في حوار قصير أجرته قناة العربية الحدث مع المبعوث الأممي الجديد، في الأسبوع الماضي، إسماعيل ولد الشيخ، كان ضمن الأسئلة التي وجهت له: هل ستواصل من حيث انتهى زميلك السابق جمال بن عمر الذي دار جدل كبير حول حياديته؟! فكان الجواب سياسياً ومائعاً، بما يفيد (لا نستطيع أن نقول بأن كل ماقام به الأستاذ جمال كله سلبي، ولن يكون كل ما سأقوم به كله إيجابي) وهو ما فهمته شخصياً (بأن ذيل الكلب عمره ما يستوي) فإذا كان المبعوث السابق يجيد التمثيل والمراوغة، تمكن معها من الكذب على الشعب فترة أربع سنوات، حتى كُشفت حقيقته، فإن المبعوث الحالي ليس لديه هذه الميزة، أو أنه أكثر وضوحاً وجرأة. أن يصل به الأمر القيام بزيارة إلى لإيران، ثم يعقد مؤتمراً صحفياً يتحدث فيه عن مؤتمر جنيف، واصفاً الحوثي وصالح بالقوى الوطنية، متجاهلاً غالبية أبناء الشعب، الذين حضروا الرياض، كل هذا يعني بأنه ينطلق من مصدر قوة، معروفة الجهة(إنها الولاياتالمتحدةالأمريكية) يبدو انه لم يحضر مؤتمر الرياض إلا ليوجه للمشاركين دعوة إلزامية للمشاركة في مؤتمر جنيف، وهو ما دفع إلى التساؤل عن الجهة التي خولته أن يتبنى مثل هذه الدعوة، في وقتٍ اجتمع فيه كافة الأطراف في الرياض–عدى الخارجين على الشرعية- استجابة لدعوة الأممالمتحدة ذاتها في القرار(2216) هل كانت هذه الخطوة هي ما تم الاتفاق عليه مع صالح والحوثي، في الزيارة التي قام بها إلى اليمن قبل الذهاب إلى الرياض. الناطق الرسمي للمؤتمر الشعبي العام عبده الجندي، في مؤتمر صحفي أثناء انعقاد مؤتمر الرياض يقول: بأن مؤتمر الرياض لا يعنينا، وأن المشاركين فيه يمثلون أنفسهم وليس المؤتمر الشعبي، وقال بأننا نتطلع إلى مؤتمر جنيف الذي ستشرف عليه الأممالمتحدة. أما الحوثيون فيبدو أنهم غير مؤهلين للتعاطي مع موضوع بهذا الحجم، لذلك أحالوا مبعوث الأممالمتحدة، إلى التواصل مع إيران، وفي اتصاله مع وزير الخارجية الإيراني، أكد الأخير على قضيتين 1-ضرورة إقامة مؤتمر في جنيف بإشراف الأممالمتحدة 2-المطالبة بتمديد الهدنة، القضيتين التين دعت إليهما إيران، تبناهما المبعوث الأممي في خطابه بمؤتمر الرياض بشكل واضح وجلي!!!. إيران تريد أن تكون حاضرة في مؤتمر جنيف. إذاً: هناك ورقة جديدة تحركها الولاياتالمتحدة بقوة، هي ورقة المبعوث الأممي الجديد، الذي ظهرت تحركاته، بعيدة كل البعد عن الواقع السياسي، وما يدور بين الأطراف التي ترفض انقلاب صالح والحوثي، سواء على مستوى الداخل، أو ما تقوم به المملكة وحلفاءها. هذا الأمر ظهر أكثر وضوحاً مساء الأربعاء الماضي، حين أعلن الأمين العام للأمم المتحدة شخصياً، تبني دعوة صريحة وواضحة -كأنها تلبية لمطالب صالح والحوثي- بضرورة عقد مؤتمر جنيف بدون أي شروط مسبقة، وحدد موعد المؤتمر، بأواخر الشهر الحالي28مايو. مؤتمر حنيف ليس سوى انقلاب مفضوح من الأممالمتحدة بدعم أمريكي، على كافة القرارات التي صدرت بحق الحوثي وصالح، والدعوة لهذا المؤتمر يخالف قرار الأممالمتحدة(2216) ويبدو أنه محاولة لخلط الأوراق في المنطقة، وتدويل القضية اليمنية، لتبدأ الأرقام تباعاً (جنيف1وجنيف2وهكذا…..) هذه المحاولة بلاشك هي لإنقاذ حلفائهم في اليمن، والضغط على المملكة، لتخفيف تحركاتها وقراراتها، التي صلت حد تجاوز استشارة الإدارة الأمريكية، وهو محاولة استباق أي تطبيق على الأرض لمخرجات مؤتمر الرياض. الموقف اليمني بهذا الشأن كان قوياً، أما المملكة وحلفاءها فقد نجحت بامتياز في استباق حوار فعال مع الاتحاد الأوروبي الذي أكد كل ما تقوم به المملكة وحلفاءها في اليمن، وتم تأجيل مؤتمر جنيف إلى أجل غير مسمى، الأمر الذي مثل صفعة قوية في وجه الولاياتالمتحدة، وإيران وصالح والحوثي. تلك التحركات تدفعنا إلى القول: بأن الأممالمتحدة هي ذاتها الأممالمتحدة، التي أثبت التاريخ بأنها مُنصاعة لمصالح الدول العظمى، والتي على رأسها الولاياتالمتحدةالأمريكية، يقول التاريخ عن هذه المنظمة أن كافة مواقفها -وخاصة فيما يتعلق بالشأن العربي والإسلامي- كلها مواقف يُندي لها جبين الإنسانية، منذ فلسطين، إلى البوسنة والهرسك، وأفغانستان، والعراق، وسوريا، ومصر، واليمن، وغيرها