عندما رفع شعار "الموت لإسرائيل.. الموت لأمريكا" في جبال مران ورازح والنقعة بمحافظة صعدة من قبل الحوثيين، لم نكن نرى أو نسمع ان من لقي مصرعه هو جندي إسرائيلي أو ضابط أمريكي، وإنما كنا نرى استشهاد جنود وصف وضباط وقادة من أبناء الجيش اليمني وسفك دماء الأبرياء من المواطنين والأطفال، ولم نر لأصحاب ذلك الشعار ان فتحوا مستوطنة يهودية في فلسطين أو حرروا أرضاً محتلة تحت إسرائيل، بل رأيناهم وهم يعيثون فساداً في صعدة وحرف سفيان فأهلكوا الزرع والنسل.. دمروا المستشفيات والمدارس.. قطعوا الطرقات.. شردوا مئات الأسر من أرضها ومساكنها.. عملوا من الأعمال المنكرة ما لم تعمله إسرائيل في فلسطين أو أمريكا في العراق، وهم بذلك إنما ترجموا حقيقة ومضمون وأهداف تلك الشعارات، أو على الأقل جزءاً منها على الواقع والأرض أمام أعين الشعب اليمني قاطبة، كل ذلك في سبيل تمزيق اليمن والقضاء على النظام الجمهوري وعودة الحكم الإمامي القائم على نعرات طائفية ومذهبية. وها هي أحزاب الشتات تنتزع الراية من أيدي الحوثيين وتغير شعار "الموت لإسرائيل.. الموت لأمريكا" بشعار جمع بين الزيف والتضليل من جانب وبين الإعلان صراحة عما أخفاه الحوثيون تحت شعارهم وهو إسقاط النظام وتمزيق البلاد عن طريق ثورة التدمير والإرهاب، وترجموا ذلك سريعاً على أرض الواقع، فقاموا بأعمال النهب والسلب واحتلال مباني حكومية ومنشآت ونهب بعض المعسكرات التابعة للجيش والاعتداءات المتكررة على أفراد الأمن وتعطيل مصالح الشعب، عملاً بنصيحة "طارق سويدان" لقناة "سهيل" بتعطيل البلد، وها هو الشيخ الذي طلب وحمل الرئيس والحكومة بالقضاء على الحركة الحوثية بالأمس، ها هو اليوم يعود ويفتي بالجهاد ولكن هذه المرة ضد الرئيس والنظام والشرعية الدستورية وضد الشعب وملايين المواطنين، لتخرج قيادات المشترك بعد ذلك عن صمتها وتعلن الزحف على قصر الرئاسة تارة والوزارات والمنشآت الحكومية والنفطية تارة أخرى. وأوجه أسئلة لأرباب الفتاوى ودعاة الفتنة والتحريض وأحزاب اللقاء المشترك وقادة الحركات والتنظيمات الجهادية القابعة تحت لوائه فأقول: أليست هذه الأماكن ممتلكات عامة وملك الشعب أم هي ملك النظام وحده حتى يتم الزحف عليها واحتلالها والعبث بها وإراقة دماء اليمنيين على أبوابها؟!!.. وأليس لتلك الأماكن حراسة أمنية مشددة من الجيش اليمني وليس الإسرائيلي أو الأمريكي؟!!.. وألم يكن أفراد الحراسة لتلك الأماكن قد أقسموا اليمين الدستورية على حمايتها حتى آخر قطرة من دمائهم؟!!.. وأليس البر بذلك القسم يعد عهداً يلزم أفراد الحراسة الذود عنها من أي اعتداء، ويعد ذلك جهاداً وشهادةً في سبيل الله ودفاعاً عن الواجب؟!!.. وأليس عكس ذلك يعد خيانة ومن الكبائر؟!!.. وهل الزحف بصدور عارية على أفراد الحراسة والدوس عليهم يعد جهاداً أم