الثورة في أفغانستان كانت عنيفة ومسلحة، فيما الثورة المشتقة منها في اليمن كانت سلمية ما دامت وصلت إلى الشراكة السلمية، ولتصبح طرفاً سياسيا عرف بعد الوحدة بالإصلاح.. وزحف طالبان إلى الحكم في أفغانستان هو ثورة شباب مشتق أيضاً من فكر ومد الأسلمة. الثورات العسكرية هي التي تفرض على أي واقع ما يعرف بالأمر الواقع كخيارات أو أدلجة ثورية، فالمد القومي كان الأمر الواقع لثورة سبتمبر، والمد الأممي الأمر الواقع لثورة أكتوبر، وبالتالي وحين اضطرار ثورة سبتمبر لتغيير الأمر الواقع كأدلجة جاءت الأحزاب القومية كالناصرية والبعث كوارث للمد القومي أو مدد بالثقافة القومية. عندما طالب الرئيس الشباب في ساحة الاعتصام بتكوين حزب سياسي ربطاً بما تعرف ب"ثورة الشباب" ربما لأن ثورة سبتمبر واكتوبر انتهت إلى أحزاب سياسية في ساحة التطورات كديمقراطية. ربما أيضا لأن طرح مفهوم الثورة السلمية له علاقة أو ارتباط بالديمقراطية، وبالتالي فالمتغير أو التغيير في إطار الديمقراطية يعني تفعيل فكر وتفكير سياسيين من خلال طرف سياسي. الثورة السلمية تكون قابلة للتحقق على طريقة تونس ومصر في ظل متراكم استقرار للواقع وعدم وجود مخاطر تهدده، وبالتالي في ظل شراكة عضوية والتحامية بين الثورة كشباب وبين شرائح الواقع الأوسع والأكبر فوق قدرة نظام للتأثير على الواقع وفوق قدرة المعارضة كأحزاب على أن تجير الثورة وتسيطر عليها. ما دامت الثورة سلمية فهي لا تفرض على أي واقع الأمر الواقع، كما لا تصادر الواقع وإرادته كطرف، ولهذا فرئيس تونس قرر الرحيل لأنه لم يعد له شعبية مؤثرة في الواقع، أما رحيل رئيس مصر فكانت أرضيته الأهم عدم سيطرة المعارضة على الثورة أو مصادرتها، وبالتالي تجلت معادلة الواقع والشارع في غير صالح النظام. المد الإسلامي وتصدير ثورة الأسلمة إلى أفغانستان مثل في مصر "تثويراً"، جاء منه الإرهاب والعنف الأوسع في مصر منذ عودة مجاميع ما عرف ب"الأفغان العرب"، فيما مد الأسلمة هذا في اليمن تجاوز التثوير إلى مستوى ثورة وأفضى إلى أقوى طرف سياسي فرض على الحكم شراكته بشروط لا تقبل بها أنظمة في المعتاد، وتفكير الشراكة والتعامل معها هو الذي أسس المؤتمر الشعبي العام. فالثورة في أفغانستان كانت عنيفة ومسلحة، فيما الثورة المشتقة منها في اليمن كانت سلمية ما دامت وصلت إلى الشراكة السلمية، ولتصبح طرفاً سياسياً عرف بعد الوحدة بالإصلاح. زحف طالبان إلى الحكم في أفغانستان هو ثورة شباب مشتق أيضا من فكر ومد الأسلمة.. إذا الإصلاح هو طرف التثوير والتفويج إلى أفغانستان، وفرض شراكته كثورة قبل الوحدة، فهو كخبير في تثوير الشباب الأقدر على استثمار ما باتت تعرف ب"ثورة الشباب"، وإذا كان في إفغانستان ضحى بالمئات والآلاف فهو على استعداد للتضحية بأعداد أقل، ليصبح نجاح "ثورة الشباب" هو وصوله أو إيصاله إلى السلطة. سيان إذاً أن تكون ثورة الإصلاح هي "ثورة الشباب" أو "ثورة الشباب" هي ثورة الإصلاح، وبالتالي فوجود عدة أطراف في المشترك هو كما وجود أطراف في تثوير الأفغنة الخارجي والداخلي التي تكشف وتصارع بعد نجاح الثورة. الشيخ الزنداني قالها في إحدى محاضراته للشباب في ساحة التغيير بما معناه: لقد حاولنا وظلينا نحاول قرابة نصف قرن قلب نظام الحكم بكل الوسائل كالجيش والقبيلة والميليشيات وغيرها ولكننا لم نستطع ولم ننجح، والشباب يستحقون براءة اختراع لثورتهم السلمية، فيما الإصلاح هو من يستعمل ويستثمر هذا الاختراع. جزيرة خنفر الفضائية تعيد في التثوير تقديم مسلسل تجاوزته الأزمنة والتطورات "وضحا وابن عجلان" بدون وضوح ولا وضاح، وكأنما هي ثقل اعلام النازية أو الشمولية الأممية كإعلام موجه، حتى باتت لا تتعالى على الأنظمة فقط بل على واقع شعوب بكل استحقاقات هذا الواقع كواقعية ومعيارية. مثل هذا لا يستطيع أن يفرض على الشعب اليمني أمراً واقعياً بقدر ما استفز الشعب واستنفر الواقع، ليصبح طرفاً فاعلاً في التطورات والمتغير والتغيير، وهو بقدر ما يسير في تصعيد تفعيل ذاته، الطرف الأقوى من أي طرف آخر داخلي أو خارجي، بما في ذلك وضاح "وسنيورته" الجزيرة. أن تمارس فضائية أهلت لمتغير لخط تغيير ترهيب الأنظمة فذلك بأي قدر مرغوب أو مطلوب لمواجهة مستوى من الديكتاتورية أو العنجهية، ولكن مثل هذه الأداة تخطئ حين ممارسة إرهاب شعب أو شعوب إعلامياً، فاستهداف نظام لا يجيز التمادي إلى إرهاب شعب ووطن. مهما قالت ومهما كالت فضائية ك"الجزيرة" فهي أخطأت في حق واستحقاقات واقع اليمن لوقائع واستحقاقات ومعايير، ويعنيها مراجعة حساباتها إن أرادت، وإن لم تشأ فلها ممارسة الكيل والمكاييل كما تريد وإن لا إرادة لها في هذه المحطة والمتغير!