أننا في اليمن بحاجة ماسة لتطبيق الفيدرالية، بينما زميلك الآخر الدكتور عبدالله الفقيه في تناولات سابقة له يقول ان الفيدرالية معادل للانفصال.. ماذا عنك؟
- وجهة نظري ان لكل دولة خصوصياتها كما ان لليمن خصوصيته، نحن دولة بسيطة وإذا ما نظرنا حولنا نجد ان هناك دولاً بسيطة ناجحة مثل فرنسا وهناك دولاً مركبة ناجحة مثل امريكا.. والاشكالية توجد في المسميات فقط، "فيدرالي" أو "بسيط".
** ما حاجتنا في اليمن من وجهة نظرك؟
- حاجتنا مؤسسات حديثة، تفعيل سيادة القانون، وجود نظام حزبي سوي، تداول سلمي للسلطة، التسامح تجاه الآخر.
** ماذا عن الفيدرالية إذا ما نظرنا إلى واقعنا اليمني كدولة بسيطة.. هل هي حل أم معادل للانفصال.. هذا هو السؤال يا دكتور؟
- اعتقد انه في هذه المرحلة.. في هذه الفترة لا تعتبر الفيدرالية هي الحل المنشود.. ليست فاعلة لأن فكرة الدولة اليمنية غير راسخة، وكما قلت هناك متطلبات سابقة للفيدرالية.. والمشكلة أيضا ان مفهوم الدولة البسيطة مظلومة في اليمن لأننا في الواقع ليس لدينا دولة بسيطة إذا ما نظرنا إلى متطلبات الدولة البسيطة، الدولة عندنا مختزلة في شخص الحاكم.
** ومع ذلك افهم من كلامك انه لا حاجة لنا في اليمن للفيدرالية؟
- لكن العيب ليس في الفيدرالية ذاتها، العيب في تركيبة الدولة اليمنية.. باختصار شديد يا أخي أنا اطالب بحكم لا مركزي فاعل.
** لو نظرنا إلى ما قدمه اللقاء المشترك من مبادرات آخرها ما اسماها ب "مشروع الانقاذ الوطني" نجد انه يطالب ويشدد على ضرورة الفصل التام بين السلطات وفي الوقت نفسه يشدد على ضرورة التحول إلى النظام البرلماني.. ألا ترى ان في ذلك عيباً موضوعياً باعتبار ان الفصل التام بين السلطات لا يتحقق في ظل نظام برلماني؟.
- يا عبدالناصر.. النظام البرلماني ناجح في بلد ما، والرئاسي ناجح في بلد ما أيضاً، وكذلك النظام المجلسي ناجح في سويسرا، أيضا النظام الخليط أو الهجين ناجح في فرنسا.. وبالتالي أنا لا اتفق على ان يكون التركيز على نوع النظام برلماني أم رئاسي، الاشكالية كما قلت هناك متطلبات سابقة، أعطني مؤسسات حديثة، أعطني مؤسسات مستقلة، بعد ذلك اختر شكل النظام.
** أنا أسألك عن وجود عيب موضوعي في طرح المشترك.. يطالب بفصل تام بين السلطات وفي نفس الوقت يطالب بنظام برلماني؟
- الفصل التام بين السلطات هو في النظام الرئاسي.
** ما الذي يناسبنا في اليمن.. برلماني أم رئاسي؟
- وجهة نظري ان النظام البرلماني لا يمكن ان يكون فاعلاً في اليمن في الظروف الحالية، لأن في النظام البرلمانية ثنائية السلطة وبالتالي يكون منصب الرئيس أو الملك منصباً شرفياً أو رمزاً يملك ولا يحكم، بينما نحن في الواقع لم نصل بعد إلى المرحلة التي يقبل فيها الرئيس ان يكون مجرد رمز.
استئناف الحوار
** الاطراف الموقعة على اتفاقية فبراير الماضي أحزاب المشترك الممثلة في البرلمان وحزب المؤتمر الشعبي العام إلى الآن لا تزال عاجزة عن استئناف الحوار التمهيد أو ما يطلقون عليه بالحوار من اجل تنقية الأجواء.. ما رأيك؟
- باختصار شديد الثقافة اليمنية ثقافة غير حوارية.. اليمنيون يتحاورون مع جبالهم ورواسيهم أكثر من حوارهم مع انفسهم.. نحن بحاجة أولاً إلى ثقافة حوارية، نحن اليمنيين نتحاور مع الخارج فقط ونتسامح تجاه الأجانب فقط.
** والحل؟
- هناك متطلبات للحوار أولا وجود الثقة السياسية بين فرقاء العمل السياسي، وجود توازن سياسي.. فلو نظرت إلى واقعنا تجد انعدام الثقة بين الفرقاء، وكذلك التوازن السياسي مختل.. هذا واقعنا الآن.
