في العيد الثلاثين من يوليو المسار والمسيرة أعلن فخامة الأخ الرئيس عن نهاية الفتنة والحرب وبداية مرحلة جديدة في مسارنا الوطني الذي انطلق في كنف ال 17 من يوليو 1978م على قطار التسامح والمحبة والحكمة والادارة الحصيفة والرؤى الثاقبة. من الصعب إنصاف يوم تاريخي بحجم وعظمة السابع عشر من يوليو، والأصعب من ذلك رصد ما شهده الوطن بعد مجيء هذا اليوم العظيم من تحولات وما ترتب على كل ذلك من قيم ومفاهيم، ما كان لشعبنا أن يتوصل إليها لولا إرادة قائد حكيم وتطلعات فارس نبيل وحكمة زعيم مقتدر مستوعب لتضاريس المسار ومدرك لمنعطفات المسيرة، ولهذا جعل الحكمة عنواناً والتسامح هوية وأدار تحولات وحقق منجزات، فكان ربانا لانطلاقتنا وقائداً لمسيرتنا وحارسا لأحلامنا ورائداً لتحولات كانت حلماً، وكان كل شيء قبل السابع عشر من يوليو حلما بما في ذلك الوطن الغارق في متاهات التناحر، والمخنوق بكل أطياف الأزمات القاتلة والاحتراب الأهلي المدمر لكل عوامل السلم ومكونات الاستقرار والتعايش. مبتدأ الديمقراطية في ذلك الصباح الوطني الجميل السابع عشر من يوليو 1978م عرفت اليمن الأرض والانسان أوَّل مظاهر الديمقراطية الشعبية، حين قرر مجلس الشعب التأسيسي اختيار علي عبدالله صالح رئيسا للوطن بالاجماع، حيث كانت الرئاسة ضربا من ضروب الانتحار ومغامرة غير مأمونة وفعلاً خطراً ليس على من يتقدم نحو كرسي الرئاسة، بل وعلى كل من حوله ومريديه.. لكنه علي عبدالله صالح القائد الذي منحه الله كل الصفات الحميدة والنبيلة ليكون لليمن بانيها وحارسها وموحدها، فألهمه الله وأعانه على أن يبعث فيها وأهلها كل الصفات ومكارم الاخلاق والتسامح الذي كان الوسيلة التي بها حقق القائد كل أحلام وتطلعات الجماهير. من الاحتراب إلى الحوار كانت البداية في صراعات التشطير، والمناطق الوسطى أو الحدودية مسرحا للعبث وتصفية الحسابات، ومن هناك كان تفكير القائد يتجه نحو اليمن الموحد والكبير والمقتدر والمتطور.. فكان لقاء الكويت عام 1979م مع الشهيد الراحل عبدالفتاح اسماعيل، البداية الحقيقية لمسار التحولات والوحدة والتنمية والاستقرار. عمل فخامة الأخ الرئيس على حل أولى مشاكل التشطير وأدواته من خلال الحوار مع أدوات الصراع، وهي القوى السياسية التي كانت تعمل بايحاء من هذا النظام الشطري أو ذاك، ومضى فخامته في مساعيه جاعلا من الحوار الوسيلة الحضارية المثلى، وهكذا راح الحوار يجمع ما فرقته السياسة والتناحر والحزبية الطفيلية التي كان اصحابها يتحزبون ويقدمون كل ولائهم لمحاور خارجية هي أبعد ما تكون عن اليمن وهمومه.. فكان الولاء لعواصم العالم من قبل بعض اليمنيين هوية وعنواناً واليمن هي آخر محطة يفكر بها هؤلاء، من خلال رغبتهم في الحكم والسيطرة والتجريب لنظريات خابت في منابعها وخلفت لأهلها الانكسارات والهزائم والتخلف.. ولكن بعضنا جعل منها ثوابت مقدسة، وقبل أن يضحي بوطنه من أجلها.. فكان الخطأ عنواناً والجهالة هويةً حتى ممن كنا