- ثورة سلمية في اليمن.. امتداد لاستثنائية الصراعات - يستحيل أن تكون السلمية حتمية كما الماركسية وحتمياتها! أساس الثورة والتثوير في النظرية الماركسية هي أخطاء النظام الرأسمالي في الغرب كأرضية ستوصل كحتمية إلى الثورة العمالية العالمية، ولكن هذه الحتمية لم تتحقق في الواقع كأخطاء للنظام الرأسمالي بما يوصل إلى هذه الحالة الافتراضية وبالتالي فحتمية هذه الثورة لم تتحقق في واقع الغرب أصلاً. وذلك فالثورات الشيوعية قامت أو انتشرت في غير بلدان حتميتها المفترضة وفي البلدان الاضعف والافقر مقارنة بالغرب، وذلك يعني ان المتحقق في الأرض منذ خلق واستخلاف البشر فيها هو حتمية الصراع بين أخوين هما هابيل وقابيل أو بين شرق وغرب وبين شرق الغرب والغرب بعد ذلك. فالحتمية كانت الحربان العالميتان الأولى والثانية، ومن ثم الحرب الباردة وحين تنتهي كمراحل ومحطات في تاريخ البشر تبدأ صراعات جديدة حسب أولويات وموجهات الأقوى والأقوياء في العالم، فتحرير الكويت مثل حتمية أكثر من غزوها.. بل غزو العراق هو حتمية أكثر من غزو الكويت، والحرب ضد الارهاب هو الحتمية وليس الارهاب أو حروب الارهاب. حتمية الثورة العمالية العالمية كانت ستتحقق لو ان قدرات الاتحاد السوفيتي قادرة على ايصال أوضاع وواقع الغرب إليها، كما الحتمية المقابلة هي ما تستطيع قدرات الغرب ان توصل واقع الاتحاد السوفيتي اليه ومن خلال محطات صراع الحرب البادرة كما فيتنام وافغانستان. مثلما الاتحاد السوفيتي نقل حتميات الماركسية إلى بلدان في العالم الثالث فالغرب بعد الحرب البادرة وبعد مرحلة من الحرب ضد الارهاب بدأ في تكتيكاته للصراع عالمياً يمارس فرض حتميات ما تسمى الثورات السلمية في آسيا وافريقيا بعد فشلها في الصين وتحول هذا البلد إلى اقتصاد عملاق يقلق الغرب ويهز اميركا. مثلما السوفيت مارسوا حتميات العالم الثالث للوصول افتراضاً إلى حتمية انهيار الرأسمالية والنظام الرأسمالي الغزلي فالغرب يمارس حتميات في مناطق نفوذه وهيمنته المطلقة للوصول المأمول إلى حتمية انهيار الصين واقتصادها المفزع. إذاً وحين مجيء ثورات أممية بحتميات ماركسية أو حين مجيء ثورات سلمية بحتميات غربية وغربنه فلا بد أن يكون لأي نظام أو أنظمة تستهدف مستوى من الأخطاء ستستخدم للتثوير السلمي كما الاستخدام للتثوير الماركسي. ولذلك فما تسمى الثورات السلمية كأرضية خارجية وخط صراعي عالمي لا تسمح بواقعية القياس لأخطاء كل نظام أو للشعبية التي لا يتحقق أي فهم أو مفهوم لما تسمى ثورة سلمية إلا من خلال دقة قياسها. فالغرب في الثورات السلمية بات كالشرق في الثورات الماركسية لا يسمح بقراءات الأساس في كل واقع أو تفعيل القياسات الواعية والواقعية وهو بذلك يدعم وجها لتكريس المشاكل مقابل وجه آخر قد يحدث من الأنظمة تجاه ما تسمى الثورات السلمية. لو كنا بصدد ثورات سلمية لا علاقة بصراعات عالمية باردة أو ساخنة وغربية أو معولمة فالمشكلة تصبح في تعطيل قد يمارسه نظام محلي كأن يقمع ويمنع اعتصامات سلمية وذلك يعطل قدرة القياس للواقعية والشعبية كما المشكلة في الوجه الآخر حينما تكون هذه الثورات مجرد حتميات لنظام عالمي أو قوى كبرى، والضجيج الاعلامي السياسي الغربي والفضائيات العربية رأس حربته هو تثوير وثورية تهدف بالعمد المسبق، وسبق الاصرار والترصد إلى تعطيل المعايير الواعية والواقعية للشعبية وللواقع. في هذا الحال والحالة