** اشتراط المشترك لاستئنافه الحوار اشراك عناصر الحوثي وما يسمى بالحراك وعناصر تاج في الحوار وفي استئنافه.. هل هو شرط موضوعي أو منطقي؟
- أنا يبدو ان تجربة اللقاء المشترك مع المؤتمر الشعبي العام تجربة غير مشجعة للحوار.. ومع ذلك اتمنى من الجميع ان يكون النظر إلى الصورة الكلية في المشهد السياسي.. علينا ان نستدعي الجميع للحوار.
** لكن يفترض ان يطرح ما يحدث في صعدة وما يحدث في بعض المحافظات الجنوبية على طاولة الحوار بين المشترك والمؤتمر لا ان يكون حلها شرطاً لاستئناف الحوار؟
- الاشكالية أو ما أخشاه هو ان نصل إلى مرحلة فلسفية أو مقولة البيضة والدجاجة، ايهما وجد أولاً.. يجب ان يعي الجميع ان السفينة اليمنية تتلاطمها الامواج، وتقدر تقول انها في مهب الريح، وهذا الأمر يفرض علينا ان نقدم تنازلات معينة، لكن لا بد أولا من إعادة الاعتبار لفمهوم الحوار وثقافة الحوار والأهم من هذا وذاك نحن بحاجة إلى ارادة سياسية.
واقع التعليم العالي
** باختصار شديد.. ممكن توصف لنا واقع التعليم العالي؟
- التعليم العالي عندنا متدنٍ وليس هو فحسب وانما التعليم بشكل عام متدنٍ العالي والعام والأساسي.. وليس بخافٍ على أحد وجود طلاب في سنة أولى جامعة لا يجيدون الاملاء، حيث يكتبون مصطلح "السؤال" بهذا الشكل "السوائل".. الجامعة تستقبل مخرجات التعليم العام.. وهي مخرجات متدنية وبالتالي نستطيع القول بأن التعليم العام والعالي عندنا يعيش أزمة حقيقية.
** لماذا؟
- لأن الدولة ليس لديها فلسفة واضحة واستراتيجية واضحة نحو احترام العلم، ولك ان تسأل كم هي موازنة التعليم العالي؟.. كم هي موازنة البحث العلمي؟!.. نحن في خطابنا الرسمي للأسف مولعون بالعدد.. بالكم فقط، لدينا كم جامعة حكومية؟ لدينا كم جامعة خاصة؟...الخ، دون النظر إلى المحتوى وإلى الكيف.
نحن بحاجة إلى إعادة الاعتبار للعلم والعلماء.. نحن بحاجة إلى ردم الفجوم والهوة بين صانعي القرار السياسي والباحثين والأكاديميين.
** ماذا عن واقع الجامعات الأهلية؟
- هي أقرب إلى دكاكين منها إلى الجامعات.. ما عدا جامعة أو جامعتين فقط مثل جامعة العلوم والتكنولوجيا.. وللأسف الشديد هذه الجامعات الاهلية، تبالغ في الحصول على الربح المادي أكثر من ان تؤدي رسالة في المجتمع..
وأريد ان أنوه إلى انه لا توجد جامعة عربية من بين افضل خمسمائة جامعة في العالم والسبب اننا نرصد ميزانيتنا في شراء الاسلحة لنتقاتل فيما بيننا البين.. واقعنا مزرٍ، جامعاتنا تخرج حفظة وكتبة فقط.. لا معامل، لا امكانيات للبحث العلمي، نحن الأكاديميين ليست لدينا الامكانية حتى على متابعة الحد الأدنى من المؤتمرات العلمية وما إلى ذلك.. نحن في بيئة لا تحترم العلم والعلماء.. نحن نراهن للأسف على السيف والبندقية، ولا نراهن على اهل القلم.
وأذكر ان أحد الباحثات الفرنسيات سألتني أنت ابن شيخ وتحمل شهادة دكتوراه؟.. قلت لها أنا أؤمن بأن القلم هذا سيخدم الوطن أكثر من ان اتأبط القبيلة والسلاح وما إلى ذلك.
لكن لا أخفيك وأتمنى ألا تحذف كلامي هذا من الحوار، انه عندما استوقفني الأمن القومي في مطار صنعاء الدولي وأنا ذاهب مع زملائي لحضور ندوة عن العلاقات اليمنية المصرية حنيت للقبيلة.
