إن ما تحاول الولاياتالمتحدةالأمريكية القيام به في اليمن، هي نتيجة طبيعية لما آلت إليه الأحداث المختلفة وعلى رأسها الوضع العسكري على الأرض. العودة بصورة سريعة إلى عملية تنشيط ذهني لذاكرة الأحداث، تجعل اللعبة الأمريكية التي تديرها مع حلفاءها تحت عباءة الأممالمتحدة أكثر وضوحاً، تحرك الحوثي من صعدة بهدف -ضرب الإصلاح- وتسلم الحكم لأنه الطرف المسنود إيرانيا، كما سلمت العراق إلى إيران، لذلك اقتضت اللعبة أن يدعمه الجميع. وحين أفشل الإصلاح الخطة بانسحابه من المواجهة في صنعاء، قيل بأنه أفشل مخطط الجميع، وقلنا بل أرغمهم على تأجيل هدف التخلص منه إلى وقت آخر. تدخلت المملكة العربية السعودية – وحق لها أن تتدخل – لأكثر من سبب، إنها الحقيقة وإن أغضبت المنجرفين عاطفياً أو حماقة إلى الوقوف مع الإنقلاب، كان تدخلها قانونياً: بطلب من الرئيس الشرعي، وتدخلت لمصلحتها الطنية: حماية لسيادتها التي صارت تتعرض لنيران التهديد بوضوح(مناورات وتصريحات) وتوجت تدخلها القانوني: بالقرار(2216) الذي صوت عليه كل أعضاء مجلس الأمن عدى روسيا، التي لم ترفضه بل امتنعت عن التصويت -وهناك فرق- كان الجميع حينها يعتقدون أن الحسم سينتهي سريعاً. انطلاقاً من هذا القرار الدولي القوي، ظهرت المملكة أنها الطرف الذي توجب عليه تنفيذ قرارات الأممالمتحدة، وإعادة الأطراف إلى مخرجات الحوار والمبادرة الخليجية المدعومة من (18) دولة، وتوجب عليها أن تدعم الشرعية لتجبر الإنقلابيين على العودة لما أقروه في مؤتمر الحوار الذي وقعوا عليه. وبالفعل ظهرت قوية من عدت جوانب، قوة التحالف العربي الذي تقوده، والذي شمل دول قوية ذات تأثير فعال(تركيا، باكستان، مصر) إضافة إلى القرار(2216) الذي يعتبر تعزيزاً لقرارات الأممالمتحدة السابقة التي تشرف عليها منذ2011م. هذا الوضع القوي للمملكة أخضع أطراف المجتمع الدولي لإصدار ذلك القرار الذي يعتبروه اليوم غصة في حلوقهم، المشكلة أن المملكة، وجدت في نفسها نوعاً من الزهو والإفتخار، الأمر الذي دفعها إلى عدم التركيز على الهدف الذي قامت العاصفة من أجله (القضاء على القوة التي تهددها) لذلك بدأت مطامعها الخاصة تطفوا على العاصفة، فتحركت برغبة المختال الذي يعتقد أن له قدرة على فعل مايريد -إلى الأبد- دون أن يعارضه أحد، فكانت البداية للخطأ. لم تنتبه إلى مخاطر تمدد الوقت الذي مر عليها سريعاً دون أن تتمكن من الحسم -ليس لعدم قدرتها- بل لعدم رغبتها، وحينها بدأت الدول الكبرى -مستفيدة من عامل الوقت- بتحييد مصر، وتردد باكستان، وإشغال تركيا، وتحركت الإمارات مدفوعة من الدول الغربية (أمريكاوإيران وحلفاءها) فصارت خطى المملكة معقدة، وحين أرادت الحسم كان الوقت قد تجاوزها، وصارت التدخلات أكثر قوة. الآن يعرف الجميع أن الخارج الداعم للإنقلاب لايمكن أن يقلب مخططه، من (القضاء على الإصلاح، إلى إخراجه منتصراً -الحسم العسكري) لهذا سيستمر تدخلها بقوة، هي التي تمنع التقدم في نهم، وعن طريقها تفعل الإمارات في تعز المثل. المبادرة المختلفة للولايات المتحدة، والقوانين والقرارات التي بدأت توجهها بقوة نحو المملكة، ليست أكثر من محاولة للتسوية بين طرفين، إما بتحويل الشرعية إلى ميليشيات مسلحة، فيستمر الصراع إلى مالانهاية، أوبتحويل الميليشيات المسلحة إلى شرعية. لا أدري إن كان لايزال في الوقت متسع لفرض الأمر الواقع من خلال الدعم الفعلي للمقاومة، للحسم العسكري في مختلف المناطق، وهو ماكان يتوجب عليها أن تقوم به من قبل، غير أن كلمة (كان) دائماً ما تحبل ب(ليت) فتولد (خيبة الأمل) المؤكد أن المزيد من التأخر يضاعف التكاليف. │المصدر - الخبر