أثار التحقيق الذي نشره موقع «بزفيد نيوز» الأمريكي الثلاثاء، استياءا كبيرا في أوساط اليمنيين، بعد أن كشف الغطاء عن عمليات الاغتيالات المتكررة التي أرقت مدينة عدن، العاصمة المؤقتة (جنوبي البلاد)، خلال الأعوام الثلاثة الماضية. وكان التحقيق قد كشف بأن الإمارات مولت برنامجا لاغتيال ساسة وأئمة ودعاة في عدن، وخاصة قيادات في حزب التجمع اليمني للإصلاح، مستخدمة مرتزقة أميركيين ضمن شركة يديرها إسرائيلي. وقال الموقع إن شركة «سبير أوبريشين» الأميركية التي تعاقدت معها الإمارات عام 2015، أسسها الإسرائيلي المجري أبراهام غولان، وهي بدورها استأجرت مرتزقة أمريكيين كانوا يعملون في أجهزة عسكرية أميركية مختلفة. وأكد غولان لموقع «بزفيد» أنه كان يدير برنامج الاغتيالات في اليمن، موضحا أنه نفذ البرنامج الذي أشار إلى أنه كان مُقرا من الإمارات التي تشارك في التحالف العربي الذي تقوده السعودية، في الحرب ضد المسلحين الحوثيين. وأشار الموقع إلى أن الصفقة التي جلبت المرتزقة الأميركيين إلى شوارع عدن تم ترتيبها على وجبة غداء بأبو ظبي في مطعم إيطالي بنادي الضباط في قاعدة عسكرية إماراتية بحضور إسحاق غيلمور -الجندي السابق في البحرية الأميركية-والقيادي المفصول من حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) محمد دحلان. وأوجد التحقيق لليمنيين ضالتهم، بما في ذلك أسر أكثر من 400 ضحية -وفق تقديرات غير رسمية فإنهم قتلوا بحوادث اغتيال -في عدن منذ سيطرة الإمارات عليها، عقب دحر الحوثيين من المدينة منتصف يونيو من العام 2015. ومن ضمن 400 ضحية، اُغتيل نحو 45 شخصاً جميعهم شخصيات مؤثرة ولها ثقل وحضور سياسي واجتماعي، ومن بينهم قياديين في حزب الإصلاح. ووفق إحصائية فإن الحزب وكوادره تعرضوا ل25 عملية اغتيال ومحاولة اغتيال، واعتقالات واقتحام منازل ومقرات. وأبرز تلك الأحداث محاولة تفجيرين استهدفا مقر الإصلاح في كريتر، أحدهما بسيارة مفخخة عقب تفجير بوابة المقر على يد مسلحين كانوا على متن مدرعتين وسيارة مصفحة (29 ديسمبر 2015) والتي كانت تهدف لاغتيال رئيس حزب الإصلاح في عدن البرلماني إنصاف مايو. وكانت قيادات الحزب تصنف ذلك بأن الحادث يأتي في سياق سباق النفوذ وحالة الاضطراب التي تشهدها المدينة، قبل أن يكشف تحقيق موقع «بزفيد» عن تفاصيل الحادث، والذي اتضح بأنه هجوم شنه المرتزقة الأمريكيون الذين استأجرتهم الإمارات. وقال عبدالله دوبلة، الذي كان شاهداً على الحادث إنه «لأجل اليمن، وسلامة أبناءه يجب ان لا تمر هذه الحادثة مرور الكرام، من مسؤولية الحكومة والتحالف العربي أو بالأصح الجارة السعودية التحقيق فيها ومحاسبة المسؤولين عنها». وأضاف «هذه العملية والتي كانت من أوائل العمليات في عدن بعد التحرير هي المفتاح لمعرفة كل الجرائم التي حدثت في تلك الفترة وما بعدها بما فيها العملية الارهابية التي أودت بالمحافظ جعفر سعد، والأئمة والخطباء في عدن». وأثارت المعلومات حالة من السخط العارم ضد الإمارات، وكتب الناشط السياسي في الإصلاح مازن عقلان، متسائلاً بتهكم، «استئجار فريق اغتيالات من مرتزقة أجانب لتنفيذ عشرات الاغتيالات، هل يأتي ضمن أهداف تدخل التحالف باليمن؟ الرئيس هادي وحكومته معنيين بشكل مباشر، وأكثر من أي أحد في إيجاد إجابة عاجلة لهذا السؤال». وأضاف «من تم اغتيالهم على يد المرتزقة الأجانب الذين استقدمتهم الإمارات، مواطنين يمنيين قبل أن يكونوا إصلاحيين». أما رئيس منظمة سام للحقوق والحريات، المحامي توفيق الحميدي قال إن «ما كشفه موقع بزفيد نيوز الامريكي عن تعاقد دولة الامارات مع مرتزقة امريكان للنشر الموت بالاغتيالات في عدن، كان متوقع من خلال تواتر شهادات معتقلين كثر وصلتنا، عن وجود محققين وضباط أجانب من جنسيات مختلفة في السجون التي اختفوا فيها، مارسوا تعذيب رهيب بحق المعتقلين». وتساءل «هل حان وقت الحساب وفتح ملف المسألة عن الدماء التي سفكت ظلما؟». أما الصحفي ماجد بن كاروت وجب محاسبة المرتكبين ورفع دعاوي قضائية من الضحايا ضد المتهمين وفق تلك المعطيات، وقال إنه «يحوي جرائم نكراء وجب استنكارها والمطالبة بالتحقيق فيها». المحلل السياسي عبدالرقيب الهدياني علق على إحدى صور فرق المرتزقة الأمريكيين وقال «في الصورة يظهر اسم الامارات على الطائرة بما يؤكد تبعية المرتزقة لها وبالتالي مسؤوليتها القانونية». وأضاف «وامام كل هذه الوقائع لن يدافع عن الامارات ويبرر ويشكك ويلوي عنق الشواهد الدامغة الا قاتل شاركهم الجرم فعلا وتأييدا او مرتزق تلوث لحمه بالمال الحرام او ميت الضمير تجرد من الإنسانية». وللتأكيد على ضرورة محاسبة المرتكبين ومن ورائهم الإمارات، دعت منظمة رايس رادار لحقوق الإنسان في العالم العربي الأممالمتحدة ومحكمة الجنايات الدولية إلى التحقيق العاجل في قضايا الاغتيالات التي نفذها مرتزقة أمريكيون لصالح الإمارات في اليمن ونشر أدلة قاطعة عنها الموقع. الناشط السياسي ياسين التميمي هو الآخر دعم مسألة مقاضاة الأمارات، وقال في تدوينة على صفحته بموقع «فيسبوك»، إنه «حان دور مساءلة المجرم محمد بن زايد وحكومته عن جرائم القتل التي كشف عنها مقاول القتل الاسرائيلي الأمريكي ابراهام جولان، في مدينة عدن بإيعاز من حكومة ابوظبي، والتي طالت قائمة طويلة من أنبل السياسيين والمصلحين والدعاة والمناضلين، استهان هذا المجرم بدماء اليمنيين وحانت ساعة المحاسبة». وحتى اللحظة لم يصدر أي ردة فعل رسمية من حزب الإصلاح أو الأحزاب الأخرى، كما أن الحكومة ما تزال تلتزم الصمت. ولاقى ذلك الصمت انتقاد المدير التنفيذي لمنظمة «مواطنة» عبدالرشيد الفقيه، وقال في تغريدة على صفحته بموقع «تويتر» إن «الإصلاح معني بتحديد موقف واضح من التقرير الخاص بتورط الإمارات بالعمليات القذرة، تصفيات كوادره، لم يعد القاتل مجهولاً، وبذات القدر سنترقب موقف الناصري والاشتراكي والمؤتمر وبقية القوى السياسية». وأضاف إن «كان لا يزال في الأحزاب اليمنية ذرة من احترام، واجبها الوقوف أمام التقرير الذي يكشف دور الإمارات في الاغتيالات السياسية وإعلان موقف صارم منها، ما لم فإنها متواطئة مع هذه العمليات القذرة وتباركها». ولم يصل الأمر من الصمت إلى هذا الحد، بل إن عدد من النشطاء على مواقع التواصل بدأوا بربط التحقيق بالصراع الخليجي بين قطروالإمارات هروباً من الفضيحة، من بينهم مؤيدي «المجلس الانتقالي الجنوبي» المدعوم من الإمارات.