اعتداءً وإرهاباً؟!!.. وهل الزج بالأبرياء من الشباب والشيوخ والأطفال والنساء لمواجهة أفواه البنادق واقتحام تلك المباني يعتبر شهادة في سبيل الله أم انتحاراً في سبيل الشيطان؟!!.. ألم يقل الله تعالى (ولا تلقوا بأنفسكم إلى التهلكة ولا تعتدوا ان الله لا يحب المعتدين)، (ما لكم كيف تحكمون أم لكم كتاب فيه تدرسون إن لكم فيه لما تخيرون)؟!!. بالأمس القريب نقل زعماء الحوثة تل أبيب وواشنطن إلى صعدة وحرف سفيان، ونسأل اليوم عن مشاريع دعاة الفتنة والضلالة في اللقاء المشترك، الذين ينادون بالزحف والجهاد لتحرير القدس في دار الرئاسة، لأنهم فقط بحاجة لمن يذكرهم أين مكان الزحف والجهاد!!.. هؤلاء وأمثالهم بحاجة لإعادة قراءة التاريخ الإسلامي من جديد!!.. هؤلاء وأمثالهم بحاجة لمن يذكرهم بجهاد الظاهر بيبرس وقطز ضد التتار، وزحف صلاح الدين ضد اليهود والصليب لتحرير القدس!!. هؤلاء وأمثالهم بحاجة لمن يذكرهم بتاريخ الفتن ومنازعة دعاة الفتنة لعثمان وعلي خليفتي رسول الله صلى الله عليه وسلم والمبشرين بالجنة، لكن هؤلاء المفتونين في الدين نسوا كل ذلك واتهموهما بالفساد والفشل في الحكم ما أدى إلى فتنة صار ضحيتها حوالي مائتي ألف شهيد من خيار المسلمين، كل ذلك بسبب أنهم افتقدوا الفهم الصحيح للقرآن والسنة حسب إرادة الله لا حسب إرادة أرباب المذاهب والسياسة فقط، وبسبب أنهم افتقدوا من يذكرهم بالمحكم والمتشابه من القرآن الحكيم ومن يذكرهم بقوله تعالى: (فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه). ودعاة الفتنة اليوم هم كدعاتها في الأمس، لذا فليسوا معذورين، خصوصاً وقد أغرى بعضهم المال المتدفق من قطر و"الجزيرة" وأعمت بعضهم المعتقدات المنحرفة. فهم يرون في خيالهم المريض ان في دار الرئاسة شارون وباراك وشمعون بيريز، وفي صنعاء تل أبيب وفي مأرب والجوف وصعدة وحضرموت عكا واريحا والضفة ورام الله، وهذه أوهامهم وأهداف شعاراتهم الزائفة التي تسعى إلى تحويل اليمن إلى وطن يقبع تحت الاحتلال الإسرائيلي والأمريكي، والتي ظهرت ملامحه من خلال مناشداتهم ودعواتهم المتكررة لمجلس الأمن والأمم المتحدة لاتخاذ قرارات على نظام الحكم في اليمن، في إشارة إلى التدخل العسكري كالذي حصل في العراق، أو كما هو حاصل الآن في ليبيا أو فرض حصار اقتصادي ينهي حياة المواطنين.. فهؤلاء المفتونون يظهرون ولاءهم لله وهم أولياء لليهود والنصارى، خدعوا جماهيرهم أياما وسنوات بشعارات كاذبة وها هم اليوم يظهرون على حقيقتهم من خلال تسكعهم ليلاً ونهاراً في السفارة الأمريكية والسفارات الأوربية وقطر و"الجزيرة" يستجدون ثمن الفوضى والخراب لثورة التدمير والإرهاب وثمن دماء الأبرياء من المغرر بهم، فلا أبلغهم الله مناهم وجعل زحفهم زحفاً عليهم في أوكارهم أينما كانوا وحلوا ونزلوا انه سميع مجيب الدعاء.