لا ترتبط بسن معين، لها متخصصات وأخريات على استحياء.. لم تندثر أو تنقرض في كل العصور، سلاح قوي يعالج كثير من الأمراض المستعصية كالشيخوخة وتجاعيد الوجه، هي سلسلة من النغمات الموسيقية لا تبرع فيها سوى النساء، لها الكثير من المسميات عند العرب، وتنتشر بقوة في الأرياف. إنها «الزغرودة».. التراث العربي الجميل، والتي تعبر عن الابتهاج والاحتفال والفرح في كافة المناسبات. والزغاريد كثيرة لا حصر لها، وكل زغرودة لها خصوصيتها ومكانها وزمانها ودلالاتها الاجتماعية والوجدانية، ولها أيضا قوتها وتأثيرها وتعدد أساليب أدائها، وقد اعتبرها الأطباء علاج نفسي للعديد من الأمراض بما فيها العضوية. والزغرودة لغةً تعود إلى الفعل «زغرد» ومعناه رفع النساء صوتهن في الأفراح، وتستطيع أي امرأة أن تقوم بالزغرودة وهناك أيضا مزغردات خاصات يعرفن بهذا الاسم ويتمتعن بسمات خاصة منها جمال الصوت وقوته وارتفاعه ويتقن عملية الزغردة ويثرن الفرح ويضفن عليه سحر الزغرودة وروعتها وعادة ما تقوم بهذه العملية قريبات العروسين في الأفراح، أو قريبات أو جارات أحد أطراف الاحتفال أيا كان نوعه. وأكثر الزغاريد التي تتصف بصفات خاصة هي زغاريد الأعراس لتميزها عن غيرها إذ نجد فيها حماسة أكبر ورنين واضح. وتروي أم أشرف (43 عامًا) ل»المدينة» حكايتها مع الزغاريد وتقول: تعلمت إطلاق الزغاريد بالوراثة عن أمي منذ كان عمري 10 سنوات، وكانوا يأخذونني في أفراح الأقارب لأقوم بالمهمة لأن زغرودتي عالية وصوتها رنان وقد تستمر لدقيقة ونصف أو أكثر على مراحل، وأوضحت إن الزغرودة تخرج تلقائيا في لحظات التوافق بين الأسر، أو عند خروج العروسين أمام المعازيم. وتضيف هناء عبدالرؤوف (35 عاماً) لا أستطيع التحكم في نفسي عند أي فرح لأشارك فيه بالزغاريد تلقائيا كتعبير عن الفرحة، ولا تمر مناسبة دون أن أكون فيها لأني أحب الفرح، وتشير إلى أنها زغردت في حياتها لكل الأشقاء والأقارب والجيران. وتقول: هذه موهبة ربانية وأتحدى أي سيدة أخرى تنافسني فيها. أما أحمد الجمل متعهد أفراح (50 عاما) فيقول: أذهب للفنادق الكبري بمصاحبة اثنتين متخصصتين في الزغاريد، أجرهما 80 جنيه لكل واحدة، ويقمن بالزغاريد على ثمانية مرات الأولى حينما تدخل على أهل العروسين، وتبدأ بزغرودة تستمر لدقيقيتن لتفصل وتواصل الأخرى لمدة دقيقيتن ويقومان بالتبديل مع بعضهما، والزغرودة الثانية يشتركان فيها حينما يقتربان من أم العروسين ليأخذا منها عربون محبة كإهداء يتم توزيعه علينا في النهاية بعد أجرهما، وتستمر بعد ذلك الزغاريد حتى يحضر العروسان إلى أن ينتهي الحفل. من جهتها تقول خبيرة التنمية البشرية وعلم الاجتماع مها بدوي، إن الزغرودة دواء لعلاج كثير من الأمراض، فهي تخفف على النساء وطأة الحزن لا سيما وإذا كانت تنتظر الفرحة بعد طول سنوات كزواج أبنائها أو نجاح مشروعها، موضحة إنها أجرت دراسة مسحية على تأثير الفرح والحزن من الغير للغير فوجدت أن الزغرودة لها سحر عجيب في معالجة الكثير من الأمراض كالشيخوخة، وتمديد عضلات الوجه للأفضل، وأن 70% من الأمراض قد تتلاشي مع ضحكة من القلب. وأشارت إلى أن الحزن يضع الرجل أو المرأة في مشاكل تؤثر عليه صحيا، داعية الجميع إلى التفاؤل باعتباره سر النجاح والذي يعقبه «الزغرودة». وتضيف بدوي أن أكثر وسائل التعبير شيوعا هي الزغاريد، وبعض الفتيات والنساء يجدن الزغرودة من الأمور السهلة ولا يجدن أي صعوبة في تأديتها باحتراف، والبعض الآخر يرى أنها صعبة للغاية.