أثار إبقاء مقعد دمشق شاغرا في القمة العربية التي انعقدت الثلاثاء في الكويت بعد سنة من منحه للمعارضة في قمة الدوحة، استياء كل من السعودية والائتلاف الوطني السوري المعارض الذي وصف الخطوة بأنها رسالة سيرى فيها النظام السوري دعوة "للقتل". وحمل رئيس الائتلاف أحمد الجربا، في كلمة أمام الزعماء العرب، بقوة على إبقاء المقعد شاغرا، وقال إن ذلك "يبعث برسالة بالغة الوضوح إلى (الرئيس بشار) الأسد التي سيترجمها على قاعدة: اقتل اقتل والمقعد ينتظرك بعدما تحسم حربك". وكان الائتلاف السوري جلس خلال القمة العربية الماضية في الدوحة في مقعد دمشق، التي علقت عضويتها في تشرين الثاني 2011، إلا أنه تقرر إبقاء المقعد شاغرا هذه السنة، وقد بررت الأمانة العامة للجامعة العربية ذلك بضرورة استكمال الائتلاف خطوات تنفيذية مطلوبة منه. وقال الجربا إن السوريين يتساءلون إذا كان "الغرب تقاعس عن نصرتنا بالسلاح الحاسم فما الذي يمنع أشقاءنا عن حسم أمرهم حول مقعدنا بينهم". وقال متوجها إلى الرؤساء العرب "لم يعد التفرج على حال السوريين من جانبكم مقبولا ولو للحظة واحدة". ودعا الجربا الدول العربية إلى الضغط على المجتمع الدولي لتقديم أسلحة نوعية للمقاتلين المعارضين، فضلا عن تكثيف الدعم الإنساني ومساعدة اللاجئين السوريين. وانتقد الجربا بشدة إيران وحزب الله، وقالت وسائل إعلام محلية إن وزير المالية اللبناني علي حسن خليل(شيعي) غادر القاعة خلال كلمة الجربا. انتقادات سعودية ومن جانب آخر، انتقد ولي العهد السعودي الأمير سلمان بن عبدالعزيز الذي مثل المملكة في القمة عدم منح المقعد للمعارضة. وقال "إننا نستغرب كيف لا نرى وفد الائتلاف يحتل مكانه الطبيعي في مقعد سورية" بعد أن منح "هذا الحق" في القمة السابقة التي عقدت في الدوحة العام الماضي. ودعا ولي عهد السعودية إلى "تصحيح هذا الوضع" عبر اتخاذ قرار من شأنه توجيه "رسالة قوية إلى المجتمع الدولي ليغير من تعامله مع الأزمة السورية". كما اتهم الأمير سلمان المجتمع الدولي ب"خداع" المعارضة السورية. وغادر الأمير سلمان الكويت بعد انتهاء الجلسة الافتتاحية. وتعد السعودية الراعية الرئيسية حاليا للائتلاف الوطني السوري. الكويت تتوسط الإخوة الأعداء وعلى صعيد العلاقات المتدهورة بين الدول الأعضاء، بذلت الكويت جهودا واضحة لتأمين حد أدنى من الأجواء الإيجابية، فيما أكد وكيل وزارة الخارجية الكويتية خالد الجارالله إن الخلافات الخليجية بين السعودية والإماراتوالبحرين من جهة، وقطر من جهة أخرى "تحل في البيت الخليجي"، مستبعدا أي تطرق لهذه الخلافات في القمة. وصافح ولي العهد السعودي أمير قطر لدى وصولهما إلى قاعة القمة، فيما توسط أمير الكويت الأميرين لدى دخولهم إلى القمة بعد أن دعاهما إلى جانبيه. وقمة الكويت هي أول اجتماع عربي على مستوى رفيع منذ إقدام السعودية والإماراتوالبحرين مطلع آذار في خطوة غير مسبوقة إلى سحب سفرائها من الدوحة متهمة قطر بعدم الالتزام باتفاق خليجي حول عدم التدخل في الشؤون الداخلية. ولم تتمثل معظم الدول الخليجية على أعلى مستوى، وقد ترأس وفد الإمارات حاكم إمارة الفجيرة فيما تمثلت سلطنة عمان بممثل السلطان فيما ترأس وفد البحرين ولي العهد الأمير سلمان بن حمد آل خليفة. وفي ما بدا محاولة للتهدئة مع مصر، أكد أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني في افتتاح القمة على علاقة "الأخوة" مع "الشقيقة الكبرى" مصر بالرغم من الخلاف الشديد بين البلدين، داعيا إلى حوار وطني فيها. وقال الشيخ تميم، في كلمة تسليم رئاسة القمة الى الكويت "نحن نؤكد على علاقة الأخوة التي تجمعنا بمصر الشقيقة الكبرى التي نتمنى لها الأمن والاستقرار السياسي وكل الخير في الطريق الذي يختاره شعبها، الذي ضرب أمثلة مشهودة في التعبير عن تطلعاته". وأضاف "نتمنى أن يتحقق ذلك عن طريق الحوار المجتمعي الشامل". وساءت العلاقات بشكل كبير بين قطر ومصر منذ عزل الرئيس محمد مرسي، إذ تتهم القاهرةالدوحة بدعم جماعة الإخوان المسلمين التي باتت تعتبرها الحكومة المصرية منظمة إرهابية. ودعم قطر للإخوان هو أيضا في أساس الخلاف مع الدول الخليجية الثلاث(السعودية، الإماراتوالبحرين). في سياق آخر، انتقد أمير قطر بشدة في كلمته الحكومة العراقية التي اتهمها بوصم طوائف كاملة بالإرهاب في إشارة إلى الطائفة السنية بسبب الاختلاف في السياسة، كما اتهمها بالتغطية على "فشلها" في الحفاظ على الوحدة الوطنية باتهام السعودية وقطر بدعم الإرهاب في العراق. انطلاق القمة وكانت أعمال القمة العربية ال25 قد انطلقت الثلاثاء في الكويت بمشاركة 14 من الرؤساء والقادة العرب. وعقدت الجلسة الافتتاحية للقمة في قصر بيان، حيث جرت مراسم انتقال الرئاسة من قطر إلى الكويت التي تستضيف القمة لأول مرة منذ انضمامها رسميا إلى جامعة الدول العربية سنة1961. ودعا أمير الكويت من جانبه إلى نبذ الخلافات المتزايدة بين الدول الأعضاء في الجامعة العربية. وشدد الشيخ صباح الأحمد الصباح في كلمته الافتتاحية للقمة التي وضعت تحت عنوان "التضامن" على أهمية الملف السوري في القمة، واصفا ما يحصل في سورية ب"الكارثة الأكبر في التاريخ المعاصر".