البدايات التأسيسية
** دعنا نعود إلى البدايات التأسيسية ولنبدأ بمراحلك التعليمية؟
- درست أول ابتدائي في قرية الظاهرة مديرية دمت الضالع، ثم انتقلنا مع والدي إلى مدينة إب ودرست هناك من الصف الثاني إلى الرابع ابتدائي، ثم انتقلنا مع الوالد إلى تعز ودرست هناك خامس وسادس، ثم انتقلنا إلى صنعاء ودرست الإعدادية في مدرسة بغداد ثم الثانوية في مدرسة عمر المختار، ثم حصلت على منحة بسبب معدلي المرتفع عن طريق وزارة التربية والتعليم إلى الأردن، وحصلت فيها على البكالوريوس في العلوم السياسية، ثم واصلت الماجستير والدكتوراه في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة.
** أسباب تنقل والدك بهذا الشكل؟
- بسبب ظروف سياسية للوالد.. في إطار الصراع السياسي والقبلي في مناطقنا.. المناطق الوسطى كما تعلم أوائل السبعينات، وفي تنقلنا مع الوالد بهذا الشكل دلالة على عدم الاستقرار السياسي والاجتماعي، أما الشيء الايجابي الذي تركه هذا التنقل في نفسي انه ليس لديَّ الآن أية عقدة مناطقية باعتبار أنني تربيت وترعرعت في أكثر من محافظة.
قبلي بعباءة سياسية
** صراع والدك مع الطرف الآخر.. هل هو صراع سياسي بحت أم صراع قبلي؟
- في اليمن يختلط القبلي مع السياسي.. على سبيل المثال نحن قبيلة آل الظاهري انقسمنا قسمين، قسم لجأ إلى الجنوب إبان التشطير وكنا نسمهم بانهم ماركسيون، وفي المقابل لجأنا نحن القسم الآخر إلى الشمال وكنا نوسم بأننا رجعيون وامبرياليون.. بمعنى أنه اختلط العامل السياسي بالقبلي، وبمعنى أصح ان الصراع القبلي كان يرتدي عباءة السياسي.
** الصراع سياسي إذا ما نظرنا إلى سيطرة الاشتراكي والفكر اليساري في السبعينات والثمانيات في منطقتكم مديرية دمت؟
- المناطق الوسطى وتحديداً مخلاف الحبيشية والرياشية مديرية دمت عانت من عدم استقرار وصراع سياسي كان يرتدي القبلي.. لكن التسمية غير دقيقة عندما نقول ان هذه المنطقة كانت مسيطراً عليها من قبل الماركسيين أو اللينيين، لأن هذه المفاهيم لو قرأت كتاب ماركس "رأس المال" والمراحل الخمس التي تحدث عنها المادية التاريخية، الجدلية، فائض القيمة، هي مفاهيم في غاية التعقيد تحتاج إلى قدر عالٍ من الثقافة ومن العلم كي يتم استيعابها، وبالتالي استطع اقول ان في مناطقنا ترددت شعارات، واذكر على سبيل المثال عندما تعرض والدي الشيخ محسن ناجي الظاهري لمحاولة اغتيال عام 74م تقريبا في إطار ما كان يسمى بالجبهة الوطنية آنذاك كان عنوان البيان الذي اصدروه: "من فوهة البندقية تنبع السلطة السياسية" وهذه المقولة هي في الأصل للزعيم الصيني ماوتسي تونغ.. ان ما حدث في المناطق الوسطى وهي مناطق التماس أثناء التشطير عانت الكثير، ولهذا نحن نقول دائما انه لا سمح الله وحدث شيء من التشطير سنكون في مناطقنا تلك الخاسرين رغم ان الخسارة هي على مجتمع ودولة واحزاب وقوى وطنية.
والدي يرفض الانحناء
** المشائخ استفادوا كثيراً بعد انتهاء المواجهات المسلحة في المناطق الوسطى.. ماذا عن والدك؟
- صحيح.. لكن بالنسبة لوالدي الشيخ محسن ناجي الظاهري اذكر انه عندما توفي عام 93م وكانت لا تزال آثار شظايا الرصاص في جسده.. كنت دائما اقول له وأسأله: لماذا لا تزور المسؤولين في حكومة صنعاء، طبعاً قبل الوحدة، وكان يقول لي يا ابني أنت إذا أردت الوصول إلى المسؤولين لا بد ان تركع وتذل وأنا لست من هذا النوع.. وللعلم أنا شخصيا اجبرتني الظروف المعيشية ان اغترب في دولة الكويت بعد حصولي على أول اعدادي، ثم عدت واغتربت مرة أخرى في دولة قطر وانا في الصف أول ثانوي لكي اساعد والدي رغم انه شيخ قبيلة إلا انه كان يرفض الخنوع لهذا المسؤول أو ذاك سواء كان للجبهة أو المسؤولين في صنعاء، واذكر ان الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر رحمه الله كان يسأل في المناسبات وفي الاعياد اين الشيخ الظاهري؟ لانه لم يكن يزور أحداً، كان يعتز بذاته إلى حد تقدر تقول انه اعتزاز مبالغ فيه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.