كثير، فلماذا يمكن أن تتغير لتتخذ موقفاً إنسانياً ؟!. ألم نقل (بأن ذيل الكلب عمره ما يستوي) فلماذا يمكن أن يتم التعويل عليها اليوم؟! في مقال سابق بعنوان(صالح والحوثي أحجار على رقعة الشطرنج كيف ولماذا) كنت قد أشرت إلى التحالف الأمريكي مع صالح والحوثي بنوع من التفصيل، وأشرت إلى ما يقول الواقع أنها تفرضه عليهما، وهو ما يفيد بأنه يتوجب عليهما الدفع إلى المزيد من العنف ضد المدنيين، فهي الورقة التي ستظغط بها الولاياتالمتحدة عبر الأممالمتحدة، على المملكة وحلفاءها لوقف الضربات الجوية في اليمن، وضرورة البحث عن حلول سياسية، بهدف الحفاظ على ما تبقى لهما من قوة. الولاياتالمتحدة وحلفاءها، كانوا قد وعدوا صالح بتعويض الأسلحة التي ضُربت، وهو ما أشار إليه، حين تحدث بأن كل ما فقده من صواريخ وأسلحة سيتم تعويضه، أما فيما يتعلق بمقدرات البلد التي تحدث عنها، فقد اكتفى بالإشارة بيده إلى منزله المُهدم وقال: هذه المنازل سنعوضها، لكنه لم يشر إلى منازل بقية المواطنين التي تهدمت، بل انتقل بعدها مباشرة إلى الحديث عن الأسلحة، لأن ذلك هو كل ما يحمل همه الزعيم، منازله وأسلحته (يمكن الرجوع لذلك التصريح الذي قيل بأنه أمام منزله). وهو ما يدفعنا إلى القول: بأن كافة الممارسات سواء السياسية، أو التي على الأرض كلها تؤكد بمالا يدع مجالاً للشك، بأن الصراع الحالي في المنطقة، بدأ يتجه على استحياء، إلى صراع عربي إسلامي بقيادة المملكة، في مقابل صراع أمريكي إيراني بقيادة الولاياتالمتحدةالأمريكية، التي لا تزال تحرك أوراقها في المنطقة، بواسطة الأيادي الأمريكيةوالإيرانية، ابتداء من اليمن، مروراً بالعراق وسوريا (داعش) إضافة إلى ما تقوم به القيادة المصرية، التي بدأت منذ الأسبوع الماضي، بتحريك ورقة ملف الإعدامات، ضد جماعة الإخوان، التي تقدمها بالجملة، وصولاً إلى السفينة الإيرانية التي لازالت تتجول في المياه الدولية، فمرة يتم الحديث عن عودتها إلى إيران، وأخرى عن موافقتها الذهاب إلى جيبوتي للتفتيش حسب القانون الأممي(2216) ومرة تعلن عن توجهها مباشرة إلى اليمن بحماية عسكرية إيرانية، وصولاً إلى تفجير يوم الجمعة في المملكة، وتبني تنظيم داعش له. كل هذا يجعلنا نؤكد مُجدداً: بأنه يجب على المملكة وحلفاءها التخلي عن المخاوف من الإسلاميين ومن يقف معهم من الوطنيين في اليمن، الصامدين كل هذا الوقت في خنادق المواجهة، على مختلف الجبهات المشتعلة، والذين يقدمون في كل يوم الكثير من الشهداء والجرحى، لافتقارهم إلى أبسط مقومات المواجهة العسكرية، عدى العزيمة والإقدام التي لا تكون مجدية كثيراً حين تفتقد إلى القوة المادية من المال والسلاح. قبل يومين وجه الشيخ/ حمود سعيد المخلافي رسالة قوية عبر قناة الحدث، حين قال بما يفيد (بأن أبناءنا يقاتلون ببسالة، وأنهم يجرون وراء الدبابات بأسلحتهم الشخصية) أعتقد أن هذا من المعيب على الشرعية والتحالف الخليجي، الذي يقود المعرة ضد الحوثيين وصالح، أن يقف مثل هذا الموقف المتخاذل من المدافعين على الشرعية، الذين يقودون المعارك وهم لا يملكون سوى أسلحتهم الشخصية. الأمر الذي يحتم على المملكة وحلفاءها أن تعجل بمدهم بكل ما يحتاجون إليه، فهم الوحيدين القادرين على حسم الأمور على الأرض، في أقل وقت، وأقل تكلفة، وعليها كذلك أن تدرك بأن المزيد من التأخير والتخوف، سيكون في صالح الطرف الآخر، الذي يعتمد على مقومات كثيرة ومتنوعة، سياسياً ودولياً، قد تُدخل المنطقة برمتها في صراع كارثي، لن يرحم أحداً ولن يستثني أحداً، قد تضيع معه كافة الجهود والأموال التي بذلتها المملكة وحلفاءها في اليمن حتى اليوم، بسبب تلك المخاوف، التي قد تكون مشروعة إلى حدٍ ما، ولكن يجب أن لا تبقى إلى الحد الذي قد تنقلب معه الموازين رأساً على عقب، وهو مابدأ يظهر خلال اليومين الماضيين، عند سقوط مناطق هامة في تعز كجبل العروس، وشبوه وعدن. تجمع الإصلاح في اليمن، يؤكد التاريخ بأن هذا الحزب منذ نشأته، لم يُخلف وعداً، أو يغدر بحليف، ولم يفرط في سيادة وطنه، أو أساء إلى جيرانه وأشقاءه، فلماذا كل هذا الإحجام والتخوف ؟!. [email protected]