فالنظام العالمي أو القوى الكبرى تصبح الوجه الآخر والمقابل للشمولية فإذا النظام يستعمل القوة والعنف لمنع وقمع اعتصامات.. لمنع ما تسمى ثورة فالغرب كمنهج وايدلوجيا الحتميات يستعمل الاشكال المتعددة للقوة لفرض ثورات فوق إرادة الشعوب وواقعها. في ظل تعطيل الطرفين لمعايير الوعي والواقعية فالذي يمارس هو حلول القوة والاستقواء وتصبح الشمولية في تفعيل وممارسات الغرب لا تفرق عن شمولية الشرق. النظام في اليمن حالة واضحة واستثنائية في عدم ممارسته القمع والمنع للاعتصامات السلمية، وبالتالي فالغرب يسلم بأن هذا النظام طرفاً لم يسع لتعطيل المعايير الواعية والواقعية وهو احتكم لمعيار الشعبية التلقائية والحقيقية وهذه قوته الأهم في التعامل بحجج الواقع والوقائع مع الأرضية الخارجية للثورات السلمية وحتمها وحتمياتها. ولهذا وبعد أكثر من نصف عام من الأزمة في اليمن باتت السلمية هي من خلال حقائق في الواقع ووقائع متحققة كإجابات عن أسئلة مثل: ما حجم ووزن كل اصطفاف وما حقيقة شعبية كل طرف؟ بات من البداهات في الواقع فوق أي نقاش أو تشكيك هو حقيقة شبه اجماع شعبي فوق الاغلبية مع الحوار والتوافق والانتخابات، والذين يرفضون الحوار انما يتقاطعون مع واقعهم ويتعارضون مع شعبهم فماذا يبقى في هذا الوقوف الأعوج والموقف الأهوج من معنى أو واقع أو واقعية للسلمية المفترى عليها؟. الأطراف المصطفة كمعارضة في خط ما تسمى ثورة سلمية باتت الطرف الأكثر والأوسع والاشنع عنفاً من النظام ومن أي طرف في محطة ما تسمى ثورات سلمية كصفوف واصطفاف وتشهد بذلك حروب القاعدة واستهداف المعسكرات وقطع الطرق وصولاً إلى عنف استهداف دار الرئاسة وجامعه والرئيس وأقطاب الدولة. اليمن التي أريد لها أكثر مما اختارت أن تكون ساحة الصراع القومي الرجعي ومساحة التماس في الصراع الشرقي الغربي والارضية الأهم لتكتيك أميركا كمعمل وأرض تجارب وتجريب في محطات الحسم والأهم للحرب الباردة فالشعب اليمني بات يدقق في التثوير والثورات حتى لا تصبح الخطر والأخطر على الواقع كصراعات. هذا الواقع لم يعد ينطلي عليه ثورات المفاصل والتفصيل بالقياسات والمتغيرات الصراعية وهذا الشعب يمارس الثورة الحقيقية والأحق في التمسك بالحوار أو خيارت الديمقراطية. دعونا نتجاوز أي اسوار تنتقص من حقيقة أو استحقاق واقعا ووعياً في مسار وصيرورة الأزمة فالاصطفاف مع النظام إزداد بوتيرة متسارعة منذ تقديم الرئيس صالح مقترح نظام برلماني وانتخابات مبكرة نهاية العام وبلا تأبيد أو توريث. فمن متراكم الصراعات والانقلابات في اليمن فالبطل والأفضل في نظر الشعب اليمني هو من يعلي نكران الذات ويتجرد من الذاتيات والرئيس صالح تحول منذ تقديم تلك المبادرة والمقترح ممثل للغالبية القصوى من الشعب أو مندوباً لها للوصول إلى حل من اجل الواقع بما يجنبه الدماء والدمار والصراعات وليس من أجل الرئيس أو النظام. الاقلية التي ترفض الحوار والمخارج السلمية للواقع ومن اجل الواقع هي التي أدمنت ثقافة الحتميات الشمولية حين تأتي من شرق أو غرب كالزام للواقع والشعب وليس من خلال واقع أو شعب كما تزعم، والطبيعي في ظل استثنائية الصراعات اليمنية ربطاً بالحرب الباردة اقليمياً وعالمياً نشوء ارضية مغتربة في الواقع يعنيها الوصول للحكم ولا يعنيها ان يكون من تنظير شرق أو غرب ولا تدمير وطن أو فناء شعب وستعيد صراع هابيل وقابيل إن لم يعد في الواقع غيرهما!!.