على الرغم أن المبادرة التي تقدم بها العلماء في 22 فبراير 2011م لاحتواء الوضع كانت منحازة وتمثل وجهة نظر اللقاء المشترك أكثر مما هي وساطة لرأب الصدع ونزع فتيل الأزمة المصطنعة فقد بادر رئيس الجمهورية إلى القبول بها كما هي انطلاقاً من نهجه السلمي الديمقراطي الذي يعطي الأولوية للحوار الحضاري ولمصلحة الوطن أولاً. وقال فخامة الرئيس مخاطباً العلماء في جامع الصالح: "يا علماء أنتم تتحملون مسؤولية في الدنيا وفي الآخرة وتتحملون مسؤولية ما يترتب على الفوضى من إزهاق للأرواح وهدر للطاقات وإخافة الطفل والمرأة..خافوا الله في وطنكم يا علماء.. قولوا كلمة الحق.. كيف سيحاسبكم الله يوم القيامة؟! سيحاسب العلماء أكثر منا أنتم علماء ورثة الأنبياء سيحاسبكم الله، حسابكم مضاعف". كان منظر الشيخ عبدالمجيد الزنداني ساعتها بهلوانياً ومثيراً للشفقة والسخرية في أن واحد وهو يحاول أن يداري حقيقته وما في داخله، وأظنه خسر من بعد هذا اللقاء الكثير من شعبيته واحترامه وتقديره لدى الناس. من جانبه، واستناداً إلى أجندته الانقلابية الرافضة لأي حوار مع السلطة، المستغلة لمرونة وتنازلات السلطة حسبما درجت عادته لرفع سقف مطالبه التعجيزية فقد أضاف اللقاء المشترك النقاط الثمان التي اشتملت عليها مبادرة العلماء في 22/2/2011م خمس نقاط أخرى، بل قل اختزل النقاط الثمان في خمس نقاط تفصح عن حقيقة نواياه الانقلابية هي: 1- ضمان حرية التظاهر والاعتصام لجميع أبناء اليمن بالأسلوب السلمي 2- تشكيل لجنة للتحقيق في الاعتداءات التي تعرض لها المتظاهرون في المدن اليمنية ومحاسبة المسؤلون عنها وتقديمهم للمحاكمة وتعويض أسر الشهداء ومعالجة الجرحى على نفقة الدولة حتى الشفاء. 3- انتقال سلمي وسلس للسلطة بالاستناد على ما التزم به الرئيس بخصوص عدم التمديد والتوريث وعدم ترشيح نفسه في الانتخابات القادمة. 4- وضع برنامج زمني لتنفيذ الخطوات الضرورية في إطار فترة انتقالية لتنفيذ ذلك بحيث لا يتعدى نهاية هذا العام بناء على مبادرة يقدمها الرئيس بذلك. 5- يتم التواصل مع جميع القوى وأطراف العملية السياسية في الداخل والخارج بدون استثناء لاستكمال النقاش حول هذه المبادرة. كانت تلك فحوى مبادرة العلماء في 2 مارس 2011م والتي يتضح من خلاصتها أن على فخامة الرئيس أن يتواصل مع قيادة اللقاء المشترك ليبلغهم أن قرار التنحي عن السلطة يوم كذا وأن عليهم الحضور لاستلامها منه.. وكأنه لا توجد آلية متفق عليها لتداول السلطة!! منتهى الصفاقة والسخافة والبلطجة والاستهتار والتهريج ذلك الموقف الذي اتخذته قيادة اللقاء المشترك مطالبة الرئيس بتسليمها السلطة خارج الأطر الشرعية المتعارف والمتعاقد عليها دونما احترام أو وزن لإرادة الجماهير صاحبة الأغلبية!!. لم يكن ذلك حال قيادة المشترك فقط بل رأينا الشيخ عبدالمجيد الزنداني بمجرد سماعه بهذه المطالبات العنترية يعتقد أنه أصبح قاب قوسين أو أدنى للقفز إلى السلطة وفق أجندته الخاصة التي تعلو أجندة باقي أطراف اللقاء المشترك، فهرول فاقداً اتزانه إلى ساحة الاعتصام أمام جامعة صنعاء الجديدة بأمانة العاصمة ليخاطب المعتصمين وجُلّهم من قواعد حزب الإصلاح بأسلوب يشبه أسلوب المهرجين الذي يجيده ويبدع فيه عبدالرحمن بافضل فخاطبهم الزنداني قائلاً لهم "أنكم تستحقون براءة الاختراع على هذا الاعتصام" رامياً وراء ظهره بالدور الذي يفرضه عليه الدين الإسلامي مرجحاً انتماءه الحزبي الضيق على الدور المناط به كمرجعية إسلامية يحرص على مصلحة الوطن ووحدة الشعب المسلم!!. في هذه الأثناء أعلن فخامة الرئيس عن مؤتمر وطني عام يقام في 10/3/2011م بالعاصمة صنعاء بمشاركة مختلف الفعاليات.. شارك فيه أكثر من ستة آلاف شخصية يمثلون مختلف محافظات الجمهورية، قاطعه اللقاء المشترك، وأسفر عن مبادرة جديدة لاحتواء الأزمة ركزت على تشكيل حكومة مشتركة مع اللقاء المشترك والانتقال إلى النظام البرلماني، لكن هذه المبادرة أيضاً كان مصيرها مصير المبادرات السابقة.. وفي العدد القادم نتواصل.