نرى فيهم عنواناً للتقدم وأداة للتغيير. ليواصل القائد رحلة المجد والعنفوان والكرامة وبناء الدولة اليمنية الحديثة جامعا كل أطياف المتناقضات عبر الحوار، ومن خلال الحوار عمل على تحصين الواقع من بؤر التوتر وسيطرة قوى الهيمنة والتخلف، وراح في اتجاه البناء والتنمية وتعزيز مسارها الحضاري الوطني، وفتح آفاق التقدم والتطور والأمن والاستقرار. طريق الوحدة والتنمية وهكذا كان ال17 من يوليو منعطفاً تاريخياً ومحطة مفصلية في تاريخنا الحديث والمعاصر، وبداية فعلية للتحول والتقدم والتنمية والمنجزات الحضارية، التي كانت حلما وغدت بفضل صانع فجر ال17 من يوليو حقيقة راسخة، وهكذا وضعت اليمن أقدامها على الطريق الصحيح، طريق التقدم والتنمية والوحدة والمنجزات الوطنية والحضارية التي لم يسبق لأحد ان فكر بها بجدية وبنيَّة صادقة وإرادة خالصة غير الرئيس علي عبدالله صالح، الذي حكم اليمن بالتسامح والمحبة والاخاء وبنبل المواقف وعبق السلوك وشذا الوفاء وأريج المودة، وتلك كانت مقومات حكم عصر السابع عشر من يوليو، لنخطو على مدى ثلاثة عقود في طريق البناء والتقدم، حاصدين من المنجزات ما لم تحققه دول التقدم في عقود زمن العمران والبناء. من العدم إلى الوجود ليس ثمة إمكانية للمقارنة بين مرحلة ما قبل يوليو 78م وما بعدها، ويستحيل المقارنة إلا ان جاءت هذه المقارنة على قاعدة المقارنة بين العدم والوجود. فكانت الوحدة عنواناً لكل هذه الجهود وثمرة من ثمار نضالنا الوطني الشاق والعسير والحافل بالعقد والتعقيدات، ولكن لحكمة القائد دورها في تجاوز كل التحديات ونسج بيارق النصر.. وحين تكالبت المحن كان الثبات عنواناً والثقة هوية والحكمة ضميراً ورؤية وقطاراً نقلنا على متنه إلى آفاق التقدم والرقي والى شواطئ الأمن والأمان. نبل المقاصد وسمو الهدف لقد برز الدليل على صدقية التوجه وإخلاص النوايا ونبل المقاصد وسمو الهدف في فلسفة العفو والتسامح وهو المنهج الذي تميز به فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح، ولم يسبقه إليه أيٌّ من حكام اليمن والوطن العربي والعالم الثالث، بل وحتى في العالم المتقدم، لم يحدث ان عرفنا أو سمعنا عن زعيمٍ متسامحٍ كالرئيس علي عبدالله صالح، الذي أعاد الاعتبار لكل رموز اليمن، وأعاد للوطن كل الذين كانوا يعيشون خارجه، وهو الذي عفا ولا يزال يعفو ويتسامح من موقع الواثق المقتدر والقائد الذي يصنع التاريخ ويشكل أحداثه، ويكفي انه وفي العيد الثلاثين لتولي فخامته السلطة قدم لنا والوطن هدية تمثلت في اعلان فخامته عن نهاية حرب الفتنة والتمرد، وتلك هدية عنوانها التسامح والقدرة والاقتدار، فمن هو بحجم ومكانة علي عبدالله صالح في قاموس الزعامات المعاصر وتلك التي كانت، فقد حصد الاستحقاق وبجدارة في أن يكون قائداً فريداً في الرؤى والرؤية والفعل والخطاب، فدمت –أيها القائد الرائد الموحد - قائدا للشعب ونبراسا متقدا في سماء الوطن، ودمت للمنجزات صانعاً وللتقدم رمزاً.